عرف العرب والمسلمون عن الصين ومكانتها العلمية من خلال حديث رسول الله (صل الله عليه وآله وسلم)، " اطلبوا العلم ولو بالصين (1). وفي هذا الحديث إشارة إلى ما تميزت به الصين من علم في ذلك الوقت. ولننتقل إلى داخل الصين ونتعرف على انجازاتها العلمية والثقافية كما ذكرتها المصادر التاريخية، وكيف تأثر المسلمون أو أسهموا في الحياة الثقافية داخل المجتمع الصيني. فلقد عرف عن عصر التانغ بأنه كان عصراً زاخراً بالعلوم والإنجازات الفكرية والفنية في الحضارة والصينية (2). لقد تميزت هذه الحقبة بانتشار الفنون والرسم والنحت والشعر أكثر من أي حقبة أخرى في تاريخ الصين كما تقبلت أفكاراً أجنبية، ومنها ما أسهم به المسلمون في المجتمع الصيني (3)، وكما ذكر سابقاً، فقد تم بناء مساجد للمسلمين في المدن الرئيسية في الصين. ويعني هذا أن المساجد كانت كما هي عبر العصور، تمثل النواة الرئيسية لنشاط المسلمين دينياً وثقافياً واجتماعياً. فالمساجد ليست دوراً للعبادة فقط وإنما كانت مدارس للثقافة الإسلامية. ويرى أحـــد المؤرخين العرب المعاصرين بأن فتوحات قتيبة كانت "جهوداً" أخرى في ميدان الدعوة إلى الإسلام ونشر الثقافة العربية (5). وقد نتصور هنا مدى تأثر البعد الإسلامي الثقافي من جراء المزيج الاجتماعي في العاصمة الصينية تشانق آن وأن الصينيين على المستوى الرسمي أبدوا اهتماماً بالثقافة الجديدة الدينية التي وصلت لهم عبر التجار المسلمين والبعثات الرسمية. بدون شك، هناك أثر ثقافي إسلامي الصين عبر بناء مساجدهم ونشاطهم التجاري المنتشر في أكبر المدن الصينية وأكثرها نفوذاً. فلقد وصف إمبراطور الصين سوان تسونغ" بالإمبراطور العبقري في أوائل القرن الثاني الهجري / الثامن ميلادي، وذلك لشغفه الشديد بجميع أنواع الثقافة والفنون والأدب (6).

.....................................

1- الكتاني، عبد الحي الإدريسي الحسني التراتيب الإدارية (بيروت، دار الكتاب العربي)، ج2، ص348.

 2- Fitzgerald, C.P, Flood Tide in China, P304 

3- IBID. P.339

4- أحمد، محمد حسن الإسلام والحضارة العربية في آسيا، ص120

5-  م. ن.، ص 120.

6- William, Edward, A Short History of China, P.149