أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-23
386
التاريخ: 2024-07-01
509
التاريخ: 2023-10-02
1159
التاريخ: 2023-09-28
1057
|
وأَحَبَّ قسطنطين التاسع خليلةً اسمها إسكليرينة، فأحضرها إلى البلاط، ومنحها لقب سبسطة، فجلستْ في المجالس، وظهرت في المواكب، واستمتعت بأموال الدولة، فحطت من كرامة هذا الفسيلفس في أَعْيُن الشعب، وعند وفاتها قرَّب آلانيةً شابةً وجعلها سبسطة أيضًا، ولكنه لم يجرؤ على أن يُسكنها القصر، وظل طائشًا خاملًا مستهترًا مسرفًا مبددًا إلى أن حلَّ به فالجٌ قويٌّ أقعده عن كل حركة، وكان قسطنطين في الوقت نفسه صافي القلب بشوشًا، بعيدًا عن الحقد والتكبر، يجذب القُلُوب بلُطفه وخفة روحه (1). وأفضلُ ما يُنسب إليه اهتمامُهُ بجامعة القسطنطينية، وسعيُهُ لجعلها مؤسسةً تغذي الدولة برجالٍ مثقفين مهذبين يخرجون الإدارة من أيدي الخصيان والعسكريين، وكان ميخائيل الخامس قَدْ قدَّم المشترع قسطنطين ليخوذس على غيره من رجال البلاط فأبقاه مونوماخوس في هذه الوظيفة، وعطف ليخوذس على رفاقه في العلم الذين تَحَدَّرُوا إما من بيوت وضيعة كيوحنا زفلينس Xiphilinis الطرابزوني أو من الطبقة المتوسطة كميخائيل بسلوس Psellus، وجاء قسطنطين التاسع يفاخر بالعلم ويسعى لتصديع جبهة العسكريين، فحمى الأدباء والعلماء وأسند إليهم بعض الوظائف الكبرى، وجعل في السنة 1043 بسلوس، الذي كان لا يزال في الخامسة والعشرين من العمر، رئيسًا للديوان الملكي، ورقى يوحنا بيزنتيوس إلى رتبة مستشار، ووكل رئاسة كلية الحقوق إلى يوحنا زفلينس، وأصبح ميخائيل بسلوس — فيما بعد — «قنصل الفلاسفة» فتَوَلَّى إدارة الأبحاث الأدبية وتمتع برتبة عالية في تشريفات البلاط، ثم انتقد ليخوذس تبذير الفسيلفس بصراحة الفلاسفة ووقاحتهم، فغضب عليه قسطنطين التاسع في السنة 1050 وأَبْعَدَهُ، ثم حلَّ سخط الفسيلفس على يوحنا موروبيوس فاستقال بسلوس وزفلينس (2). وكان رومانوس أسكليروس — أخو خليلة الفسيلفس — يكره القائد الكبير جورج منياكيس، فاستدعى قسطنطين هذا القائد من إيطالية وأَبْعَدَهُ، وثار القائد ونادى به جُنُودُه في خريف السنة 1042 فسيلفسًا، وجرح جرحًا بليغًا في أول اصطدام وقع بينه وبين جُنُود الفسيلفس، فانفض جنودُهُ عنه وانتهى أمره (3). وفي منتصف السنة 1043 تخاصم الروس والروم في ضواحي القسطنطينية، وقتل أحد كبار تجار الروس، وكان قد سبق لتجار الروس في عاصمة الروم أن شكوا مضايقة الروم وتعسفهم إلى أمير كيِّف، فرأى الأمير فلاديمير أن يتخذ من قتل التاجر الروسي عذرًا للمطالبة بشروط تجارية للروس في القسطنطينية أفضل من ذي قبل، واحتج على مقتل التاجر الروسي وطالب بالدية، فصُد عن ذلك، فجرد حملة برية بحرية ودخل البوسفور، فذعر الناس ونشط الفسيلفس وقام بنفسه إلى قتال الروس في البحر، فتمكن من إبعادهم بالنار الإغريقية في حزيران سنة 1043، ووقعت معاهدةٌ في السنة 1046 لا نعرف مِن شروطها سوى زواج أحد أمراء الرُّوس من أميرة بيزنطية (4). وفي السنة 1047 تضافرت العناصر العسكرية الساخطة التي كانت قد أُبعدت عن السلطة واتخذت مِنْ أدرنة قاعدة لها، ونادت بطرونيكيوس الأرمني فسيلفسًا وزحفت على القسطنطينية، وحاولت اقتحام الأسوار ولكن دون جدوى، ثم وصلت قوى الشرق فأنزلت بطورنيكيوس وزملائه هزيمة كُبرى في أواخر السنة 1047 (5). وكانت قبائل البتشناغ التركية قد وصلتْ إلى الدانوب في عهد باسيليوس الثاني، وفي السنة 1048 نشب خلافٌ ونزاعٌ بين اثنين من زعمائها، فالتجأ أحدهما إلى الروم، فعبر خصمه الدانوب وتَوَغَّلَ في بلغارية، فأنزل به الروم — بمعاونة خصمه — هزيمةً شنعاء، ودخل في خدمة الروم عددٌ كبيرٌ من البتشناغ، وقضت ظروفٌ داخليةٌ في بيثينية أَنْ يُساق هؤلاء إليها، فَأَبَوْا وتمردوا وأقاموا في سهول صوفية، وانضم إليهم مَنْ كان قد بقي من إخوانهم في بلغارية، وطاردتهم جيوش الروم مرارًا ولكن دون جدوى، وفي السنة 1053 سَئِمَ هؤلاء البتشناغ الحرب، وفاوضوا