أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-2-2020
1813
التاريخ: 25-5-2021
2548
التاريخ: 5-12-2019
1244
التاريخ: 21-1-2020
1698
|
المشتري أكبر السيارات التابعة للنظام الشمسي، سمَّاه العرب بهذا الاسم لأنه اشترى الحُسْنَ لنفسه كما قالوا، فإن كان الأمر كذلك فما الذي أبقوه للزهرة وهي أسطع منه نوراً وأعظم سناءً وقد لقبها غير واحد منهم بملكة الجمال، ويُسمي الغربيون المشتري جوبتر وهو اسم كبير آلهة الرومان يُقابله زفس عند اليونان قبلهم ومردوخ عند البابليين والآشوريين، ولعلهم سموه بهذا الاسم تشبيها له بكبير آلهتهم، أو لأنهم حسبوه أليق الأماكن بسكنى كبير آلهتهم فسموه باسمه.
وقُطر المشتري 85 ألف ميل وحجمه 1250 ضعف حجم الأرض ولكن كثافة مادته ربع كثافة مادة الأرض؛ فلذلك كان ثِقَلهُ غير مناسب لحجمه إذا قيس بحجم الأرض وثقلها، فبينا نرى حجمه 1250 ضعف حجم الأرض كما تقدَّم نرى ثقله 300 ضعف ثقلها.
ومتوسط بُعْدِهِ عن الشمس 478 مليون ميل، فلو أن قطارًا يقطع ميلا في الساعة خرج من الشمس قاصدًا المشتري لبلغه في تسعمائة سنة، وبعبارة أخرى لو قام قطار من الشمس في عهد الحاكم بأمر الله العبيدي ما بلغ المشتري إلا في أيامنا هذه. ولتقريب أمر حجمه وكثافته إلى الأفهام نقول إنه لو قُطِعَ 1200 قطعة لكانت كل منها أكبر من الأرض، ولو جُمِعَت السيارات كلها كتلة واحدة ما بلغ ثقلها نصف ثقل المشتري.
وسنة المشتري تساوي اثنتي عشرة سنة من سنين أرضنا وهو يدور على محوره في نصف المدة التي تدور فيها الأرض على محورها، ولكن كان جرمه أكبر من جرم الأرض بكثير فإن سرعته في الدوران على محوره أعظم من سرعتها بكثير أيضًا، وبينما الأرض تدور 17 ميلا في الدقيقة يدور المشتري 466 ميلا وهو يُتِمُّ دورته على محوره في نحو 10 ساعات؛ أي إنَّ طول يومه نحو 10 ساعات في حين أنَّ الأرض تُتِم دورتها اليومية في 24 ساعة وهي طول اليوم من أيامها.
ويمكن حسبان المشتري إما شمسًا صائرة إلى الانحلال والاضمحلال، وإما أرضًا في دور التكوين فإنه كرة كبيرة من الغاز والمواد الذائبة لم يمر عليها الزمان الكافي لتصير كتلة باردة جامدة، وما كان أشبه بالشموس منه بالكواكب التابعة لها فقد ارتأى البعض أنَّ بعض نوره أصلي منبثق منه لا مكتسب من الشمس كله، ولكن الفلكيين ليسوا متفقين في ذلك وما يُقال في نوره يقال في نارهِ فإن السحب التي تتجمع في جوه قد تكون ناشئة عن حرارة أصلية فيه أو عن حرارة الشمس الواردة إليه.
والناظر إليه بالتلسكوب يرى على سطحه منطقتين عريضتين ومنطقتين أخريين أو ثلاثا أضيق منهما على جانبيهما، وهذه المناطق موازية لخط الاستواء فيه وقد تضيق هذه المناطق جدًّا وحينئذ يرى عددها على ازدياد.
ولما كان المشتري غير جامد القوام كالأرض؛ أي لا يزال بين الغازية والسيولة بسبب اشتداد الحرارة فيه فهو لذلك مغلف بغلاف كثيف من السحب والغيوم، ويُرجّح أن المناطق المشار إليها إنما شقوق في غلافه إلى ما تحت سطحه، وهذا غاية ما عُرِفَ هي عنها فإنها تبقى شهورًا طوالاً غير متغيّرة ثم يطرأ عليها ما يغير منظرها مما بَعَثَ على الظن أن أعاصير شديدة تثور على سطح المشتري فتغير هيئته، وقد تلوح مناطقه في بعض الأحيان مبقعة منقطة ولا تعلم ماهية هذه البقع والنقط حتى الآن.
