أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-2-2016
1701
التاريخ: 10-3-2019
947
التاريخ: 25-1-2019
824
التاريخ: 30-3-2019
1019
|
في الولايات المتحدة عاش شاب دنماركي حديث الهجرة إلى البلاد، اسمه جوستافوس هنريخز، وكان منشغِلًا باستحداث منظومته الخاصة لتصنيف العناصر، التي نشرها في شكل شعاعي يلفت الأنظار. ولكن ما كتبه هنريخز كان يميل لأن ينطمس تحت طبقات من التلميحات الغامضة للخرافات والأساطير الإغريقية القديمة وغيرها من أوجه التطرُّف الشاذة، فضلًا عن حقيقة أنه كان يتعمَّد أن ينأى بنفسه عن زملائه وعن الاتجاهات الكيميائية السائدة في تلك الآونة.
وُلِد هنريخز في عام 1836 في هولشتاين التي كانت حينئذٍ جزءًا من الدنمارك، ثم صارت بعدئذٍ إقليمًا ألمانيًّا. ونشر أول كتاب له وهو في سن العشرين حين كان طالبًا في جامعة كوبنهاجن. ثم هاجر إلى الولايات المتحدة في عام 1861 هربًا من الاضطهاد السياسي، وبعد عام من التدريس في مدرسةٍ ثانوية عُيِّن رئيسًا لقسم اللغات الحديثة بجامعة أيوا. وبعد عام آخَر فقط صار أستاذًا للفلسفة الطبيعية والكيمياء واللغات الحديثة. كما نال شرف تأسيس أول محطة للأرصاد الجوية في الولايات المتحدة الأمريكية، وعمل مديرًا لها على مدى 14 عامًا، وقد نُشِرت إحدى الكتابات التفصيلية القليلة عن حياة هنريخز وعمله، نشرها كارل زابفه، وقال فيها:
ليس ضروريًّا أن تقرأ بعمق أو تتوغَّل في مطبوعات هنريخز العديدة لتتعرَّف على علامات حماسةٍ أنانيةِ الطابع طمستِ الكثيرَ من إسهاماته، بفعل غرابة الأطوار التي تجلب عدم الثقة. ولكن في وقت متأخِّر فقط، صار من الممكن فصْلُ تلك الإلهامات التي كانت واقعية — والتي سيطرت على تفكيره — عن الخلفية التي اكتسبها خلال مسيرة تعليمه. وأيًّا كان المصدر، عادةً ما كان هنريخز يُلبس ذلك بلباس من التفاخر بلغات متعددة، بل وصل الأمر به إلى تقمُّص فكرة أنه كان يعتبر الفلسفةَ الإغريقية فلسفتَه الشخصية.
ولقد امتدت اهتمامات هنريخز الواسعة إلى مجال علم الفلك؛ ففعل هنريخز مثل الكثيرين من الباحثين الذين سبقوه، وصولًا إلى أفلاطون؛ إذ لاحظ بعضًا من الانتظامات العددية فيما يتعلق بأحجام المدارات الكوكبية. وفي مقالةٍ نشرها عام 1864 عرض هنريخز الجدولَ المبيَّن في جدول 4-3، الذي تولَّى شرحه وتفسيره.
عبَّر هنريخز عن الفروق في هذه المسافات بالصيغة ؛ حيث n هو الفارق في بُعْدَيْ كوكبَيْ عُطارد والزهرة (مثلًا) عن الشمس، (أو ما يساوي 20 وحدة)، وعلى حسب قيمة X، تعطي الصيغة من ثَمَّ المسافاتِ التاليةَ:
… إلخ.
وقبل ذلك بسنوات قليلة، وتحديدًا في عام 1859، كان الألمانيان جوستاف كيرشوف وروبرت بنسن قد اكتشفا أن كل عنصر يمكن جعله يبعث ضوءًا يمكن من ثَمَّ تفريقه باستخدام منشور زجاجي وتحليله كميًّا. واكتشفَا أيضًا أن كل عنصر على حدة يعطي طيفًا مميزًا يتكوَّن من مجموعة من الخطوط الطيفية الخاصة بدآ في قياسها، ونشرَا القياسات التي توصَّلَا إليها في جداول تفصيلية. وقد أشار بعض الباحثين إلى أن هذه الخطوط الطيفية قد تقدِّم معلوماتٍ عن العناصر المختلفة التي أنتجتها، ولكن هذه الافتراضات واجهتِ انتقاداتٍ عنيفةً من أحد مكتشفيها؛ وهو بنسن. في الواقع، ظل بنسن معارِضًا لفكرة دراسة الأطياف بهدف دراسة الذرات أو تصنيفها بطريقة أو بأخرى.
