أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-10-2014
2611
التاريخ: 9/11/2022
1661
التاريخ: 15-2-2016
6967
التاريخ: 4-06-2015
7981
|
النفس[1]
1- معنى النفس:
لفظ النفس - على ما يُعطيه التأمّل في موارد استعماله - أصل معناه، هو معنى ما أُضيف إليه، فنفس الشيء، معناه: الشيء، ونفس الإنسان، معناه هو الإنسان، ونفس الحجر، معناه هو الحجر، فلو قُطِعَ عن الإضافة لم يكن له معنى محصَّل، وعلى هذا المعنى يُستعمل للتأكيد اللفظي، كقولنا: جاءني زيد نفسه، أو لإفادة معناه، كقولنا جاءني نفس زيد. وبهذا المعنى يُطلق على كلّ شيء، حتّى عليه تعالى، كما قال تعالى: ﴿كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾[2]، ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ﴾[3]، ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾[4]. ثمّ شاع استعمال لفظها في شخص الإنسان خاصّة، وهو الموجود المركّب من روح وبدن، فصار ذا معنى في نفسه، وإنْ قُطِعَ عن الإضافة، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾[5]، أي من شخص إنسانيّ واحد، وقال: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾[6]، أي من قتل إنساناً ومن أحيا إنساناً، وقد اجتمع المعنيان في قوله تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا﴾[7]، فالنفس الأولى، بالمعنى الثاني، والثانية، بالمعنى الأوّل. ثمّ استعملوها في الروح الإنساني، لما أنّ الحياة والعلم والقدرة التي بها قوام الإنسان، قائمة بها، ومنه قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ﴾[8]. ولم يطّرد هذان الإطلاقان، أي الثاني والثالث في غير الإنسان، كالنبات وسائر الحيوان، إلا بحسب الاصطلاح العلميّ، فلا يقال: للواحد من النبات والحيوان عرفاً نفس، ولا للمبدأ المدبِّر لجسمه نفس. نعم ربّما سُمِّي الدم نفساً، لأنّ الحياة تتوقّف عليه، ومنه النفس السائلة. وكذا لا يُطلق النفس في اللغة بأحد الإطلاقين الثاني والثالث على المَلَك والجنّ، وإنْ كان معتقدهم أنّ لهما حياة، ولم يردْ استعمال النفس فيهما في القرآن أيضاً، وإنْ نطقت الآيات، بأنّ للجنّ تكليفاً، كالإنسان، وموتاً وحشراً، قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[9]، ﴿فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ﴾[10]، ﴿وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ﴾[11].
2- بقاء النفس الإنسانيّة بعد حدوثها:
النفس هي الحافظة لوحدة الإنسان وشخصيّته، وهي محفوظة عند الله سبحانه غير باطلة ولا معدومة، وإذا تعلّقت بالبدن المخلوق جديداً بعد البعث، كان هو الإنسان الدنيوي، كما أنّ الإنسان في الدنيا واحد شخصيّ باقٍ على وحدته الشخصيّة، مع تغيّر البدن بجميع أجزائه حيناً بعد حين. والدليل على أنّ النفس التي هي حقيقة الإنسان محفوظة عند الله مع تفرّق أجزاء البدن وفساد صورته، قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ كَافِرُونَ * قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ﴾[12]، حيث استشكلوا في المعاد بأنّه تجديد للخلق بعد فناء الإنسان، بتفرّق أجزاء بدنه، فأُجيب عنه: بأنّ مَلَك الموت يتوفّى الإنسان ويأخذه تامّاً كاملاً، فلا يضلّ، ولا يتلاشى، وإنّما الضالّ بدنه، ولا ضير في ذلك، فإنّ الله يُجدّده. والدليل على أنّ الإنسان المبعوث، هو عين الإنسان الدنيويّ، لا مثله، جميع آيات القيامة الدالّة على رجوع الإنسان إليه تعالى وبعثه وسؤاله وحسابه ومجازاته بما عمل.
3- مراتب النفس الإنسانيّة:
إنّ التأمّل والتدبّر في آيات القرآن الكريم، يُعطي أنّ للنفس الإنسانيّة مراتب ثلاث:
• النفس الأمّارة: قال تعالى: ﴿وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾[13]، أي إنّ النفس بطبعها تدعو إلى مشتهياتها من السيّئات على كثرتها ووفورها، فمن الجهل أن تبرّء من الميل إلى السوء، وإنّما تكفّ عن أمرها بالسوء ودعوتها إلى الشرّ، برحمة من الله سبحانه، تصرفها عن السوء، وتوفّقها لصالح العمل. وقوله تعالى: ﴿إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ﴾، يفيد فائدتين: إحداهما: تقييد إطلاق قوله تعالى: ﴿إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ﴾، فيفيد أنّ اقتراف الحسنات، الذي هو برحمة من الله سبحانه، من أمر النفس، وليس يقع عن إلجاء وإجبار من جانبه تعالى. وثانيتهما: الإشارة إلى أنّ تجنّبه الخيانة كان برحمة من ربّه.
• النفس اللوّامة: قال تعالى: ﴿وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾[14]، والمراد بالنفس اللوّامة نفس المؤمن التي تلومه في الدنيا على المعصية والتثاقل في الطاعة، وتنفعه يوم القيامة.
• النفس المطمئنّة: قال تعالى : ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾[15]، فالذي يُعطيه سياق المقابلة بين هذه النفس، بما ذُكِرَ لها من الأوصاف، وعُيّنَ لها من حسن المنقلب، وبين الإنسان المذكور قبل، بما ذُكِرَ له من وصف التعلّق بالدنيا، والطغيان، والفساد، والكفران، وما أُوعِدَ من سوء المصير، هو أنّ النفس المطمئنّة، هي التي تسكن إلى ربّها، وترضى بما رضي به، فترى نفسها عبداً لا يملك لنفسه شيئاً من خير أو شرّ، أو نفع أو ضرّ، ويرى الدنيا دار مجاز، وما يستقبله فيها من غنى أو فقر أو أيّ نفع وضرّ، ابتلاءً وامتحاناً إلهيّاً، فلا يدعوه تواتر النعم عليه إلى الطغيان وإكثار الفساد والعلوّ والاستكبار، ولا يوقعه الفقر والفقدان في الكفر وترك الشكر، بل هو في مستقرّ من العبوديّة، لا ينحرف عن مستقيم صراطه، بإفراط أو تفريط.
[1] انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج11، ص198, ج13، ص209-210, ج14، ص285-286, ج20، ص104، 285.
[2] سورة الأنعام، الآية 12.
[3] سورة آل عمران، الآية 28.
[4] سورة المائدة، الآية 116.
[5] سورة الأعراف، الآية 189.
[6] سورة المائدة، الآية 32.
[7] سورة النحل، الآية 111.
[8] سورة الأنعام، الآية 93.
[9] سورة الذاريات، الآية 56.
[10] سورة الأحقاف، الآية 18.
[11] سورة الأنعام، الآية 128.
[12] سورة السجدة، الآيتان 10-11.
[13] سورة يوسف، الآية 53.
[14] سورة القيامة، الآية 2.
[15] سورة الفجر، الآيات 27 - 30.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
قسم التربية والتعليم يكرّم الطلبة الأوائل في المراحل المنتهية
|
|
|