أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-9-2016
1809
التاريخ: 22-9-2016
1127
التاريخ: 25/12/2022
2203
التاريخ: 2024-01-25
1096
|
البخل هو الامساك حيث ينبغي البذل وعكسه الإسراف، وقد نهى الله ورسوله عنها، فقال (عزّ وجل): {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} [الإسراء: 29] وقال (سبحانه وتعالى): {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67].
والأوّل من نتائج حبّ المال، ومن رذائل القوّة الشهويّة من طرف الافراط، ويترتّب عليه مفاسد دينية ودنيوية يشهد بها الوجدان، ويؤدّي إلى الحرمان عن صنوف السعادات من وجوه الخيرات والقربات وقسوة القلب وزوال المروءات بحيث يسري إلى الغير ممّن ينظر إليه ويتسلّط الناس بسبه على عرضه وماله وغير ذلك من الآفات، وكفاه ذمّاً استعاذة الأئمّة عليهم السلام عنه في الدعوات.
وقال النبي صلى الله عليه وآله: «الشحّ والإيمان لا يجتمعان في قلب واحد» (1).
«وما من صباح الا وكّل الله تعالى به ملكين يناديان: اللّهمّ اجعل لكلّ منفق خلفاً ولكلّ ممسك تلفاً» (2).
وقال صلى الله عليه وآله: «حلف الله بعزّته وجلاله لا يدخلنّ الجنّة شحيح ولا بخيل» (3) إلى غير ذلك من الآيات والأخبار.
وعلاجه يتمّ بالعلم بمفاسده وآفاته، وما ورد في ذمّه، والعمل من البذل والانفاق [تكلّفاً إلى أن يعتاد عليه، وإذا هاجت رغبته إلى الانفاق] (4) فلا يتوقّف ولا يعطي الشيطان فرصة بتوعيده الفقر وتخويفه بأنواع الوساوس فيمنعه عنه.
ومن معالجاته تحبيب الجاه والشهوة والعزّة بجلب القلوب إلى نفسه بالجواد والسخاء، فيبذل ولو بقصد الرياء حتّى يعتاد نفسه على السخاوة، ثم يعالج رياءه بما ذكر في علاج تلك الرذيلة، وهذا من قبيل المعالجة السمّيّة، فإنّ ذمائم الأخلاق ممّا ينبغي أن يسلّط بعضها على بعض حتّى يندفع الجميع فتكسر سورة الشهوة بالغضب وبالعكس، وهذا عادة جارية من الله سبحانه وتعالى في دفع المؤذيات كتسليطه الظالمين بعضهم على بعض. ومثاله كما قيل أنّ الميّت يستحيل دوداً ثم تأكل الديدان بعضها على بعضاً إلى أن تنحصر في اثنين قوييّن فيتغالبان إلى أن يقتل أحدهما الآخر. فيأكله ويسمن به، ثم يبقى جائعاً فيموت. فكذا المتّصف بذمائم الصفات يدفع بعضها ببعض إلى أن ينحصر في واحدة، فيسهل إزالتها بعد ذلك.
وأنفع علاج في إزالة البخل إزالة سببه، أعني حبّ المال بإزالة أسبابه التي أشرنا إليها.
وأمّا الثاني وهو ملكة التبذير الذي نهى الله تعالى عنه ووصف صاحبه بأنه من إخوان الشياطين {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء: 27] فدواعيه مختلفة، وتدخل في الجنس الذي يختصّ داعيها به ومنشؤه غالباً قلّة المعرفة بمنافع المال وصعوبة مسلكة، والغالب حصول هذه الملكة لمن يحصل له مال بغتة بالإرث والهبة ونحوهما من دون كدّ في تحصيله، وعلاجه التأمّل في فوائده الدينية والدنيوية ممّا ذكرناه.
ثم في متاعب المدخل الحلال وكون تحصيل الموال في المكسب الطيّب في غاية الصعوبة والاشكال ونهاية سهولة مخرج المال، ولذا شبّه الأوّل بحمل الصخرة العظيمة إلى قلل الجبال والثاني بإطلاقها من الأعلى إلى الأسفل في سهولة الانتقال، ولاسيّما بالنسبة إلى الأحرار من الرجال، ولذا تراهم ناقصي الحظوظ من زخارف الدنيا وأموالها لعلوّ همّتهم عن تحصيلها من الوجوه الغير المحمودة كالطمع ممّا في أيدي الخلق بالذلّة والملق وارتكاب أصناف المحرّمات من المكر والخديعة والكذب والسعاية والغمز وغيرها ممّا يتوسّل بها في أمثال زماننا لتحصيلها أو ما يكون مشعراً بالدناءة وخسّة الهمّة من صنوف المكاسب الخسيسة وغيرها فإذا عرف هذه المراتب واطّلع عليها بالغ في حفظها.
ثم الاعتبار بكثير من السفهاء الذين أتلفوا أموالهم التي حصلت لهم بغتة بموت من تركها لهم بصرفها في الشهوات وقبائح الأفعال ومصاحبة الأداني وأهل التلهّي والأرذال الذين كانوا يدّعون الصداقة والمودّة معه في حال وجود المال، ولمّا أيقنوا بخلاصه (5) وصرف الأموال بالكلّية في مصاحبتهم وأنه لم يبق شيء بالمرّة تجنّبوا عنهم وأنكروا معرفتهم وصاروا كأنّهم لم يروهم ولم يعرفوهم أبداً، فباتوا في أسوء عيش وأذلّة مع شماتة الأعداء والأقران وتواتر الهموم والأحزان وآلت بهم إلى ضياع الأهل والعيال، وتلف النفس على أسوء حال، ومحو آثار سلسلتهم عن صفحة الزمان الغدّار، فجمعوا بين خسران هذه الدار والحرمان عن سعادة دار القرار.
وبعد ذلك يبادر بالعلاج العملي بتقديم الفكر والتروّي في وجوه الانفاق وإمساك اليد عمّا لا يليق بالإطلاق حتّى يتّصف بصفة الأحرار ويتحلّى بحلية الاقتصاد الممدوح في الأخبار والمحمود بحسب الاعتبار، ويتحصّل فضيلة الجود والسخاء التي هي من شيم الأنبياء والأوصياء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جامع السعادات: 2 / 111، ونحوه في الوسائل: كتاب الزكاة، ب5 من أبواب ما تحب فيه، ح 15.
(2) جامع السعادات: 2 / 112، وفيه: «روي» ونسبه في المحجة (6 / 76) إلى كعب، وراجع أيضاً الكافي: 4 / 42، كتاب الزكاة، باب الانفاق، ح 1.
(3) المحجة البيضاء: 6 / 74.
(4) ساقط من «ب».
(5) مراده من الخلاص نفاد المال واستهلاكه، وكأنّه مصطلح فارسي.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
قسم التربية والتعليم يكرّم الطلبة الأوائل في المراحل المنتهية
|
|
|