أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-11-22
1139
التاريخ: 2023-11-11
1004
التاريخ: 2023-11-04
1023
التاريخ: 2024-09-21
226
|
وفي الثاني من نيسان سنة 1453 مدَّ الروم السلسلة العظيمة فأقفلوا بها مدخل القرن الذهبي، وفي الخامس منه وصل محمد الفاتح بجيوشه إلى الأسوار بستين ألف مقاتل وبعدد كبير من الدراويش والتجار والفلاحين العزَّل الذي استهواهم النهب والسلب، وفي السابع من الشهر نفسه أرسل السلطان إلى الفسيلفس إنذارًا رسميًّا بوجوب تسليم المدينة، فرفض، فبدأ الحصار. وكان قد وفد على قسطنطين الحادي عشر مغامرٌ مجريٌّ اسمه أوربانوس عرض عليه إعداد مدفعية قوية تسهل الدفاع عن العاصمة ضد الأتراك، فقبل الفسيلفس ولكنه لم يتمكن من دَفْع التعويضات التي طلبها هذا المجري، فخرج أوربانوس من القسطنطينية ووفد على سلطان الأتراك (1452) واستأذنه في صنع مدفع جبار يقذف قنابل ضخمة مؤكدًا أن هذه المقذوفات تدك أسوار القسطنطينية دكًّا، فتحمس السلطان الفتي وأمر بوضع كميات غير محدودة من البرونز تحت تصرُّف أوربانوس، فصنع هذا منها مدفعًا جبارًا طول ماسورته سبعة أمتار وقطر فوهته متر، وعملًا بنصيحة أوربانوس أمر محمد الفاتح بأن يوضع المدفع على مركبة ذات ست عجلات صنعت من خشب السنديان القوي، أما القذائف فقد جعلها أوربانوس من الحجر وزن الواحدة منها حوالي سبع مائة كيلو، ونقل هذا المدفع إلى أدرنة وجرَّب في ضواحيها فإذا به يقذف هذه القنابل إلى مسافة كيلومتر واحد أو أكثر قليلًا، فسُرَّ السلطان بالنتيجة وأمر بنقل المدفع إلى جوار القسطنطينية، فجرَّ هذا المدفع مائة ثور وقطع المسافة بين أدرنة والقسطنطينية في خمسة وستين يومًا. وكان لدى الروم مدافع ولكنها كانت صغيرة الحجم لا تقوى على رد المثل بالمثل، ومن هنا قول كريتوبولوس المؤرخ المعاصر: «إن القول الفصل في الحصار كان للمدفعية.» وخشي السلطان معونة بحرية من الغرب فأنشأ منذ السنة 1452 أُسطولًا حربيًّا مؤلفًا من مائتين وخمسين بارجة ما عدا مراكب النقل، فأبحر هذا الأسطول عند بدء الحصار من بحر مرمرة ورسا في مياه البوسفور. وفي الثامن عشر من نيسان أمر السلطان بهجومٍ عامٍّ ولكنه نكص على أعقابه، وحاول اقتحام مداخل القرن الذهبي فلم يفلح، وفي العشرين من نيسان أطل من بحر مرمرة أسطولٌ غربيٌّ مؤلفٌ من أربع بوارج وثلاث ناقلات كبيرة، فأمر السلطان قائد أسطوله بلطه أوغلو بصدهم عن الوصول إلى القسطنطينية وبتدميرهم، ونشب القتال بين الطرفين بمرأًى من السلطان، وانتصر الأسطول الجنوي القادم على الأسطول التركي المدافع، فاستشاط محمد غيظًا وأراد أن يقطع رأس بلطه أوغلو بيده، ووصل الأسطول الجنوي إلى القرن الذهبي وإذا به ينقل الحبوب من صقلية إلى العاصمة. وكان السلطان قد بدأ بمهاجمة الأسوار الغربية، وكانت تمتد من القرن الذهبي إلى بحر مرمرة، ثم رأى — على ضخامة مدافعه — أنه لا يستطيع التغلُّب على الأسوار لمناعتها وعظم سمكها، فعوَّل على مهاجمة المدينة من أضعف جهاتها وهي الجهة المشرفة على القرن الذهبي، وكان يحمي الأسوار المشرفة على القرن الذهبي سلسلةٌ عظيمةٌ عند مدخل هذا القرن ووراءها مراكب حربية، فرأى السلطان أن ينقل قسمًا من سفنه برًّا وينزلها في مياه القرن الذهبي وراء البوارج الرومية التي تحمي مدخل هذا القرن، فمهَّد