الحماية الجنائية بموجب قانون الادعاء العام لحماية المناقصات الحكومية |
332
01:48 صباحاً
التاريخ: 2024-08-19
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-5-2021
2790
التاريخ: 20-3-2016
2998
التاريخ: 20-3-2016
5591
التاريخ: 20-3-2016
3549
|
بموجب قانون الادعاء العام رقم (49) لسنة 2017 لا يعد الادعاء العام في العراق عضوا من أعضاء الضبط القضائي، لكنه من مهامه أنه يشرف على الأعمال والتصرفات القانونية التي يقوم بها أعضاء الضبط القضائي، إذ أن مهامه تمتد لتشمل الرقابة والاشراف على أعمالهم في هذا الخصوص، ولا يكون من مهامه القيام باختصاصات أعضاء الضبط القضائي من حيث المبدأ؛ وخلال ذلك يظهر اختلاف توجه المشرع العراقي عن المشرع المصري الذي اعتبر أعضاء الضبط القضائي تابعون للنيابة العامة(1)؛ و في بادرة أخرى فإن الادعاء العام ذو دور إيجابي من خلال ما يقوم به من أعمال، فهو وإن كان لا يملك تنفيذ أعمال الضبط القضائي بصورة مباشرة، إلا أن في وسعه ان يدفع أعضاء الضبط القضائي للقيام بهذه الإجراءات بصورة غير مباشرة من خلال الطلبات التي يقدمها للمحكمة والتي تلاقي موافقتها، كما أن له اتخاذ كل ما من شانه التوصل إلى معالم الكشف عن الجرائم (2).
إن الادعاء العام في العراق يملك أيضا بصورة استثنائية صلاحية التحقيق الابتدائي في الجرائم، فهو يمتلك صلاحية التحقيق الابتدائي، وإن من يمتلك الأكثر يمتلك الأقل، فالظاهر أنه يمتلك أيضا صلاحية إجراء التحقيق الابتدائي فهو أيضًا يملك صلاحية التحري وجمع الأدلة(3).
في ذات الوقت فإن الادعاء العام في العراق لم يكن من الجهات التي تتلقى الشكاوى والاخبار عن الجرائم، إذ حصر المشرع العراقي اختصاص تلقي الشكاوى والاخبار بقاضي التحقيق أو المحقق أو سلطات الضبط القضائي (4) ، لكنه في ذات الوقت يمتلك صلاحية الاخبار عن الجرائم إلى الجهات المذكورة إضافة إلى هيئة النزاهة، وهذه الجهات في كل الأحوال تخضع إلى رقابة الادعاء العام فيما يتعلق بتصرفاتها وقراراتها، ويتساوى في ذلك مع النيابة العامة في الجزائر، إذ أن مهامها تختصر في اخبار السطات القضائية عن الجرائم العامة بعد التحري عنها (5) ، وذلك عكس النيابة العامة في مصر التي لها سلطة رفع الدعوى الجنائية من تلقاء نفسها (6).
وهنا يثار التساؤل هل ان الاخبار عن الجرائم وضمنها جرائم الفساد يقع ضمن الاختصاص الجوازي للادعاء العام أم الوجوبي؟
وجواب السؤال يتمثل في أن المدعي العام يمثل الدولة والمجتمع، فاذا ما كان الاخبار عن فعل معين يتصف بأنه جريمة يتسق مع مصالح الدولة والمجتمع فان الادعاء العام ملزم بالإخبار عنها متى ما توصلت إلى علمه، هذا من الناحية المنطقية؛ ومن الناحية القانونية فهل ان قانون أصول المحاكمات الجزائية منح الادعاء العام سلطة تقديرية في تحريك الدعوى من عدمه (7)، وما يماثله في قانون الادعاء العام الملغى، إذ كان له تقدير تحريك الدعوى الجزائية وتعقيبها والاشراف على أعمال المحققين واعضاء الضبط القضائي (8).
