تُعتبر المحيطات، التي تمثل 97% من كتلة ماء الأرض الكلية، على قدر كبير من الأهمية من الناحية الكمية في تحديد علاقات الماء على الكرة الأرضية. فهي تحتوي، إلى جانب الماء، على كميات هائلة من كثير من العناصر المنحلة فيها. ويتضمن الجدول 1.9 القيم الوسطى للمكونات الرئيسية لماء البحار.

إن العناصر المعطاة في الجدول 1.9 هي عناصر محافظة " conservative elements أي إن تراكيزها ثابتة نسبياً زمنياً ومكانياً، مع أن ثمة اختلافات محلية كثيرة جرى توثيقها، خاصة في المناطق الساحلية. يحتوي الملحق ب-1 على جدول أكثر اكتمالاً لهذه العناصر وغيرها من العناصر ذات الأثر الضئيل باستعمال طرائق تحليل

عالية الدقة، أثبت أن كل عنصر مستقر عملياً موجود في ماء البحر، لكن بمستويات منخفضة جداً في معظم الأحيان. مثلاً، يُقدَّر تركيز الذهب في مياه البحار.2x10^-11 mol L^-1

تختلف مدة مكوث العناصر المحافظة في المحيطات من عشرات آلاف حتى مئات ملايين السنين والعناصر ذات مُدَد المكوث القصيرة هي تلك التي تترسب على شكل أجسام صلبة. ومن أمثلة العناصر الأخيرة السليكون الذي تساوي مدة بقائه نحو 20 ألف سنة. أما طريقة إزالة السليكون الرئيسية من ماء البحر فتتضمن تفاعلاً حيوياً تتكون فيه مادة الهيكل العظمي للطحالب المشطورة diatom وهي فئة واسعة الانتشار من الطحالب البحرية والمصدر الرئيسي لسليكون البحر هو مواد الصخور والرواسب الأرضية التي تتعرض للحت وتنتقل إلى المحيطات بواسطة الأنهار والمياه الجوفية.

وثمة جنس هام آخر ينحل في ماء البحر هو الأكسجين الجزيئي الذي يقع تركيزه في حالة التوازن بين 6 وأكثر بقليل من . ^-1mgkg  14. ويتأثر مجال التراكيز عادة بكل من درجة حرارة وملوحة الماء. وثمة شرح تفصيلي لذلك في الفصل الحادي عشر.

من المفيد أحياناً التفكير بكيمياء المحيطات من خلال السيرورات التي تصف التوزع العمودي للأجناس فيها، على غرار طريقة نظرتنا إلى الجو. ويمكن تلخيص هيئة عمق المحيط وفقا لما يلي:

• طبقة السطح المكروية، وهي طبقة لا تزيد سماكتها على بضعة مكرونات، غنية جداً ببعض الكيماويات نتيجة للمستويات المرتفعة من المواد العضوية السطحية النشطة التي تتصف بالمقدرة على تكوين معقدات . مع كثير من المعادن والمركبات العضوية واللامعدنية. وقد رأينا في الفصل السادس أن هذا الغنى يؤثّر في تركيب المعلقات الجوية المكونة من الرذاذ البحري.

• وتحت طبقة السطح المكروية ، وحتى عمق يساوي نحو 300 متر، ثمة حيز جيد المزج نسبياً (الطبقة الممزوجة). ويقترن كل عنصر في هذه الطبقة بمنحنِ للتركيز بدلالة العمق ذي شكل فريد تبعاً لخواص العنصر. فالعناصر المحافظة ذات مدة المكوث الطويلة في الماء، من قبيل الربيديوم والسيزيوم، تتصف بهيئة للتركيز متجانسة نسبياً مع تغير العمق ولا تتأثر عموماً إلا بدرجة الحرارة. أما العناصر المغذية الرئيسية والثانوية (النتروجين والنحاس وغيرهما) فهي تستنزف بالقرب من المناطق النشطة حيوياً، حيث تتكاثر الطحالب عند سطح المحيط، ويزداد تركيزها مع ازدياد العمق وتتصف العناصر غير المغذية، التي يتأثر وجودها في المحيطات بالمصادر الجوية (يُعتبر الرصاص والفاناديوم مثالين جيدين)، بتناقص التركيز مع ازدياد العمق عبر الطبقة الممزوجة.

• وتحت الطبقة الممزوجة، توجد طبقة المنحدر الحراري thermocline أو (metalimnion) وهي منطقة تنخفض فيها درجة الحرارة باستمرار على نحو حاد مع زيادة العمق، وتمتد بضعة مئات من الأمتار.

• وتحت طبقة المنحدر الحراري ثمة كتلة ماء المحيط الكبرى التي تمتد حتى عمق يساوي بضعة كيلو مترات يبلغ عمق أعمق نقطة في المحيطات أكثر من 11 كيلو متراً بالقرب من جزيرة غوام في جنوب المحيط الهادي) والتي تمتزج ببطء مع طبقة السطح. وحين حساب مُدَد المكوث المذكورة آنفاً، يُؤخذ المحيط برمته في الحسبان.