أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-11-2014
1526
التاريخ: 13-4-2016
1739
التاريخ: 22-04-2015
1765
التاريخ: 23-11-2014
2018
|
إنَّ دورَ الغيوم ، والرياح والأمطار ، في حياة الإنسان وكافة الكائنات الحيّة واضحٌ إلى حدٍ لا يحتاج معه إلى شرح أو تفصيل ، صحيحٌ أنّ الماء يغمُر ثلاثة أرباع الكرة الأرضية ، ولكن أولًا : أنّ المياه المالحة لا تصلح للري ، ولا لشرب الإنسان والحيوانات ، وثانياً : لو فرضنا أنَّ كلَّ مياه البحار كانت عذبةً فبأي طريقةٍ يُمكن نقلها إلى المناطق والأراضي التي قد ترتفع عن مستوى سطح البحر عدة آلاف من الأمتار؟
هنا نرى بجَلاء القدرة العظيمة لمُبدىء الخلق ، حيث القى هذا التكليف المهم على عاتق أشعة الشمس لتشرق على المحيطات وتَقوم بتبخير وتصفية مياهها ، فيظهر على هيئة قطعٍ من الغيوم ، ثم تتجه به نحو المناطق الجافة بمساعدة الرياح ، وتُنزله عليها بصورة قطرات مطر لطيفةٍ وصغيرة وبهدوء ، حيث تدُب الحياة في جميع أرجاء المعمورة ، فينتشر الإزدهار والإعمار والخُضرة في كُل مكان ، وهذا يأتي من خلال نظامٍ دقيقٍ ومحسوب مقرون بظرافة بالغة.
وبعد هذا التمهيد القصير نتجه نحو آيات القرآن الكريم بهذا الخصوص فنقرأ خاشعين الآيات الآتية :
1- {اللَّهُ الَّذِى يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيْرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِى السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} (الروم/ 48)
2- {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَليُذِيقَكُمْ مِّنْ رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْزِىَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ ولَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}(الروم/ 46)
3- {وَهُوَ الَّذِى يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنْزَلَنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الَّثمَراتِ} (الاعراف/ 57)
4- {وَاللَّهُ الَّذِى أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيْرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلىَ بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحِيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} (فاطر/ 9)
5- {انَّ فِى خَلْقِ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ وَاختَلفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالفُلكِ الَّتِى تَجرى فِى البَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وتَصْرِيْفِ الرِّياحِ وَالسَّحَابِ المُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالارْضِ لَآياتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (البقرة/ 164)
6- {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِى تَشْرَبُونَ * أَأنْتُمْ أنْزَلُتمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ المُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ اجَاجاً فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ}(الواقعة/ 68- 70)
7- {أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِى ظُلُمَاتِ الْبَّرِ والْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّه تَعالىَ اللَّهُ عَمَّا يُشرِكُونَ}. (النمل/ 63)
8- {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ}. (الحجر/ 22)
9- {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَآءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيْعَ فى الأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعَاً مُّخْتَلِفاً أَلْوانُهُ ... إِنَّ فِى ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِى الأَلْبَابِ}. (الزمر/ 21)
10- {وَأَنْزَلنَا مِنَ المُعْصِرَاتِ ماءً ثَجَّاجاً * لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتَاً * وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً}. (النبأ/ 14- 16)
11- {وَهُوَ الَّذِى أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً}. (الفرقان/ 48)
12- {أَوَلَمْ يَرَوا أَنَّا نَسُوقُ المَاءَ إِلى الأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ}. «1» (السجدة/ 27)
شرح المفردات :
«الرياح» : تكررَ هذا اللفظُ عشرَ مراتٍ في القرآن الكريم ، تسعٌ منها إشارة إلى الرياح التي تُحركُ الغيوم وتُعِدُّها لتنزل الأمطار.
و«الرياح» : في الأصل جمع (ريح) وتعني الهواء المتحرك ، وأصلُها «رَوْحْ» ، وغالباً ما تعتبر مؤنثاً لفظياً ، والجدير بالذكر أنّها تستخدم بصيغة الجمع دائماً في الآيات التي تتعلق بحركة الغيوم ونزول الأمطار في القرآن الكريم ، وذكر البعض دليلًا على ذلك بأنَّ الرياح إذا تحركت بشكلٍ جماعي فانّها تنشر الغيوم وتُكوِّنُ أمطاراً غزيرة ومليئة بالبركة ، وإذا تحركت على هيئة أجزاءٍ متفرقة فانّها تكون عقيمة وغير مفيدة ، بل مضرّةً عندئذ ، لذلك ورد في الدعاء : «اللّهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً» «2».
ويقول «الراغب في المفردات» : في جميع الموارد التي ذكر اللَّه تعالى لفظة «الريح» بصورةٍ مفردة (في القرآن) فهي تحكي عن «العذاب» ، وأينما ذكرت بصيغة الجمع فهي تحكي عن الرحمة.
وقول الراغب صائبٌ في ما يَخص «الرياح» في صيغة الجمع ، ولكن ليس هناك تعميمٌ في مورد «الريح» بصيغة المفرد ، لإنَ «الريح» استخدمت في القرآن بصيغة المفرد في مورد
النعمة أيضاً ، كما في قوله تعالى : {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِى الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وفَرِحُوا بِهَا}. (يونس/ 22)
ونقرأ أيضاً بخصوص سليمان عليه السلام : {وَلِسُلَيَمانَ الرِّيْحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَواحُهَا شَهْرٌ}. (سبأ/ 12)
و «تَصْريفِ الرِّياح» تعني نقل الرياح من حالٍ إلى حال (من الشمال إلى الجنوب ومن الجنوب إلى الشمال) ، وهي من مادة (صرف) (على وزن حرف) أي تحويل الشيء من حالةٍ إلى حالةٍ اخرى أو إِبداله بشيءٍ آخر «3».
وقد يكون هذا التعبير إشارة إلى أنّ الرياح لو سارت باتجاهٍ واحدٍ باستمرار فمن الممكن أن تدفعَ بالرطوبة والغيوم المتصاعدة من البحار نحو جهة واحدة فقط أما تغيُّر الرياح فانّه يؤدّي إلى أن تتحرك الغيوم من مكانٍ إلى مكانٍ آخر ، وتَستفيد أغلبُ المناطق الجافة من الأمطار إلى اقصى حد.
فضلًا عن ذلك ... فإنّ فائدة الرياح لا تنحصر بحركة الغيوم ، بل لها منافع كثيرة اخرى .. «4».
