المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8127 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
أزواج النبي "ص" يشاركن في الصراع على الخلافة
2024-11-06
استكمال فتح اليمن بعد حنين
2024-11-06
غزوة حنين والطائف
2024-11-06
اية الميثاق والشهادة لعلي بالولاية
2024-11-06
اية الكرسي
2024-11-06
اية الدلالة على الربوبية
2024-11-06



الاستلال بالسنة على طهارة الكفار  
  
212   05:09 مساءً   التاريخ: 2024-09-08
المؤلف : الشيخ محمد السند
الكتاب أو المصدر : بحوث في القواعد الفقهية
الجزء والصفحة : ج1 ص 375
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / القواعد الفقهية / نجاسة الكافر وعدمها - كل كافر نجس /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-9-2016 362
التاريخ: 2024-09-07 263
التاريخ: 2024-09-08 213
التاريخ: 2024-09-08 250

هذا: وقد اعترض على الاستدلال بالطوائف المزبورة بروايات دالة على الطهارة، إلا أنّ الصحيح جعل العديد منها دالا على النجاسة وبعضها الآخر لا دلالة له، وهي.

الأولى: صحيحة الكاهلي قال: (سألت أبا عبد الله (ع) عن قوم مسلمين يأكلون وحضرهم رجل مجوسي أيدعونه إلى طعامهم، فقال: أما أنا فلا أواكل المجوسي، وأكره أن أحرم عليكم شيئا تصنعونه في بلادكم) (1).

فان الطعام يتلوث لو كان حكم أبدانهم النجاسة فيوجب الحرمة فعدمها يلازم الطهارة، وأما عدم مؤاكلته هو عليه السّلام فلمقامه الشريف ومنصبه في الدين.

وفيه:

أولا: كونها متعرضة لحكم العشرة معهم، الذي لا يرتضي القائلون بالطهارة انسجامه وارتباطه مع حكم ابدانهم وان كان الصحيح ارتباطه كما تقدم، بل ودلالته على ارتكاز التقذر منهم لدى الراوي حيث عن سؤاله عن المؤاكلة معه مع كون الطعام من المسلم انما هو لاجل التحرج منهم لقذارتهم.

ثانيا: قد فرض فيها الطعام من المسلمين لا من أهل الكتاب كي ينافي ما تقدم من النهي عن مطلق طعامهم المباشر بأبدانهم.

ثالثا: لم يفرض في الرواية الاكل في قصعة واحدة كما تقدم النهي عن خصوص ذلك في أدلة النجاسة فغاية الأمر الاطلاق في هذه الصحيحة يقيد بما تقدم من النهي المزبور.

رابعا: أنّ المؤاكلة ان كانت حراما فلا مجال لكراهته (ع) الحكم بالتحريم، وان كانت حلالا فلا حرمة في البين كي يكره (ع) الحكم بها.

فظاهر الكلام لا يستقيم الاخذ به إلا بحمل تعليل عدم التحريم على عدم بيان الحرمة لأجل التقية والخشية على الراوي بعد كونه من شيعة الكوفة ويخشى عليهم الاشتهار بذلك كما يشير اليه قوله (ع) (تصنعونه)، بعد بناء العامّة على حلّ مطلق طعامهم ولو المباشر بأبدانهم استنادا إلى خطائهم في فهم آية المائدة، أي لان الاكل معهم شيء شائع يصنع في الكوفة فتحريمه على الشيعة موجب لاشتهارهم بذلك وتميزهم عن العامّة (2).

وحمل: التحريم على منصب الولاية والطاعة لا على العنوان الأولي فيستقيم الظاهر حينئذ (3).

بعيد: بعد كون السؤال عن الثاني وهو الظهور الاولي في البيانات الشرعية، فالاصح عدّ الرواية من أدلة النجاسة.

الثانية: موثقة خالد القلانسي قال: (قلت لأبي عبد الله (ع) ألقى الذمي فيصافحني، قال امسحها بالتراب وبالحائط. قلت: فالناصب؟ قال اغسلها) (4)، فان المسح في الأول هو لاظهار النفرة منهم لا للتطهير بخلاف الثاني، فهي مصرحة بطهارتهم بخلاف صحيح مسلم- المتقدم في الأمر بالغسل بالمصافحة- فانه ظاهر في النجاسة فيحمل على التنزيه.

وفيه:

أولا: ان الأمر بالمسح بالتراب وبالحائط يحتمل كونه توطئة للغسل كما في قول الراوي (اني أغدو الى السوق فأحتاج إلى البول وليس عندي ماء، ثم أتمسح وانتشف بيدي ثم أمسحها بالحائط وبالأرض، ثم أحك جسدي بعد ذلك؟ قال: لا) (5).

وكما في قول الآخر (أبول فلا أصيب الماء وقد أصاب يدي شيء من البول فأمسحه بالحائط والتراب ثم تعرق يدي ... الحديث) (6)، وكما في قوله (ع) في موثق عمار (قال سألته عن الدمل يكون بالرجل فينفجر وهو في الصلاة؟ قال: يمسحه ويمسح يده بالحائط أو بالأرض، ولا يقطع الصلاة) (7).

وهو للتخلص من عين النجس وازالته كي يتخفف حكم الموضع الملاقي في التطهير والآثار، فيكون على هذا كناية عن الأمر بالغسل ومن التنوع في التعبير أو التشدد في ازالة ما علق بسبب المصافحة، فالتنظيف بالتراب عنوانه في عرف الرواية كالتنظيف بالصابون في عرفنا يكون توطئة للغسل بالماء، ولا ينافي ما تقدم من انجسية الناصب، حيث ان الأمر في المقام مضمن لحكم العشرة أيضا من دون تدافع بينهما كما تقدم، فالاقرب جعل الرواية من أدلة النجاسة وانها شاهدة على ارتكاز النجاسة لدى الرواة.

ثانيا: يحتمل فرض عدم الرطوبة والأمر بالمسح والغسل على الاستحباب فلا ينافي صحيح ابن مسلم المتقدم المحمول على فرض الرطوبة كما ذكره صاحب الوسائل، لاسيما وان القائلين بالطهارة يبنون على تباين لسان حكم العشرة معهم مع لسان حكم أبدانهم إذ هم يحملون الأمر بالمسح على اظهار النفرة منهم، لكن الاحتمال الأول أقرب.

 

الثالثة: صحيح علي بن جعفر المتقدم حيث فيه (وسأله عن اليهودي والنصراني يدخل يده في الماء أيتوضأ منه للصلاة؟ قال: لا، الا ان يضطر إليه) (8) حيث ان الترخيص عند الاضطرار دال على الطهارة والا لم يصح الوضوء وعلى أن النهي للتنزيه.

