أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-12
377
التاريخ: 11-12-2020
2167
التاريخ: 2024-08-14
358
التاريخ: 16-10-2019
3975
|
الماجريات القضائية
ربما كانت "الماجريات القضائية" أقدم ما عرف من أنواع الماجريات الاربعة التي سبقت الإشارة إليها ذلك أن القضايا المحلة على الدوام هي أكثر ما يسترعى أنظار القراء للصحيفة.
فالواقع أنه ليس كل الشعب قادراً على تتبع الماجريات الدولية أو الدبلوماسية، ولكن أكثر الشعب يستطيع أن يفهم الظروف التي تحيط ببعض القضايا المنظورة أمام المحاكم الوطنية، أو المحاكم العسكرية.
وفوق هذا وذاك فإن من حق كل مواطن في الدولة أن يرى بعينيه، ويسمع بأذنيه كيف يطبق القانون في بلاده، وأن يطمئن على سلامة هذا التطبيق، وإلى نزاهة القائمين عليه، وحق الشعب في ذلك هو كحقه تماماً في أن يطمئن إلى أن أعضاء البرلمان، أو مجلس الامة وهم الموكلون عنها في القيام بمهمة التشريع وسن القوانين قادرون على ذلك بأمانة تامة.
على أن هذا الحق الجماعي يتيح للجمهور أن يراقب بنفسه طريقة سن القانون، وتطبيق هذا القانون يتعارض في الوقت نفسه تعارضاً تاماً مع حق الفرد الذي تمسه القضية ويتناوله كما يتعارض وحقوق النواب الذين يناقشون في داخل البرلمان، أو داخل مجالس الامة، فإن من حق هؤلاء جميعاً أن تحفظ لهم كرامتهم، وأن تصان لهم سمعتهم، وألا تقوم الصحف بالتشهير بهم، فقد توجه المحكمة بعض التهم الخطيرة للمتهمين، وكثيراً ما يعاملهم القضاة في أثناء المحاكمة بشيء من العنف، وقد يحدث في داخل البرلمان أن يتراشق أعضاؤه بالسباب، أو أن يتنابزوا بالألقاب، أو أن يسم بعضهم بعضاً بميسم الخيانة للوطن، فإذا انتقلت التهم القضائية إلى مجال الصحف فهنا يشعر المقصودون بها في جميع هذه المواطن السابقة بالخجل والحرج، وقد يثبت القضاء من جانب، أو البرلمان من جانب آخر، أن هؤلاء كانوا على حق في موقفهم من خصومهم في المحكمة أو في البرلمان.
ومع هذا التعارض الشديد بين الحق الجماعي للأمة، والحق الشخصي للفرد الواحد، أو الجماعة الواحدة من جماعات هذه الامة، فإن العرف والتقاليد يسمحان للصحافة بأن تخبر عما يحدث في داخل المحاكم الوطنية، وذلك بالقدر الذي سمح به للصحافة أن تخبر عما يحدث في داخل المجالس النيابة، ومتى نشرت هذه الاخبار جميعها في الصحف فقد أصبح من حق الامة والامم الاخرى جميعها أن تعرف ما يجري في هذه الدور، التي نشير إليها.
ومن هنا يبدو الفرق الكبير بين الحالتين بالقياس إلى المتهم في إحدى القضايا.
ففي الحالة الاولى وهي الحالة التي تمتنع فيها الصحف عن النشر يشعر المتهم بأنه قد نجا بنفسه، وبماء وجهه من أن يراق على نطاق واسع كبير، وهو نطاق الشعب الذي هو منه، والشعوب التي يمكن أن تصل إليها صحف الامة التي ينتمي إليها.
وفي الحالة الثانية يقع المتهم في الحرج الذي وصفناه.