و «السَّحاب» : من مادة «سَحْب» (على وزن مَحْو) ، وتعني في الأصل الجرَّ ، حيثُ تُسحبُ الغيوم بواسطة الرياح ، أو أنّ الغيوم تسحبُ المياهَ نحو أيِّ اتجاهٍ ، فيُطلقُ اسم «السحاب» عليها ، وقد يُستخدم هذا المفهوم بمعنى الظِّل أو الظلام من باب التشبيه.
واللطيف إنَّه قد تمَّ التعبير في الآيات أعلاه ب «سُقناه» من مادة «سوق» أي «الدفع» وقد استُعمِلَ هذا التعبير لأنَّ اللَّه تبارك وتعالى يدفعها نحو اتجاه معيَّن (بالرغم من أنّ السحاب يتحرك طبيعياً).
و «مُزن» : على وزن «حُزن» وتعني «الغيوم الواضحة» ، وفسَّرها البعض ب (الغيوم الممطرة) «5».
ولهذا يُطلقُ على الهلال الذي يبرز من بين الغيوم ب (ابن مُزنة) ، و(مازن) تعبيرٌ يطلق على بيض النمل.
و «بُشْر» : (على وزن عُشْر) ، وحسب ما جاء في (مصباح اللغة) فهي مأخوذة من (بَشَرْ) (على وزن سَقَرْ) أي السرور والفرح «6».
والسببُ في تسمية القرآن الكريم للغيوم ب «بُشْر» و«مُبَشِّرات» لأنّها غالباً ما تكون مبشِّرات بهطول المطر الذي يَهَبُ الحياة.
ظاهرة الريح والأمطار والأسرار الكامنة فيها :
أشارت الآية الاولى من البحث وكتعريفٍ بالذات الإلهيّة المقدّسة إلى مسألة هبوب الرياح وحركة الغيوم بواسطتها حيث يقول : {اللَّهُ الَّذى يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيْرُ سَحَاباً}.
ثمَّ تعرضت إلى بسط الغيوم في كبد السماء ، وتراكمها فوق بعضها ، وفي الختام أشارت إلى خروج قطرات الأمطار من وسطها ، فيقول : «فَيَبْسُطُهُ فِى السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ ويَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرىَ الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ».
و «الكِسَفْ» : على وزن (قِمَم) تعني هنا تراكم قطعِ الغيوم حيث تستعد لنزول المطر ، و«الودق» (على وزن خَلْقْ) تُطلقُ على الرذاذ الذي يشبه الماء ، وفسَّرها البعض بأنّها قطرات المطر.
وفي نهاية الآية أُشير إلى استبشار عباد اللَّه أثر نزول المطر فيقول : «فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَستَبْشِرُونَ».
وعليه فانَّ الرياح لا تُحرِّكُ الغيومَ فقط ، بل تبسطها في السماء ثم تضعها على بعضها وتقوم بتبريد أطراف الغيوم وإعدادها لإنزال المطر.
فالرياح شأنها شأن الرعاة ذوي الخبرة والتجربة حين يقومون بجمع قطيع الماشية في وقتٍ محدَّدٍ من أطراف الصحراء ويسوقونها في طريقٍ معينٍ ، ثم يحضّرونها للحلب.
فلا سُمكُ الغيوم يكون بحد بحيث يمنع خروج قطرات المطر ، ولا شدّة الرياح بالقدر الذي تمنع نزول هذه القطرات إلى الأرض. ولا تكون قطرات الأمطار صغيرة بالقَدْرِ الذي يجعلها تبقى معلقةً في السماء ، ولا كبيرة حيث تؤدّي إلى تدمير المزارع والبيوت ، ولا يقتصر نزول المطر على بشارة الناس بالإعمار والازدهار فقط ، بل إنَّه يُصَفّي ويُلطِّفُ الجو ويبعثُ على النشاط.
والملفت للنظر أنّ الآيات التي تلي هذه الآية من سورة الروم تُذكِّر بالرحمة الإلهيّة في إحياء الأرض بعد موتها : «فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا». (الروم/ 50)
ومن أجل إدراك مفهوم هذه الآية يكفينا مشاهدة صورٍ من بعض الصحارى ، والمزارع في بعض المناطق في أفريقيا كيف خيَّم عليها شبحُ الموت أثر الجفاف المستمر ، ورحلت عنها ملائكة الرحمة والحياة.
وفي المقابل فإنّ هذه الأمواج اللطيفة للرياح التي تَخترقها قطراتُ الأمطار بسهولةٍ ، تقوم أحياناً باقتلاع الأشجار الضخمة ، وتُدمِّرُ المبَاني ، وتختطفُ الإنسان معها إلى السماء ثم تقذفه إلى مكانٍ آخر إذا ما أمرت بذلك.
وتتعقبُ الآية الثانية هذا الموضوع أيضاً بشيءٍ من الاختلاف ، فهي تصفُ الرياحَ بالمبشِّرات ، وبالإضافة إلى مسألة نزول الأمطار فهي تشير إلى حركة السفن بواسطة الهبوب المنظَّم للرياح أيضاً ، فجاء في النهاية : «وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ ولَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ».
ومن الممكن أن تكون عبارة «وَليُذيْقَكُمْ مِّنْ رَّحْمَتِهِ» إشارة إلى بقية فوائد الرياح ، كتلقيح الأشجار ، ودفع العفونات وتصفية الأجواء وغيرها كما تمّ توضيحه في تفسير الميزان «7».
والحقيقة أنّ الإنسان لا يعرف قَدْرَ النعمةِ إلّا إذا سُلبت منه ، فلو توقفت هذه الرياح والنسمات يوماً واحداً لأصبح العيش في أجملِ البساتين والمزارع اسوأ من العيش في مطامير السجون المظلمة ، ولو هبَّت نسمةٌ على طامورةٍ انفراديةٍ فهي تضفي عليها صبغة الفضاء الطلق. ولو توقَّفَت الرياح فوق سطح المحيطات ، وتوقّفت الامواج ، فانَّ حياة الكثير من الاحياء المائية تتعرض إلى الخطر بسبب نقص الاوكسجين ، وتتبدَّل البحارُ إلى مستنقعات متعفنة رهيبة.
واهتَّم في الآية الثالثة بهذا الأمر أيضاً مع هذا التفاوت وهو اعتبار الرياحَ مقدمة لرحمته ، ووصفَ الغيوم ب «الثِّقال» أي (الأحمال الثقيلة ، جمع ثقيل) لانَّ الغيوم الممطرة اثقل من بقية الغيوم ، وتكون قَريبة من الأرض ، لذلك عبَّر عنها القرآن الكريم ب «الثِّقال».
