أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-11-2018
1052
التاريخ: 15-1-2018
986
التاريخ: 2024-02-25
687
التاريخ: 7-12-2018
1098
|
أُولى هاتين النظريتين كان لها تأثيرٌ محدود على فهمنا للمنظومة الدورية، ولكنها صارت أكثر أهميةً على نحو متزايد في الحسابات الدقيقة التي تجري على الذرات والجزيئات، وتنشأ الحاجةُ إلى أن نضع النسبية في اعتبارنا كلما تحرَّكت أشياء، أو جسيماتٌ ما، بسرعات تقارِب سرعةَ الضوء، فالإلكتروناتُ الداخلية للذرات، لا سيما التي توجد في الذرات الأكثر ثقلًا في المنظومة الدورية، يمكن بسهولة أن تصل إلى تلك السرعات؛ سرعات النظرية النسبية. وقد يكون من المستحيل إجراءُ حسابٍ دقيق، لا سيما إذا كانت الذرة ثقيلةً، دون إدخال التصحيحات اللازمة التي تراعي النظرية النسبية، وفضلًا عن هذا فإن الكثير من الخواص المادية للعناصر، مثل اللون المميز للذهب أو سيولة فلز الزئبق، يُفضَّل تفسيرها علميًّا باعتبارها من الآثار المتعلِّقة بالنظرية النسبية، نتيجةً للحركة الدورانية السريعة لإلكترونات الغلاف الذري الداخلي.
إلا أن النظرية الثانية للفيزياء الحديثة هي التي لعبت، إلى حد بعيد، الدورَ الأكثر أهميةً ضمن محاولات فهم المنظومة الدورية نظريًّا. وُلِدت نظرية الكم في الواقع في عام 1900، وبدأ تطبيقها على الذرات على يد العالم الفيزيائي الدنماركي نيلز بور، الذي تتَبَّعَ الفكرةَ القائلة بأن التشابهات بين العناصر يمكن تفسيرها بأن لديها أعدادًا متساويةً من إلكترونات الغلاف الذري الخارجي، وإن تلك الفكرة بعينها عن وجود عدد معين من الإلكترونات في غلاف إلكتروني ذري تُعَدُّ في الأساس مفهومًا شبيهًا بنظرية الكم؛ إذ يُفترَض أن الإلكترونات لديها وحدات كمية (أو «عبوات») من الطاقة، وتبعًا لأعداد تلك «العبوات» من الكم التي لدى تلك الإلكترونات، فإنها تقع في غلافٍ ذريٍّ ما، أو غيره، وهي تدور حول نواة الذرة (انظر الفصل السابع).
وإثر إدخال بور نظريةَ الكم في دراسة الذرة، لم يلبث الكثيرون غيره من العلماء أن طوَّروا نظريتَه حتى تمخَّضت عن نظرية الكم القديمة نظريةٌ جديدةٌ سُمِّيَت «ميكانيكا الكم» (انظر الفصل الثامن)، وبمقتضى الوصف التفسيري الجديد تُعتبَر الإلكترونات — بدرجة كبيرة — من الموجات كما تُعتبَر من الجسيمات، والأغرب من هذا — في هذه النظرية — هي الفكرة الجديدة القائلة بأن الإلكترونات لم تَعُدْ تتبع مسارات دائرية محدودة حول النواة تُسمَّى مدارات، ولكن الوصف الجديد يغيِّر هذا المفهوم ليتحدَّث عن سُحْب إلكترونية تحيط بالنواة، وتشغل ما يُعرَف بالمدارات. وأحدث ما قُدِّم لتفسير المنظومة الدورية يتعلَّق بعدد الإلكترونات التي تشغل كلًّا من تلك المدارات، ويعتمد هذا التفسير الجديد على ترتيب الإلكترونات، أو ما يُسمَّى «التوزيع الإلكتروني» للذرة، الذي يتضح بحسب ما يتم احتلاله بالإلكترونات من مدارات تلك الذرة.
وهنا يبرز تساؤلٌ يثير الاهتمام حول ماهية العلاقة بين الكيمياء والفيزياء الذرية الحديثة، وتحديدًا ميكانيكا الكم. وجهةُ النظر القوية السائدة في أغلب الكتب الأكاديمية هي أن الكيمياء ليست سوى فيزياء «متعمقة»، وأن كل الظواهر الكيميائية، ولا سيما المنظومة الدورية، يمكن تطويرها بناءً على ميكانيكا الكم، ولكن توجد بعض المشكلات في وجهة النظر هذه سنضعها في الاعتبار؛ فعلى سبيل المثال: يَفترِض البعض أن التفسير الميكانيكي الكمي للمنظومة الدورية لا يزال بعيدًا عن الكمال، وهذا مهم لأن كتب الكيمياء، لا سيما الكتب المعنِيَّة بالتدريس، تميل لأن تعطي انطباعًا بأن تفسيرنا الحالي للمنظومة الدورية كاملٌ في الأساس، والواقع يقول غير هذا كما سنوضِّح فيما بعدُ.
يُعتبَر الجدول الدوري واحدًا من أكثر الأفكار قيمةً وتوحيدًا للآراء في العلم الحديث بكامله، وهو في هذا ربما يشبه نظرية داروين عن النشوء والارتقاء بالانتقاء الطبيعي. فبعد مسيرة من التطوُّر والارتقاء على مدى 150 عامًا تقريبًا من خلال جهود أشخاص عديدين، يبقى الجدول الدوري في قلب دراسة الكيمياء، وهذا يرجع في معظمه إلى أنه يتميَّز بفائدة عملية هائلة في إصدار توقُّعات بشأن كل ضروب الخواص الكيميائية والفيزيائية للعناصر واحتمالات تكوين الروابط؛ فبدلًا من أن يضطر الكيميائي الحديث أو طالب الكيمياء إلى تعلُّم خواص 100 أو أكثر من العناصر، يمكنه إصدار توقُّعات فعَّالة من خلال معرفة خواص عناصر نموذجية في كلٍّ من المجموعات الثماني الرئيسية، ومجموعات العناصر الانتقالية والعناصر الأرضية النادرة.
الآن وقد تم إرساء بعض الأسس الموضوعية وتعريف بعض المصطلحات الأساسية، سوف نبدأ في سَرْد قصة تَطَوُّر المنظومة الدورية الحديثة، بدءًا من مولدها في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|