أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-5-2016
4171
التاريخ: 1-5-2016
3347
التاريخ: 31-01-2015
3879
التاريخ: 29-01-2015
3507
|
روى الخوارزمي باسناده عن أبي سعيد الخدري ، أنه قال : " إنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم دعا الناس إلى غدير خم ، أمر بما كان تحت الشجرة من الشوك فقم ، وذلك يوم الخميس ثم دعا الناس إلى علي عليه السّلام فأخذ بضبعه فرفعها حتى نظر الناس إلى بياض إبطيه ثم لم يتفرقا حتى نزلت هذه الآية ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً )[1] فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : الله أكبر على اكمال الدين واتمام النعمة ورضى الرب برسالتي والولاية لعلي ، ثم قال : اللهم وال من والاه ; وعاد من عاده ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله . فقال حسان بن ثابت : يا رسول الله ، أتأذن لي أن أقول أبياتاً ؟ فقال : قل ببركة الله تعالى ، فقال حسان بن ثابت : يا معشر مشيخة قريش ، اسمعوا شهادة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ثم قال :
يناديهم يوم الغدير نبيّهم * بخم واسمع بالرسول منادياً
بأني مولاكم نعم ووليّكم * فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا
إلهك مولانا وأنت ولينا * ولا تجدن في الخلق للأمر عاصياً
فقال له : قم يا علي فإنني * رضيتك من بعدي إماماً وهادياً
فمن كنت مولاه فهذا وليه * فكونوا له أنصار صدق موالياً
هناك دعا اللهم وال وليه * وكن للذي عادى علياً معادياً
وروى ابن المغازلي باسناده عن امرأة زيد بن أرقم قالت : " اقبل نبّي الله من مكة في حجة الوداع حتى نزل صلّى الله عليه وآله وسلّم بغدير الجحفة بين مكة والمدينة ، فأمر بالدوحات فقمّ ما تحتهن من شوك ثم نادى : الصلاة جامعة ، فخرجنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في يوم شديد الحر ، وإن منا لمن يضع رداءه على رأسه ، وبعضه على قدميه من شدة الرمضاء حتى انتهينا إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فصلى بنا الظهر ثم انصرف إلينا فقال : الحمد لله نحمده ونستعينه ، ونؤمن به ونتوكل عليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، الذي لا هادي لمن أضل ولا مضل لمن هدى ، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله ، وإن محمّداً عبده ورسوله ، أما بعد : أيها الناس فإنه لم يكن لنبي من العمر إلا نصف من عمّر من قبله ، وإن عيسى بن مريم لبث في قومه أربعين سنة ، وإني قد أسرعت في العشرين ، ألا وإني يوشك أن أُفارقكم ، ألا وإني مسؤول وأنتم مسؤولون ، فهل بلّغتكم ؟ فماذا أنتم قائلون ؟ فقام من كل ناحية من القوم مجيب يقولون : نشهد إنك عبد الله ورسوله قد بلغت رسالته وجاهدت في سبيله ، وصدعت بأمره وعبدته حتى أتاك اليقين ، جزاك الله عنا خير ما جزى نبياً عن أمته ، فقال : ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ الله ، لا شريك له ، وإن محمّداً عبده ورسوله ؟ وأن الجنة حق وأن النّار حق وتؤمنون بالكتاب كلّه ؟ قالوا : بلى ، قال : فإني أشهد أن قد صدقتكم وصدقتموني ، ألا وإني فرطكم وإنكم تبعي توشكون أن تردوا علي الحوض ، فأسألكم حين تلقونني عن ثقليَّ كيف خلفتموني فيهما ، قال : فأعيل علينا ، ما ندري ما الثقلان ، حتى قام رجل من المهاجرين وقال : بأبي أنت وأمي أنت يا نبّي الله ، ما الثقلان ؟ قال صلّى الله عليه وآله وسلّم : الأكبر منهما كتاب الله تعالى ، سبب طرف بيد الله وطرف بأيديكم ، فتمسكوا به ولا تضلوا ، والأصغر منهما عترتي من استقبل قبلتي وأجاب دعوتي ، فلا تقتلوهم ولا تقهروهم ولا تقصروا عنهم ، فإني قد سألت لهم اللطيف الخبير فأعطاني ، ناصرهما لي ناصر ، وخاذلهما لي خاذل ، ووليهما لي ولي ، وعدوهما لي عدو .