وفيه:

أولا: ما تقدم من ورود نظير هذا الاستثناء في الجنب الذي غمس يده القذرة في القليل فدلالته على عدم انفعال القليل اشبه من طهارة المني وأهل الكتاب، لكنه مطرح لما دل على انفعاله، بل كما دل بالخصوص بالنهي عن استعماله والتيمم فلاحظ.

ثانيا: ان انحصار الماء به لا يصحح صدق الاضطرار إلى التوضؤ منه بعد امكان التيمم، وبعبارة أخرى ان الظاهر من النهي المتقدم كونه قرينة على معنى الاضطرار من انه اضطرار لمخالفة النهي ومنشئه وهو التقية كما استظهره الشيخ.

ويشهد لذلك ان عنوان الاضطرار في الروايات معهود بكثرة في الاضطرار الرافع (كل شيء اضطر إليه ابن آدم فقد أحله الله)، وهذا يعين ارادة اضطرار التقية، بينما قد كثر التعبير بالانحصار في روايات الماء المكروه التوضوء به ب-- (يتوضأ منه الا ان تجد ماء غيره فتنزه عنه) كما في صحيح الحلبي (9)، أو (ليس يقدر على ماء غيره) كما في موثقتي سماعة (10) وعمار (11)، نعم في مصحح زرارة المتقدم في آنية المجوس التعبير ب-- (إذا اضطررتم إليها فاغسلوها بالماء) (12).

والاشكال: بأن التقية رافعة للتكليف لا للوضع فكيف يصح وضوؤه وصلاته وتتوفر طهارة أعضائه وثيابه.

مدفوع: بإمكان الالتزام بالعفو عن نجاسة أهل الكتاب عند الاضطرار بالتقية أي عن انفعال الماء بهم، كما ورد نظيره في الخمر بل سيأتي في بقية روايات المقام كرواية زكريا العفو عن نجاسة ذبائحهم، ونجاسة الخمر في مورد الاضطرار وكما هو الحال في تسويغ تغسيلهم للمسلم عند خصوص عدم المماثل المسلم لا مطلقا من كونه من باب العفو عن نجاستهم كما هو أحد وجوه الحكم المزبور.

ثالثا: ما ذكره صاحب الوسائل وهو قريب أيضا من الحمل على كرية الماء أو ما في حكمها من الاتصال بالمادة في ماء الحمام، ووجه القرب ان ما تقدم في السؤال هو عن اجتماع النصراني مع المسلم في الحمام والامر بالاغتسال بغير الذي اغتسل النصراني فيه من الماء القليل الذي في الاحواض الصغيرة الا ان يغسل الحوض ثم يغتسل.

الرابعة: صحيحة إبراهيم بن أبي محمود قال: (قلت للرضا (ع): الجارية النصرانية تخدمك وأنت تعلم أنّها نصرانية لا تتوضأ ولا تغتسل من جنابة، قال: لا بأس، تغسل يديها) (13).

وتقريب دلالتها أن السؤال سواء كان عن الفرض الكلي بتمثيل كاف الخطاب عن مطلق المكلف كما في قول الراوي نفسه في رواية الآتية (وأنت تعلم ...)، وكما في قوله (ع) (فإن صافحك بيده فاغسل يدك) (14) بصورة كاف الخطاب مع أن السائل تعبيره بصورة الفرض الكلي (في مصافحة المسلم اليهودي)، أو كان عن الواقعة الخارجية له (ع) فان فعله (ع) حجة أيضا بعد بيان وجهه الكلي.

وفيه:

أولا: ان الحث الاكيد على الابتعاد عنهم والتقذر منهم في الروايات المستفيضة المتقدمة، سواء حمل على التنزه الشديد والحذر من مخالطتهم وموادتهم أو على نجاستهم وتقييد المعاشرة معهم في ضمن مراتب محدودة، ذلك الحث لا يتناسب مع نفي البأس المطلق لاسيما منه (ع) بناء على خارجية الفرض كما هو ظاهر اللفظ لا سيما في الخادمة التي يدوم الاختلاط بها، كيف وقد ورد تجنب سؤر الحائض المتهمة بل استفيد منه تجنب مطلق المتهم، فهذا مؤشر على خصوصية الواقعة وان ذلك اجبار من السلطان.

ثانيا: اشعار السؤال بالنجاسة الذاتية حيث انه بعد ما فرض نصرانية الجارية الخادمة كموضوع عاود في ذكر المحذور على صيغة الجملة الحالية فذكر وصف النصرانية كمحذور مردفا بأوصاف أخرى موجبة للنجاسة العرضية، فلو لم يكن في ارتكازه وصف النصرانية محذورا مستقلا بل كان منشأ لحدوث النجاسة العرضية لأكتفى بقوله (وأنت تعلم أنّها لا تتوضأ ولا تغتسل ...) من دون اعادة الوصف، لا سيما وأن مرجع الضمير يعود على ما تقدم- الذي ذكر فيه الوصف- فاعطاء المجال للتدبر يستنطق النجاسة الذاتية في تعبير السؤال.

ولا يتوهم: عدم فائدة ذكر النجاسة العرضية كمحذور آخر بعد كونها ذاتية، بل لا محصل لحكم العرضية في الشيء النجس ذاتا لعدم انفعاله، إذ المراد من العرضية في المقام هو طرو أعيان نجسة أخرى من قبيل البول والمني ودم الحيض التي توجب التلوث والسراية أكثر وبنحو اوسع، فالعطف بها للترفع لكون فرضها مع الرطوبة دائما وهي أشد نجاسة بلحاظ الآثار ولذلك كنى ب-- (لا تتوضأ) أي لا تتطهر في الخلاء ولا تغتسل من الجنابة أي لا تتنقى من المني.

فحينئذ يكون جوابه (ع) تقريرا للنجاسة الذاتية، إلّا أن نفي البأس نسبي بلحاظ رفع بقية الأعيان النجسة التي تسبب سرعة السراية وكثرة القذارة بتوسط تلوث اليد بها غالبا في الخلاء، ولأجل ذلك اقتصر في تعليل نفي البأس بغسل اليدين فالأولى عدّ الصحيحة من أدلة النجاسة.

