أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-1-2017
1845
التاريخ: 2024-01-22
1028
التاريخ: 2024-01-18
875
التاريخ: 2024-08-17
297
|
عُدَّ العربُ واليهود والفنيقيون والعبريون والسوريون والبابليون والآشوريون، الذين استوطنوا جزيرة العرب وآسية الصغرى حتى الفراتِ، من أصلٍ واحد، ويُطلق على هذا الأصل اسم الأَرومة السامية. وتقوم قرابة هذه الأمم على تجانس لغاتها، واشتراكِ أبنائها في صفاتٍ جُثمانية متماثلة كاسوداد شعورهم وكثاثَةِ لُحَاهم وكُمْدَة ألوانهم … وما إلى ذلك، ومن الممكن أن نجادل في قيمة هذه الصفات، ولكننا إذ نخرج بهذا عن الغرض، نرى الاقتصار على اقتباس ما ورد عنها في بعض المتون. وذهب العلماء إلى وجود مثالين لصفات تلك الأمم الجثمانية، أحدهما: لطيف، والآخرُ: غليظ، فأما المثال الأول: فيتَّصف، كما قال مسيو جيرار: «بقامته الهيفاء المعتدلة وأعضائه المُكتزَّة (1) المشتدَّة ومفاصله الدقيقة، ووجهه الطويل الدقيق في أسفله وذقنه المتوثِّب وفمه الصغير، وأسنانه البيض المنَضَّدة، وشفتيه الرقيقتين، وأنفه الضيق الأقنى، وعينيه السوداوين النجلاوين، وحاجبيه الأزجين، ورأسه المستطيل، ونجد هذا المثال، الشائع بين العرب على العموم، في بني إسرائيل والسوريين والمصريين الأقدمين والمعاصرين أيضًا. »وأما المثال الآخر: فيتصف بقامته الطويلة الثقيلة، وأعضائه العَضِلة، ووجهه العريض الثخين، وفكِّه القوي البارز، وذقنه الناتئ، وفمه الضخم، وشفتيه الغليظتين، وأنفه الأقنى الواسع، وحاجبيه المقترنين، وعينيه السوداوين الكبيرتين، وجبينه الضيق المستقيم، ونجد هذا المثال بين الآشوريين واليهود وعرب الجنوب والمصريين الذين تجري في عروقهم دماءٌ إفريقية لا ريب، وذلك لما تدل عليه خطوط سَحَناتهم ونِسَبُ أجسامهم«. ومهما تكن وَحْدةُ هذه الصفات التي نجادل في قيمتها، ومهما تكن أهمية هذه القرابة السامية التي لا نجزم بها نراها ترجع، على فرض وجودها، إلى ما قبل التاريخ، وقد كانت هذه الأمم السامية على اختلافٍ وتباينٍ منذ أقدم عصور التاريخ كما دلت عليه الروايات. وإذا جاز لنا أن نحكم في مبادئ السامِيِّين السياسية والاجتماعية، من خلال مبادئنا الحاضرة، رأيناها قبليَّةً غيرَ راقية، وذلك مع الاعتراف بأن الأمم الساميَّة أقامت حضاراتٍ عظيمةً، وأن ثلاثة من الأديان الخمسة أو الستة التي تسود العالم (وهي اليهودية والنصرانية والإسلام) نشأت عن الفرعين الساميين: اليهود والعرب. وكانت القرابةُ بين العرب واليهود وثيقةً، ودليل ذلك ما بين لغتي تينك الأمتين وتقاليدهما من التشابه. ولا جرم أن الشَّبه قليلٌ بين العربيِّ أيام حضارته واليهودي الذي عُرف منذ قرونٍ بالنفاق والجبن والبخل والطمع، وأن من الإهانة للعربيِّ أن يقاس باليهودي، ولكن، لا تنسَ أن طرق الحياة الخاصة التي خضع اليهودُ لحكمها منذ قرون كثيرة هي التي أنشأت منهم عِرقًا ذليلًا غيرَ محترم (2)، وعندي أن كل أمة تكون عُرضةً لمثل ما أصاب