أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-2-2017
2278
التاريخ: 7-11-2016
1697
التاريخ: 25-1-2017
2444
التاريخ: 2-2-2017
1949
|
ليس من شأننا في هذا البحث أن نتعرض لمسألة الطوفان، وهل كان عامًّا شمل الكرة الأرضية أم كان قاصرًا على منطقة دجلة والفرات، وإنما يكفي أن نذكر هنا ما روته التوراة من رسو سفينة نوح عليه السلام بعد انحسار الطوفان على جبل أراراط في هضبة أرمينيا «الإصحاح الثامن من سفر التكوين»، ومن ثم تفرق أبناء نوح، فسار يافث إلى الشرق وسار حام إلى الغرب، أما سام فإنه نزل إلى الجنوب، واختلف الباحثون في المكان الذي استقر فيه الساميون الأول، وتتلخص آراؤهم في القول بأن الساميين قد أخذوا نشأتهم الأولى في واحد من الأماكن المختلفة الآتية:
وأنصار الرأي الأول يعتمدون على قصة التوراة السالفة الذكر، ويحددون بابل مستقرًّا أول لبني سام بعد نزوحهم من جنوب أرمينيا. وأصحاب الرأي الثاني يرون أنه في الوقت الذي دخل فيه الساميون العراق كانت تلك البلاد آهلة بالسومريين المتمدينين، وأن الساميين في سوريا أنشئوا مدنية أقدم من مدنية ساميي العراق، وإذا فبلاد كنعان هي المهد الأول للأمم السامية. وأتباع الرأي الثالث يعتقدون أن الجنسين السامي والحامي كانا في العصور القديمة في أفريقيا، ويعتمدون على الصلات اللغوية بين اللغات السامية والحامية. وأصحاب الرأي الرابع يجعلون مهد الساميين الأول في شمال أفريقيا، ولا يزيدون شيئًا على ما ذكره أنصار الرأي الثالث. وأنصار الرأي الخامس يؤكدون أن أواسط الجزيرة العربية منذ عصور ما قبل التاريخ كانت آهلة بالسكان، وأن منها ابتدأت هجرة الساميين إلى أطراف الجزيرة وما وراءها، ومن معضدي هذا الرأي الدكتور العناني، وهو يدلل على صدق النظرية بأدلة ترجع إلى الجهة اللغوية ووحدة التفكير واتحاد العقلية والاشتراك في نوع الخيال عند جميع الأمم السامية واصطباغ كل ذلك بصبغة واحدة أصلها وحي الصحراء وقوامها حياة البداوة، وأن الشعوب السامية التي تحضرت في أطراف الجزيرة ظلت محتفظة بنوع التفكير والخيال السالف الذكر (راجع الباب الثاني من الجزء الأول من كتاب الأساس للأستاذ الدكتور العناني والأستاذين محرز والإبراشي). وممن يؤيد هذا الرأي أيضًا الأستاذ جورج سمث George Smith إذ يذكر في كتابه «الجغرافية التاريخية للأرض المقدسة»: أن الشام هو الطرف الشمالي للوطن السامي الأكبر وهو جزيرة العرب، وآخر معضدي هذا الرأي أيضًا الأستاذ فلبي Philby الذي صدر كتابه عن عصر ما قبل الإسلام أخيرًا سنة 1947 فقد ذكر في فاتحة هذا الكتاب وعنوانه Back ground of Islam ما نصه: «إلى أن يثبت أن الساميين جاءوا إلى بلاد العرب من بلاد غيرها يلزمنا أن نعتبر جزيرة العرب الوطن الأصلي للساميين، ولعله من الممكن تحديد هذا الوطن في القسم الجنوبي من هذه الجزيرة«. ولقد كان الرأي الأكثر رجحانًا حتى العقود الأولى من هذا القرن هو الرأي الأول الذي يعتمد على قصة التوراة السالفة الذكر، ولكنها أصبحت مرجوحة الآن وتغلب عليها الرأي الخامس القائل بأن بلاد العرب هي مهد الجنس السامي؛ إذ استُبعد أن ينتقل شعب من طور الرقي الزراعي على ضفاف نهر إلى طور البداوة في أرض مراعٍ أو صحراوات، وهذه النظرية الحديثة تقرر أن بلاد العرب في الأزمان السحيقة كانت — بسبب اختلاف مناخها في ذلك الوقت عن ما هو الآن — أكثر خصبًا مما هي عليه الآن، وأن نجدًا كانت إذا زاد عدد سكانها زيادة لا تحتملها قدرة الأرض على إعالتهم ينبعث الناس منها في هجرات على شكل تقاطر تدريجي، كما هو حال الهجرات في أيامنا هذه إلى البلاد المجاورة، وكانت شبه الجزيرة تشبه حوضًا ضخمًا يفيض بالبشر ويقذف ما يطفح به إلى الخارج، وكانت الفترة بين الموجة الهجرية والتي تليها نحو 1000 سنة، ويحددون منتصف الألف الرابع قبل الميلاد بدأ لتلك الهجرات التي حفظها لنا التاريخ، والتي لا بد أن تكون قد حدثت هجرات قبلها قبل عصر التاريخ. ففي سنة 3500ق.م تقريبًا حدثت هجرة سامية إلى الشمال الشرقي إلى وادي الفرات الأدنى حيث بلاد بابل، وفي نفس الوقت تقريبًا تحركت هجرة سامية أخرى إلى الشمال الغربي حيث بلاد مصر. وحوالي سنة 2500 ق.م أي بعد ألف سنة تقريبًا من الهجرات السابقة تحركت هجرة سامية أخرى إلى الشمال، وهي التي أحلت معها العاموريين والكنعانيين والفينيقيين في بلاد سوريا وسواحل البحر الأبيض الشرقية. وحوالي سنة 1500ق.م تحركت هجرة إلى بلاد فلسطين وجنوب سوريا، وهي التي حملت معها الآراميين في الأولى والعبرانيين في الثانية، وفي نفس الوقت تقريبًا تحركت هجرات سامية أخرى إلى الجنوب حيث بلاد اليمن. وحوالي سنة 500 ق.م كانت هجرة الأنباط إلى الشمال الشرقي من شبه جزيرة سيناء وعاصمتهم بطرة أو «البتراء» تقع في جنوب بلاد الأردن الحديثة. وبعد سنة 600 ميلادية كانت حركة الغزو الإسلامي الرائعة التي امتدت شرقًا وغربًا فكان من نتائجها تكوين الإمبراطورية العربية التي لم تسبقها إمبراطورية في عظم مساحتها، وتمشيًا مع هذه النظرية يحق لنا أن نتساءل هل حدثت موجات هجرية بعد نحو ألف سنة من هذا الفتح؟ ونحسب أن الجواب على ذلك قد نجده في الحضارمة سكان السواحل الجنوبية لبلاد العرب الذين استوطنوا بعض جزائر إندونيسيا وسواحل أفريقيا الشرقية، وباستعراضنا أهمية هذه الهجرات في التاريخ نجد أن الحضارات القديمة كانت نتيجة امتزاج هذه الشعوب السامية مع السكان الأصليين في البلاد التي نزحوا إليها، ومكانة المصريين القدماء والبابليين والعبرانيين في التاريخ العالمي مشهورة ليس هنا مقام التعرض لها.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|