ثالثا: اشعار التعليل في الجواب بنوع الخدمة وانها في ما لا رطوبة فيه فمع غسل اليدين سوف لن يكون هنالك محذور في تناولها وتعاطيها للأشياء الجافة، وإلا لو أريد العموم في الجواب لموارد ما فيه الرطوبة لما نجع غسل اليدين بعد تلوث البدن والثياب بالقذارات العرضية، حيث أن التعاطي وان كان باليدين غالبا في تلك الموارد الرطبة كغسل الأواني والطبخ وغيره، إلا أنّ الغالب أيضا هو ملاقاة اليد للثياب في الاثناء بل وللبدن أيضا كتعديل الرداء أو الثوب للتشمير ونحوه وتصفيف الشعر أو مسح العرق وغير ذلك.

رابعا: يحتمل قريبا كما يظهر من الشيخ في التهذيب حيث أوردها أيضا في باب المكاسب ان السؤال هو عن جواز استخدامها حيث أن ذاك يسبب تلوث بيئة ومرافق معيشة المكلف وهو حرام أي موجب لحرمة الصلاة الوضعية والتكليفية في الشرب والأكل، كما في قوله عليه السّلام في رواية أخرى في الاستصباح بإليات الغنم (أما تعلم أنّه يصب اليد والثوب

وهو حرام) (15)، فيكون جوابه (ع) بنفي البأس عن استخدامها أو استيجارها للخدمة بعد التحرز عن تنجيسها، وان المعرضية للتنجيس لا يوجب الاشكال في ابتياعها أو استيجارها لذلك.

الخامسة: صحيحة العيص بن القاسم، قال: (سألت أبا عبد الله (ع) عن مؤاكلة اليهودي والنصراني والمجوسي فقال: إذا كان من طعامك وتوضأ فلا بأس) (16)، واطلاق نفي البأس شامل لصورة الملاقاة لبدنه كما ان التقييد بالتوضأ أي غسل اليد دال على كون نجاستهم عرضية لا ذاتية.

وفيه:

أولا: ان اشتراط كون الطعام من السائل المؤمن مفهومه النهي عن طعامهم مطلقا ولو لم يكن مشتملا على الميتة ولحم الخنزير فيدل على حرمته بملاقاته لابدانهم، فيكون قرينة على أن المؤاكلة من طعام المؤمن هي لا في قصعة واحدة لئلا يبتلى بمحذور الملاقاة لابدانهم الذي هو سبب حرمة طعامهم.

وأمّا التقييد بالتوضوء فكما تقدم في الرواية السابقة لأجل ازالة القذارات الأخرى تخفيفا للنجاسة، إذ بعضها أشدّ بلحاظ الآثار وتقليلا من دائرة التلوث بها والسراية لها فالاجدر عدّ الصحيحة من أدلة النجاسة.

ثانيا: لو أغضينا الطرف عما تقدم فاطلاق نفي البأس فيها مقيد بما تقدم من الصحاح الناهية عن تناول الطعام معهم في قصعة واحدة، والناهية عن تناول طعامهم فتقيد الاطلاق في المقام بما إذا لم يكن في قصعة واحدة.

السادسة: الصحيح إلى زكريا بن إبراهيم، قال: (كنت نصرانيا فأسلمت فقلت لأبي عبد الله (ع): ان أهل بيتي على دين النصرانية، فأكون معهم في بيت واحد وآكل من آنيتهم، فقال لي (ع): أيأكلون لحم الخنزير؟ قلت: لا، قال: لا بأس) (17).

بتقريب أن تقييد نفي البأس بعدم أكل لحم الخنزير المدلول عليه بتفريعه على نفس السائل أكلهم للحمه دال على طهارة آنيتهم الملاقية لابدانهم، وعلى أنّ النواهي المتقدمة عن الآنية بسبب تناولهم للنجاسات فيها، لاسيما ان نفي البأس عن الكون مع أهل بيته في بيت واحد مستلزم للمساورة الكثيرة لابدانهم مباشرة أو بالواسطة، وأما عدم تقييد الجواز لاستعمال آنيتهم بعدم تناولهم للخمر فلأنّ تناول المشروب في آوان مغايرة لأوني الطعام التي وقع السؤال عنها وعادة ما تغسل عند انتهاء الشرب.

وفيه:

أولا: ان البادي من الجواب انه على وفق فتاوى العامة، حيث ان السؤال عن الأكل من آنيتهم كناية عن طعامهم لا عن استعمال الأواني، فالتقييد بعدم لحم الخنزير فقط ظاهر في جواز ذبائحهم وطهارتها، بل ولو سلمنا كونه عن الاستعمال فكذلك إذ إفراد التقييد المزبور ظاهر في طهارة ذبائحهم، وأهل الكتاب كما يحكى ويظهر من العديد من الروايات لا يستحلون ولا يأكلون ذبائح المسلمين.

وكذلك الحال في عدم التقييد بعدم تناولهم الخمر فانه لا يوجهه اختصاص السؤال للأكل دون الشرب أوانه عن استعمال أواني الأكل دون الشرب، إذ تعاطى الشرب له موجب لتنجس الشفاه واليد وانفعال الطعام بعد ذلك، فالظاهر من عدم التقييد به هو التقية أيضا لشدتها في نجاسة الخمر كما يظهر من الروايات لكونها من السلاطين.

ثانيا: أنّه يظهر من الذيل الذي اقتطعه صاحب الوسائل ان الداعى له (ع) في صورة الجواب المزبور مضافا إلى ما تقدم هو ابقاء السائل في غفلته عن الحكم الواقعي لترتب مصلحة شرعية أهم وهي اسلام أهل بيته بحسن معاملته معهم وعدم مقاطعته لهم ولمراعاة البر بوالدته، فلاحظ متن لرواية كما هي في رواية الكليني:

قال: كنت نصرانيا فأسلمت وحججت فدخلت على أبي عبد الله (ع) فقلت: اني كنت على النصرانية وإني أسلمت، فقال: وأيّ شيء رأيت في الاسلام؟ قلت: قول الله عز وجل: ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَ لَا الْإِيمانُ وَ لكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ فقال: لقد هداك الله، ثم قال:

اللهمّ اهده - ثلاثا- سل عما شئت يا بني فقلت: إن أبي وأمي على النصرانية وأهل بيتي وأمي مكفوفة البصر فأكون معهم وآكل في آنيتهم؟ فقال يأكلون لحم الخنزير؟ فقلت: لا ولا يمسونه، فقال: لا بأس فانظر إلى أمّك فبرّها، فإذا ماتت فلا تكلها إلى غيرك، كن أنت الذي تقوم بشأنها ولا تخبرنّ أحداً أنك أتيتني حتى تأتيني بمنى إن شاء الله.

