أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-21
872
التاريخ: 2023-10-09
1099
التاريخ: 15-1-2023
2349
التاريخ: 2023-06-09
971
|
اَلسَّلٰامُ: نوع من التحيّة وإنّها تحيّة الإسلام والمسلمين، وكان قبل الإسلام يحيّون بقولهم: «أهلاً ومرحباً» وغيرهما، وبعد الإسلام والشَّرع إختصَّ بقول: «سلام عليكم» والمقصود منها: تعظيم المحيّي للمحيّی للتأليف بين القلوب، ويدلّ على أنّ المراد به التحيّة قوله تعالى : ( تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ ) ([1])، وقوله تعالى: (دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّـهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ) ([2])، وقد ورد عن النبيّ (صلى الله عليه وآله): ابدؤا بالسَّلام قبل الكلام، فمن بدأ بالكلام قبل السَّلام فلا تجيبوه ([3])، وعن الباقر (عليه السلام): إنّ الله يحبّ إفشاء السَّلام ([4])، ولذا نرى الشريعة المقدّسة أكّدت على إفشاء السَّلام وجعلت ردّ السّلام واجباً كفائيّاً وأمّا البادئ بها فله من الأجر كما ورد عن النبيّ (صلى الله عليه وآله): من قال السَّلام عليكم كتب له عشر حسنات، ومن قال السَّلام عليكم ورحمة الله كُتب له عشرون حسنة، ومن قال: السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته كتب له ثلاثون حسنة ([5])، وجاء في تفسير السَّلام: أنّه مأخوذ من سلم الآفات سلامة أي سلمت من المكاره والآفات وإليه يرجع ما قيل من انّه دعاء بالسلامة لصاحبه من آفات الدُّنيا وعذاب الآخرة وضعه الشارع موضع التحيّة والبشرى بالسلامة ([6]).
وقد ورد في تفسير وتأييد هذا المعنى ما روي عن داود بن كثير الرقي قال، قلت: ما معنى السَّلام على الله وعلى رسوله (صلى الله عليه وآله)؟ فقال : إنّ الله لمّا خلق نبيّه ووصيّه وابنيه وابنته وجميع الأئمّة وخلق شيعتهم أخذ عليهم الميثاق، وأن يصبروا ويصابروا وأن يتّقوا الله، ووعدهم أن يسلم لهم الأرض المباركة والحرم الآمن، وأن ينزل لهم البيت المعمور ويظهر لهم السقف المرفوع وينجّيهم من عدوّهم والأرض الّتي يبدّلها من دار السلم ويسلّم ما فيها لهم ولا شبهة فيها ولا خصومة فيها لعدوّهم وأن يكون لهم فيها ما يحبّون، وأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) على الأئمة وشيعتهم الميثاق بذلك، وإنّما عليه أن يذكره نفس الميثاق وتجديد له على الله لعلّه أن يعجله ويعجل المسلم لهم بجميع ما فيه ([7]).
انّه مأخوذ من السَّلام الّذي هو إسم من أسماء الله كما قال: ( السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ ) ([8])، وقال: (لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ) ([9]) فمعنى السَّلام عليك يعني الله عليك، أي حافظ لأسرارك وعلومك من أن تنالها أيدي الجهلة وعاصم لك من الرجس والسهو والخطاء ومن كلّ مكروه، أو مأخوذ من السلم وهو الصلح كما قال تعالى: ( وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ ) ([10]) وقال: إنّي سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم، أي مسالم ومصالح لمن صالحتم، وقيل غير ذلك.
وإذا قيل: أليس في صحة السَّلام حياة وحضور المسلَّم عليه وعدم موته وقربه للمسلِّم والإمام (عليه السلام) قد فارق الحياة فكيف التوفيق في ذلك في هذه الزيارة؟
الجواب: انّ ذلك متحقّق بالنّسبة إلى أهل البيت سلام الله عليهم أجمعين فإنّهم أحياء عند ربّهم في بساط القرب ويرزقون بموائد العلم والمعرفة، ويسقون من كأس المقرّبين يرون مقام شيعتهم ويسمعون كلامهم، ويردّون سلامهم، كما ورد في إحدى زيارات الإمام الرّضا (عليه السلام): «اَشْهَدُ بالله أَنَّكَ تَشْهَدُ مَقٰامي، وَتَسْمَعُ كَلٰامي، وَتَرُدُّ سَلامِي، وَأَنْتَ حَيٌّ عِنْدَ رَبِّكَ مَرْزوق...» ([11])، ويدلّ عليه من العقل براهين ساطعة ومن النقل اخبار كثيرة لائحة يطول الكلام بذكرها، نذكر منها ما ورد في خطبة أمير المؤمنين (عليه السلام): « يا سلمان انّ ميتنا إذا مات لم يمت، ومقتولنا إذا قتل لم يقتل، وغائبنا إذا غاب لم يغب، ولا نلد ولا نولد ولا في البطون ولا يقاس بنا أحد من النّاس» ([12])، وعن أبي الحسن قال: سأل عن قول الله عزّ وجل : ( اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّـهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) قال: إنّ أعمال العباد تعرض على رسول الله كلّ صباح وأبرارها وفجارها فاحذروا، وعن أبي جعفر (عليه السلام): تعرض كلّ خميس على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ومن المعلوم والواضح لو لم يكونوا (عليهم السلام) أحياء ما تعرض عليهم أعمال العباد، وعرض الأعمال من شأن الأحياء لا الأموات، وعن الباقر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأصحابه: حياتي خير لكم تحدّثون ونحدّث لكم، ومماتي خير لكم تعرض عليّ أعمالكم، فإن رأيتُ حسناً جميلاً حمدت الله على ذلك، وإن رأيتُ غير ذلك إستغفرت الله لكم ([13]).
