أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-10-23
919
التاريخ: 2023-11-07
1009
التاريخ: 2023-11-27
1068
التاريخ: 2023-09-29
886
|
كان الدنماركيون أقوامًا متوحِّشة شأنهم شنُّ الغارات على الممالك المجاورة لبلادهم، واشتُهروا بهذه الغارات والغزوات في البر والبحر حتى صار اسمهم — وهم أهل الشمال — مرادفًا للشر والهجوم عند سكان أوروبا في القرون المتوسطة، وهم يومئذٍ مع أهل السويد والنرويج يدًا واحدة؛ لأنهم من جنس واحد، وقد اشتُهرت غزوات الدنماركيين في إنكلترا من القرن التاسع إلى الحادي عشر؛ فإن ملكهم سوين هاجم بلاد الإنكليز سنة 1981 وملكها وأورثها من بعده لابنه كانوت الذي صار أعظم ملوك زمانه؛ لأنه ملك إنكلترا والدنمارك والسويد والنرويج وكان مشهورًا بالعدل والحكمة، ولمَّا مات في سنة 1036 اقتسم أولاده الثلاثة أملاكه، فكانت بلاده الأصلية نصيب ابنه هرديكانوت وهو الذي ضاعت إنكلترا من يد الدنمارك في أيامه، واستعادت استقلالها. ولم يحدث بعد هذا أمر مهمٌّ في تاريخ البلاد غير تعاقب الملوك والغزوات إلى أن ورثت العرش ملكة اسمها مرغريتا كانت مفرِطة الذكاء كثيرة الحكمة، ظهرت مآثر اقتدارها في ممالكها الثلاث، وهي: الدنمارك والسويد والنرويج فسُمِّيَتْ سميراميس الشمال إشارةً إلى سميراميس ملكة آشور التي تُرْوَى عنها عظائم الفعال، وذلك في أواخر القرن الرابع عشر، ولمَّا اشتُهر أمرُ الانقلاب الديني في أوروبا بعد أيام لوثيروس كان ملك الدنمارك رجلًا عاتيًّا جبارًا اسمه كوستيان الثاني، وهو يُعْرَف عند بعض المؤرِّخين باسم نيرو الشمال إشارةً إلى نيرو قيصر الرومان الذي اشتُهر بقسوته وفظائعه، فلمَّا انتشر المذهب البروتستانتي في ممالك كرستيان هذا استعمل منتهى الشدَّة مع الذين اعتنقوه، حتى إنه دعا معظم أشراف السويد إلى وليمة وفَتَكَ بهم غدرًا وعدوانًا؛ بسبب انضمامهم إلى طائفة البروتستانت فهاجت أمة السويد لذلك، وقامت بنصرة أمير نجا من الذبح اسمه جوستافوس فاسا، فحاربت جنود الدنمارك تحت قيادته وطردتها من البلاد، وبذلك انسلخت بلاد السويد عن هذه المملكة وصارت مملكة مستقلَّة في سنة 1521، وبعد هذا بقليل فرَّ كرستيان من البلاد؛ لأنَّ معظم الأهالي قاموا عليه فسارت بلاد الدنمارك بعد ذلك في سبيل التقدُّم تحت إمْرَة ملوكها من آل أولدنبرج، ولم يحدث أمر يُذْكَر لهم غير أنَّ الملك استبدَّ بالأمر في سنة 1660، ولم يُبقِ أثرًا لنفوذ الأشراف والأمراء ووافقه عامة الناس على صنيعه. وكانت الدنمارك من الدول البحرية، ولها متاجر واسعة فلمَّا عظم أمرُ نابوليون الأول اتحدت معه على مناوأة الإنكليز فهاجمها أسطولهم مرتين تحت قيادة اللورد نلسون أمير البحر المشهور في سنة 1801 و1807، ودمَّر حصون عاصمتها كوبنهاجن وأَسَرَ أسطولها برُمَّته فاستخدمه في محاربة نابوليون، وكان ملك الدنمارك صديقًا لنابوليون حميمًا ظلَّ على ولائه إلى يوم سقوطه، فأسخط ذلك دول أوروبا الناقمة على نابوليون، وسلخت منه بلاد النرويج فأضافتها إلى مملكة السويد على ما سيجيئ في تاريخ هاتين المملكتين. وفي سنة 1834 تحرَّك الأهالي لطلب الحقوق الدستورية فسلَّم بها الملك فريدريك السادس، وصارت البلاد دستورية شوروية من ذلك الحين، فتقدَّمت في درجات الحضارة ونَمَتْ ثروتها، ولكنها فقدت بعض أملاكها في سنة 1864 بعد محاربة شاقَّة مع بروسيا، وأُخذت منها ولايات لاونبرج وشليسوج وهولشتين، كما تقدَّم عند الكلام عن ألمانيا. وفي سنة 1863 رقي عرش الدنمارك ملكها السابق كرستيان التاسع وكان ذا منزلةٍ عظمى بين ملوك أوروبا وأقيالها؛ لأنه — فضلًا عن فضائله وحسن سياسته — ارتبط بأعظم العائلات المالكة بربط القرابة، فإن ابنته الأولى اقترنت بجلالة ملك إنكلترا الحالي ولها شُهْرَة بالفضائل لا تفوقها شهرة، يحبُّها الإنكليز جميعهم حبًّا مفرِطًا لحسن خصالها، واقترنت أختها الثانية بالمرحوم إسكندر الثالث قيصر روسيا والد القيصر الحالي، وهي أيضًا من أشهر الأميرات في رقَّةِ القلب وحبِّ الفضيلة، واقترنت الثالثة منهم بالديوك أوف كمبرلند حفيد جورج الرابع ملك إنكلترا، وهو المطالب الآن بسرير مملكة هانوفر التي ذكرنا خبر ضمِّها إلى السلطنة الألمانية في الفصل السابق، وأمَّا أولاده الذكور فأولهم جلالة الملك الحالي، وثانيهم جلالة ملك اليونان الحالي أيضًا، والثالث أمير اسمه فلاديمير عُرِضَتْ عليه إمارة البلغار فلم يقبلها، تُوفِّي هذا الملك الكبير يوم 29 يناير سنة 1906 بعد أن مَلَكَ 23 سنة وهو في سنِّ الثمانين، فأثَّرت وفاته في أكثر عائلات أوروبا المالكة، ودُفِنَ باحترام عظيم فخلفه جلالة الملك فريدريك كرستيان الحالي وهو الثامن من ملوك الدنمارك بهذا الاسم، وقد بدأ حكمه بخطاب ألقاه على الناس من شرفة قصره يوم وفاة أبيه قال فيه: «إن ملكنا السابق والدي العزيز قد قضى نحبه، وكان أمينًا في قضاء الواجب عليه حتى ساعة الممات؛ فورثتُ عنه الحِمْل الكبير، ولي أمل أن أحذوَ حذوه وأسأل الله إعانتي على تحقيق هذا الأمل، ويسرُّني أنِّي على اتفاق مع نواب الأمَّة فيما يضمن خيرها وتقدُّمها، فلننادِ كلنا بصوت واحد ليحيا الوطن.» فوقعت هذه الخطبة أحسن وَقْع في النفوس، وعدد النفوس في بلاد الدنمارك نحو ثلاثة ملايين.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|