ومع ذلك، لم يتردد هنريخز في ربط الأطياف بذرات العناصر، وصار بصفة خاصة مهتمًّا بحقيقة أنه في حالة أي عنصر معين، تكون تردُّداتُ خطوطه الطيفية على ما يبدو عبارةً عن مضاعفات بأعداد صحيحة لأصغر فارق؛ فعلى سبيل المثال: في حالة الكالسيوم، لُوحِظ وجود نسبة مقدارها 1 : 2 : 4 بين تردداته الطيفية. وكان تفسير هنريخز لهذه الحقيقة جريئًا ومتسقًا؛ إذ قال إنه إذا كانت أحجام المدارات الكوكبية تنتج سلسلة منتظمة من الأعداد الصحيحة، كما ذكر آنفًا، وإذا كانت النِّسَبُ بين فروق الخطوط الطيفية تنتج أيضًا نِسَبًا من أعداد صحيحة، فإن سبب ذلك الأخير قد يكمن في النِّسَب الحجمية بين الأبعاد الذرية للعناصر المختلفة.
تتكوَّن «الخطوط» الأحد عشر التي تشع من مركز منظومة هنريخز الشبيهة بالعجلة من ثلاث مجموعات تغْلُب فيها اللافلزات، وثماني مجموعات تحتوي على الفلزات (شكل 4-3). من منظور حديث، تبدو مجموعات اللافلزات مرتَّبةً على نحو غير صحيح، من حيث إن تتابُعها يكون بمجموعات 16 ثم 15 ثم 17 حين نتقدَّم من اليسار إلى اليمين على قمة المخطط اللولبي. وقد رتَّبَ هنريخز المجموعة المحتوية على الكربون والسيليكون مع المجموعات الفلزية، ويُحتمَل أن هذا بسبب أنها تتضمَّن أيضًا فلزات النيكل والبالاديوم والبلاتين. وفي الجدول الحديث، جُمِعت هذه الفلزات الثلاثة معًا بالفعل، ولكن ليس في نفس المجموعة مع الكربون والسيليكون، اللذين ينسجمان مع الجرمانيوم والقصدير والرصاص في المجموعة 14.
ولكن بصفة عامة، تُعتبَر منظومة هنريخز الدورية ناجحةً نوعًا ما في تجميع الكثير من العناصر المهمة وتصنيفها معًا. ومن مزاياها الرئيسية وضوحُ تصنيفاتها، بالمقارنة مثلًا مع منظومتَيْ نيولاندز الأكثر تفصيلًا والأقل نجاحًا في عامَيْ 1864 و1865. كان هنريخز يمتلك معرفة عميقة بالكيمياء، فضلًا عن براعة في علم المعادن، ولعله كان أكثر مكتشفِي المنظومة الدورية جمعًا بين تخصُّصات مختلفة. وإن حقيقة أنَّ هنريخز توصَّل إلى منظومته من اتجاه يختلف عن الآخرين، قد يمكن الأخذ به لمنح المنظومة الدورية ذاتها دعمًا مستقلًّا.
وفي مقالة نُشِرت في مجلة «ذا فارماسيستس» في عام 1869، ناقش هنريخز بعض المحاولات غير الناجحة السابقة لتصنيف العناصر، ولكن بفعله هذا أغفل ذِكْر جميع أترابه من المكتشفين المشاركين مثل دو شانكورتوا ونيولاندز وأودلنج ولوثار ماير ومندليف. ويبدو أن هنريخز قد تجاهَلَ كل المحاولات الأخرى لتصنيف العناصر تصنيفًا مباشِرًا على أساس أوزانها الذرية، وإن كان بوسع المرء أن يفترض أنه ربما كان مدرِكًا لتلك المحاولات، إذا أخذ بعين الاعتبار حقيقة أنه كان مُلِمًّا ببعض اللغات الأجنبية.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|