أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-11-02
1029
التاريخ: 26-1-2020
2370
التاريخ: 2023-06-13
1045
التاريخ: 18-12-2019
1636
|
أول علاقة للقمر بمصالح الناس تقسيم الزمان إلى شهور وأسابيع، فإن الشمس تقسم الزمان إلى أيام متساوية بشروقها وغروبها، والأصح أن يُقال بدوران الأرض على محورها دورة كاملة كل يوم وكذلك تقسمه إلى سنين متساوية مؤلفة حسب الظاهر من فصول تتوالى كل نحو 365 يومًا أو من سنين مقيَّدة بفيض الأنهر المرتبط بوقوع المطر أو بالأماكن التي تُشرق منها الشمس وتغرب فيها ثم تعود إليها بعد 365 يوما، والمعروف الآن أن ذلك كله دوران الأرض في فَلَكها حول الشمس فإنها تتمم هذه الدورة في سبب نحو 365 يوما وربع يوم ويتكرر ذلك سنة بعد سنة.
لكن الزمان بين اليوم والسنة كبير يودُّ الناس تقسيمه إلى أقسام متساوية فانتبهوا من عهد قديم إلى أنَّ القمر يكون هلالا أو بدرًا كل نحو 29 يومًا ونصف. يوم وأن ذلك يتكرر في السنة 12 مرة ويبقى من السنة نحو 11 يومًا؛ فقسموا الزمان بموجب ذلك إلى شهور قمرية وقسموا الشهر إلى قسمين من الهلال الى البدر ومن البدر الى الهلال الثاني، وقسموا ما بين الهلال والبدر إلى قسمين وكذلك ما بين البدر والهلال الثاني، وما كانت هذه الأقسام لا تُوافق الأيام تمامًا؛ أي لا يكون فيها عدد صحيح من الأيام اكتفوا بحسبان الشهر أربعة أرباع كل ربع منها أسبوع؛ أي سبعة أيام وما رأوا أن اثني عشر شهرًا قمريًّا لا تتمُّ سنة شمسية كاملة ولكنها تقرب منها عادوا إلى السنة الشمسية فقسموها إلى 12 قسمًا متساويًا كلا منها 30 يومًا فبقي منها 5 أيام ونحو ربع يوم أبقوها وحدها كما فعل المصريون في سنتهم وجرى عليه الأقباط أو وزّعوها على بعض الأشهر كما هي الحال في الحساب الغريغوري الشائع الآن.
والخلاصة أن أول علاقة للقمر بمصالح الناس كانت في تقسيم السنة إلى شهور قمرية، وتقسيم الشهر القمري إلى أسابيع، ولولا هذا الانتظام في حركات الأرض والقمر لتعذّرت قسمة الزمان إلى أقسام متساوية، وتعذَّرت المعاملات وكتابة التواريخ وقسمة السنة إلى شهور شمسية استغني بها عن القمرية، فقد كان الفضل الأول للقمر في قسمة الزمان إلى شهور وأسابيع.
العلاقة الثانية: المد والجزر – إن الذين يسكنون على الشواطئ البحرية ولا سيما شواطئ البحار الكبيرة يرون ماء البحر يرتفع مرتين وينخفض مرتين كل يوم، وهذا الارتفاع وهذا الانخفاض يأتيان متدرّجين؛ فهما مستقلان عن أمواج البحر، فإذا كانا طفيفين يبلغان أقدامًا قليلة كما في سواحل بحر الروم، فقد يقلُّ التفات الإنسان إليهما، ولكنهما إذا كانا عظيمين يبلغان أقدامًا كثيرة فلا بدَّ من الانتباه لهما ولا سيما في المرافئ التي تكثر فيها السفن والزوارق ويُطلق على ارتفاع الماء اسم المد وعلى انخفاضه اسم الجزر، ومما يُوجب الانتباه أيضًا أنه إذا حدث المدُّ اليوم في أول يونيو وبلغ أعلاه عند الظهر تماما لا يبلغ أعلاه عند الظهر غدًا بل بعد الظهر بساعة، وبعد أسبوع؛ أي في يونيو يصير ميعاد الجزر عند الظهر وميعاد المد عن الغروب، وبعد أسبوعين؛ أي في 14 يونيو يعود ميعاد المد الظهر وهلم جرا على مدار السنة؛ أي إنَّ المدَّ والجِزْرَ يجريان في أدوار كل دور منها 14 يومًا أو 28 يومًا مما يدل على أن للقمر علاقة بهما، ويظهر عند التدقيق أنَّ بلوغ المد أعلاه في مكان ما متعلق ببلوغ القمر هاجرة ذلك المكان؛ أي وصوله إلى منتصف السماء فكلَّما بلغ القمر هاجرة مكان فالمد يبلغ أعلاه في ذلك المكان بعد ذلك بوقت محدود كأنه تابع للقمر ولكنه مقصر عنه في سيره معه.