نقول هذا لكي نلفت الصحف جيداً في كتابة "الماجريات القضائية" إلى أن تنص على نوع الحكم الذي تصدره المحكمة، وخاصة إذا كان الحكم بالبراءة.. ونقول هذا أيضاً حتى لا تتورط الصحف في اتهام الاشخاص الذين لم تثبت إدانتهم، والقاعدة المعمول بها في القضاء دائماً هي "أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته".. ثم إنه على الرغم من التسليم بهذا المبدأ المتقدم، وهو نشر "الماجريات القضائية" في معظم الحالات والبلدان، فإننا نرى بلاداً كانجلترا لا تقر هذا المبدأ، ولا توافق على نشر "الماجريات القضائية" بل إن قانون القذف عندهم Libelnet يتضمن حظراً على الصحافة أن تخوض في القضايا المنظورة أمام المحاكم، أو تنشر شيئاً عن بعض هذه القضايا في أثناء ذلك، ويعبر القانون الإنجليزي عن مخالفة هذا الحظر بتهمة "التهاون بالقضاء" أو تهمة "ازدراء المحكمة" contempt of court على حين أننا نرى أن نشر القضايا المنظورة أمام المحاكم المصرية مباح لجميع الصحف وإن كان قانون الإجراءات الجنائية يحمل من حق القاضي أن يحظر النشر متى رأى المصلحة في أن يكون التحقيق سرياً، ومتى كان في هذه السرية رعاية من جانب القضاء للصالح العام، والآداب العامة.
ويفهم من هذا أن إباحة النشر وحظره بالنسبة للقضايا المنظورة أمام المحاكم المصرية مسألة اعتبارية بحتة، وأنها متروكة للمحقق؛ أو للقاضي.
ولكن ينبغي للقاضي أو المحقق ألا يسيء أحدهما استعمال هذا الحق، كما حدث ذلك في بعض القضايا الهامة ذات الصلة بالمصلحة العليا للبلاد، أو الصلة القوية بالرأي العام، ومن الامثلة على هذه القضايا: "قضية الاسلحة الفاسدة" في أثناء الحرب الفلسطينية، فقد حظر المحقق على الصحف أن تنشر شيئاً ما عن هذه القضية التي تهم الشعب المصري كله، والشعوب العربية بأسرها، ولم يكن القضاء على حق في هذا الإجراء بحال من الاحوال.
أما تحرير الماجريات القضائية فتتبع فيه إحدى الطرق الثلاث التي تقدم ذكرها في نهاية الفصل الخامس، فطريقة التركيز توحي إلى كاتبها أو محررها بتلخيص موضوع الدعوى والمرافعات في شبه مقال شديد الإيجاز، وكثيراً ما يكون محرر هذا النوع من الماجريات رجلاً من رجال القانون، كأن يكون مشتغلاً بالمحاماة، أو تكون له خدمة سابقة في سلك القضاء، ونحو ذلك.
وبالطريقة التحليلية يفصل المحرر القول في هذه القضية التي يعرضها للقراء، وسجل هذا التفصيل كل سؤال وجهته المحكمة إلى المتهمين، وكل إجابة صدرت عنهم، كما يسجل المحرر شهادة الشهود، ويعني العناية التامة بمرافعة المحامين من الجانبين، وبصف كل ما وقع في الجلسة من أخذ، ورد، وحركة وسكون، ويتضمن التقرير بهذه الطريقة أيضاً كل ما صدر عن الحاضرين من الجمهور من إشارات، وتعقيبات، ونحو ذلك.
وبالطريقة المختلطة يقصر المحرر جهده على وصف الظروف والحوادث التي نشأت عنها الدعوى، ويصف الظواهر النفسية، والدلائل الخلقية التي تقترن بها غالباً، وله أن يهمل وقائع الجلسة في ذاتها، مكتفياً بتسجيل الحكم الذي نطق به القاضي.
على أن المهم من الناحية الصحفية البحتة هو الإدلاء بتفصيل الحوادث التي سبقت المحاكمة، وأوصلت الطرفين المتنازعين إلى ساحة القضاء. وللمحرر الصحفي أن يعتمد في هذا الإدلاء على ما جرى بالفعل من داخل المحكمة مما شهده بعينه، أو سمعه بأذنه، أو على مصدر آخر كمحاضر التحقيق و"ملف" القضية، أو على المستندات الرسمية الموجودة فعلاً في غير هذا "الملف" .
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|