في الصلح واستقروا في بلغارية (6). وجدد قسطنطين التاسع معاهدة الصداقة والمودة بينه وبين المستنصر الفاطمي في السنة 1047-1048 وأَمَدَّ الفاطميين بالقمح عند حُلُول القحط في سوريا في السنة 1053 وتَمَكَّنَ من حماية النصارى فيها (7)، ولكنه لم يحسن السياسة في معالجة السلاجقة، فإن هؤلاء الغزُّ كانوا في أثناء القرن العاشر قد انتظموا حوالي أحد زعمائهم سلجوق، فتركوا مراعيهم بالقرب من بحيرة أورال ودخلوا في خدمة الغزنويين، وعاونوهم في حرب الهند، ثم ثاروا على مسعود الغزنوي، واستقروا في خراسان (1038–1040) بزعامة طغرل بك (8) ، وما إن شعرتْ قبائلُ التركمان الضاربة في أواسط آسية بشجاعة طغرل وعشائره حتى الْتَفَّتْ حواليه وائتمرتْ أوامرَه، فقام طغرل بك بجُمُوعه يهدد الخلافة وأرمينية والروم، وكان مِن سوء طالع قسطنطين التاسع أن استبدل الخدمة العسكرية عند حُدُود آسية الصغرى الشرقية بضريبة سنوية فَقَلَّ عددُ الرجال في جيش الحدود، واضطر الفسيلفس إلى أَنْ يلجأ في مُعالجة السلاجقة إلى التكتيك نفسه الذي لجأ إليه أسلافُهُ في دَرْءِ خطر الحمدانيين؛ أي أن يمتنع عن مقاومة الغُزاة فلا يطبق بهم إلا بعد أن يكونوا قد غنموا فتراجعوا خارجين، فاستعاض قسطنطين عن قِلَّة الرجال بحنكة القادة أمثال كتكالون، وبحُسن التدبير والتكتيك، فتَمَكَّنَ من الاحتفاظ بجميع ولاياته الشرقية (9) . وازداد طمع النورمنديين في إيطالية وكَثُرَ عددُهُم، واتخذ غيمار أمير سلرنو لقب دوق أبولية وكلابرية وبدأ يُقْطع النورمنديين الأراضي يمينًا وشمالًا، وغزا النورمنديون أراضي أوترانتو ولم يتمكن الروم مِنْ صدهم عنها ولم يبقَ بيدهم منها سوى المدن الساحلية، واستدعى الفسيلفس القائد الحاكم في إيطالية أرجيروس ليعاونه في القضاء على ثورة طورنيكيوس، وبقي أرجيروس في القسطنطينية خمس سنوات (1046–1051)، ولا نعلم ماذا دار بينه وبين الفسيلفس من حديثٍ أو تبادُل في الرأي، ولكننا نعلم عِلْم اليقين أَنَّ البطريرك المسكوني ميخائيل كيرولاريوس «الشمَّاع» لم يكن راضيًا عن سُلُوك القائد الحاكم في إيطالية، فمنعه مرارًا عن التناول؛ لأنه سكت عن استعمال الفطير في خدمة القُدَّاس في الولايات الإيطالية. وتدخل هنريكوس الثالث في شئون إيطالية فحل في السنة 1046 أزمة الباباوات الثلاثة، وأَجْلَسَ إقليمس الثاني على الكرسي الرسولي، ومسح إقليمس الثاني هنريكوس الثالث إمبراطورًا على إيطالية وسواها من أقاليم الغرب، وزار الإمبراطور جنوبي إيطالية في أوائل السنة 1047 فقوَّى النورمنديين بأن اعترف بحقهم الشرعي في الأماكن التي كانوا قد سَطَوْا عليها، فنهج بذلك نهجًا مضرًّا بمصالح الروم، وعلى الرغم من تبادُل عبارات الصداقة والمودة بين الفسيلفس والإمبراطور في السنة 1049؛ فإن الفسيلفس لم يرضَ عن سياسة الإمبراطور في إيطالية(10).
..........................................
1- Psellus, M., Op. Cit., I, 133-134; Diehl, C., Firgures Byz., I, 273–276.
2- Psellus, M., Op. Cit., I, 138–140, II, 38–60, 66–57; Bréhier, L., Byzance, 252-253.
3- Schlumberger, G., Op. Cit., III, 450–456.
4- Dolger, F., Regesten, 875; Revue des Questions Historique, Couret, Les Russes à Con-stantinople, 1876, 69ff.
5- Dolger, F., Regesten, 872–883; Schlumberger, G., Op. Cit., III, 507–528.
6- Grousset, R., Empire des Steppes, 238; Ostrogorsky, G., Gesch. De Byz. Staates, 234-235; Dolger, F., Regesten, 888–890, 909.
7- Dolger, Regesten, 881, 912; Vincent et Abel, Jérusalem, 248–259.
8- Grousset, R., Emp. des Steppes, 203–205.
9- Cedreaus, G., Synopsis, II, 301–304; Schlumberger, G., Op. Cit., III, 543.
10- Gay. J., Italie Méridionale, 475–477; Chalandon, F., Domination, Normande en Italie, 113–115; Bréhier, L., Byzance, 260-261
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|