ألا وإنّها لم تهلك أمة قبلكم حتى تتدين بأهوائها وتظاهر على نبوتها وتقتل من قام بالقسط ، ثم أخذ بيد علي فرفعها ثم قال : من كنت مولاه فهذا مولاه ، ومن كنت وليه ، فهذا وليه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، قالها ثلاثاً "[2].
وروى محب الدين الطبري باسناده عن البراء بن عازب قال : " كنا عند النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في سفر فنزلنا بغدير خم ، فنودي فينا الصلاة جامعة ، وكسح لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تحت شجرة فصلى الظهر وأخذ بيد علي وقال : ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : بلى . فأخذ بيد علي وقال : اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، قال : فلقيه عمر بعد ذلك فقال : هنيئاً لك يا ابن أبي طالب ، أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة "[3].
وعن زيد بن أرقم قال : " استنشد علي بن أبي طالب الناس ، فقال : - انشد الله رجلا سمع النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاده ، فقام ستة عشر رجلاً فشهدوا " .
وعن زياد بن أبي زياد قال : " سمعت علي بن أبي طالب ينشد الناس ، فقال : أنشد الله رجلا مسلماً سمع من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول يوم غدير خم ما قال : فقام اثنا عشر بدرياً فشهدوا "[4].
وروى السيوطي باسناده عن أبي الطفيل قال : " جمع علي النّاس سنة خمس وثلاثين في الرحبة ثم قال لهم : انشد بالله كل امرئ مسلم سمع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول يوم غدير خم ، ما قال ، لمّا قام ، فقام ثلاثون من الناس ، فشهدوا إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم والِ من والاه وعاد من عاداه "[5].
وقال : أخرج الترمذي عن أبي سريحة أو زيد بن أرقم عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : " من كنت مولاه فعلي مولاه ، وأخرجه أحمد عن علي وأبي أيوب الأنصاري وزيد بن أرقم وعمرو ذي مر ، وأبو يعلى عن أبي هريرة والطبراني عن ابن عمر ومالك بن الحويرث وحبشي بن جنادة ، وجرير وسعد بن أبي وقاص وأبي سعيد الخدري وإنس ، والبزار عن ابن عبّاس وعمارة وبريدة . وفي أكثرها زيادة : اللهم وال من والاه وعاد من عاداه "[6].
وروى محمّد بن يوسف الزرندي عن علي رضي الله عنه قال : " عممني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم غدير خم بعمامة فسدل نمرقها على منكبي وقال : إنّ الله أمدني يوم بدر وحنين بملائكة معتمين هذه العمامة . وعن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جده إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عمّم علي بن أبي طالب عمامته السحابة وأرخاها من بين يديه ومن خلفه ثم قال : أقبل فأقبل ثم قال : أدبر فأدبر ، فقال : هكذا جائتني الملائكة ، ثم قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله . قال حسان بن ثابت : يا رسول الله ، ائذن لي أن أقول أبياتاً تسمعها ، فقال : قل على بركة الله ، فقام حسان فقال : يا معشر قريش اسمعوا قولي بشهادة من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ثم أنشأ يقول :
يناديهم يوم الغدير نبيهم * بخم واسمع بالرسول مناديا
فقال : فمن مولاكم ووليّكم * فقالوا : ولم يبدوا هناك التعاميا
الهك مولانا وأنت ولينا * ولن تجدن منا لك اليوم عاصيا
هناك دعا اللهم والِ وليه * وكن للذي عادى علياً معادياً
فقال له : قم يا علي ، فإنني * رضيتك من بعدي ولياً وهادياً[7]
وروى السيوطي باسناده عن أبي هريرة قال : " لما كان يوم غدير خم وهو يوم ثماني عشرة من ذي الحجة قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فأنزل الله : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ )[8].
