أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-12-25
1053
التاريخ: 18-1-2021
2085
التاريخ: 7-11-2016
3058
التاريخ: 6-2-2017
4185
|
تقع المدينة على سهل مرتفع في طرف الهضبة الغربية من الشمال، وإلى الغرب منها تنحدر الأرض انحدارًا سريعًا إلى ساحل البحر الأحمر، ويمتد الوادي منها إلى الجنوب حتى يصل إلى مكة التي تقع على خط طولها تقريبًا ولما كان البحر الأحمر ينعطف إلى الغرب في قسمه الشمالي كانت المسافة بين المدينة وبين البحر أطول من المسافة بين مكة والبحر.والمدينة هي الاسم الذي أطلقه رسول الله عليه الصلاة والسلام عليها، وكانت قبل هجرته إليها تُسمى يثرب، وقد سبق أن قلنا: إن أصل هذا الاسم غير معروف تمامًا، ويطلق على المدينة طيبة أيضًا، كما يطلق عليها مدينة رسول الله، وهي تقع على الطريق التجاري من الجنوب إلى الشمال، ونظرًا لأنها تقع في أوطى موضع من السهل المذكور، كانت تتجمع إليها المياه المنصبة أيام الشتاء في برك بالقرب منها فتركد، ولذلك كانت تتفشى فيها الحميات، والأرض المحيطة بها — في المجموع — خصبة؛ لأن تربتها بركانية وإن كانت تشوبها الأملاح في بعض النواحي، وهي — بهذا الوصف — كانت تعتبر في الجاهلية من مراكز الزراعة، على عكس مكة، التي كانت تعتبر من مراكز التجارة. والمدينة أو يثرب من أهم مدن بلاد العرب بلا جدال، وازدادت أهميتها بعد أن أصبحت مهجر النبي عليه الصلاة والسلام، وضمت جثمانه الشريف، ولقد ظلت عاصمة الجمهورية الإسلامية الأولى إلى أن انتقل مقر الملك في عهد الأمويين إلى دمشق. وتاريخ المدينة القديم غامض لا يُعرف أوله، وأول ما سمعنا عنها — في التاريخ الصحيح — أنها كانت واحة سكنها اليهود، ثم ساكنهم فيها بعد ذلك بعض القبائل التي هاجرت من اليمن. أما مؤرخو العرب فإنهم يقولون: إن أول من نزل المدينة كان العمالقة ثم نزلها بعدهم اليهود، ذكر الدكتور ولفنسون في كتابه تاريخ اليهود في بلاد العرب، نقلًا عن الجزء 11 من الأغاني ما يأتي: «كان ساكنو المدينة — في أول الدهر قبل بني إسرائيل — قومًا من الأمم الساحقة يقال لهم العماليق، وكانوا قد تفرقوا في البلاد، وكانوا أهل غزو وبغي شديد، وكان ملك الحجاز منهم يقال له: الأرقم ينزل ما بين تيماء وفدك، وكانوا قد ملئوا المدينة ولهم بها نخل كثير وزرع، وكان موسى بن عمران قد بعث الجنود إلى الجبابرة من أهل القرى يغزونهم، فبعث موسى إلى العماليق جيشًا من بني إسرائيل، وأمرهم أن يقتلوهم جميعًا ولا يستبقوا منهم أحدًا، فقدم الجيش الحجاز، فأظهرهم الله على العماليق، فقتلوهم أجمعين إلا ابنًا للأرقم، كان وضيئًا جميلًا فضنوا به على القتل، وقالوا: نذهب به إلى موسى فيرى رأيه فيه، فرجعوا إلى الشام فوجدوا موسى قد تُوفي، فقالت لهم بنو إسرائيل: ما صنعتم، فقالوا: أظهرنا الله عليهم فقتلناهم ولم يبق منهم أحد غير فلان، كان شابًّا جميلًا فنفسنا به على القتل، وقلنا نأتي به موسى