أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-01
405
التاريخ: 2023-11-11
1018
التاريخ: 2023-10-15
904
التاريخ: 2023-10-26
1009
|
ولدى وفاة يوحنا الثالث حمل الجنود ابنه ثيودوروس حسب التقاليد الموروثة على ترسٍ خاصٍّ ونادَوْا به فسيلفسًا، وكان البطريرك المسكوني عمانوئيل الثاني قد تُوُفي منذ زمن قريب، فعرض ثيودوروس البطريركية على أُستاذه نيقيفوروس البلميدي فرفض، فانتقى ثيودوروس الراهب أرسانيوس أفطوريانوس، فوافق المجمع، فشُرطن بطريركًا مسكونيًّا. وفي الخامس والعشرين من كانون الأول سنة 1254 توَّج البطريرك الجديد ثيودوروس فسيلفسًا. وكان يوحنا الثالث قد عُنِيَ عنايةً فائقةً بإعداد ثيودوروس للمُلك، إما من حيث حمل السلاح وممارسة القتال، أو من حيث العلم والأدب والفلسفة؛ فإنه وكل أمر تهذيبه العلمي إلى أكبر أساتذة زمانه: إلى نيقيفوروس البلميدي Blemmydes وإلى جورج أَكروبوليتس Acropolites، ومن هنا كانت عقيدة ثيودوروس أَنَّ العلم والفضيلة لا ينفصلان، وورث ثيودوروس عن والده داءَ النقطة فنشأ سقيمًا ضعيفًا، وكثرتْ نَوْبَاتُهُ بهذا الداء فَأَثَّرَتْ في جهازه العصبي، فلم يكن يقوى دائمًا على ضبط أعصابه، فأصبح سريع التهيُّج، متسرعًا في أحكامه، ولكنه ظل يحسن القيادة والإدارة، فقاد جيوشه إلى النصر أكثر من مرة، ووكل الإدارة إلى رجال أكفياء ونفَّذ أحكامهم بدون تردُّد. وأدى هذا الحزم في تنفيذ القانون إلى شيءٍ كثيرٍ من الامتعاض في الأوساط العالية، ولا سيما بين أصحاب الأملاك الكبيرة، فسهَّل بذلك وُصُولَ آل باليولوغوس إلى الحكم — كما سنرى (1). وما إن علم ميخائيل الثاني ملك البلغار وصهر ثيودوروس زوج أخته بوفاة عمه يوحنا الثالث باطاجي، حتى انقضَّ على مقدونية وتراقية؛ يستعيد ما ضمه يوحنا الثالث إلى ملكه منهما، فعبر ثيودوروس الثاني إلى أوروبة في شتاء السنة 1255 وطرد البلغار من جميع الأماكن التي كانوا قد احتلوها، وفي ربيع السنة 1256 عاد إلى أوروبة قاصدًا عاصمة البلغار، فصمد البلغار في وجهه، وقَبِلَ الطرفان بصلحٍ يُعيد الحدودَ إلى ما كانت عليه عند بداية الحرب (2). وكان ميخائيل الثاني ديسبوتس إبيروس قد خطب مريم ابنة ثيودوروس لابنه نيقيفوروس، فلما صمد ثيودوروس في وجه البلغار — كما ذكرنا آنفًا — سعى الديسبوتس لعقد الزواج وأرسل ابنه وخطيبته إلى قصر ثيودوروس، فاستقبلهما بحفاوة. وقام هذا إلى ثيسالونيكية ليشترك في حفلة الزواج، ولكنه طلب إلى زميله ميخائيل والد صهره أن يتخلى بهذه المناسبة عن ألبانية وصربية وديراتزو «مفاتيح الشرق» وأن يُسَلِّمَها له، فحاول ميخائيل أَنْ يَتَمَلَّصَ واستعان بالصرب والألبان ولكن دون جدوى، فاضطر إلى أن يقبل (1257). وكان ثيودوروس قد سَلَّمَ دَفَّةَ الأمور في نيقية إلى ميخائيل باليولوغوس، فخشي هذا تقلُّبات ثيودوروس ففَرَّ من نيقية والتجأ إلى كيخسرو الثاني في إيقونية، وأَطَلَّ المغولُ يهددون الأتراك السلاجقة، فأبلى ميخائيل بلاءً حسنًا في صفوف كيخسرو وانتصر على المغول بالقرب من تسكارة على حدود أرمينية، ثم غلب المغول كيخسرو فراح هذا يطلب معونة ثيودوروس في مغنيسية (1258)، وبعد ذلك بقليلٍ اضطر كيخسرو إلى أَنْ يدخل في طاعة المغول مؤديًا إتاوةً سنوية. ثم جاء دور ثيودوروس فاستقبل في مغنيسية وفدًا مغوليًّا، وقدر له النجاح؛ لأن المغول كانوا قد بدئوا يَتَطَلَّعُون إلى سورية، فوقَّع الوفد المفاوض معاهدةَ سِلْم مع ثيودوروس ونَجَتْ بذلك دولة نيقية من مطامع المغول وتخريبهم (3)، ورأى ميخائيل باليولوغوس أن لا مفر من التفاهم مع الفسيلفس، فعاد إلى نيقية طالبًا الصفح عما مضى واعدًا بالأمانة والإخلاص، فطلب إليه الفسيلفس أن يقسم يمين الطاعة والولاء له ولابنه يوحنا من بعده، ففعل ميخائيل وعاد إلى سابق عزه وسطوته. واستغل ميخائيل الثاني ديسبوتس إبيروس انشغال ثيودوروس في الشرق، فاستعان بالألبان والصرب واستعاد «مفاتيح الشرق» وجميع مقدونية ما عدا ثيسالونيكية، وأنفذ ثيودوروس ميخائيل باليولوغوس بقوة صغيرة إلى مقدونية فلم يقوَ هذا القائد على ميخائيل الثاني، فأمر ثيودوروس بإلقاء القبض عليه وأودعه السجن في نيقية مدعيًا أن سحره أعاد إليه مرضه. وفي آب السنة 1258 شعر ثيودوروس باقتراب الأجل، فعاش عيشة الرهبنة ووزع الصدقات بسخاء على الفقراء والمساكين وطلب إلى أستاذه نيقيفوروس البلميدي أن يحله من خطاياه فأبى، فالتجأ ثيودوروس إلى متروبوليت ميتيلينة، ثم تُوُفي في السادسة والثلاثين من عمره، فنقل إلى دير سوسندرة في مغنيسية؛ ليدفن مع والده يوحنا الثالث.
........................................
1- Diehl, C., Europe Orientale, 171; Bréhier, L., Byzance, 384-385
2- Theodori Lascaris Epistulae, Festa, 279–282
3- Andreeva, M., Ambassadeurs Tatares à la Cour de Nicée
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|