و «اقلَّت» : من مادة «إقْلالْ» وتعني حملُ شيءٍ يكون خفيفاً بالنسبة لقدرة الحامل ، فهو يعتبره قليلًا ولا قيمة له ، إنّ وجود هذا التعبير في الآية أعلاه يبرهنُ على أنّ الغيوم الثقيلة التي قد تحملُ معها ملايين الاطنان من المياه لا تُحمّلُ الرياح ثقلًا كبيراً ، وهذا عرضٌ لقدرة اللَّه تعالى.
وقد أشارت الآية الرابعة إلى أنّ ارسالَ الرياحِ لأداء هذا الدور العظيم هو أحد آثار عظمة الذات الإلهيّة المقدَّسة ، إذ يُحيي الأراضي الميتة بواسطة هذه الرياح.
والجدير بالذكر هنا هو أنّ الآية استعملت كلمة «تثير» أي أنّ الرياح تُثير السُحبَ ، وقد يكون هذا التعبير إشارة إلى تكوُّنِ الغيوم بسبب هبوب رياح المناطق الحارّة على سطح المحيطات حيث تؤدّي إلى تكاثف الغيوم ، لأنَّ مسألة حركة الغيوم اخِذَتْ بالاعتبار في عبارة «فسقناه» ، وعليه فانَّ الرياح لها أثرٌ مهمٌ في حصول الغيوم ، وكذلك في تحريكها نحو المناطق الجافة ، ورفعها إلى اعالي الجو وتهيئة الظروف لهطول الأمطار.
وذِكْرُ هذه العبارة بصيغة الفعل المضارع «تثير» إشارة إلى عمل السُحبِ الدائم والمستمر أيضاً.
على أيّة حال فانَّ هذه المسألة تُعتبر برهاناً على علم وقدرة الخالق جلَّ وعلا وكذلك دليلٌ على قدرته في المعاد ، ولهذا تمت الإشارة إلى مسألة المعاد في ختام بعض هذه الآيات.
واستند في الآية الخامسة من بحثنا إلى خلقِ سبعةِ أشياءٍ مختلفةٍ كآياتٍ ودلائل على علم وقدرة اللَّه تعالى ليستفيد منها المفكرون والعقلاء وهي : خلق السماء ، والأرض ، واختلاف الليل والنهار ، والفُلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس ، والأمطار ، وهبوب الرياح واختلافها ، والسحب المعلقة بين الأرض والسماء.
واستند في هذه الآية على مسألة الحركات المختلفة للرياح : {وَتَصْرِيْفِ الرِّياحِ} ، وكذلك الغيوم المعلقة بين الأرض والسماء : {وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّر بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} ، السحبُ التي تحمل ماء البحار في أوساطها ، وهي في ذات الوقت معلقة بين الأرض والسماء ، فهي تمثل في الواقع أعظم آيات اللَّه ، «فتحيي الأرضَ بنزول المطر وتبّثُ أنواعاً مختلفةً من الدّواب على وجه الأرض» : {فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيْهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ}.
وعندما نشاهد أنّ الرياح والغيوم قد ذكرت في هذه الآية بعد نزول الأمطار فلعلّها من أجل الإشارة إلى هذه النقطة ، وهي أنّ فائدة الرياح لا تنحصر بتحريك الغيوم وانزال المطر فحسب ، بل لها فوائد جمّة اخرى تمّت الإشارة إليها سابقاً ، وسيشار إليها في نهاية الموضوع أيضاً.
وبغض النظر عن كون الغيوم هي السبب في هطول الأمطار ، فإنّ الغيوم لوحدها تعتبر ظاهرة عجيبة أيضاً ، لأنّها تحتفظ ببحارٍ من المياه وهي معلقةٌ بين الأرض والسماء «8».
وتستَند الآية السادسة إلى مسألة مياه شرب الإنسان ، وتذكر موضوعاً جديداً حيث تقول : {أَفَرَأَيْتُم المَاءَ الَّذِى تَشْرَبُون* أَأَنْتُمْ أنزَلُتمُوهُ مِنَ المُزْنِ أَمْ نَحنُ المُنْزِلُونَ} ؟ ثم يضيف تعالى : {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ} فلو أنَّ ماء البحر يصطحبُ أثناء تبخره إلى السماء ذرّات الأملاح الصغيرة ، وتنزلُ المياه المالحة والمرَّة من الغيوم لتحولّت الأرضُ إلى مملحةٍ ، فلا ينمو نباتٌ ، أو شجر ، وإذا أراد الإنسان أن يدفع الموت عنه أثر العطش لم يستطع أن يتجرع شربة من هذا الماء أبداً.
إنّ القدرة التي جعلت الماء يتبخر والأملاح الموجودة في مياه البحار تبقى في مكانها ، هذه العملية التي أثرت على حياة الإنسان وغيرت مجراها بل أثرت على أوضاع كل المخلوقات على وجه الكرة الأرضية ، هل يستطيع الإنسان أن يشكر هذه النعمة طيلة بقائه حياً في هذه الدنيا ؟
وكما قلنا فإنّ «المُزْن» تعني الغيوم الممطرة و«الأجاج» تعني الماء الشديد الملوحة أو المرارة.
وأشار في الآية السابعة إلى هِبَتَين عظيمتين اخريين من هِبات اللَّه إلى عباده وهما : هبة الهداية في ظلمات البر والبحر «بواسطة النجوم» ، وهبة ارسال الرياح كمبشِّراتٍ قبل نزول أمطار رحمته ، فحيثما تنزلُ الأمطار تصدحُ الحياة بنغماتها وتكون أساساً لأنواع الخير والبركة.
ويستند في نهاية الآية على هذين الموضوعين كوثيقةٍ لإثبات وحدانية اللَّه تعالى ، ويخاطب المشركين : {أَإِلهٌ مَعَ اللَّه تَعَالى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} ، ولعلَّ ذكرُ هاتين الهِبَتين معاً إشارةٌ إلى هذا المعنى وهو عندما يكون الجو صافياً يمكن الاستفادة من النجوم ليلًا في الإهتداء إلى الطريق للوصول إلى الهدف ، وإذا كان الجو غائماً فثمة رحمة أخرى وهي المطر ينالها الإنسان ، إذنْ ففي كلا الحالتين هناك موهبة ورحمةٌ ، وهو برهانٌ لمعرفة الذات الإلهيّة المقدّسة.
وفي الآية الثامنة إشارة إلى مسألة الرياح ونزول الأمطار بتعبيرٍ جديد ، فيقول : {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَواقِحَ}.
هل أنّ المقصود من الآية الكريمة هو حمل حبوب اللقاح بواسطة الرياح لتلقيح النباتات التي ستحمل الفواكه والثمار من بعد ذلك ، أم المقصود هو تلقيح السحاب لكي يحمل المطر؟
وبالنظر لقوله في تكملة الآية : {فَأَنْزَلنَا مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ} ، فيظهر أنّ المعنى الثاني أكثر تناسباً ، بالرغم من إمكانية الاستفادة من المعنيين معاً.
