أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-1-2018
789
التاريخ: 25-1-2018
850
التاريخ: 25-1-2018
895
التاريخ: 12-2-2019
1652
|
المستنصر بالله: هو أبو جعفر المنصور بن الظاهر بأمر الله الخليفة السابق، كان مولده يوم الأربعاء 13 صفر من سنة 588 (11 آذار سنة 1192م)، أمه أم ولد تركية اسمها «أخشق»، وقيل «زهرة»، لم تدرك خلافته. بُويع له بالخلافة يوم تُوفي والده، وكان يُعظِّم أهل الدين وينفق على أربابه، ويحب أهل الأدب، وتنبَّهَت الهمم في أيامه، وازداد المشتغلون بالعلوم رغبةً واشتغالًا، ووسعهم بعطاياه العميمة، وكان منعكفًا على نقل الكتب، حسن الخط، صحيح الضبط، ومن محبته للعلوم أنشأ خزانة الكتب بحضرته، وجمع فيها من أنواع العلوم على اختلافها وتبايُنها وائتلافها بالأصول المضبوطة والخطوط المنسوبة ما جاوز حد الكثرة. ثم أنشأ المدرسة التي سُميت باسمه، ودونك وصفها على ما ذكرها إخباريُّو زمانه:
وصف المدرسة المستنصرية الموجود بعض أبنيتها إلى يومنا هذا، وكانت في عهد التُّرك كمركًا (ممكسًا)
أنشأ المستنصر هذه المدرسة على شاطئ دجلة الأيسر أو الشرقي، وجعلها وقفًا على المذاهب الأربعة، فجاءت مُحكمة البناء، راسخة في الماء، فسيحة الفناء، رتَّب فيها الرواتب الحسنة لأهل العلم، وكان يُدرَّس فيها من العلوم: علم الأصول والفروع، وأحاديث الرسول، والقواعد العربية، وعلم القوافي، ومعرفة الحلال والحرام، وقسمة الفرائض والتركات، وعلم الحساب والمساحة، وعلم الطب، ومنافع الحيوان وحفظ قوام الصحة، وتقويم البلدان. وفُرِشَت غرفها بأفخر فراش، وكُسيت بأحسن الملابس. ورتَّب لها البوابين والفراشين والخدم والطباخين، وأسكن لكل مذهب 62 من الفقهاء، وجعل لهم مدرسين وأربعة معيدين، وأُجريت لهم المشاهرات الوافرة، وما يحتاجون إليه من الخبز واللحم والحلوى والفواكه والزيت والصابون والورق والحبر وغير ذلك، واتخذ فيها مارستانًا، وجعل فيه طبيبًا ماهرًا، وأثبت عنده عشرة من الطلبة يشتغلون عليه في علم الطب، وجعل لهم الأكحال السائلة، وبُنيت لهم صفة فاخرة مقابلة للمدرسة يجلس فيها فيقصده المرضى فيداويهم. ورتَّب في المدرسة مطبخًا للفقهاء، ومزملة للماء البارد، ورتَّب لبيوت الفقراء الحُصُر والبُسُط وما يحتاجون إليه، ورتَّب للطلبة ومَن إليهم حمَّامًا، وهو أمر لم يُسبق إلى مثله، وبنى في حائط الصفة دائرة عجيبة، وصورتها صورة الفلك، وجعل فيها طاقات صغارًا لها أبواب، كلما سقطت بندقة انفتح باب من أبواب الطاقات وهو مُذَهَّب، فصار مفضضًا، ومضت ساعة من الزمان والبندقتات من شَبَه (برنز) يقعان من فمي بازين من ذهب في طاستين من ذهب ويذهبان إلى مواضعهما، وتطلع شموس من ذهب في سماء زرقاء في ذلك الفلك، ومع طلوع الشمس تدور مع دورانها وتغيب مع غيابها، فإذا غابت الشمس وجاء الليل فهناك أقمار طالعة من ضوءٍ خلفها كلما مضت ساعة تكامل الضوء في دائرة القمر، ثم تبدو بالدائرة الأخرى إلى انقضاء الليل وطلوع الشمس. ثم جعل في هذه المدرسة خزانة كتب نقل إليها شيئًا كثيرًا من الربعات والكتب النفيسة والأصول المضبوطة المحتوية على جميع العلوم مائتين وتسعين حملًا سوى ما نُقل إليها بعد