قال: فأتيته بمنى والناس حوله كأنّه معلّم صبيان، هذا يسأله وهذا يسأله، فلما قدمت الكوفة ألطفت لأمي وكنت أطعمها وأفلّي ثوبها ورأسها

وأخدمها فقالت لي: ابني ما كنت تصنع بي هذا وأنت على ديني فما الذي أرى منك منذ هاجرت فدخلت في الحنيفية؟ فقلت: رجل من ولد نبينا أمرني بهذا، فقالت: هذا الرجل هو نبي؟ فقلت: لا ولكنه ابن نبي، فقالت: يا بني ان هذا نبي ان هذه وصايا الانبياء إلى آخر الحديث وفيه انها أسلمت وصلّت ثم توفت وغسّلها المسلمون وصلّى ابنها عليها) (18).

السابعة: صحيحة معاوية بن عمار قال: (سألت أبا عبد الله (ع) عن الثياب السابرية يعملها المجوس وهم أخباث (أجناب) وهم يشربون الخمر ونساؤهم على تلك الحال، ألبسها ولا أغسلها وأصلي فيها؟ قال: نعم قال: معاوية: فقطعت له قميصا وخطته وفتلت له أزرارا ورداءً من السابري، ثم بعثت بها إليه في يوم جمعة حين ارتفع النهار، فكأنّه عرف ما أريد فخرج بها إلى الجمعة) (19).

وتقريب دلالتها أن صنع تلك الثياب من قبلهم ومزاولتهم لها بأيديهم، تتحقق ملاقاتها لابدانهم مع الرطوبة في الغالب المعتاد، فجواز لبسها والصلاة فيها شاهد الطهارة وندبية التنزه فيما تقدم من النواهي بل ان التقييد بحالهم في شرب الخمر شاهد على ارتكاب النجاسة العرضية دون الذاتية، ولذلك ناسب ان النسخة هي أجناب لا أخباث بجامع النجاسة العرضية.

وفيه:

أولا: ان احدى النسختين أخباث وعلى تقديرها تكون دالة على ارتكاز النجاسة الذاتية لدى الراوي وتقريرها منه (ع)، ولا تنافي بين ذكر النجاسة الذاتية والعرضية وهي التلوث بالخمر لما تقدم في الرواية الرابعة أن المراد من العرضية هي طرو اعيان نجسة كالخمر وغيره الموجب لسرعة التقذر واتساع دائرة التلوث، بل لو افترض أن النسخة هي اجناب لما انتفت دلالتها على النجاسة الذاتية أيضا، كما تقدم تقريبه أيضا من أن ظاهر ذكر عنوان أهل الكتاب هو كمحذور مستقل برأسه والعطف أو التقييد بحال هو للترفع وكمحذور آخر، ولذلك على تقدير النسخة الثانية لم يكتف بذكر قذارة الجنابة والمني وانما أردفها بمحذور قذارة الخمر.

ثانيا: ان السؤال لم يفترض التحقق من تلوثها بأبدانهم وانما هي في معرض ذلك إذ ليست هي ثياباً يلبسونها وانما يصنعونها ويحيكونها، وإلا فالسائل أيضا فرض تلوثهم بالنجاسات العارضة إلا أن ذلك موجب للمعرضية لا احراز الاصابة، كما يأتي التصريح بذلك في صحيحة ابن سنان.

الثامنة: مصححة المعلى بن خنيس قال: (سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: لا بأس بالصلاة في الثياب التي يعملها المجوس والنصارى واليهود) (20)، ومثله رواية البزاز (21)، والتقريب كالرواية السابقة، والخدشة كذلك.

التاسعة: صحيحة الحلبي قال: (سألت أبا عبد الله (ع) عن الصلاة في ثوب المجوسي؟ فقال: يرش الماء) (22)، والتقريب ما سبق بل ان اضافة الثوب له دلالة على كونه مما يلبسه، فتكون قرينة على ارادة الاستحباب من الأمر بالغسل فيما تقدم من روايات النجاسة ويدل على الندبية في مجمل الحكم لوحدة السياق.

وفيه: مضافا إلى ما تقدم من عدم التحقق من التلوّث بل المعرضية، ان التعبير بالرش بالماء قد ورد نظيره في عدة روايات في موارد الملاقاة الجافة مع أعيان نجسة مثل قوله (ع) (إذا مسّ ثوبك كلب فإن كان يابسا فانضحه، وإن كان رطبا فاغسله) (23)، وقوله (ع) عن خنزير أصاب ثوبا وهو جاف (ينضحه بالماء ثم يصلي فيه) (24)، وغيرها من الموارد، نعم قد ورد نظيره في المذي ودم البراغيث ونحوها أيضا الا ان قرينة المعرضية معينة للنمط الأول.

وأمّا اضافة الثوب فلا تدل على كونه الذي يلبسه بل الذي يحيكه ويصنعه كما في رواية أبي جميلة حيث سأله (ع) عن لبس ثوب المجوسي (فقال (ع): نعم، قال: قلت: يشربون الخمر، قال: نعم نحن نشتري الثياب السابرية فنلبسها ولا نغسلها) (25).

العاشرة: صحيح عبد الله بن سنان قال: (سأل أبي أبا عبد الله (ع) وأنا حاضر: اني أعير الذمي ثوبي وأنا أعلم فقال أبو عبد الله (ع): صل فيه ولا تغسله من أجل ذلك فانك أعرته إيّاه وهو طاهر ولم تستيقن انه نجسه، فلا بأس أن تصلي فيه حتى تستيقن أنه نجسه) (26).

ومثله مكاتبة محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ان كتب إلى صاحب الزمان (عج) عندنا حاكة مجوس يأكلون الميتة ولا يغتسلون من الجنابة وينسجون لنا ثيابا، فهل تجوز الصلاة فيها من قبل أن تغسل؟ فكتب إليه في الجواب: (لا بأس بالصلاة فيها) (27)، ومثلهما رواية أبي جميلة المتقدمة.

وتقريب الاستدلال أن الراوي في الأولى من أكابر الرواة ومن أصحاب الاجماع ولم يذكر في سبب التنجيس إلا النجاسة العرضية لا محذور النجاسة الذاتية مثل انه يعرق في الثوب أو يلامسه برطوبة، وكذلك الراوي في الثانية فانه من فقهاء الامامية في الغيبة الصغرى ولم يكن مركوزا في ذهنه النجاسة الذاتية إذ يعلل نجاسة الثياب بتعاطيهم للنجاسات العرضية، فهذا يدل على ارتكاز طهارتهم لدى الرواة الى آخر عصر الحضور للأئمّة (عليهم السلام).