على أيّة حال ، فانَّ التعبير أعلاه تعبيرٌ لطيفٌ جدّاً حيث شَبَّه قِطعَ الغيوم بالأمهات والآباء ، فتتلاقح هذه الغيوم عن طريق الرياح ثم تحملُ ، وتضعُ جنينها أي قطرات الأمطار على الأرض!
ويشيرُ في ختام الآية إلى المياه الجوفية المخزونة تحت الأرض ، والتي هي من الذخائر الإلهيّة للناس ، فيقول : {وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ}.
فنحن الذين أمرنا طبقات الأرض أن تحتفظ بمياه الأمطار الصافية في داخلها ، وقد تكون الآبار والقنوات التي تستخدمونها اليوم هي من احتياطي المياه التي ذُخرت لكم منذ ملايين السنين في باطن الأرض ، من غير أنْ تَتلوث أو تتعفن.
وقد نقوم بخزنها عن طريق تجميدها في قمم الجبال على هيئة جليد وثلجٍ كي تصبح ماءً بشكلٍ تدريجيٍ ، ونسقيكم أنتم وحيواناتكم ومزارعكم ، وربّما تكون المياه التي تنحدر من القمَّة الفلانية اليوم مخزونةً منذ ملايين السنين.
وفي الآية التاسعة ، فبالإضافة إلى إشارته إلى نزول الأمطار من السماء ، فهو يشير إلى مسألة تكوُّنِ الينابيع ، فيقول : {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ انْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيْعَ}.
و«ينابيع» : جمع «ينبوع» وتعني العَيْن ، وهي في الأصل مأخوذة من مادة (نَبْعْ) وتعني انبثاق الماء من الأرض ، ومن الطبيعي إنَّ تكوُّنَ الينابيع في الأرض الذي يجعل الإنسان يستفيد من الماء الجاري بدون الحاجة إلى قوة اخرى ، يتبع ظروفاً خاصةً أولُها : أن تكون طبقة الأرض قابلة للاختراق كي يتغلغل الماء خلالها ، ثم يجب أن يكون ما تحت هذه الطبقة صلداً كي يتوقف الماء ويُخزنَ هناك ، وأن يكون هناك فارقٌ في المستوى بين خزانات المياه والمناطق الاخرى حتى ينسابَ الماء من هناك إلى بقية النقاط ، ومن المسلَّم به استحالةُ تناسق هذه الأمور لولا تخطيط مُبديء العلم والقدرة.
ويضيف في سياق الآية : {ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعَاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ}.
فيمكنُ أنْ يكون اختلاف الألوان هذا إشارة إلى ألوان النباتات المختلفة تماماً ، أو إشارة إلى أنواع النباتات وأزهار الزينة والاعشاب الطبية والصناعية والخضروات التي يأكلها الإنسان والتي لها أنواع لا تحصى في الواقع.
أَجَل .. إنّ اللَّه تعالى يستخرج من هذا الماء الذي لا لون له مئات الآلاف من ألوان الورود والنباتات المنتشرة في هذه الرياض الكثيرة ، وكما يقول الشاعر نقلًا عن اللغة الفارسية :
فإذا توصَّلت إلى أسرارها ستعرف أنّ هذا هو سر الأسرار
حيث هناك واحدٌ ولا يوجد غيره «وحده لا اله إلّا هو»
لهذا فهو يقول في نهاية الآية : {إِنَّ فى ذلِكَ لَذِكْرى لأُولى الألْبَاب}.
وقد أُشير في الآية العاشرة إلى نكتةٍ جديدة اخرى ، فيقول : {وَأَنْزَلْنَا مِنَ المُعْصِراتِ مَاءً ثَجَّاجاً}.
و «مُعْصِرات» : جمعُ (مُعْصِر) من مادة «عَصْر» وتعني الضغط ، والمُعصرات تعني الضاغطات ، وما هو المقصود هنا بهذا التعبير؟ لقد ذكروا تفاسير متعددة : فالبعض اتخذها صفةً للغيوم ، إذ اعتبرها إشارة إلى نظامٍ خاص يتحكم بها عندما تتراكم على بعضها ، فكأنّما تعصِر نفسها كي تجري الأمطار منها ، واعتبر هذا التعبير من المعاجز العلمية للقرآن الكريم «9».
إلّا أنّ البعض الآخر اتخذها صفةً للرياح ، واعتبرها إشارة إلى العواصف الرملية والأعاصير الشديدة والزوابع الترابية ، حيث لها تأثيرٌ عميق في تكوين الأمطار والرعد والبرق (علماً أنّ «الإعصار» يعني ريح ترتفع بالتراب أو بمياه البحار).
فيقول هؤلاء .. أثناء هبوب العواصف الرملية الشديدة على سطح البحار والمحيطات فانّها تحمل معها البخار من على سطح المحيط ، وحينما تصل به إلى نقاط الجو العليا الباردة جدّاً ، وحيث تكون قدرة إشباع البخار هناك ضعيفة ، يحصل الرعد والبرق الشديد ، وبما أنّ «ثجّاجاً» صيغة للمبالغة ، وهي من مادة «ثَجَ» على وزن (حّجَّ) وتعني سكب الماء تتابعاً وبكثرة فهي تتناسب كثيراً مع مثل هذا الرعد والبرق «10».
واعتبرها البعض إشارة إلى الغيوم التي تتزامن مع العواصف الرملية والأعاصير «11» ، فهذه العواصف تسوق الغيوم نحو الأعلى ، وتأخذها نحو مناطق الجو الباردة حيث تتبدّل هناك إلى قطرات من الماء ، وبما أنّ هذا العمل يتمّ سريعاً فهو يولد زوابع رعدية شديدةٍ و«الماء الثجّاج» ، ونلاحظ كثرة مثل هذه الزوابع الرعدية في فصل الربيع ولعله بسبب كثرة حالات الزوابع الرعدية والعواصف في هذا الفصل.
ويضيف في سياق هذه الآيات : {لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً * وَجَنَّاتٍ الْفَافاً} ، ويشمل هذا التعبير جميع أنواع النباتات والحبوب وأشجار الفاكهة.
وفي الآية الحادية عشرة ، وبعد بيان ما جاء في الآيات السابقة : {وَهُوَ الَّذِى أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ} ، يَرِدُ ما يلي : {وَأَنْزَلنَا مِنَ السَّماءِ مَاءً طَهُوْراً}.
وهذا موضوع جديدٍ حيث يستند إليه في هذه الآية.