طريقًا برية بين البوسفور والقرن الذهبي بلغ طولُها حوالي ثلاثة كيلومترات، ووضع عليها عوراضَ ضخمةً من الخشب تتدحرج عليها أسطوانات طويلة خشبية، وسيَّر فوق هذه ستين أو سبعين سفينة من أسطوله، فجُرَّت عليها هذه السفن حتى بلغت القرن الذهبي، فنزلت فيه بلا عناء، وكان السلطان في أثناء نقل هذه السفن يضلل حامية القسطنطينية بالقصف بالمدافع من الجهات الأخرى، وفي صباح الثالث والعشرين من نيسان فوجئت بوارج الروم عند مدخل القرن الذهبي بالنار من أمامها وورائها في آن واحد، ولم يبقَ أمام الروم سوى حيلة واحدة هي حرق السفن التركية التي أُدخلت بهذا الشكل إلى مياه القرن الذهبي، فأعدوا العدة لذلك وقرروا الهجوم في ليل الثامن والعشرين من الشهر نفسه، ولكن الجنويين في غَلَطة أعلموا الأتراك بذلك في حينه فاتخذ هؤلاء الإجراءات اللازمة وحالوا دون نجاح الروم. ودام قصف المدينة بالمدافع أسابيع أربعة، فرأى البطريرك والوجهاء والقائد الإيطالي غوسطنياني أن يغادر الفسيلفس العاصمة ليجيِّش الروم في المورة وغيرها ويتلقى المعونة المنتظرة من الغرب، ولكن قسطنطين الحادي عشر آثر الموت مع شعبه في الدفاع عن النفس. وقام السلطان في السابع من أيار وفي الثاني عشر منه بهجومين عنيفين، ولكنه أخفق في المرتين، وفي الحادي والعشرين من أيار حاول قطع السلسلة العظيمة عند مدخل القرن الذهبي فلم يفلح، وفي الثالث والعشرين من هذا الشهر نفسه أوفد محمد الثاني أمير سينوب يفاوض الفسيلفس بتسليم المدينة مقابل خروجه منها وخروج مَن رغب في ذلك مِن السكان آمنين حاملين كنوزهم وأمتعتهم ومقابل تولية قسطنطين على المورة، وأنه في حال الرفض تؤخذ العاصمة عنوةً وتستباح ثم يُذبح رجالها ذبحًا وتباع نساؤها في أسواق الرقيق، فلم يرَ قسطنطين في هذا كله سوى فخ منصوب، فرفض، فعقد محمد في السابع والعشرين مجلسًا حربيًّا لدرس الموقف، فاقترح خليل باشا رفع الحصار؛ نظرًا لِمَا كان قد شاع من وُصُول قوة غربية إلى مياه خيُّوس، ولكن محمدًا عارض كل المعارضة وأمر بوجوب الاستعداد لهجومٍ عامٍّ في التاسع والعشرين، وعلم الروم بذلك وقاوموا ببسالة فائقة وردوا الأتراك على أعقابهم مرتين متتاليتين، وكان قد تهدم السور الخارجي بالقرب من باب أدرنة، فتسلل الإنكشاريون من هذه الثغرة إلى السور الداخلي، وعلموا من أعوانهم في داخل القسطنطينية أن الباب الخفي الصغير Kerkoporta الذي كان يطل على الخندق في هذا القطاع نفسه كان مهملًا، فاقتحموه ونفذوا منه إلى داخل المدينة، فدب الذعر في العاصمة، وكان القائد غوسطنياني قد جرح فنقل إلى جزيرة خيُّوس وتُوُفي لدى وصوله إليها، وتابع قسطنطين الجهاد وما فتئ يحارب حتى خرَّ صريعًا في ميدان الشرف، وأباح السلطان المدينة ثلاثة أيام بلياليها ثم دخلها وذهب توًّا إلى كنيسة الحكمة الإلهية فصلى على مذبحها وأعلنها مسجدًا، ثم استقر في القصر المقدس، وذبح الأتراك أربعين ألفًا وساقوا إلى أسواق الرقيق خمسين أو ستين ألفًا(1).
................................................
1- Phrantzes, G.; Chalkokondyles, L.; Pears, E., Destruction of Greek Empire; Schlumberger, G., Siège et Prise de Const.; Guerdan, R., Vie, Grandeur et Misères de Byzance, 205–247.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|