مبادئ الزراعة العضوية

Principles of Organic Agriculture

لقد قام الاتحاد الدولي لحركات الزراعة العضوية IFOAM بتجميع أهداف الزراعة العضوية في أربعة مجاميع رئيسية تمثل المبادئ الأساسية للزراعة العضوية، وهذه المبادئ هي الأسس التي تنمو وتتطور عليها الزراعة العضوية، وهي تعبر عن الرؤية المستقبلية التي تساهم فيها الزراعة العضوية في تحسين طرق الزراعة والعناية بالتربة الزراعية على المستوى العالمي. إن الزراعة هي إحدى أهم النشاطات الأساسية التي يقوم بها الإنسان وهو يحتاج للغذاء بشكل يومي، كما وأن جميع القيم التاريخية والثقافية والمجتمعية تكون متضمنة في هذا النظام.

إن المبادئ الأساسية للزراعة العضوية تدخل إلى الزراعة من أوسع أبوابها، متضمنة الأسلوب الذي يتعامل فيه المزارعين مع التربة والماء والنباتات والحيوانات من اجل الإنتاج وتجهيز وتسويق الغذاء والسلع الأخرى كما أنها تهتم بالطريقة التي يتفاعل فيها المزارعين مع البيئة الطبيعية الحية التي يرتبط كل منها بالآخر ليشكل تراثا للأجيال القادمة. إن المبادئ الأساسية للزراعة العضوية تساعد في تشجيع والهام حركات الزراعة العضوية بكامل تنوعها وهي أيضاً الدليل الذي تستمد منه هذه الحركات ممثلة في الاتحاد الدولي لحركات الزراعة العضوية IFOAM، تطورها في وضع البرامج والمعايير والقواعد للزراعة العضوية، بالإضافة إلى ما سبق فإن الاتحاد الدولي لحركات الزراعة العضوية لديه رؤية بسبب تبنيه لهذه المبادئ على مستوى العالم. ولقد قام (2007) Luttikhol بنشر وتوضيح تفصيلي لهذه المبادئ الأربعة الأساسية للزراعة العضوية التي قام بوضعها الاتحاد الدولي لحركات الزراعة العضوية (2000) IFOAM وهي كما يلي:

1. مبدأ الصحة The Principle of Health

الزراعة العضوية يجب أن تكون مستدامة وتعمل على تحسين خصوبة التربة والنبات والحيوان والإنسان والتعامل مع كوكب الأرض على انه وحده لا تتجزأ. ويشير هذا المبدأ بان صحة الأفراد والمجتمعات لا يمكن فصلها عن صحة الأنظمة البيئية فالتربة الصحية تنتج محاصيل صحية لتغذية الإنسان والحيوان.

فالصحة تعنى النظرة الشاملة والمتكاملة لأنظمة الحياة، ولا يمكن أن يتم اختفاء مرض من الأمراض بسهولة ولكن المحافظة على ما يحيط بالإنسان من ظروف طبيعية وذهنية واجتماعية وبيئية يؤدى إلى تنامي قدرته على مواجهة المرض، فالمناعة والمرونة والتجدد مفتاح الخصائص اللازمة للصحة. وهنا يبرز دور الزراعة العضوية سواء في عملية الزراعة أو التجهيز (التصنيع) أو التوزيع أو الاستهلاك للمنتجات العضوية، حيث تؤدي الزراعة العضوية إلى تحسين صحة الأنظمة البيئية والكائنات المختلفة من أصغرها الذي يعيش في التربة Microorganisms (الكائنات الحية الدقيقة) وحتى الجنس البشري. وبشكل خاص فإن الزراعة العضوية تعتني بإنتاج أطعمة ذات قيمة غذائية وجوده عالية تسهم في وقاية الإنسان والمحافظة على صحته، ومن هذا المنطلق فإننا يجب أن نبتعد عن استخدام الأسمدة والمبيدات والأدوية البيطرية والمواد المضافة للأطعمة التي قد يكون لها تأثيرات سلبية على الصحة لكل من الإنسان والحيوان والتربة.

2. مبدأ البيئة The Principle of Ecology

الزراعة العضوية يجب أن ترتكز على الأنظمة البيئية الحية والدورات الطبيعية بحيث تعمل معها وتساندها وتعمل على استدامتها. ويؤكد هذا المبدأ بأن الزراعة العضوية تنطوي تحت إطار الأنظمة البيئية الحية. كما ينص هذا المبدأ على أن الإنتاج العضوي يجب أن يكون مرتكزا على الأساليب البيئية وإعادة التدوير فمن خلال علم البيئة يمكن معرفة الأسلوب الأمثل لإنتاج الغذاء حسب بيئة الإنتاج فتتحقق التغذية والصحة من خلال الأساليب المتبعة في طرق وظروف الإنتاج.

فعلى سبيل المثال بالنسبة للمحاصيل الزراعية فالبيئة تعنى التربة الحية، أما بالنسبة للحيوانات فالبيئة هي النظام البيئي للمزرعة، وبالنسبة للأسماك والكائنات البحرية فالبيئة هي البيئة المائية.