وقال محمّد بن يوسف الزرندي : " ويروى : إنّ معاوية كتب إلى علي رضي الله عنه يفتخر عليه : أمّا بعد ، فان أبي كان سيداً في الجاهلية وصرت ملكا في الإسلام وأنا خال المؤمنين وكاتب الوحي وصهر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم . فقال علي رضي الله عنه : أيفتخر علي ابن آكلة الأكباد ؟ اكتب إليه يا قنبر : إنّ لي سيوفاً بدرية وسهاماً هاشمية ، قد عرفت مواقع نصالها في أقاربك وعشائرك يوم بدر ، ما هي من الظالمين ببعيد ، ثم انشد :
محمّد النبي أخي وصهري * وحمزة سيد الشهداء عمي
وجعفر الذي يضحى ويمسي * يطير مع الملائكة ابن أمي
وبنت محمّد سكني وعرسي * منوط لحمها بدمي ولحمي
وسبطا أحمد ولداي منها * فهل منه لكم سهم كسهمي
سبقتكم إلى الإسلام طراً * غلاماً ما بلغت أوان حلمي
وأوجب لي ولايته عليكم * رسول الله يوم غدير خم "[9]
وروى الهيثمي عن زيد بن أرقم ، قال : " أمر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بالشجرات فقم ما تحتها ورش ثم خطبنا فوالله ما من شيء يكون إلى يوم الساعة إلاّ قد أخبرنا به يومئذ ثم قال : يا أيّها الناس ، من أولى بكم من أنفسكم ؟ قلنا : الله ورسوله أولى بنا من أنفسنا ، قال : فمن كنت مولاه فهذا مولاه . يعني عليّاً ، ثم أخذ بيده فبسطها ، ثم قال : اللهم وال من والاه وعاد من عاداه .
قلت : روى الترمذي منه ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) فقط "[10].
وعن داود بن يزيد الأودي عن أبيه ، قال " دخل أبو هريرة المسجد ، فاجتمع إليه الناس فقام إليه شاب ، فقال : أنشدك بالله سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، قال : فقال : إني أشهد أنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه "[11].
وعن جرير قال : " شهدنا الموسم في حجة الوداع مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فبلغنا مكاناً يقال له غدير خم ، فنادى : الصلاة جامعة ، فاجتمعنا المهاجرون والأنصار ، فقام رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وسطنا ، فقال : أيّها الناس ، بم تشهدون ؟ قالوا : نشهد إنّ لا إله إلاّ الله ، قال : ثم مه ؟ قالوا : وإن محمّداً عبده ورسوله ، قال : فمن وليكم ؟ قالوا : الله ورسوله مولانا . قال : من وليكم ؟ ثم ضرب بيده إلى عضد علي رضي الله عنه فأقامه فنزع عضده فأخذ بذراعيه ، فقال :
من يكن الله ورسوله مولاه فان هذا مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، اللهم من أحبه من الناس فكن له حبيباً ، ومن أبغضه فكن له مبغضاً ، اللهم إني لا أجد أحداً استودعه في الأرض بعد العبدين الصالحين غيرك فاقض له بالحسنى ، قال بشر : قلت : من هذين العبدين الصالحين ؟ قال : لا أدري "[12].
وعن حذيفة بن أسيد الغفاري ، قال : " لما صدر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من حجة الوداع نهى أصحابه عن سمرات متفرقات بالبطحاء أن ينزلوا تحتهن ، ثم بعث إليهن فقمَّ ما تحتهن من الشوك وعمد إليهن فصلى عندهن ، ثم قام فقال : يا أيّها الناس ، انّه قد نبأني اللطيف الخبير ، انّه لم يعمر نبّي إلا نصف عمر الذي يليه من قبل ، وإنّي لأظن يوشك إنّ ادعى فأجيب ، وإني مسؤول وأنتم مسؤولون ، فماذا أنتم قائلون ؟ قالوا : نشهد إنك قد بلغت وجهدت ونصحت فجزاك الله خيراً ، قال : أليس تشهدون أن لا إله إلاَّ الله وإن محمّداً عبده ورسوله ، وإن جنته حقّ وناره حق وإن الموت حق وإن البعث حق بعد الموت وإن الساعة آتية لا ريب فيها وإن الله يبعث من في القبور ؟ قالوا : بلى ، نشهد بذلك ، قال : اللهم اشهد ، ثم قال : يا أيّها الناس ، إنّ الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم ، فمن كنت مولاه فهذا مولاه - يعني علياً رضي الله عنه - ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، ثم قال : يا أيّها الناس إني فرط وأنتم واردون عليّ الحوض حوض ما بين بصرى إلى صنعاء فيه عدد النجوم قدحان من فضة ، وإني سائلكم عن الثقلين ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، الثقل الأكبر كتاب الله عزّوجلّ سبب طرفه بيد الله عزّوجلّ وطرفه بأيديكم فاستمسكوا به لا تضلوا ولا تبدلوا ، وعترتي أهل بيتي ، فإنه قد نبأني اللطيف الخبير ، انهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض "[13].