وفيه:

أولا: أنّه معارض بارتكاز نجاستهم الذاتية لدى رواة آخرين أجلّ في الرتبة العلمية كمحمد بن مسلم كما في الرواية الخامسة من الطائفة الثانية في أدلة النجاسة وقد تقدم بيان ذلك، وكأبي بصير كما في الرواية السادسة من الطائفة المزبورة، وكعلي بن جعفر في الرواية الثالثة والسابعة من الطائفة انه يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير فيرده عليّ، فأغسله قبل أن أصلي فيه؟

 المزبورة أيضا، وكهشام بن سالم أو حماد بن عثمان أحدهما الذي يروي عنه الواسطي في الرواية الخامسة من الطائفة الثالثة، وكابن أبي يعفور الفقيه الجليل في مصححته التي تقدمت مردفة بالرواية الخامسة المزبورة، وكعيسى بن عمر مولى الأنصار خادم للصادق عليه السّلام عدة سنين كما في الرواية الرابعة عشر من الطائفة المزبورة.

وكعبدالله بن يحيى الكاهلي كما في الرواية الأولى من أدلة المقام وهو من وجهاء الرواة صاحب كتاب، وكخالد القلانسي الثقة صاحب كتاب كما في الرواية الثانية في المقام، وكمعاوية بن عمار كما في الرواية السادسة في المقام على احدى النسختين فيها، وكإبراهيم بن أبي محمود كما في الرواية الرابعة في المقام على ما قرّبناه في مفادها وكما في الرواية الثانية عشرة الآتية، بل ان الإلتفات إلى تحرّج الرواة من مخالطتهم كما يشهد لذلك كثرة اسئلتهم عن حكم الموارد الموجبة للملاقاة، شاهد على تأصل وارتكاز النجاسة الذاتية.

ثانيا: أنّ الظاهر من صحيحة ابن سنان هو ذكر تلوثهم بالنجاسة العرضية كمحذور آخر وراء كونهم أهل كتاب فالعطف بالجملة الحالية للترفع والمبالغة في المحذور كما تقدم في صحيحتي إبراهيم بن أبي محمود ومعاوية بن عمار المتقدمتين، لكون مثل تلك النجاسات العينية الطارية أشدّ نجاسة بلحاظ الآثار وأكثر تلويثا وأسرع تنجيسا لكون فرضها مع الرطوبة دائما.

وكذلك رواية أبي جميلة حيث انه ذكر في السؤال كون الثوب منسوبا صنعه للمجوسي كمحذور يسأل عنه ويتحرّج منه فلما أجابه (ع) بالجواز ترفع في بيان المحاذير الأخرى من النجاسات العرضية وأما رواية الحميري فمحتمل ذلك فيها أيضا وان لم يردف النجاسة العرضية بحرف العطف حيث يمكن فيه الاتباع والتعداد من غير عاطف.

الحادية عشرة: صحيحة إسماعيل بن جابر قال: (قلت لأبي عبد الله (ع): ما تقول في طعام أهل الكتاب، فقال: لا تأكله، ثم سكت هنيئة ثمّ قال: لا تأكله ثم سكت هنيئة ثم قال: لا تأكله، ولا تتركه، تقول: إنه حرام ولكن تتركه، تتنزه عنه، ان في آنيتهم الخمر ولحم الخنزير) (28)، ولفظة التنزه صريحة في ندبية الحكم وأن النهي معلول معرضية طعامهم وآوانيهم للتقذر بالنجاسة العرضية لا الملاقاة لأبدانهم فتكون الصحيحة حاكمة على كل الروايات الظاهرة في النجاسة.

وفيه:

أولا: إن الرواية يطفح لسانها بالتقية لعدة قرائن:

الاولى: التلويح بالسكوت والتوقف بعد النهي ثم تأكيده وتكراره مرتين.

الثانية: بعد ذلك دفع زعم الحرمة وانه من باب التنزه وهو ينافي التأكيد بالصورة المتقدمة ويتهافت معه.

الثالثة: انه لم يذكر في التعليل للتنزه المعرضية لذبائحهم التي هي ميتة حيث انها حلال عند العامة مع انها اكثر وقوعا من العنوانين المذكورين، فالتعليل بالعرضي على نسق ما ورد في روايات الناهية عن ذبائحهم من التعليل بالامر العرضي ككونهم لا يسمون وانهم لا يؤمنون على الاسم وانهم أحدثوا تسمية على الذبائح .

وغيرها من الطواريء مع انه ورد فيها ان ذبائحهم لا تحلّ سمّوا أولم يسمّوا أي انه يشترط في الذابح الاسلام، وكل ذلك تقية من العامة حيث يحلونها لفهمهم الخاطيء لآية حل الطعام، وظاهر هذه الرواية مطابق لما حكاه في الانتصار عن مالك من كراهة سؤر النصراني والمشرك دون تحريمه لاستحلالهم الخمر والخنزير.

فهذه الرواية ونظائرها مما تقدم دالة على ان منشأ التقية في روايات الطهارة هو منشأ التقية في روايات حلية ذبائحهم، وهو فهم العامة الخاطئ لآية حل الطعام

وتوهمهم طهارتهم أيضا من آية حل الطعام لمباشرتهم له بأبدانهم وهو الموجب لتأويلهم آية نجس المشركين.

وبعد ذلك فمن الغريب الأخذ بظاهر لفظة التنزه وحمل النهي على الكراهة مع أن متعلق النهي هو طعامهم وهو محط سؤال الراوي واستخباره عن نظره (ع)، في قبال حكم العامة بحلية طعامهم مطلقا سواء الذبائح وغيرها الرطب والمائع والجاف، وقد وقع السؤال عن طعامهم في العديد من الروايات كما تقدم في الطائفة الأولى من روايات النجاسة نظرا لاحتداد البحث عنه بين الخاصة والعامة وعن المراد من آية حل الطعام.

وثانيا: أنّ الراوي نفسه قد روى رواية أخرى ( عنه (ع) بالنهي عن ذبيحة اليهودي وعن الأكل في آنيته في سياق واحد والنهي في الأول تحريمي.

ثالثا: أنّه لا يمكن جعل هذه الرواية حاكمة في الدلالة على كل ما تقدم من روايات النجاسة إذ أنّ فيها الصريح والنص وما هو كالصريح والقوي الظهور، بل والآبي عن التأويل كما مرّ بيانه، فلاحظ.