اليهود، ولا تعرفُ عملًا لها غيرَ التجارة والربا، وتُحتَقر في كل مكان، وتنتقل إليها تلك الغرائزُ المنحطة بالوِراثة المتتابعة مدة عشرين قرنًا، وتتأصل فيها، تصير كما صار إليه اليهود لا محالة. ويجب لكي نتمثل القرابة بين اليهود والعرب، أن نعود إلى عصر إبراهيم الذي نرى أن قبيلته الصغيرة كانت تغزو جيرانها، وتُلقي الذعر فيهم، كما تغزو قبائل البدو العربية الحاضرة جيرانها وتخيفهم، ولنَعْلَمْ، كما أُرجِّح، أن أسر اليهود في مصر لم يكن سوى نتيجةِ غزوةٍ أسفرت عن حصر المصريين لليهود النَّهَّابين في مكان من شمال مصر لم يستطيعوا الخروج منه في زمن موسى إلا بعد إقامتهم به زمنًا طويلًا، وبلوغهم من النفوس عددًا تمكنوا به من مقاومة الفراعنة، والرجوع لمدة أربعين سنة إلى حياة البادية، وما كانت حياة اليهود لتختلف، إلى زمنِ داودَ، عن حياة الصَّحاري التي أَلِفتْها قبائلُ البدو العربية في فلسطين وجزيرة العرب.
................................................
1- المكتزة: المنقبضة.
2- إن العربيَّ مع إقراره لليهودي بالقرابة، أول من يحمر وجهه خجلًا منها، وما شاهدته في رحلاتي الكثيرة التي قمت بها في ألمانية وبولونية وغليسية وروسية والشرق من الاحتقار لليهودي لا يذكر بجانب كره العربي له، فاليهودي في نظر العربي نوع من الحيوان النجس الذي يباح أن يصنع به كل شيء، ولا يخاطب العربي في الجزائر يهوديًّا إلا بعد أن يناديه: «يا منتن بن منتن»، والعربي قادر على فرز اليهودي من غيره مهما حاول اليهودي أن يتنكر، وقد تحققت ذلك حين قدر لي الاشتراك في مؤتمر من الأوربيين عُقد في الجزائر حيث كان أناس من العرب يدلونني على يهود من المتعذر تمييزهم بسحناتهم.
ويعامل اليهودي في البلاد العربية المستقلة عن نفوذ الأوربيين بأسوأ مما يعامل به الحيوان، وإليك كيف وصف مسيو كوت في سنة 1855 حال اليهود في مراكش: «يحرم على اليهودي أن يلبس غير الثياب السود التي هي رمز اللعنة والشقاء، ويحظر عليه ركوب الخيل، وإذا مر أمام مسجد أو زاوية أو ولي أو مرابط أو شريف — وجب عليه خلع نعليه وحملهما بيده، ويمتنع على اليهودي أن يدخل مقابر المسلمين، وتجلد العريفة المسلمة اليهودية في الأماكن العامة لأتفه الأسباب، وإذا ما ضرب مسلم يهوديًّا وجب على اليهودي ألا يدافع عن نفسه بغير الفرار أو الاستعطاف، وإلا أمكن قتله، وما أكثر ما يرجم صبيان العرب شباب اليهود، ويضربونهم بالعصي ويصفعونهم ويعضونهم ويخدشونهم، وشباب اليهود يركعون ويتلوون ويتلمسون الخلاص، ويرجون النجاة من غير أن يقدروا على ضرب أحد من أولئك الصبيان أو جرحه«. وما تقدم، وإن كان يقع في داخل مراكش، لا يحدث مثله في طنجة حيث يقيم كثير من قناصل الدول الأوربية الذين يحتمي اليهود بهم على العموم، ولما أتيت تلك المدينة العجيبة، وزرت واليها، وصحبني ترجمان القنصلية البلجيكية اليهودي لاقى هذا الترجمان من الوالي كل رعاية.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|