قال السيد حسين الهمداني في كتابه الشموس الطالعة من مشارق زيارة الجامعة: إنّما سمّى تبارك وتعالى نفسه السلام مبالغة لهذه الصّفة فيه تعالى؛ لأنّه ليس شيء في عالم من العوالم إلّا وهو بتسليم من الله تعالى إلى خلقه، فسمّى نفسه سلاماً مبالغة، فقوله (عليه السلام ): «السَّلام عليكم» إشارة إلى أنّ تسليمه الكلّي من دون تقييد بشيء مقصور عليكم أهل البيت؛ لأنّ جدّكم محمّداً (صلى الله عليه وآله) هو الصّادر الأوّل الذي ليس شيء في عالم الوجود من الخير والبركة والنّعمة إلّا وهو ذرّات ما أُوتي (صلى الله عليه وآله)، لأنّه في عالم الوجود قاب قوسين أو أدنى، فحيّاه الله تعالى بتسليم جميع ماله من العوالم، بعد تأديبه إيّاه أحسن التأديب، ثمّ فوّض الله أمر دينه، كما هو مفاد غير واحد من الروايات المرويّة في « الكافي » ([14]) وأخذ ميثاق نبوّته وولايته من تمام ذوي الأرواح بعد ميثاق ربوبيته، فنسبته (صلى الله عليه وآله) إليه تعالى كضيف سلطان حيّاه بإيكال اُمور مملكته وسياسة رعيّته إليه، مع الإشارة إليه في كلّ جزء من جزئيّات أُموره وتأييده فيها شيئاً، حيناً بعد حين، ساعة فساعة، بل آناً بعد آن، ورغب رعاياه على طاعته، وحذّرهم عن معصيته، تعظيماً وإجلالاً لذلك الضيف ثم ورّث ذلك أهل بيته، فجعل الإيمان بهم إيماناً به والكفر بهم كفراً به وطاعتهم طاعته وعصيانهم عصيانه ومعرفتهم معرفته وجهلهم جهله، هذا ان اُريد به السَّلام من الله تعالى وأمّا إذا أُريد به السَّلام من الزائر فمعناه: أنّه مسلّم نفسه وماله ومطلق ما يتعلّق به من بدأ وجوده إلى الأبد إلى الإمام بحيث لا يرغب بشيء ممّا يتعلّق بعالم وجوده عنه (عليه السلام) ووطّن نفسه بإفنائها في إرادته ووقّفها عليه (عليه السلام)، وهذا هو المراد بما ورد في الزيارات من قوله: «عَلَيْكُمْ مِنّي سَلامُ اللهِ اَبَداً ما بَقيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ»، لأن المراد بالله هو اسم الله الذي أودعه الله تعالى في مبدأه بدء ايجاده وانشائه، لا الله المسمى تبارك وتعالى، فيكون ذلك إقراراً منه بالرقيّة لهم من اعلى مراتبه إلى ادناها، لا دعاءً ومسألةً لهم من الله تعالى، فمعنى السَّلام من العبد هو تسليم جميع ما له من تمام عوالم وجوده إلى الإمام (عليه السلام) وقصرها عليه؛ لأنّه هو الذي يستأهل لاسترقاقه وولايته عليه دون غيره ([15]).
[1] سورة الأحزاب: 44.
[2] سورة يونس: 10.
[3] أُصول الكافي للكليني 2: 638.
[4] مجمع البيان 3: 108، ط. بيروت.
[5] نفس المصدر.
[6] لسان العرب 6: 343، ط. بيروت.
[7] جنّة الحوادث في شرح زيارة وارث: 32 عن الكافي 1: 451.
[8] سورة الحشر: 23.
[9] سورة الأنعام: 127.
[10] سورة الأنفال: 61.
[11] ضياء الصّالحين: 267.
[12] مشارق أنوار اليقين، لرجب البرسي: 257، ط. بيروت.
[13] بصائر الدرجات 4: 444، ط. المرعشي.
[14] أُصول الكافي 1ـ 265.
[15] ص: 39.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|