وتدلُّ الدلائل على أنَّ المشتري في حالة لولا كرامة سميه إله آلهة البابليين واليونان والرومان لقلنا إنها أشبه الحالات بمخاض الحامل، وأن تمخضه هذا قد ينتهي بانقداد قطعة كبيرة منه وولادة قمر جديد يضاف إلى الأقمار التي تدور حوله الآن كما جرى للأرض مع قمرها وكما جرى للشمس مع السيَّارات كلها، فإن على سطحه بقعة حمراء غريبة حيرت الفلكيين وكان أول مَنْ رآها فلكي بلجيكي في بروكسل سنة 1878، وكان طولها حينذاك 30 ألف ميل وعرضها 8 آلاف ميل فلو ألقيت الأرض برمتها فيها لوسعتها وضفت عليها.
شكل 11–3: المشتري ومناطقه وبقعه.
بقي الفلكيون يدرسون هذه البقعة ثلاث سنوات وهي ظاهرة لهم أتم ظهور، وكانت تجول في صدر المشتري وتدور حوله وتُتِمُّ دورتها في 9 ساعات و55 دقيقة و36 ثانية فذهبوا فيها كلَّ مذهب، فمن قائل إنها بركان ولكن ينقض هذا الزعم كونها جوالة غير مقيمة في مكان، ومن قائل إنها هي ما رآه هوك سنة 1664 وسيني معاصره وهذا مشكوك فيه، ومن قائل إنها جزيرة طافية على سائل لا تُعْلَم طبيعته ولكن طول بقائها لا يوافق هذا الرأي.
والذين يقولون إن المشتري في حالة مخاض يقولون إن حالته هذه لا بدَّ أن تنتهي بانفصال هذه القطعة الحمراء منه فتصير قمرًا يدور حوله، فإن أرضنا لما كانت كتلة رخوة القوام كانت تدور على محورها بسرعة عظيمة حتى إنَّ أجزاءها الاستوائية لم تستطع التماسك فانفصل بعضها وطار في عرض الفضاء ولكنه بقي تحت تأثير جاذبية الأرض حتى إذا بلغت القوة الدافعة حدّها دار ذلك الجزء حول الأرض وكان دورانه هذا نتيجة فعل قوتين: قوة الدفع أو الاستمرار من جهة وقوة جذب الأرض من جهة أخرى فكان القمر.
وقد خَطَرَ لبعض الفلكيين أن يصوِّر البقعة الحمراء وما طرأ عليها من الحركة والانتقال من أول ما رُئيت سنة 1878 إلى سنة 1918 كما ترى في الشكل المتقدم. وللمشتري حاشية من الأتباع تسعة أقمار تدور حوله أربعة منها معروفة من عهد غاليليو فإنه اكتشفها بنظارته وأطلق عليها اسم النجوم المديشية نسبةً إلى آل مديشي وهي كبيرة، ولولا سطعان نور المشتري حولها لرؤيت بالعين من غير منظار والقمر التاسع كشِفَ منذ أربعة أعوام وقد أسهبنا الكلام عليه وعلى القمر السادس والسابع في مقتطف ديسمبر سنة 1917.
والقمر الأول والثاني من الأقمار الأربعة التي اكتشفها غاليليو قُطر كلٌّ منهما مثل قطر قمرنا، وقطر كلٌّ من القمرين الآخرين مثل نصف قطر قمرنا وأقرب هذه الأقمار يدور حول المشتري في يومين من أيامنا والثاني في 1/2 3 يوم والثالث في سبعة أيام والرابع في 1/2 16 يوم، ومن دوران هذه الأقمار حول المشتري واختفائها وظهورها ثانية استنتج رومر الفلكي الدنماركي سنة 1675 أن النور يقضي مدة من الزمن في انتقاله من مكان إلى آخر، فإنه لما حُسِبَت المدة التي تدور فيها هذه الأقمار حول المشتري كان المشتري في أقرب بُعْدِه من الأرض، ووُضِعَت حينئذٍ جداول تُعلَمُ بها أزمان اختفاء هذه الأقمار؛ أي خسوفها ولكن لما بعُدَ المشتري في فلكه عن الأرض ظهر أن اختفاء هذه الأقمار بدخولها في ظله صار يتأخر عن الزمن المحدد له في الجداول؛ فخَطَرَ لرومر أنَّ الأقمار تختفي وتظهر في الوقت المعيَّن لها بالحساب ولكن النور الواصل منها إلينا يُقيم مدة في الطريق فتبقى منظورة به مدة بعد اختفائها وتتأخر رؤيتها مدة بعد خروجها من الظل حسبما يقضي النور في سيره منها إلينا فحسب مدة التأخر هذه بالتدقيق وقسم عليها المسافة التي بعد بها المشتري عنها فظهر منها أنه لا بدَّ للنور من ثانية من الزمان حتى يقطع 186000 ميل، وقد ثبت هذا بعد ذلك بأدلة أخرى فكان لهذه الأقمار أكبر فضل في إثبات حقيقة من أهم الحقائق العلمية وهي مقدار السرعة التي يسير فيها النور.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|