الثانية عشرة: صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال: (سألته عن آنية أهل الكتاب؟ فقال: لا تأكلوا في آنيتهم إذا كانوا يأكلون فيه الميتة والدم ولحم الخنزير) (29)، حيث ان المفهوم من الشرط هو طهارة أوانيهم عند انتفاء النجاسات العرضية فيدل على طهارة أبدانهم.

وفيه:

أولا: أن الاقتصار في التعبير على عنوان الميتة من دون ذكر ذبائحهم يلوح بالتقية كما هو الحال في روايات الذبائح بكثرة جدا لزعم العامة ان الحلّ مفاد الآية.

وثانيا: أن الراوي نفسه قد روى أيضا عنه (ع) النهي عن الأكل في آنيتهم وعن الأكل في آنيتهم التي يشربون فيها الخمر وعن الأكل من طعامهم الذي يطبخون (30).

الثالثة عشرة: صحيحة إبراهيم بن أبي محمود، قال: (قلت للرضا (ع): الخياط أو القصّار يكون يهوديا أو نصرانيا وأنت تعلم انه يبول ولا يتوضأ ما تقول في عمله؟ قال: لا بأس) (31)، وتقريبه أن القصار وهو المبيّض للثياب تلاقي يداه الثياب برطوبة التي يحوّرها ويبيضها، فنفى البأس عن ذلك ناصّ على الطهارة، ويؤكد ان محطّ نظر السائل هوعن الطهارة والنجاسة قوله (وأنت تعلم انه يبول ولا يتوضأ)، أي لا يغسل يديه من الخلاء.

وفيه:

أولا: أنّ السؤال هو عن حكم عمله وفعله الخياطة أو القصارة مع أنه يلزم منه تنجيس الثياب أي عن صحة استئجاره على هذا العمل مع تضمنه لذلك، فجوابه (ع) بنفي البأس عن مثل تلك المعاملة لانه له مالية وغاية الأمر انه يغسل الثوب بسبب التنجيس، ولذلك أوردها الشيخ في التهذيب في باب المكاسب.

وقد أغرب الفيض في الوافي حيث فسّر العمل بالمعمول وهو الثوب الذي يخيطه أو يقصره، اذ مع كونه خلافا لظاهر العنوان، ان الراوي ابتدأ السؤال بالخيّاط والقصّار لا بالثوب، ثمّ انتهى بالسؤال عن حكم عمله.

ثانيا: هذا مع أن الراوي قد ذكر كون الخياط والقصار يهوديا أو نصرانيا كمحذور مستقل أولا ثمّ ترفع باضافة تلوث يديه بالبول أيضا مما هو نجاسة عينية رطبة أشدّ في الآثار، وإلا فالملاقاة للبول لا يكون حكمها الطهارة مع ان الراوي يفرض العلم باعتبار اليهودي لذلك أي اطمينانه بنجاسة يده لذلك.

ثالثا: لو غض النظر عن هذا المفاد فيحتمل ضعيفا في مفادها هو السؤال عن حكم الثوب الملاقي له مع عروض النجاسة العرضية التي لها حكم مغاير من حيث عدد الغسلات لحكم النجاسة الذاتية لهم.

الرابعة عشرة: موثقة عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) قال: (سألته عن الرجل هل يتوضأ من كوز أو اناء غيره إذا شرب منه على انه يهودي؟ فقال: نعم، فقلت: من ذلك الماء الذي شرب منه؟ قال: نعم) (32)، وهي صريحة في طهارة الماء الملاقي له، وجواز الوضوء منه إذ حرف (على) بمعنى (مع).

وفيه:

أولا: ان التعبير ب-- (على انه يهودي) يغاير مفاد التعبير (وهو يهودي) حيث ان الثاني تحقيقي بخلاف الأول فإنه بنائي وزعمي، أي ان حرف الاستعلاء متعلق بمبدأ مقدّر والغالب تعلقه بافعال القلب من البناء أو نحوه، فيكون موضوع السؤال في الماء القليل الذي شرب منه من يظن بيهوديته لا من يقطع وإلا لذكر التعبير الثاني كواقع متحقق كما هو المتعارف في الأشياء المقطوع بها، فالجواز حينئذ هو نفي الاعتبار مجرد الظن واجراء لأصالة الطهارة كما سيأتي في من يشك في اسلامه.

ثانيا: احتمل الشيخ في التهذيب انه في من كان يهوديا فأسلم أي بتقدير (على انه يهودي سابقاً)، أو بتقدير تعلق الحرف بكان أي كان على يهوديته، وله وجه إذ لو أريد كونه في الحال يهوديا لكان التعبير المزبور ترفع في ذكر محذور أشدّ من محذور تقدم ذكره فالتعبير بحرف الاستعلاء يكون للترفع، والحال انه لم يذكر السائل محذورا سابقا على محذور يهودية الغير، والحاصل ان تعين ارادة المصاحبة أي (مع) من الحرف ممنوع بل هو محتمل لا بدرجة الظهور فضلا عن قوته، فلا يقاوم الروايات الظاهرة في النجاسة فضلا عن الصريحة.

الخامسة عشرة: موثقة عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع)- في حديث- عن المسلم الذي لم يحضره مسلم ولا ذات رحم قال (يغتسل النصارى ثم يغسلونه، فقد اضطر)، وكذا المسلمة التي لا يحضرها قال (تغتسل النصرانية ثم تغسلها) (33)، ومثلها رواية زيد بن علي عن آبائه (عليهم السلام) (34)، حيث انه لا وجه لتغسيل الميت بالماء النجس فالأمر بذلك دال على طهارتهم وإلّا لازداد الميت نجاسة.

وفيه: انه قد ذكر في باب غسل الميت ما يزيد على أكثر من ستة وجوه تتلائم مع نجاسة الكتابي، بعد عدم كونه غسلا حقيقا إذ لا يصح منه قصد القربة أولا يتأتى منه ذلك، ومن تلك الوجوه العفو عن انفعال الماء القليل في صورة الاضطرار نظير ماء الاستنجاء، أو كون هذا العمل غسلا لتقليل قذارات بدن الميت كغسل ازالة للتلوث لا للتطهير التام، أو كون الانفعال بجسد النصراني في عرض الانفعال ببدن الميت وذلك لا يضرّ إذ اللازم طهارة الماء قبل الملاقاة لا حينها، أوان اللازم أمر النصراني بعدم مماسة يده للماء القليل حين الغسل وان باشر بيده قبله لازالة بعض القذارات، أوانها مطرحة كما اختاره جماعة أوغيرها من الوجوه.