و«الطّهور» : صيغة مبالغة من «الطهارة» والنقاوة حيث تفيد طهارةَ الماء وكذلك كونه مطهّراً ، ولو لم تكن للماء صفة التطهير لتلوثت كلُّ مقومات حياتنا واجسامنا وأرواحنا خلال يومٍ واحد ، ويمكن أن نلمسَ حقيقة هذا الكلام إذا ما ابتُلينا تارة بفقدان ماء للتنظيف ، حينها يصعبُ توفير الغذاء ، وسنفقد نظافة الجسم والنشاط والطراوة والصحة والسلامة.
صحيحٌ أنّ الماء لا يقتل الجراثيم ولكنّه (مُذيب) جيد فهو يقوم بتحليل أنواع الجراثيم وإزالتها ، ولهذا فهو عاملٌ مؤثرٌ في تأمين السلامة ، ويطهِّرُ روحَ الإنسان من الأدران عن طريق الوضوء والغُسل أيضاً.
وليس عبثاً أن يأتي في الآية : {لِنُحْىَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً}.
ثم نواجه في الآية الثانية عشرة والأخيرة مسألةً جديدةً وهي أنّ اللَّه تعالى يسوق المياه إلى الأرض «الجُرُز» أي الجافة اليابسة الخالية من الكلأ ، فيقول : {أَوَلَمْ يَرَوا انَّا نَسُوقُ المَاءَ إِلىَ الأَرْضِ الجُرُزِ} ؟! {فَنُخرِجُ بِه زَرَعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أنْعَامُهُمْ وأَنْفُسُهُمْ} ، فيَأكلون الحبوب وتأكل بهائمهُم السوق والأوراد والجذور.
ويستفاد من كلام أرباب اللغة أنّ «الجُرُز» مأخوذة في الأصل من مادة (جَرَز) على وزن (مَرَضْ) وتعني (الانقطاع) أي انقطاع الماء ، والنبات ، والإعمار والطراوة ، ولذا يقال للناقة التي تأكل وتقطع كل شيء ب «ناقة جروز» ، ولمن يأكل كل ما موجود على خوان الطعام ويفرغها تماماً ب «رجل جروز» «12».
ويقول في نهاية الآية داعياً إلى التفحص في هذه النِعَم الإلهيّة العظيمة وآيات التوحيد :
{أَفَلا يُبْصِرُوْنَ}.
ولكن لماذا تقدمت «الانعام» على الإنسان في الآية المذكورة؟ يقول بعض المفسِّرين :
لأنَّ الزرعَ أول ما ينبت يصلح للدواب ولا يصلح للإنسان بالإضافة إلى أنّ الزرعَ غذاء الدَّواب وهو لابدَّ منه ، في حين أنّ للإنسان اغذية اخرى «13».
النتيجة :
يستفادُ جيداً من الآيات الآنفة وبالانتباه إلى المسائل الدقيقة والظريفة التي انعكست فيها ، أنّ هناك نظاماً دقيقاً جدّاً ومضبوطاً يسود وجود الرياح والغيوم والأمطار ، حيث كلّما أطالَ الإنسان التمعُن فيها تزداد معرفته بالظرافة والمنافع والبركات الكامنة فيها.
فقد اعتُبر الماء في بعض هذه الآيات أساساً للحياة ، وفي بعضها وسيلةً للنظافة ، وفي بعضها كموجودٍ مباركٍ (سورة ق ، 9) ، وفي البعض الآخر كمشروبٍ سائغ {مَاءً فُراتاً} (المرسلات/ 27) .
ومن مجموع ذلك فإننا أينما وجهنا النظر وحدقنا نعثر على آثار حكمة اللَّه البالغة ، وأينما يقع بصرُنا تتجلى لنا صورة من العظمة الإلهيّة.
توضيحات
1- تكوين الرياح وفوائدها
إنَّ مصدرَ حصول الريح هو الاختلاف في درجة الحرارة بين منطقتين مختلفتين من الأرض ، ويمكن تجربة هذا أثناء فصل الشتاء حيث يكون هواء الغرفة حاراً وفي خارجها بارداً ، فلو وضعنا شمعتي إضاءة عند طرفي الباب العلوي والسفلي وفتحنا الباب قليلًا سيتضح هذا الأمر جيداً إذ إنَّ الهواء البارد وبسبب ثقله يدخلُ من الاسفل والهواء الحار يخرج من الأعلى لخفّته فيحرك شعلةَ الشمعة باتجاهه (إنَّ الهواء الحار يكون ممدداً وخفيفاً والهواء البارد مضغوطاً ثقيلًا ، ) ولو لم تكن هذه الصفة وتتوقف الرياح عن الحركة فايُّ بلاءٍ عظيمٍ سينزل على الإنسان؟!).
كما نعرفُ أيضاً أنّ للكرة الأرضية ثلاث مناطق ، فالمنطقة الباردة (الأطراف القطبية) ، والحارّة جدّاً (المناطق الاستوائية) ، والمعتدلة (المناطق التي تتوسط هاتين المنطقتين).
وهذا الاختلاف في درجات الحرارة على الأرض يكون سبباً في انتقال الهواء من جهةٍ إلى اخرى وأهمّه الرياح التي تُسمى «الرياح القطبية» (وهي الرياح التي تهبُّ من القطب نحو المنطقة الاستوائية ولأنّها تكونُ باردةً فهي تسير بالقرب من سطح الأرض) ، والرياح «الاستوائية» (وهي الرياح التي تهبُّ من المنطقة الاستوائية نحو القطب وبما أنّها تكون حارَّة فهي تتحرك في طبقات الجو العليا) «14».
فضلًا عن أنّ ماء المحيطات لا يكون حاراً كحرارة السواحل أثناء شروق الشمس ، إضافة إلى أنّ ماء البحر يفقد حرارته ليلًا اسرعُ ممّا يفقده الساحل ، فهذا الاختلاف في درجات الحرارة بين ماء البحر والساحل يتسبب أيضاً في هبوب الرياح باستمرار من البِّر إلى البحر ومن البحر إلى البِّر أيضاً.
وإضافة إلى كل هذا فانَّ كروية الأرض تؤدّي إلى أن تقع بعضُ المناطق في مواجهة الشمس مباشرة (أثناء الظهر) ، وأن تَشِّعَ الشمسُ على المناطق الاخرى بشكلٍ مائلٍ (أثناء الشروق والغروب) ، فهذا الاختلاف في درجات الحرارة أحد أسباب حصول الرياح في مختلف المناطق أيضاً (وكذلك هناك عوامل معقّدة اخرى).