وفي قانون الادعاء العام العراقي النافذ لم يمنحه المشرع سلطة تقديرية في تحريك الدعوى الجزائية، ومن مفهوم المخالفة نجد بأن الادعاء العام ملزم بتحريك الدعوى الجزائية متى ما وصلت إلى علمه، وليس له سلطة الامتناع عن تحريكها ، وهو ما يجري على قضايا الفساد أيضا (9).
وعند الإنتقال إلى دور الادعاء العام في إجراءات التحقيق في جرائم الفساد، فان المبدأ العام ان التحقيق يجري بأشراف قضاة التحقيق، ومحاكم التحقيق هي الجهة ذات الاختصاص الأصيل في التحقيق في القضايا ومنها قضايا الفساد، ويبرز دور الادعاء العام ان القانون أوجب على الجهات القائمة على التحقيق ان يخبروا الادعاء العام في قضايا الجنح والجنايات التي تتضمن حق عام لحضور إجراءات التحقيق، ومن ناحية أخرى فقد الزم القانون حضور الادعاء العام عند إجراءات التحقيق لابداء ملاحظاته وطلباته القانونية في إطار واجباته القانونية في مراقبة مشروعية إجراءات التحقيق لتكون مطابقة لأحكام القانون (10).
وبذلك فإن حضور الادعاء العام ليست غايته التواجد فقط، بل أن الحضور ليكون الادعاء العام رقيبا على مشروعية إجراءات التحقيق، كما أن ليس من المفترض ان ينتظر الادعاء العام توجيه دعوة له لحضور إجراءات التحقيق، بل عليه أن يبادر في حضورها وإن لم توجه دعوة له صيانة لمشروعية إجراءات التحقيق وضمانة له ابتغاء أن تجري إجراءات التحقيق وفق أسس قانونية سليمة (11). وعليه فإن عدم حضور الادعاء العام لإجراءات التحقيق عامة ومن ضمنها التحقيق في قضايا الفساد، ومثالها عدم حضوره في اثناء استجواب المتهم يعد سببا ببطلان الحكم الصادر بحق المتهم، وذات الحكم ينطبق على النيابة العامة في الجزائر (12).
وتطبيقا لذلك قضت محكمة التمييز الاتحادية في إحدى قراراتها إلى أنه حيث ان اعتراف المتهم اثناء التحقيق قد تم تدوينه دون حضور الادعاء العام ومحامي للدفاع عنه وثبت في التقرير الطبي الصادر من اللجنة الطبية في دائرة صحة محافظة واسط تعرضه لإصابات المثبتة فيه تتزامن مع تاريخ تدوين أقواله التي تتناقض مع اقوال الشاهد الوحيد في القضية (ع. ع. ح) مما يجعل الأدلة المتوفرة في القضية غير كافية لإدانة المتهم (ح. ر . ع) قرر نقض كافة القرارات الصادرة في القضية والغاء التهمه الموجهة اليه ... والافراج عنه واخلاء سبيله عن هذه القضية حالا ما لم يكن مطلوباً عن قضية أخرى".