اللوحة التذكارية للاحتفال بعيد أربعمائة السنة التي مرت على تتويج «تبتي» (الإله ست) ملكا على دولة الهكسوس. |
1046
01:18 صباحاً
التاريخ: 2024-03-10
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-11
220
التاريخ: 2024-09-05
332
التاريخ: 2024-05-16
649
التاريخ: 25-9-2016
1480
|
الآن وقد أثبتنا أن الإله «ست» كان إلهًا أصليًّا يُعبَد في «أواريس» منذ القِدَم، نعود إلى التكلُّم عن لوحة أربعمائة السنة وقيمتها التاريخية بالنسبة لعهد «الهكسوس «. لقد ظنَّ بعض المؤرخين أن «تبتي» الذي جاء في لوحة «أربعمائة السنة» ملك حكم البلاد المصرية، وظلَّ الرأي كذلك إلى أن كتب الأستاذ «زيته» مقالًا رائعًا في هذا الصدد (راجع: A. Z. LXV. p. 85) أدلى فيه بالحجج المقنعة بأن نقش لوحة «أربعمائة السنة» خاص بالإله «ست»، لا بملك من ملوك عصر الهكسوس الذين حكموا مصر، وهاك نصُّ ما جاء في هذه اللوحة مع اختصار الألقاب الرسمية: يعيش الملك «رعمسيس» الثاني الأمير الذي زين الأرضين بآثار تحمل اسمه، والذي يشرق بحب إله الشمس له في السماء. لقد أمر جلالته بإقامة لوحة من الجرانيت الأحمر باسم آبائه العظام لتعيد ذكر اسم آباء والده ثانيةً، واسم الملك «سيتي الأول» باقيًا وخالدًا إلى الأبد مثل اسم «رع» كل يوم. هذا هو الجزء الأول من هذا الأثر، أما الجزء الثاني ويحتوي على ستة أسطر مثل الجزء السابق، فإنه يحدِّثنا عن حادث من الأهمية بمكانٍ حدَثَ في الماضي، وتدل الرسوم التي في أعلى اللوحة على ما كان عليه الملك «رعمسيس الثاني» من التقوى نحو أجداده، وما قام لهم به من عظيم الخدمات، وهذا القرار الذي اتخذه قد أُرِّخَ ووُضِع في صورة مرسوم كما يأتي: السنة الأربعمائة، الشهر الرابع من فصل الصيف، اليوم الرابع من حكم ملك الوجهين القبلي والبحري «ست» عظيم القوة ابن الشمس المحبوب «تبتي» المحبوب من «رع حوراختي» الذي سيبقى مخلدًا. لقد حضر الأمير الوراثي والمشرف على العاصمة والوزير وحامل المروحة على يمين الفرعون، ورئيس الرماة، والمشرف على البلاد الأجنبية، والمشرف على حصن «ثارو»، ورئيس المازوي (جنود الشرطة في الصحراء) والكاتب الملكي، والمشرف على الخيالة، ومدير عيد كبش «منديس» (تل الربع الخالي)، والكاهن الأول للإله «ست»، والمرتل للإلهة «بوتو» فاتحة الأرضين، والمشرف على كل كهنة الإلهة «سيتي المرحوم» ابن الأمير الوراثي وعمدة العاصمة، والوزير رئيس الرماة، والمشرف على البلاد الأجنبية، والمشرف على حصن ثارو (تل أبو صيغة الحالي)، والكاتب الملكي، والمشرف على الخيالة «برعمسيس» المرحوم الذي وضعته ربة البيت المغنية «تيا» المرحومة؛ ويقول: الحمد لك يا «ست» يابن «نوت»، يا صاحب القوة العظيمة في سفينة الملايين (أي سفينة الشمس)، والذي طرح الثعبان المعادي (لرع) أرضًا، والذي على رأس سفينة رع، ومن صوته عظيم في الحرب، ليتك تمنحني حياةً جميلةً لأجل أن أخدمك، ولأجل أن أبقى في (حظوتك). وقد ظنَّ الأستاذ «زيته»، لأسبابٍ ذكرها عن هذا العيد الربعمائي أنه قد احتفل به في مدينة «تانيس» لمرور أربعمائة سنة على تأسيسها، فيقول: ومن البدهي أننا نعالج هنا موضوع عيد أربعمائة السنة، الذي يدل على وجود مدينة «تانيس»، ووجود هذه المدينة يُفهَم منه في المتن السيادة الملكية للإله المحلي «ست»، ولكن ينبغي على العكس أن تكون علاقة هذا العيد بتأسيس هذه البلدة علاقة غير مباشرة، وبخاصة عندما نعرف أنه لم يأتِ ذكرٌ في النقوش عن هذه المدينة بوجه خاص. والواقع أنه لا يحتمل أن يحتفل القوم ثانيةً بذلك اليوم الذي أقام فيه الغزاة مدينةً لتكون بمثابة حصن منيع في وجه المصريين، بل الحقيقة الواقعة أن هذا العيد قد احتُفِل به تذكارًا لاعتلاء الإله «ست» مرتبة السيادة على البلاد، وجعله إله الدولة الرسمي للهكسوس، وهذا هو نفس الرأي الذي قصته علينا «ورقة سالييه» الأولى؛ إذ جاء فيها أن الهكسوس قد نصبوا الإله «ستخ» سيدًا على البلاد، وينبغي