وتتظافر هذه الأسباب في تحريك الرياح في سائر انحاء الكرة الأرضية وتتزامن معها الفوائد الجمَّة التالية التي تمَّت الإشارة إليها في الآيات السابقة :
1- للرياح نصيبٌ مهمٌ في تكوين الغيوم بسبب هبوبها على المحيطات.
2- إنّ الرياحَ تصطحبُ معها الغيوم إلى المناطق الجافة واليابسة ولولاها لاحترقَ جانبٌ كبير من الكرة الأرضية بسبب الجفاف.
3- إنّ الرياحَ تلطِّفُ الجوَّ وتجلبُ الاوكسجين الضروري من المناطق البعيدة.
4- إنّ الرياحَ تأخذ معها التلوث حيث تساعد في تنقية الجو عن هذا الطريق.
5- إنّ الرياحَ تُقللُ من شدّة حرارة الشمس على أوراق النباتات ، وتمنع احتراقها بهذه الأشعة ، وبصورة عامة فانّها وسيلةٌ مهمةٌ لاعتدال الجو في بقاع الأرض.
6- إنّ الرياح- وكما قلنا في تفسير الآيات- تعصُر الغيوم وتُعدُّها لإنزالِ المطر.
7- إنّ الرياح تسوقُ الغيوم نحو طبقات الجو العليا ، وبسبب البرودة وفقدان قدرة تحمل الاشباع تتحول إلى قطرات مطرٍ تهبُ الحياة.
8- إنّ الرياح تُحرِّك السفن الشراعية في المحيطات ، كما أنّها تُعتبر أحد المصادر المهمّة للطاقة.
9- تُستخدم الرياح لتشغيل الطاحونات الهوائية.
10- إنّ الرياح تُعتبرُ وسيلة مهمة جدّاً للمزارعين في تصفية الحنطة وغيرها وعزلها عن التبن.
11- إنّ الرياح تعملُ على تحريك مياه البحر فتحصل الأمواج وهذه الأمواج تؤدّي بدورها إلى اختلاط الهواء مع الماء ، فيكون أساساً لحياة الموجودات في البحر ، ولولا الرياح والأمواج لتبدَّل البحر إلى مستنقعٍ آسن لا حياة فيه.
12- وختاماً فانَّ الرياح تساهم في تلقيح النباتات ، إذ تحمل حبوب اللقاح إلى الأجزاء الانثوية ، ولو تقاعست عاماً واحداً لتناقصت كمية الفاكهة المنتجة لدينا!
هذا جانبٌ من بركات هبوب الرياح الذي توصَّلَ إليه العلمُ البشري حتى الآن ومن المسلَّم به أنّ بركاتها لا تنحصر بما قلناه ، وينبغي الانتظار حتى يرفعَ العلمُ الحجابَ عن أسرار جديدة ، ولكن كُلًا من الامور المذكورة أعلاه يكفي لوحده أن يبرهنَ لنا على علم وقدرة الخالق جلَّ وعلا ، ناهيك عن مجموعها ، فكم هو رحيم ورؤوف ذلك الإله الذي يُكُنُّ لعباده كلَّ هذا العطف والمحبّة ، وكَمْ مليئة ب (البركة) تلك «الحركة» التي تترك كل هذه الآثار الايجابية المهمّة أثناء هبوب ذرات الهواء؟.
2- أسرار تكوين الغيوم وهطول الأمطار
لا يخفى أنّ الغيوم هي ذرّات بخار الماء ، أو بتعبير أكثر دقّة هي ذرات الماء التي انفصلت جزئياتها عن بعضها وتحولت إلى بخار.
إنَّ التمعنَ في ما يخص تكوّن الرياح والأمطار يكشف لنا أسراراً لطيفةً عن هاتين الظاهرتين العجيبتين ، منها :
1- إنّ أغلبَ السوائل لا تتبخر إذا لم تصل إلى درجة الغليان ، إلّا أنَّ الماء من السوائل المستثناة حيث يتبخر في أي درجة من الحرارة ، ولولا هذه الميزة في الماء لما تبخرت قطرة واحدة من ماء البحر ، ولما تكوّنت الغيوم ، ولما نزلت المطر ولاحترقت اليابسة من الجفاف.
2- وهذا ما يجدر بالاهتمام أيضاً ، فأثناء عملية التبخر يتبخر الماء الصافي فقط ، وتبقى الأملاح والذّرات الاخرى التي فيه في مكانها ، أي أنّ هناك عملية تصفيةٍ طبيعية كي ينالَ البشرُ المياهَ الصالحة.
3- لو لم تكن الطبقات العليا من الجو أكثر برودة من الطبقات السفلى لما امطرت الغيوم المضطربة في الجو أبداً ، ولكن هذا الاختلاف في درجات الحرارة هو الذي يؤدّي إلى نزول الأمطار ، وكذلك لو كانت قدرة إشباع ذرات البخار متساوية في الهواء البارد والحار لما نزلت الأمطار ، ولكن بما أنّ الهواء البارد له قدرةُ إشباعٍ ضعيفة فانّه يُنزلُ البخار الذي تحول إلى ماءٍ.
4- إنّ الأمطار إضافة إلى توفيرها للماء الضروري لنمو النباتات ، تقوم بغسل الأرض وتحمل الأوساخ معها نحو البحار.
5- إنّ الأمطار تُنّظفُ الجوَّ أيضاً ، وتقوم بإنزال التراب والغبار والذّرات المعلَّقة في الجو التي تذوب فيها إلى الأرض ، ولولا هطول الأمطار لتلوَّثَ الجو بعد مدةٍ قصيرة واستحالَ التنفُس على الإنسان.
6- إنّ الأمطار تغسلُ صخور الجبال شيئاً فشيئاً ، ليخرجَ منها التراب الذي يمكن استثماره ، فتمتد السهول الواسعة على سطح الأرض.
7- إنّ الأمطار تحمل معها الاتربة الغنيّة من المناطق البعيدة وتنشرها في المزارع لتقويتها ، كما يجلب جريان الماء معه أفضل الاسمدة الطبيعية للنباتات إلى بعض المناطق (كسواحل النيل).
8- إنّ الأمطار لا تهبُ الحياة في المناطق الجافة فحسب ، بل إنَّ هطول الأمطار على البحار يُعتبر مؤثراً للغاية أيضاً ، وليس أقل من تأثيره في المناطق اليابسة كما يقول بعض العلماء ، لأنَّ سقوط الأمطار في البحر يساعد على نمو النباتات الصغيرة في وسط أمواج المياه ، حيث تكون طعاماً مناسباً جدّاً للأسماك والاحياء البحرية ، وفي السنة التي يقلُّ فيها نزول الأمطار يسوء فيها وضع الصيد.