فيرى فيه رأيه، فقالوا لهم: هذه معصية، قد أُمرتم ألا تستبقوا منهم وألا تدخلوا علينا الشام أبدًا، فلما صنعوا ذلك قالوا: ما كان خيرًا لنا من منازل القوم الذين قتلناهم بالحجاز نرجع إليها فنقيم بها، فرجعوا على حاميتهم فنزلوها، فكان ذلك الجيش أول سكنى اليهود بالمدينة.» وقال الدكتور ولفنسون: «ويضيف ابن خلدون إلى هذه الرواية أنه يشك في صحتها؛ لأنها لم توجد عند اليهود، ولأن اليهود لا يعرفون هذه القصة»، ويعود الدكتور ولفنسون فيذكر أن عناصر إسرائيلية يظن أنها قد هاجرت من ديارهم إلى الأقاليم العربية، في عصور مختلفة ولأسباب شتى، غير أنها بادت كما بادت قبائل عربية كثيرة ولم يبق من آثارها سوى اسمها، ثم أخذت جموع كثيرة من اليهود في القرن الأول والقرن الثاني بعد الميلاد تهاجر إلى الأرجاء العربية عمومًا، وإلى الربوع الحجازية بنوع خاص لأسباب يمكن تلخيصها فيما يأتي:
(1) زيادة عدد اليهود في فلسطين زيادة مضطردة، جعلت البلاد تضيق عن أن تسعهم وتنفسح لعملهم في سبيل الحياة.
(2) حدث حوالي القرن الأول ق.م أن هاجمت الدولة الرومانية بلاد فلسطين، وقوضت أركان الدولة اليهودية المستقلة فيها … فاضطر من لم يكن يستطيع البقاء مع هذه الأحوال القاسية أن يلجأ إلى أرض الجزيرة العربية، التي كانت أحب إليهم من غيرها؛ نظرًا لأنظمتها البدوية الحرة، ونظرًا لوجود أقاليم رملية بعيدة، تعوق سير القوات الرومانية وتمنع توغلهم.
(3) بعد حرب اليهود والرومان (70م) — التي انتهت بخراب فلسطين ودمار هيكل بيت المقدس، وتشتت اليهود في أصقاع العالم — قصدت جموع أخرى من اليهود بلاد العرب للمزايا السالفة. ولم يلبث اليهود الذين نزحوا إلى المدينة أن استفادوا بذكائهم: فاقتنوا الضياع والأموال، وأصبحت تجارة المدينة بأيديهم، وتكاثر عدد النازحين منهم إلى المدينة، وظهر منهم عدة قبائل، أشهرها قريظة والنضير، ثم نزل المدينة بعد ذلك الأوس والخزرج بعد سيل العرم، واستوطنوها إلى جوار اليهود، وعاشوا في ضنك من العيش، وهوان وإذلال من اليهود، وكان على اليهود ملك شديد، استبد بالنازحين فاستجاروا بالتبابعة في رواية، وبالغساسنة في رواية أخرى، فجاءوا لنصرتهم، فكانت بين الفريقين حرب انتهت بقتل زعماء اليهود وأشرافهم بالخديعة، وأصبح الأوس والخزرج بعد ذلك أعز أهل المدينة، وتحالفوا مع اليهود، ثم دب دبيب الخلاف بين الأوس والخزرج، وتنازعوا السلطان، فجرت بينهم الوقائع، وكانت بينهم حروب طويلة، أشهرها المعروفة بيوم سمير ويوم السرارة ويوم حاطب ويوم بعاث. وما زال الخلاف قائمًا بينهم، يستعين فيه بعضهم ببعض قبائل اليهود على بعض، حتى كان اعتناقهم للإسلام، وهجرة النبي ﷺ إليهم سنة 622م؛ فآخى بينهم، وتناسوا ما كان بينهم من عداوة وأحقاد كادت أن تأتي عليهم.ونحن نلخص في الفقرات التالية أشهر هذه الحروب أو الأيام كما أطلق عليها مؤرخو العرب.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|