ومما يزيد ذلك ثبوتاً أنَّ ارتفاع المد وانخفاض الجزر يختلفان من أسبوع إلى أسبوع فإذا بلغ المد معظم ارتفاعه اليوم والجزر معظم انخفاضه فبعد أسبوع يكون المد قليل الارتفاع والجزر قليل الانخفاض، وبعد أسبوع آخر يبلغ المد معظم ارتفاعه والجزر معظم انخفاضه؛ أي إنَّ المد والجزر تابعان للقمر في زيادته ونقصانه.
وأول مَنْ قيل إنه انتبه إلى علاقة القمر بالمد والجزر الصينيون قبل المسيح بنحو ألف سنة ثم فيثياس اليوناني الذي كان معاصرًا للإسكندر المقدوني في القرن الرابع قبل الميلاد فإنه راقب المد والجزر وعَرَفَ علاقتهما التامة بالقمر واختلافهما باختلاف أوجهه.
ولكن أول مَنْ بيَّن كيفية تأثير القمر في المد والجزر هو لابلاس الفلكي الفرنسي وتابعه إسحاق نيوتن وسائر علماء الفلك مع شيء من التعديل، وخلاصة ذلك أنَّ الأرض والقمر يتجاذبان كما تتجاذب كلُّ الأجسام جريًا على ناموس الجاذبية العام، والأرض الجامدة لا تستطيع دقائقها أن تتحرّك بهذا الجذب، ولكن ماء البحر يطيع الجاذبية حسب قوتها ويتجمَّع في البحر من هنا ومن هنا تجاه القمر، ومن حيث إن القمر يدور حول الأرض حسب الظاهر دورة كاملة كل نحو 25 ساعة فالمد يتبعه في دورانه هذا حول الأرض ومتى تجمع بعض الماء فارتفع سطحه وجب أن ينخفض الماء الباقي فإذن أن يجب يتبع القمر ارتفاع في الماء وانخفاض وراء ذلك الماء وأمامه وبموجب ذلك يجب أن يحدث المد في المكان الواحد مرة واحدة كل يوم لا مرتين ولكن متى كان القمر تجاه مكان فإنه لا يكتفي بجذب الماء الذي في ذلك المكان بل يجذب أيضًا الأرض التي تحته إِلَّا أَنَّ جذبه للماء يكون أقوى من جذبِهِ للأرض التي تحت الماء؛ لأن الماء أقرب إليه والجاذبية تقل بنسبة مربع البعد وهو يجذب أيضًا ماء البحر الذي على الجانب المقابل من الأرض لكن جذبه للأرض هناك يكون أشدَّ من جذبه للماء؛ لأن الأرض أقرب إليه من ماء البحر الذي عليها ويكون جذبه للماء الذي على جانبي النقطة المقابلة من البحر أشد من جذبه للماء الذي فوق تلك النقطة فيضطرُّ الماء أن ينخفض في الجانبين ويرتفع فوق النقطة المقابلة كما ترى في الشكل 8–4 فإن الماء الذي عند الحرف «ق» هو أقرب ما يكون إلى القمر فيكون الجذب عليه على أشدّه فيتجمَّع من الجانبين «ج» و«ج'» فوق النقطة «م»، والماء الذي فوق النقطة «ب» هو أبعد ما يكون عن القمر فيكون جذب القمر له على أضعفه وأقل من جذبه للماء الذي على جانبيه عند «ن ن'» فينجذب الماء من عند «ن ن'» إلى ما فوق النقطة «ب»؛ ولذلك إذا ارتفع المد تحت القمر «ق» يرتفع أيضًا عند «ب» في الوقت نفسه على الجهة المقابلة من الأرض، ويحدث حينئذٍ جزر عند «ج» وعند «ج'» و«ن» و«ن'»؛ ففي كلَّ يوم يحدث مَدَّان وجزران والمدان يدوران حول الأرض مع القمر، والجزران يدوران معه أيضًا.
ثم إن الشمس تجذب الأرض كما يجذبها القمر فإذا اتفق أن كانت هي والقمر في جهة واحدة كما يحدث والقمر هلال أو في جهتين متقابلتين كما يحدث والقمر بدر فإنَّ
شكل 8–4: يمثل القسم الأول منه المد والجزر حينما يشترك فعل القمر وفعل الشمس، والقسم الثاني المد والجزر حينما يخالف فعل الشمس فعل القمر.
شكل 8–5: يمثل الأرض والقمر حسب جرميهما وما بينهما من البُعْدِ.