السادسة عشرة: ما ورد من روايات اتخاذ الكتابية ظئرا (35).

وفيه: مضافا إلى ورودها في الناصبية وفي المشركة أيضا، ان الارتضاع بالالتقام هو من الباطن الذي لا حكم له إلى الباطن وقد تقدم مفصلا في بحث التسبيب للحرام في المياه.

السابعة عشرة: ما دل على جواز تزويج الكتابية (36)، فانه لا يتلائم مع نجاستها مع عدم الاشارة في النصوص المزبورة إلى ذلك.

وفيه:

أولا: ان المشهور على عدم جواز العقد الدائم بها كما لعله الأقوى، كما أشرنا إلى وجهه في آية الطعام، بل خصوص المنقطع الذي هو قضاء وطرو ليس باستقرار.

ثانيا: لو بني على جواز الدائم فإن عدم اشارة وتعرض النصوص هو لعدم كونها في صدد البيان من هذه الجهة كما هو الحال بالنسبة إلى النجاسات العينية العرضية التي يدمن أهل الكتاب مساورتها والتلوث بها كشرب الخمر واكل الخنزير، مضافا إلى تقيّدهم بأكل ذبائحهم، وكذا عدم توضائهم في الخلاء وعدم اغتسالهم من الجنابة، وكذا الحيض واخواه، وكذا عدم توقيهم من النجاسات الاخرى كالكلب وغيره، فهل سكوت الروايات عن كل ذلك دال على طهارته أو العفو عنه، أوان جواز النكاح بهم يتدافع ويتهافت مع نجاسة تلك الأعيان.

وهذا هو الحال في روايات جواز بيع كلب الصيد أو آية حلّ الصيد بالكلب ورواياته، أو روايات جواز بيع لحم الميتة المختلط بالمذكى على من يستحله، أو روايات استحباب الحجامة والفصد وغيرها من الروايات في الابواب المختلفة إذ بقية الجهات تتكفلها أدلة أخرى.

ثالثا: ان في الروايات المزبورة نحو اشارة كما في صحيح معاوية بن وهب (واعلم أنّ عليه في دينه غضاضة) (37)، وكما في مصحح يونس (لا ينبغي له ان يتزوج امرأة من أهل الكتاب الا في حال ضرورة حيث لا يجد مسلمة حرة ولا أمة) (38)، وغيرهما سواء كان مفادها إرشادا إلى ذلك وغيره أو الكراهة، فانه على الثاني أيضا الحكمة محتملة لذلك.

وكذا ذيل آية حل المحصنات من أهل الكتاب وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (39) حيث انه وان كان في صدد التحذير من الموادة بالزواج منهم والمصاهرة والتمادي في العشرة معهم حتى يؤول الأمر إلى الكفر مثلهم، إلا انه يفيد طلب التجنب من مصاهرتهم، فلا يستفاد من جواز التزويج اطلاق العنان كي يكون مقتضاه طهارتهم، بل هو مع التنفير من اتيانه والترغيب عنه.

هذا عمدة ما استدل به على الطهارة وقد تبين وجوه الخلل:

إما: في الجهة كما في العديد منها حيث انها تضمنت قرائن التقية، وان العمدة في وقوعها بناء العامة على استظهار حليه ذبائح أهل الكتاب وما باشروه بابدانهم من الطعام المطبوخ من اطلاق الطعام في آية هل طعامهم، ويظهر من روايات الذبائح بشدة التقية في ذلك ولعله لزعمهم الاستناد إلى القرآن، فالحال في البابين واحد.

كما انه اتحد نمط التلويح بالتقية فيهما والتخالف في اللسان بدوال متدافعة، وكذلك التعليل للذاتي بالأمر العرضي في روايات البابين، وهو نظير ما يحكى عن مالك، قال في الانتصار (وحكى الطحاوي عن مالك في سؤر النصراني والمشرك انه لا يتوضأُ به ووجدت المحصلين من أصحاب مالك يقولون ان ذلك على سبيل الكراهية لا التحريم لأجل استحلالهم الخمر والخنزير وليس بمقطوع على نجاسته)، فترى ان مذهبه التنزه لكونهم في معرض النجاسات العرضية وهو شاهد ان التعليل المزبور موافقة لهم، بل ان في العديد من الروايات التعرض في جواب واحد لكل من الذبائح وحكم اسئارهم وأبدانهم.

وإما: الخلل في الدلالة كما اتضح مفصلا.

وأمّا كونها أقرب في الدلالة على النجاسة منها في الدلالة على الطهارة، فما دل على الطهارة في نفسه غير تام، فضلا عن معارضته لأدلة النجاسة والتي تقدم وجود الصريح فيها بكثرة والقوي الظهور، حتى أن بعض القائلين بالطهارة من هذا العصر لم يجد بدا من حملها على أصالة النجاسة عند الشك تخصيصا لاصالة الطهارة، وهو شاهد على استظهار اللزوم منها.

فارتكاب الجمع بالحمل لها على التنزه طرح لها لا جمع دلالي، بل المتعين جعل أدلة النجاسة قرينة على جهة الصدور في أدلة الطهارة مع غض النظر عن قرائن التقية التي تضمنتها ادلة الطهارة هي في نفسها.

العلاج على تقدير التعارض:

ولو غضّ الطرف عن ذلك ووصلت النوبة للتعارض المستحكم، فالترجيح لأدلة النجاسة لموافقتها للكتاب كما تقدم تمامية دلالة الآية الأولى على النجاسة في عموم الكافر، بل وكذا الثانية.

ولمخالفتها للعامة أيضا، حيث انهم ذهبوا إلى الطهارة حتى في المشرك، وارتكبوا التأويل والتحوير في الآية في المسند اليه عنوان النجاسة تارة النفس واخرى القذارات التي يتلوّث بها المشركون، والباعث لهم على ذلك هو حسبانهم دلالة آية حل الطعام وهي من سورة المائدة فلا بد أن حكم أبدانهم هو بمقتضى الآية المتأخرة نزولا، ومن جهة أخرى لا يمكنهم رفع اليد عن الحكم في آية فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ فارتكبوا التأويل تفاديا للنسخ، وهذا الذي تشير وتومي اليه كل من روايات النجاسة وروايات المستدل بها للطهارة.

وهذا هو وجه اطباق المتقدمين والمتأخرين على النجاسة إلا ما شذّ على تقدير صحة نسبة الخلاف التي في كلمات متأخري الأعصار.