(13) كما ان للادعاء العام وعلى سبيل الاستثناء ان يمارس مهام قاضي التحقيق في مكان الحادث عند غيابه(14)، وهنالك سببين لهذا الاستثناء، الأول لضمان عدم اندثار معالم الجريمة في حال غياب قاضي التحقيق عن موقع الحادث و لأي سبب كان، أما الثاني فان الادعاء العام من الناحية الواقعية يتمتع بامتيازات القاضي، بل إن كثير من ممثلي الادعاء العام هم قضاة في الأصل جرى اعطاؤهم مهام الادعاء العام، وبذلك فان للادعاء العام على سبيل الاستثناء اختصاص التحقيق في جرائم الفساد، على أن يتم اشعار الجهات المختصة بمباشرة التحقيق من قبله وهي هيئة النزاهة عادة، لتباشر التحقيق هي أيضًا أو تطعن به بحسب الأحوال القانونية، وتنتهي مهمة ممثل الادعاء العام في التحقيق عند زوال سبب الاستثناء، وهو حضور الجهة المختصة بالتحقيق أو حضور قاضي التحقيق(15) . ومما يبدو ونظرا لاستثنائية دور ممثل الادعاء العام في التحقيق، فإن قراراته يجب أن تنصب على إجراءات التحقيق الأساسية، كحفظ الأدلة أو القبض في الجرائم المشهودة، لكنه في الوقت ذاته ليس له أن يصدر قرارات فاصلة، وذلك لأن دوره دور مؤقت يبتغي منه استمرار إجراءات التحقيق وليس أن يحل محل القاضي المختص بصورة دائمة، كما إن قاعدة الاستثناء لا يجوز التوسع فيه هي القاعدة التي تحكم اختصاصه الاستثنائي وللادعاء العام دور في مرحلة المحاكمة، والتي تبدأ منذ صدور قرار نهائي بإحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع إلى حين النطق بالحكم الذي يصدر بحق المتهم. حيث يبلغ المدعي بموعد المحاكمة إضافة إلى أطراف الدعوى كالمشتكي والمدعي بالحق المدني والمتهم، ويعدون بالمجموع أطرافا بالدعوى، وذلك استنادا إلى ما يوحي به قانون أصول المحاكمات الجزائية، والذي اعطى حق الطعن إلى هؤلاء الأطراف (16).
واستكمالا لما تقدم فإن الادعاء العام يمثل مصالح الدولة ومجتمعها؛ لذلك فأنه يدافع عن الحق العام في أي دعوى فيها حق عام ، وبالتأكيد فان قضايا الفساد تستظل بهذا الظل، وعلى ذلك فإن حضور الادعاء العام في المحاكمات التي تحمل الحق العام ضروري، خصوصاً أن قانون أصول المحاكمات الجزائية يؤمن بمبدأ المواجهة، أي أن يواجه الخصوم بعضهم البعض في دعواهم لرد كل منهما على ادعاءات الآخر عبر تقديم الأدلة أو تفكيكها و ردها، فذلك يساعد القاضي على فهم الدعوى والاطمئنان إلى حكم ليكون عنوانا للحقيقة (17).
ولا شك أن حضور الادعاء العام ضروري لتحقق هذه الغاية، كونه طرف في دعاوى الحق العام وضامناً لحسن سير إجراءاتها، وبذلك نص صريح في قانون الادعاء العام في العراق الذي يلزم أن يكون الادعاء العام حاضراً في الدعاوى الجزائية والا يترتب البطلان على الحكم الصادر من هذهِ المحاكم. وذلك يعني أن دعوة الادعاء العام لا يكفي لانعقاد المحاكمة ، بل يجب ان تقترن هذه الدعوة بالحضور، حيث ان دعوة الادعاء العام للحضور ولم يكن حاضراً لأي سبب كان مشروعًا أو غير مشروع لا يعطي للمحاكمة شرعية الانعقاد، حيث يعد حضوره شرطا لانعقادها (18).