المد يكون على أعلاه والجزر على أوطأه كما ترى في القسم الأول من الشكل، وإذا كانت الشمس في جهة من الأرض والقمر ليس في جهتها ولا مقابلا لها بل بين بين كما يحدث حينما يكون عمر القمر 7 أيام أو 21 يومًا ففعلُ القمر يُعاكس فعل الشمس؛ أَي إِنَّ الشمس تحاول جذب الماء حيث ينتظر أن يكون جزر لو كان القمر وحده، ولكن من حيث إنَّ جذب القمر أشد من جذب الشمس لأنه أقرب منها جدا إلى الأرض يبقى فعل القمر أقوى من فعل الشمس، ولكن ليس أقوى من مجموع فعله وفعلها وهذا يظهر في القسم الثاني حيث ترى الشمس في جهة والقمر في جهة أخرى والمد تحت القمر أقل من المد في القسم الأول والجزر أقل من الجزر في القسم الأول؛ لأنه واقع تجاه الشمس وبين هاتين الحالتين حالات متوسطة من أول ما يتَّفق فعل الشمس والقمر إلى أن يختلفا.
ولكن المدَّ لا يكون مع القمر تماما بل يتأخر عنه بسبب ما يلقاه الماء في حركته من المقاومة بالاحتكاك وبسبب كثرة العوائق في طريقه، ونسبة قوة القمر إلى قوة الشمس في المد كنسبة 11 إلى 5 فإذا كانت القوتان مجتمعتين فهما 16 وإذا اختلفتا لاشت قوة الشمس 5 من قوة القمر فبقي 6 منها.
وهناك اختلاف آخر وهو أن مدَّ الشمس يتوالى في الوقت نفسه كل يوم فإذا حدث اليوم الساعة الخامسة بعد الظهر؛ أي إذا تأخر خمس ساعات عن وصول الشمس إلى الهاجرة فإنه يحدث غدًا الساعة الخامسة وبعد غد الساعة الخامسة وهلم جرا، ويحدث اليوم الساعة الخامسة صباحًا وغدًا الساعة الخامسة صباحًا وبعد غد الساعة الخامسة صباحًا وهلم جرا، وأمَّا مدُّ القمر فإذا حدث اليوم الساعة الخامسة بعد الظهر لا يحدث غدًا الساعة الخامسة تمامًا؛ لأن القمر ينتقل في هذه المدة نحو 49 دقيقة شرقا فيحدث مده الساعة الخامسة والدقيقة 49 أي ينفصل عن المد الشمسي وبذلك يتغير انتظام المد والجزر.
والشائع أن للقمر علاقة كبيرة بالزراعة ولكن لم يقم على ذلك دليل قاطع. وقد جرب المسيو فلامريون الفلكي تجارب كثيرة في ضواحي باريس ليتحقق هل للقمر تأثير في المزروعات فزرع بعض الخُضر في أوقات مختلفة تطابق أوجه القمر الأربعة فلم يجد للقمر أقل تأثير في نموها، ولا عجب في ذلك فإن الشمس تؤثر في النبات بحرارتها أما حرارة القمر فأقل من أن يشعر بها فقد قاس الأستاذ بيازي سميث حرارة القمر فوجد أن الشمعة التي بعدها عن آلته 15 قدمًا حرارتها الواصلة إلى آلته أشد من حرارة القمر الواصلة إليها، وقاس الأستاذ لنغلي حرارة القمر فوجدها جزءا من مليون جزء من الدرجة.
لكن إن لم يؤثر القمر بحرارته فقد يؤثر بجذبهِ؛ أي بما يثيره من الزوابع فقد ثبت أن العواطف تكون أشد والقمر هلال منها والقمر بدر؛ أي تكون متى اجتمع الشمس والقمر إلى جهة واحدة من الأرض أشد منها متى كان القمر في جهة والشمس في أخرى. ثم إن الأنواء الكهربائية تكون والقمر هلال إلى نهاية الربع الأول أكثر منها والقمر بدر إلى بداءة الربع الأخير؛ أي إنها تكون في السبعة الأيام الأولى من الشهر القمري أكثر قليلا مما تكون في السبعة الأيام من البدر إلى الحادي والعشرين من الشهر.
شكل 8–6: منظر الأرض من القمر والنجوم حولها.
ونسبة القمر إلى الأرض أكبر جدًّا من نسبة سائر الأقمار إلى سياراتها فإذا نظر إليهما من مكان بعيد في الفضاء بانا كما ترى في الشكل 8–4، وإذا وقف مخلوق عاقل في القمر ونظر إلى ما حوله ثم نظر إلى الأرض بان وبانت كما ترى في الشكل 8–5.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|