علينا أن نضع الشرح التالي نتيجةً لما سبق تفصيله: كان الإله «ست» منذ العهود القديمة قد اتخذ لنفسه موطنًا مختارًا في الشمال الشرقي من الدلتا، وفي الإقليم الذي تقع فيه بلدة «تانيس»، عندما اقتحم الهكسوس البلاد، وأقاموا فيها عاصمةً لملكهم كان أول ما فعلوه أن اتخذوا الإله المحلي حاميًا لدولتهم، وفي هذه الفترة اعتلى الإله «ست» عرش الملك الإلهي، وقد كان حتى الآن، أو على الأقل في العصور التاريخية، يُعتبَر أحد الآلهة الذين يُعَدُّون في درجةٍ أقل من درجة إله الدولة الأعظم، على أنه بطرد الهكسوس من البلاد زالت عنه تلك السيادة الإلهية على البلاد. وعلى الرغم من ازدهار سلطان «ست» وسيادته مدة ارتباطه بالغزاة «الهكسوس»، فإنه قد ضرب من جديد ضربةً قاسيةً في الصميم، كانت لا تقلُّ عن الضربة التي صُوِّبت إليه عند انهزامه وقهره على يد الملوك الحوريين في عصر ما قبل التاريخ، ومع ذلك فقد بقيت عبادته في الشمال الشرقي من الدلتا موطنه الثاني قائمةً لم تُصَبْ بسوء، حيث نجد من جديد أن معبده قد بقي قائمًا على الرغم من تغيير الأحوال في مصر بقيام دولة وسقوط أخرى، ولا بد أن عبادته في «تانيس» كانت تذكر بفخار وكبرياء دائمًا ذلك العصر الزاهر الذي مدَّ فيه هذا الإلهُ سلطانَه على البلاد كلها؛ ولذلك عندما انقضت أربعمائة سنة على اعتلائه عرش دولة الهكسوس، احتفَلَ القوم بهذا الحادث الضخم بمهرجان عظيم، وقد تولَّى الموظف «سيتي» — الذي أضحى فيما بعدُ ملكًا على البلاد باسم «سيتي الأول» — إدارةَ شئون الاحتفال بهذا العيد؛ وقد كان «سيتي» هذا موظفًا في شرق الدلتا إذ كان يحمل لقب المشرف على حصون «ثارو»، والمشرف على البلاد الأجنبية، ومدير عيد كبش «منديس»، ويُحتمَل أن وطنه الأصلي الإقليم الذي أُقِيم فيه الاحتفال، هذا إلى أنه كان يحمل كذلك لقب الكاهن الأول للإله «ست»؛ ولا بد أن هذه الوظيفة الدينية كانت خاصةً بخدمة الإله «ست» في الدلتا، وعلى ذلك يكون «سيتي» هذا قد قام بوظيفة الكاهن الأول للإله «ست» في الاحتفال بالعيد في «تانيس«. وقد فهم الأستاذ «زيته» من الجملة التي جاءت على هذا الأثر، وهي: «يريد إحياء اسم آباء والده ثانية» أنه يقصد من هذه العبارة ردَّ اعتبارٍ للإله «ست» الذي كان اسمه قد لُوِّثَ بالعار في مصر منذ الأزمان العتيقة، ولكن ينبغي ألَّا تُؤخَذ هذه الجملة على هذا المعنى المشين، بل يجب أن تؤخذ على المعنى الجديد الذي اكتسبه عندما كان اسمه يلمع ويضيء منذ أربعمائة سنة مضت، أيْ عندما رفعه الهكسوس إلى مرتبة ملك الدولة. وسقوط الإله «ست» كان انتصارًا للإله «آمون»، في حين أن «آمون» نفسه كان قد هزمه عدوه «آتون» رب أخناتون، ولكن أفول نجم «آتون» إلى الأبد لم يقضِ على كل عداء كان مُوجَّهًا لقوة إله «طيبة» وهو «آمون»؛ إذ يُلاحَظ أن ملوك الأسرة التاسعة عشرة الذين يظنُّ الأستاذ «زيته» أن وطنهم الأصلي الإقليم الشمالي الشرقي من الوجه البحري، لم يمزجوا أسماء أعلامهم باسم الإله «آمون» كما كان يفعل كثير من ملوك الأسرة الثامنة عشرة مثل «أمنحتب» الأول والثاني … إلخ، بل مزجوا أسماءهم باسم الإله «رع» أو «بتاح» أو «ست». ويرجع السبب في ذلك إلى ما كان يلوح في الأفق من الخطر الذي يهدِّد ملكهم بازدياد قوة «آمون» واتساع نفوذه، ومن هنا نفهم السرَّ في نقل «رعمسيس» الثاني (الذي أقام هذه اللوحة) عاصمةَ ملكه إلى «تانيس»، فإنه لم يفعل ذلك لقربها من ممتلكاته في آسيا، أو لأنه كان يرغب في جعل بلاطه في البقعة التي وُلِد فيها آباؤه وحسب، بل ليقصي كذلك بلاطه عن كهنة «آمون»، ويُبعِد المسافة بينهم وبين عاصمته، وقد كان تنفيذه لهذه الفكرة ضربة قاسية لمدينة «طيبة»؛ ويمكننا أن نفهم الآن أكثر من ذي قبلُ سببَ محو اسم الإله «ست» في معابده القديمة، التي كانت قائمة في الدلتا بعد انتصار «آمون»، وعودة عاصمة الملك إلى «طيبة» في عهد الأسرة التاسعة عشرة.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|