أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-6-2022
1713
التاريخ: 8-10-2014
5108
التاريخ: 2023-04-18
1182
التاريخ: 2024-11-01
235
|
الإسلام والإيمان ومراتبهما الوجوديّة[1]
بيّن القرآن الكريم حقيقة الإسلام والإيمان ومراتبهما الوجوديّة، ويُمكن إيجازها وفق الآتي:
1- المرتبة الأولى من مراتب الإسلام، وهي القَبول لظواهر الأوامر والنواهي، بتلقّي الشهادتين لساناً، سواء أوافقه القلب، أم خالفه، قال تعالى: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾[2].
ويتعقّب الإسلام بهذا المعنى، أوّل مراتب الإيمان، وهي الإذعان القلبي بمضمون الشهادتين إجمالاً، ويلزمه العمل في غالب الفروع.
2- المرتبة الثانية من الإسلام، ممّا يلي الإيمان بالمرتبة الأولى، وهي التسليم والانقياد القلبي لجلّ الاعتقادات الحقّة التفصيليّة، وما يتبعها من الأعمال الصالحة، وإنْ أمكن التخطّي في بعض الموارد، قال الله تعالى في وصف المتّقين: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ﴾[3]، ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً﴾[4]، فمن الإسلام ما يتأخّر عن الإيمان محقّقاً، فهو غير المرتبة الأولى من الإسلام.
ويتعقّب هذا الإسلام، المرتبة الثانية من الإيمان، وهي الاعتقاد التفصيليّ بالحقائق الدينية، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾[5]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ﴾[6]، وفيه إرشاد المؤمنين إلى الإيمان، فالإيمان غير الإيمان.
3- المرتبة الثالثة من الإسلام، ممّا يلي الإيمان بالمرتبة الثانية، فإنّ النفس إذا أنِسَت بالإيمان المذكور، وتخلّقت بأخلاقه، تمكّنت منها، وانقادت لها سائر القوى البهيميّة والسبعيّة، وبالجملة: القوى المائلة إلى هوسات الدنيا وزخارفها الفانية الداثرة، وصار الإنسان يعبد الله، كأنّه يراه، فإنْ لم يكن يراه، فإنّ الله يراه، ولم يجد في باطنه وسرّه ما لا ينقاد إلى أمره تعالى ونهيه، أو يسخط من قضائه وقدره، قال الله سبحانه: ﴿فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا﴾[7].
ويتعقّب هذه المرتبة من الإسلام، المرتبة الثالثة من الإيمان، قال الله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾[8]، ﴿إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾[9]، إلى غير ذلك. وربّما عُدَّت المرتبتان الثانية والثالثة مرتبة واحدة. والأخلاق الفاضلة، من الرضاء، والتسليم، والحسبة، والصبر في الله، وتمام الزهد، والورع، والحبّ، والبغض، في الله، من لوازم هذه المرتبة.
4- المرتبة الرابعة من الإسلام، ممّا يلي المرتبة الثالثة من الإيمان، فإنّ حال الإنسان، وهو في المرتبة السابقة مع ربّه، حال العبد المملوك مع مولاه، إذا كان قائماً بوظيفة عبوديّته حقّ القيام، وهو التسليم الصرف لما يُريده المولى أو يُحبّه ويرتضيه، والأمر في ملك ربّ العالمين لخلقه أعظم من ذلك وأعظم، وإنّه حقيقة الملك الذي لا استقلال دونه لشيء من الأشياء، لا ذاتاً، ولا صفة، ولا فعلاً، على ما يليق بكبريائه جلّت كبرياؤه. فالإنسان - وهو في المرتبة السابقة من التسليم - ربّما أخذته العناية الربّانيّة، فأشهدت له أنّ الملك لله وحده، لا يملك شيء سواه لنفسه شيئاً، إلا به، لا ربّ سواه، وهذا معنى وهبيّ، وإفاضة إلهيّة، لا تأثير لإرادة الإنسان فيه، ولعلّ قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾[10]، فيه إشارة إلى هذه المرتبة من الإسلام، فإنّ قوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، ظاهره أنّه أمر تشريعي، لا تكويني، فإبراهيم عليه السلام كان مسلماً باختياره، إجابة لدعوة ربّه، وامتثالاً لأمره، وقد كان هذا من الأوامر المتوجّهة إليهعليه السلام في مبادئ حاله، فسؤاله في أواخر عمره مع ابنه إسماعيل عليه السلام الإسلام، وإراءة المناسك، سؤال لأمر ليس زمامه بيده، أو سؤال لثبات على أمر ليس بيده، فالإسلام المسؤول في الآية، هو هذه المرتبة من الإسلام.
ويتعقّب الإسلام بهذا المعنى، المرتبة الرابعة من الإيمان، وهي استيعاب هذا الحال لجميع الأحوال والأفعال، قال تعالى: ﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ﴾[11]، فإنّ هؤلاء المؤمنين المذكورين في الآية يجب أن يكونوا على يقين من أنْ لا استقلال لشيء دون الله، ولا تأثير لسبب إلا بإذن الله، حتّى لا يحزنوا من مكروه واقع، ولا يخافوا محذوراً محتملاً، وإلا فلا معنى لكونهم، بحيث لا يخوّفهم شيء، ولا يحزنهم أمر، فهذا النوع من الإيمان بعد الإسلام المذكور.
[1] انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج1، ص301-303.
[2] سورة الحجرات، الآية 14.
[3] سورة الزخرف، الآية 69.
[4] سورة البقرة، الآية 208.
[5] سورة الحجرات، الآية 15.
[6] سورة الصف، الآيتان 10-11.
[7] سورة النساء، الآية 65.
[8] سورة المؤمنون، الآيات 1-3.
[9] سورة البقرة، الآية 131.
[10] سورة البقرة، الآية 128.
[11] سورة يونس، الآيتان 62-63.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|