9- إنّ ارتفاعَ الغيوم عن سطح الأرض أكثر من ارتفاع اعلى نقاط الأرض ولهذا فلا تُحرم أيةُ بقعةٍ من الاستفادة من ماء المطر.
10- إنّ العديد من أشجار الغابات والأعشاب الطبية والغذائية تنمو على سفوح الجبال الشاهقة ، وهذا يدل على أنّ الأمطار تقوم بإيصال الكمية اللازمة من الماء إليها ، ولولا الأمطار لأصبحت هشيماً يابساً.
11- لو تأملنا جيداً بالسدود الضخمة التي أنشِئَتْ في عصرنا هذا والتي تُؤمِّنُ جانباً مهماً من الطاقة الكهربائية في العالم ، وتقوم بتشغيل المعامل العملاقة لوجدناها من بركات هطول الأمطار على المناطق الجبلية.
12- إنّ بعض ترشحات الغيوم تنزلُ إلى الأرض على هيئةِ جليدٍ فتتراكم على قمم الجبال كمصادر للمياه ، وتقوم بتغذية خزانات المياه الموجودة تحت الأرض أيضاً لأنّها تذوب تدريجياً وتَنْفُذُ داخل الأرض ، ولكن لو تساقط الجليد باستمرار بدلًا من المطر تنعدم عندئذٍ الكثير من المنافع التي ذُكرت.
13- الغيوم بحار معلقة في السماء ، وما أعظمَ الإله الذي يُرسلُ كلَّ هذا الماء إلى السماء خلافاً لقانون الجاذبية ، ويقوم بنقله بسهولةٍ من نقطةٍ إلى اخرى.
14- بالإضافة إلى كل هذا فانَّ للغيوم تأثيراً ملموساً في خفض درجة الحرارة شتاءً وخفض درجة الحرارة صيفاً.
15- إنّ الغيوم تحمل الشحنات الكهربائية المختلفة حيث تؤدّي إلى وقوع الرعد والبرق ، ... وعلى العموم فانَّ هاتين الظاهرتين اللّتين نعتبرهما من الامور العادية جدّاً نتيجة لأُنْسِنا بهما ، مدهشتان ومليئتان بالأسرار ، ويمكن مشاهدة آيات التوحيد العظيمة في أعماق أسرارهما ، والوصول إلى عظمة تلك الذات المقدّسة من خلال هذه الآيات العظيمة.
3- الرياح والأمطار في الروايات
نقرأ في الحديث المعروف بتوحيد المفضّل عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال :
«وانبهك يا مفضل على الريح وما فيها ، ألست ترى ركودها إذا ركدت كيف يحدث الكرب الذي يكاد أن يأتي على النفوس ، ويمرّض الأصحاء وينهك المرضى ، ويفسد الثمار ، ويعفّن البقول ، ويعقّب الوباء في الأبدان ، والآفة في الغلات ففي هذا بيان أنّ هبوب الريح من تدبير الحكيم في صلاح الخلق.
ولو أنّ ملكاً من الملوك قسّم في اهل مملكته قناطير من ذهب وفضة ألم يكن سيعظم عندهم ويذهب له به الصوت؟ فأين هذا من مطرة رواء؟ إذ يعمر به البلاد ويزيد في الغلّات أكثر من قناطير الذهب والفضة في أقاليم الأرض كلها.
تأمل نزوله على الأرض والتدبير في ذلك فانّه جعل ينحدر عليها من علو ليتفشّى ما غلظ وارتفع منها فيروّيه ولو كان إنّما يأتيها من بعض نواحيها لما علا على المواضع المشرفة منها ويقل ما يزرع في الأرض وبها يسقط عن الناس في كثير من البلدان مؤونة سياق الماء من موضع إلى موضع ، وما يجري في ذلك بينهم من التشاجر والتظالم حتى يستأثر بالماء ذوو العزة والقوة ويحرمه الضعفاء. ثم إنّه حين قدّر أن ينحدر على الأرض انحداراً جعل ذلك قطراً شبيهاً بالرش ليغور في قطر الأرض فيرويها ولو كان يسكبه انسكابا كان ينزل على وجه الأرض فلا يغوُر فيها ثم كان يحطم الزرع القائمة إذا اندفق عليها فصار ينزل نزولا رقيقاً فينبت الحب المزروع وفي نزوله أيضاً مصالح اخرى فانّه يلين الأبدان ويجلو كدر الهواء فيرتفع الوباء الحادث من ذلك ويغسل ما يسقط على الشجر والزرع من الداء».
ويقول في جانب آخر من الرواية :
«فكّر يا مفضل في الصحو والمطر كيف يعتقبان على هذا العالم لما فيه صلاحه ، ولو دام واحد منهما عليه كان في ذلك فساده ، ألا ترى أنّ الأمطار إذا توالت عفنت البقول والخضر واسترخت أبدان الحيوان وخصر الهواء فأحدث ضروباً من الأمراض وفسدت الطرق والمسالك وأنّ الصحو إذا دام جفّت الأرض واحترق النبات وغيض ماء العيون والأودية فأضرّ ذلك بالناس وغلب اليبس على الهواء فأحدث ضروبا اخرى من الأمراض فإذا تعاقبا على العالم هذا التعاقب اعتدل الهواء ودفع كل واحد منهما عادية الآخر فصلحت الأشياء واستقامت» «15».
ونقرأ في حديث آخر عن الإمام السجاد عليه السلام :
«أنزل من السماء ماءً يعني المطر ينزله من أعلى ليبلغ قلل جبالكم وتلالكم وهضابكم واوهادكم ثم فرقه رذاذاً ووابلًا وهطلًا لتنشفه ارضوكم ، ولم يجعل ذلك المطر نازلًا عليكم قطعة واحدة فيفسد أرضيكم وأشجاركم وزروعكم وثماركم» «16».
4- لقد كشفت البحوث الحديثة للعلماء النقاب عن أسرار جديدة وبيَّنَتْ التأثيرات المهمّة للرياح في نزول الأمطار بكيفية جديدة حيث يُعتبر التوضيح الآتي نموذجاً منه (يجب توفر شرطين لتكوين الغيوم وهطول الأمطار) وهما :
1- وجود بخار الماء في الهواء.
2- تشَبُّع الهواء بالبخار وتقطيره.
أمّا فيما يتعلق بالشرط الأول فبالرغم من أنّ الهواء لا يخلو على الاطلاق من بخار الماء وتبلغ ادنى نسبة له نحو 50 غراماً في المتر المكعب ، إلّا أنّ هذا المقدار من الرطوبة لا يكفي لتكوين الغيوم ونزول الأمطار ، بل يجب امدادها باستمرار ، أي يجب أن يصل هواءٌ جديدٌ مُحمَّلٌ ببخار الماء بعد تكوين الغيوم ونزول الأمطار تباعاً ، ويستمر هبوب الرياح ، ويكون انطلاقها أو مسيرتها من البحر أو الغابات الكثيفة كي تتزود من الرطوبة بالمقدار اللازم.