وفي ذلك ذهبت محكمة التمييز إلى أنه لدى التدقيق والمداولة من قبل الهيئة العامة لمحكمة التمييز وجد أن محكمة أحداث نينوى أجرت التحقيق القضائي والمحاكمة في الدعوى بغياب ممثل الادعاء العام بحجة في تمتعه بإجازة مرضية وذلك لاستماع مطالعته ... خلافاً لما تقضي المادتان (36،167) من قانون أصول المحاكمات الجزائية وعليه وحيث ان عدم حضوره في المحاكمة ان وجد يعتبر خطاً جوهرياً في الإجراءات الاصولية مؤثراً في الحكم لذا واستناداً إلى حكم الفقرة (ب) من المادة (249) من قانون أصول المحاكمات الجزائية قرر نقض الحكم واعادة الأوراق إلى محكمتها للاستماع إلى مطالعة ممثل الادعاء العام وفي ضوء ما يتحصل لديها جراء ذلك تصدر حكمها وفقا للقانون"(19). وبذلك فإن من حق الادعاء العام مناقشة اطراف الدعوى وسؤال المتهمين عن طريق المحكمة، وكذلك ابداء ملاحظاته وطلباته القانونية (20)، وأن يطلب أيضا انتداب الخبراء أو أي طلب اخر يجيزه القانون، وأوجب القانون على المحكمة ان تستمتع إلى طلبات الادعاء العام، ويخضع تقدير مشروعية الطلبات للمحكمة (أ)، كما أن الادعاء العام وإن كان طرفاً في الدعوى الجزائية، فإن ليس له التصرف بهذه الدعوى عن طريق التنازل عنها، فهو يمثل مصالح المجتمع بالمجموع، والدعوى الجزائية التي لها جانب من الحق العام تضر بمصالح المجتمع والدولة كنتيجة للفعل الاجرامي؛ لذلك ليس له حق التنازل عنها، ويستثنى من ذلك العفو العام، والذي يعني تنازل المجتمع عن حقه في الدعوى، أو التقادم الذي يكون بموجب القانون الذي ارتضاه المجتمع (21).
وفي مصر فإن نظامها القانوني فيما يختص بالادعاء العام هو مختلف تماماً، إذ أن لديها تشكيل يسمى النيابة العامة، وهو يتولى سلطة التحقيق في كثير من القضايا المعروضة امامه، وهو كذلك يعد بمثابة الادعاء العام، وبذلك فهو يواكب الدعاوى المعروضة امامه كسلطة تحقيقية في بداية عرضها، وكادعاء عام بعد إحالتها إلى محكمة الموضوع (23)..
____________
1- د. توفيق سلامة دور الادعاء العام في التحقيق والمحاكمة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2003، ص 173.
2- القاضي كاظم عبد جاسم التنظيم القانوني للادعاء العام في العراق، ط 1 ، مكتبة صباح، بغداد، 2018، ص51.
3- د. محمد معروف عبد الله، رقابة الادعاء العام على الشرعية، مطبعة المعارف، بغداد، 1981، ص 56.
4- د. براء منذر كمال شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، ط 2 ، دار ابن الاثير للطباعة والنشر، الموصل 2010 ، ص 21.
5- المادة (36) ، قانون الإجراءات الجزائية لسنة 1966.
6- المادة (21) قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972.
7- المادة (33)، قانون أصول المحاكمات الجزائية.
8- المادة (2)، قانون الادعاء العام رقم 159 لسنة 1979 (الملغي).
9- جمال محمد مصطفی، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، المكتبة القانونية، بغداد، 2017، ص23.
10- المادة (5) ، قانون الادعاء العام العراقي رقم 49 لسنة 2017.
11- المادة (5)، قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة 2017.
12- المادة (29)، قانون الإجراءات الجزائية الجزائري رقم 66-155 لسنة 1966.
13- قرار محكمة التمييز الاتحادية في العراق رقم 2017/132 الصادر في 2017/7/21، أشار اليه: جمال محمد مصطفی، مصدر سابق، ص 89
14- المادة (5/ رابعاً )، قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة 2017.
15- د. غسان جميل الادعاء العام مركز البحوث القانونية، بغداد، 1988، ص 36.
16- المادة 249 قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل.
17- Christine souchou: the vices of consent from him contratinstitut de droit compare; 1980, P 78.
18- د. براء منذر، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، مصدر سابق، ص 56.
19- قرار محكمة التمييز المرقم 493 / هيئة عامة / 1978 في 30 / 12 / 1978 ، مجموعة الاحكام العدلية، العدد الرابع، السنة التاسعة، 1978، ص 174.
20- المادة 153، قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971.
21- المادة 167، قانون أصول المحاكمات الجزائية.
22- د. فخري عبد الرزاق الحديثي، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، دار السنهوري، بيروت، 2016، ص 75.
23- المادة 23 قانون السلطة القضائية المصري رقم 46 لسنة 1972.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|