إن الزراعة العضوية والمراعي وأنظمة الحصاد البرية يجب أن تتلاءم مع دورات العناصر والتوازن البيئي في الطبيعة. وهذه الدورات في مجملها كونية ولكنها عملياً لها خصوصية مكانية إن الإدارة العضوية يجب أن تتكيف مع الظروف والمقاييس المحلية، ومدخلات الإنتاج يجب أن تخفض عن طريق إعادة استخدامها وتدويرها والإدارة الفعالة للمواد والطاقة حتى يمكن تحسين نوعية البيئة والحفاظ على المصادر الطبيعية. إن الزراعة العضوية يجب أن تحقق التوازن البيئي من خلال تصميم أنظمة وقواعد الإنتاج العضوي بالمزارع، والحفاظ على الموطن الأصلي للكائنات الحية، والحفاظ على التنوع الجيني والزراعي. وأولئك الذين ينتجون ويصنعون ويسوقون ويستهلكون المنتجات العضوية يجب عليهم حماية البيئة العامة، وهذه تشمل المسطحات الخضراء والمناخ وأماكن معيشة الكائنات، والتنوع البيولوجي، والماء والهواء.

3. مبدأ العدالة The Principle of Fairness

الزراعة العضوية يجب أن تحافظ على العلاقات التي تؤكد على العدل فيما يتعلق بالبيئة العامة وفرص الحياة، فالعدالة تجسد من خلال المساواة والاحترام والإنصاف والتأكيد بأن الكون هو مشترك سواء بين البشر أو علاقاتهم بالكائنات الحية الأخرى. وهذا المبدأ يؤكد بأن أولئك العاملون في الزراعة العضوية يجب أن يعكسوا العلاقات الإنسانية في صورة تؤكد على الإنصاف على جميع المستويات ولجميع الأطراف سواء كانوا مزارعين أو عمال أو مصنعون أو موزعون أو تجار أو مستهلكون، فالزراعة العضوية يجب أن تمنح جميع من ينضم إليها الحياة الكريمة والإسهام في توفر الغذاء وخفض الفقر. إنها تهدف إلى إنتاج غذاء كافي ذو نوعية جيدة وكذلك أية منتجات أخرى.

كما يؤكد هذا المبدأ على أن الحيوانات هي الأخرى يجب أن تعيش في ظروف وإمكانيات تتلاءم مع طبيعتها الجسمانية، وسلوكها الطبيعي وحالتها الفسيولوجية. إن المصادر الطبيعية والبيئية التي تستخدم في عملية الإنتاج والاستهلاك يجب أن تدار بطريقة عادلة اجتماعياً وبيئيا بحيث نحافظ عليها للأجيال القادمة. إن مبدأ العدالة يحتاج إلى أنظمة في الإنتاج والتوزيع والتجارة تكون شفافة عادلة وكذلك متوافقة مع الاحتياجات البيئية والاجتماعية. ويمكن أن نوجز الشروط الأساسية الواجبة لتحقيق العدالة الاجتماعية فيما يلي:

• لا يجب السماح باستخدام الأطفال في العمالة، كما لا يسمح باستخدام العمالة عن طريق السخرة.

• غير مسموح بعمليات الإنتاج التي تنتهك فيها حقوق الإنسان والحالات الواضحة من الظلم الاجتماعي.

• يجب أن تسمح إدارة العمل للعاملين بالمشاركة النقابية والسياسية أو الشعبية.

• المساواة بين العمال حسب العطاء في العمل بغض النظر عن النوع أو الديانة ... إلخ.

4. مبدأ العناية والمسؤولية The Principle of Care

إن الزراعة العضوية يجب أن تدار بأسلوب وقائي ومسئول لحماية البيئة والصحة والبقاء للأجيال الحالية والقادمة. فالزراعة العضوية هي نظام حي وديناميكي يستجيب للمؤثرات والظروف الداخلية والخارجية. هذا ويمكن لممارسي الزراعة العضوية أن يحسنوا الكفاءة وان يزيدوا في الإنتاج، ولكن يجب ألا يكون هذا على حساب تعريض الصحة والحياة للخطر، لذلك يجب أن نقيم التقنيات الجديدة ونراجع الطرق المستخدمة بالفعل، وعليه فعندما يكون الفهم بالنظم البيئية الزراعية غير كامل فان الحذر يجب أن يؤخذ بالحسبان.

إن هذا المبدأ ينص على أن الحذر والمسؤولية هي مفاتيح الإدارة والتطور واختيار التقنيات المناسبة في الزراعة العضوية، ولذلك فمن الضروري الأخذ بالعلم للتأكد من أن الزراعة العضوية هي صحية وآمنة ولها حس بيئي. وعموماً فان المعرفة العلمية وحدها ليست كافية، فقد أثبتت الأيام أن الخبرة العملية والحكمة بالإضافة إلى الخبرات والمعارف التقليدية قد توفر حلولا مفيدة في كثير من الأحيان. ويمكن للزراعة العضوية أن تمنع أخطاراً كبيرة بتبنيها للتقنيات الملائمة ورفضها للتقنيات غير المقبولة مثل استخدام الكائنات المعدلة وراثياً Genetically Modified Organisms (GMOs) باستخدام طرق الهندسة الوراثية. وما يتم أخذه من قرارات يجب أن يعكس القيم والاحتياجات لجميع من قد يتأثروا بها وذلك من خلال الشفافية والقنوات المشتركة.