ذلك، وشرط أن يشتغل في هذه الخزانة عشرة ممن يُعنون بعلم الحديث، ويكون لهم شغلان يشغلون الطلبة أيضًا بعلم الحديث النبوي، ورتَّب عندهم شيخًا على الأستاذ يقرأ عليه الحديث. ثم إلى جانب هذه المدرسة دار برسم تلقين القرآن، يتبنى بها ثلاثون صبيًّا أيتامًا، يتلقنون القرآن من شيخٍ ملقِّن، ويكون لهم معيدًا بحفظهم التلاقين، وشرط للجميع من الخبز والمشاهرة والوظائف ما تضمنه شرط الواقف. وقد ارتفع مبلغ وقوف المستنصرية في العام نيِّفًا وسبعين ألف مثقال. ثم شرط أيضًا أن يكون فيها مَن يشتغل بعلم العربية، وكذا مَن يشتغل بعلم الحساب والفرائض، وكان عدد فقهائها مائتين وثمانية وأربعين فقيهًا من المذاهب الأربعة، ما عدا سائر المعلمين والشيوخ، وقد وقف عليها ما لا يُعبَّر عنه من عدد القرى والضِّياع. وكان ابتداء عمارتها في سنة 625 هجرية (1228م)، وتمَّت في سنة 631، وفُتحت يوم الخميس في رجب (آذار 1235م)، وحضر القضاة والمدرسون والأعيان وسائر وجهاء الدولة، وكان يومًا مشهودًا. وأنشأ غيرها من المدارس والمشاهد والمساجد والرُّبط والمغاور والقناطر ووسَّع الطرقات، إلى غير ذلك من الصدقات في كل الأيام، وأعطى الثياب والخُلَع والجرايات في شهر رمضان، والرواتب في سوى ذلك، وعموم هذه الأسباب، العلماءَ والعباسيين والعلويين والضعفاء والمساكين وتزويج الأيامى والحُنُو على اليتامى. واستخدم عساكر عظيمة لم يستخدم مثلها أبوه وجده، حتى إن جريدة جيشه بلغت نحو مائة ألف فارس استعدادًا لحرب التتار. وكان ذا همة عالية وشجاعة عجيبة وإقدام عظيم، وكان التتار قصدت البلد، فلقيهم عسكره، فهزموهم شر هزيمة، وكان له أخ يُقال له: الخفاجي، فيه شهامة زائدة، كان يقول: «لئن وُلِّيتُ لأعبُرَنَّ بالعسكر نهر جيحون، وآخذ البلاد من أيدي التتار وأستأصلهم.» فلما مات المستنصر لم يَرَ الدويدار ولا الشرابي تقليد الخفاجي خوفًا منه، وأقاما ابنه أبا أحمد للينه وضَعف رأيه ليكون لهما الأمر، ليقضي الله أمرًا كان مفعولًا من تغلُّب التتار على بغداد وتخريبها؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون. ومن مآثر المستنصر أنه أمر في سنة 632ﻫ/1235م أن تُضرب الدراهم الفضية ليُتعامل بها بدلًا من الدراهم المتخذة من قراضة الذهب، فجلس الوزير وأحضر الولاة والتجار والصيارفة، وفُرشت الأنطاع وأُفرغ عليها الدراهم، وقال الوزير: «قد رسم مولانا أمير المؤمنين لمعاملتكم بهذه الدراهم عوضًا عن قراضة الذهب رفقًا بكم وإنقاذًا لكم من التعامل بالحرام من الصرف الربوي.» فأعلنوا بالدعاء، ثم أُديرت بالعراق، وسُعِّرَت كل عشرة بدينار. وكان قد خُطب له بالأندلس وبعض بلاد المغرب، وكانت وفاته بكرة نهار يوم الجمعة 10 جمادى الآخرة سنة 640 (6 ت2 سنة 1242م)، وكُتم موته إلى أن بُويع لولده الأكبر أبي أحمد عبد الله، ثم خُطب له على منابر بغداد وهو ميت، ثم أُشيع نعيه بعد ذلك، ودُفن في الدار المثمنة على دجلة، ثم نُقل تابوته إلى تُربة الرصافة، فدُفن تحت قُبة كان قد اتخذها لنفسه مدفنًا، وكان عمره 52 سنة و6 أشهر و17 يومًا، ومدة خلافته 16 سنة و10 أشهر و28 يومًا.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|