واستبعاد: التقية في العديد من الروايات سواء في مقام الحكم والاخبار لبعد تواجد من يتقون منه في كل مجالسهم، أوفي مقام العمل إذ لم ينبهوا (ع) على الآثار الوضعية لتمكن المكلفين من العمل على طبق الواقع ولو عند الرجوع إلى المنازل كما في روايات الائتمام بالعامة.

في غير محله: اذ أولا: الكلام بعينه من روايات حلّ ذبائحهم الكثيرة مع كونها ميتة نجسة وروايات طهارة الخمر العديدة، وروايات جواز الصلاة في بعض أصناف ما لا يؤكل لحمه كالثعالب والسمور والفنك والارانب ونحوها، وغيرها من الروايات في الأبواب.

ثانيا: انه كفى في التنبيه روايات النجاسة التي عرفت صراحة العديد منها، حتى ان عدة من الرواة لبعض ما يوهم الطهارة هو راوي روايات النجاسة أيضا.

ثالثا: ان بعض موارد التقية لا تدرج في القسمين المزبورين، إذ هو من التقية على مجموع الطائفة لا خصوص السائل في مقام العمل، فلكي لا يشهّر على الشيعة والمذهب، يجيبون (عليهم السلام) بما يوافق العامة أو بما يقرب منه، ثم إذا توفرت الظروف لتبيان الواقع تصدر الاجابة بما هو الواقع، كما في جملة من الأحكام التي بيّنها متأخرو الأئمة (عليهم السلام) في حين ان الروايات الصادرة من الصادقين عليهما السّلام هي بما يوافق العامة، والظاهر ان مثل هذا النمط من التقية هو أحد علل التدرج في بيان الأحكام.

هذا: وأما دعوى ان الارتكاز عند الرواة هو طهارة أهل الكتاب كما يوحي بذلك بعض اسئلتهم فقد تقدم الجواب مفصلا- في ذيل الرواية التاسعة مما استدل به على الطهارة- وان الارتكاز لدى اكثرهم في كثير من الروايات على النجاسة الذاتية، وأن ذكر النجاسة العرضية في رديف الذاتية هو لشدتها في الآثار واسرعية التلوّث بها، فراجع.

ثمّ انه قد تقدم ان موضوع الأدلة سواء في الآيتين أو الروايات هو الكافر مطلقا، أما في الآية الأولى فعدة من الشواهد المتقدمة على ارادة الكافر منها فلاحظ، وأما الآية الثانية فموضوعها الذين لا يؤمنون ولا يسلمون أي الكافرين، .

وأمّا الروايات فقد ورد فيها عدة بعنوان المشرك، وكذا أهل الكتاب وهو الأكثر، وكل ما خالف الاسلام، ومفهوم المؤمن وهو الكافر، كما ورد في سياق واحد الناصب وأهل الكتاب مما يعطي ان الجامع الموضوع هو الكافر، كما قد ورد النهي عن ذبائح أهل الكتاب في سياق واحد مع النهي عن مساورتهم، مما يدل على وحدة الموضوع في العديد من الروايات مع أنه علّل تحريم ذبائحهم بأن الحلية فيها مناطها الاسلام وأهل التوحيد، ومع انه ورد النهي عن ذبيحة الناصب والخوارج والمجسمة والمشبهة.

فمن مجموع ذلك يظهر وحدة الموضوع في البابين، بل وباب النكاح أيضا غاية الأمر انه استثنى أهل الكتاب في المنقطع عند المشهور أو الدائم أيضا عند متأخري العصر.

حكم المرتد:

قد ظهر عموم ما اطلقه المشهور من نجاسة كل كافر سواء في الآيتين أو الروايات بعد تعدد العناوين المشتركة في عنوان الكفر، بل ودلالة بعضها عليه بالذات، مضافا إلى أرداف أحكام اخرى مع الحكم المزبور من حرمة الذبيحة والمناكحة التي هي مترتبة على عنوان الكفر.

اما المقام الثاني وهو البحث في الموضوع فقد جعلناه قاعدةً مستقلةً اتية.

___________________

(1) وسائل الشيعة، ابواب النجاسات، باب 14، ح 2 .

(2) مصباح الفقيهه للمحقق الهمداني.

(3) غير واحد من المتاخرين.

(4) وسائل الشيعة، ج 3، ص 420، باب 14 من ابواب النجاسات، ح 4 .

(5) المصدر، باب 26، ح 13 .

(6) المصدر، باب 6، ح 1.

(7) المصدر، باب 22، ح 8 .

(8) المصدر، باب 14، ح 9 .

(9) وسائل الشيعة، ج 1، ص 128، باب 2 من ابواب الماء المطلق، ح 2 .

(10) المصدر، باب 8، ح 2 .

(11) المصدر، ح 14.

(12) الوسائل، باب 14 من ابواب النجاسات، ح 12 .

(13) المصدر، ح 11.

(14) المصدر، ح 5.

(15) الوسائل، ج 24، ص 71، باب 30 من ابواب الذبائح، ح 2 .
(16)
الوسائل، ابواب النجاسات، باب 54، ح 1.

(17) المصدر، باب 72، ح 1.

(18) اصول الكافي، ج 2، ص 160.

(19) الوسائل، باب النجاسات، باب 73، ح 1 .

(20) وسائل الشيعة، ج 3، ص 519، باب 73، ح 2 .

(21) المصدر، ح 5.

(22) المصدر، ح 3 .

(23) المصدر، باب 21، ح 3 .

(24) المصدر، باب 26، ح 6 .

(25) المصدر، باب 73، ح 7 .

(26) المصدر، باب 74، ح 1 .

(27) المصدر، باب 73، ح 9.

(28) وسائل الشيعة، ج 24، ص 210، باب 54 من ابواب الاطعمة، ح 4 .

(29) وسائل الشيعة، ج 24، ص 212، باب 54 من الاطعمة، ح 7 .

(30) المصدر، ح 6 .

(31) الوسائل، باب 14 من ابواب النجاسات، ح 1 .

(32) التهذيب، ج 6/ 385 .

(33) الوسائل، باب 3 من ابواب النجاسات، ح 3 .

(34) الوسائل، ابواب غسل الميت، باب 19، ح 1 .

(35) المصدر، ح 2.

(36) وسائل الشيعة، ابواب احكام الاولاد، باب 76 .

(37) وسائل الشيعة، ما يحرم بالكفر، باب 1، 2، 3، 4،.

(38) المصدر، باب 2، ح 1.

(38) المصدر، ح 3.

(39) سورة المائدة، الآية: 5 .

 

 

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.