وأمّا الشرط الثاني أي الوصول إلى حالة الاشباع وحصول ظاهرة التقطير (تعرُّق الهواء وتحول البخار إلى سائل) فهذا يستلزم برودة الهواء ، كما يحدث في الشتاء إذ يَتعرق زجاج شبابيك الغرف التي تحتوي على ما يكوّن البخار كالسماور والقدر ....والعامل الوحيد المؤثر في برودة الهواء والذي يوصله إلى مرحلة تكوين الغيوم والتقطير هو ارتفاع الهواء وعلوه ، ويحدث ارتفاع الهواء على ثلاثة أشكال أو في ثلاث حالات ، وينزل في كل حالةٍ منها مطرٌ خاصٌ وهي :
أ) اصطدام الهواء بالأجزاء البارزة من الأرض والصعود من وسط الجبال حيث تنتج عنه الأمطار الجبلية.
ب) حرارة وخفَّةُ الهواء وصعوده السريع اثر اشعة الشمس وملامسة المناطق الحارة وتنتج عنه (أمطار العواصف).
ج) اصطدام جناحي الهواء الحار والبارد وتقلبهما وتنتج عنه (الأمطار الغزيرة) ، وأنَّ الغيوم والأمطار كافة تنشأ عن أحد هذه الحالات الثلاث واهمها النوع الأخير.
اذن فالهواء يرتبط بالغيوم والأمطار في كل المراحل فهو يتدخل ابتداءً من حمل البخار وايصاله إلى المناطق الجافة ، مروراً وانتهاءً بهزّ الغيوم وانزال المطر ، وليس من الممكن حصول الغيوم والأمطار بدون الهواء ، والمعروف أنّ الغيوم ليست سوى الهواء (أي الهواء المحمَّل بالماء).
وورد في قسمٍ آخر من هذا البحث : «إنَّ قطرات الأمطار تهطل من الغيوم المتكونة من عدّة طبقات والتي ترتفع أكثر من عشرة كيلو مترات ، وهذه الغيوم العارية الصاخبة تظهر على هيئة جبالٍ حيث يُغطى القسم الأعلى منها بقضبان الثلج وقطع الجليد وقد تكون ممتلئة بالبرَدِ».
وحتى قبل الحرب العالمية الاولى حيث تمكنت الطائرات حينذاك من الارتفاع فوق الغيوم وشاهد الطيارون الستائر المتكونة من الجليد والناشئة من الغيوم المتصاعدة ، لم يكن لأي شخصٍ علمٌ بوجود الجليد والبَرَدِ في غيوم السماء.
«فالصعود المتقلِّب الا طبقي للرياح الرطبة والحارة يؤدّي إلى تكوين جبالٍ عاليةٍ من الغيوم المتجمدة التي تتزامن مع الزوابع الشديدة وسط الرعد والبرق المتتابعين» «17».
ويمكن أن يعطي هذا التوضيح تفسيراً جديداً للآية 43 من سورة النور ويرفع الحجاب عن معجزة علمية لطيفة للقرآن الكريم ، حيث يقول : {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيْبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيصْرِفُهُ عَن مَّنْ يَشاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ} فأيُّ جبلٍ في السماء توجدُ فيه قطع البَرَدِ؟ هذا السؤال الذي كان صعباً ومعقداً بالنسبة للكثيرين ، ولهذا فقد ذكروا له عدة تفاسير.
ولكن من خلال الاكتشافات أعلاه يتضح عدم الحاجة إلى التبرير والتقدير والمجاز وامثال ذلك لتفسير الآية المذكورة ، ويتبينُ معنى الآية في ظل هذا الأمر «18».
______________________________
(1) توجد في القرآن الكريم آياتٌ كثيرةٌ في هذا المجال ، وما ورد أعلاه مقتطفات من هذه الآيات بإمكانها تبيان ابعاد هذه الامور الثلاثة المهمّة وهي كما يلي : الانعام ، 99 ؛ ابراهيم ، 32 ؛ النحل ، 65 ؛ طه ، 53 ؛ الحج ، 63 ؛ النمل ، 60 ؛ العنكبوت ، 63 ؛ لقمان ، 10 و11 ؛ فاطر ، 27 ؛ فصلت ، 39 ؛ الرعد ، 17 ؛ الأعراف ، 57 ؛ الحجر ، 22 ؛ النمل ، 63.
(2) مجمع البحرين- مادة (ريح).
(3) مجمع البحرين ، ومفردات الراغب.
(4) يُقسِّمُ العربُ الرياحَ إلى اربعة اقسام : «الشمالية» التي تهب من الشمال ، و«الجنوبية» التي تهبُّ من الجنوب ، و«الصبا» التي تهبُّ من الشرق ، و«الدبور» التي تهبُّ من الغرب.
(5) مفردات الراغب ولسان العرب ، مادة (مُزن).
(6) «بُشْر» اسم مصدر وتأتي بمعنى اسم فاعل (مُبَشِّر) أيضاً.
(7) تفسير الميزان ، ج 16 ، ص 209.
(8) يجب الانتباه إلى أنّ السحاب : البخار المتراكم وتسميه العرب (ضباباً)- بالفتح- مالم ينفصل من الأرض فإذا انفصل وعلا سُمّي (سحاباً وغيما وغماماً) ، (تفسير الميزان ج 1 ، ص 411).
(9) راجِع كتاب الريح والمطر ، ص 126.
(10) اعجاز القرآن في نظر العلوم المعاصرة ، ص 67.
(11) التفسير الكبير ، ج 31 ، ص 8 إذ ذكر هذا المعنى كأحدِ التفاسير لهذه الآية.
(12) التحقيق في كلمات القرآن الكريم ، ومصباح اللغة.
(13) تفسير الكبير ، ج 25 ، ص 187.
(14) اعجاز القرآن في نظر العلوم المعاصرة ، ص 65.
(15) بحار الأنوار ، ج 3 ، ص 119- 126 (مع الاختصار).
(16) تفسير نور الثقلين ، ج 1 ، ص 41 ؛ بحار الأنوار ، ج 56 ، ص 344- 374 أيضاً وردت روايةٌ أشارت إلى أسرار تكوُّنِ الغيوم والمطر.
(17) الهواء والمطر ، ص 57- 65 (مع الاختصار).
(18) من أجل المزيد من الايضاح يراجع التفسير الأمثل ، ذيل الآية 43 من سورة النور.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|