وروى الحضرمي باسناده عن عامر بن أبي ليلى بن أبي ضمرة وحذيفة بن أسيد قال : " لما صدر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من حجة الوداع ولم يحج غيرها ، اقبل حتى إذا كان بالجحفة في سمرات بالبطحاء متقاربات فقال : لا تنزلوا تحتهن حتى إذا نزل القوم وأخذوا منازلهم سواهن أرسل إليهن فقم ما تحتهن وشذبن عن رؤس القوم ، حتى إذا نودي للصلاة غدا إليهن فصلى تحتهن ثم انصرف إلى النّاس وذلك يوم غدير خم . وخم من الجحفة وله بها مسجد معروف ، وفي بعض الروايات انّه كان يوم شديد الحر وكان ثامن عشر من شهر ذي الحجة ، الحديث "[14].
وروى ابن الجزري باسناده عن فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ورضي عنها قالت : " أنسيتم قول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم غدير خم : من كنت مولاه فعلي مولاه ؟ وقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : أنت مني بمنزلة هارون من موسى عليهما السّلام ؟ "[15].
وروى النسائي باسناده عن عائشة بنت سعد ، قالت : " سمعت أبي يقول : سمعت رسول الله يوم الجحفة فأخذ بيد علي فخطب فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيّها النّاس إني وليكم . قالوا : صدقت يا رسول الله ، ثم أخذ بيد علي فرفعها ، فقال : هذا وليي ويؤدي عني ديني وأنا موالي من والاه ومعادي من عاداه "[16].
وروى الخوارزمي الخبر باسناده عن زيد بن أرقم . . . ثم قال : " يقال : قمّ البيت بالمقمة يقمه ، أي كنسه ، وجمع قمامة وقمامة ومن مجازه : قمت الشاة ما أصابت على وجه الأرض ، وأقمّ ما على المائدة وتقممه : لم يترك شيئاً .
ومن كلام أمير المؤمنين : ما خلقت ليشغلني اكل الطيبات كالبهيمة المربوطة همّها تقممها ، والمرسلة شغلها علفها تكرش من أعلافها وتلهو عما يراد بها .
والثقل متاع البيت وما حملوه على دوابهم ويقال : لفلان ثقل كثير ، أي متاع وخدم وحشم . والثقلان : الجن والإنس .
ويقال : خلفه يخلفه إذا جاء بعده وخلفه على أهله وأحسن الخلافة ، ومات عنها زوجها وخلف عليها فلان إذا تزوجها بعده ، وخلفه بخير أو شر ذكره به من غير حضرته ، واخلف الله عليك عوضك عما ذهب منك ، وخلف الله عليك كان خليفة من كافيك " .
وروى باسناده الخبر عن البراء أيضاً[17].
قال الشنقيطي : " وفي كتاب الترمذي عن أبي سريحة الصحابي أو زيد بن أرقم - شك شعبة - عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال : من كنت مولاه فعلي مولاه . رواه الترمذي وقال : حديث حسن .
والشك في عين الصحابي لا يقدح في صحة الحديث عند أئمة الحديث ، لأنهم كلهم عدول .
وعن البراء بن عازب قال : كنا عند النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في سفر فنزلنا بغدير خم . . .
وأخرج أحمد مثله في مسنده عن زيد بن أرقم .
وأخرج أحمد في كتاب المناقب معناه عن عمر وزاد بعد قوله ، وعاد من عاداه وانصر من نصره واجب من أحبه ، قال شعبة أو قال : أبغض من أبغضه .
وأخرج أبو حاتم قال : قال علي عليه السّلام : انشد الله كل امرئ سمع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول يوم غدير خم لما قام ، فقام ناس فشهدوا إنهم سمعوه يقول : ألستم تعلمون إني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، قالوا : بلى يا رسول الله . قال : من كنت مولاه فإن هذا مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، فخرجت وفي نفسي من ذلك شئ ، فلقيت زيد بن أرقم فذكرت ذلك له فقال : قد سمعناه من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول ذلك له .
قال أبو نعيم : قلت لفطر : يعني الذي يروي عنه الحديث : كم بين القول وبين موته : قال : مائة يوم ، وقال : يريد موت علي بن أبي طالب .
وأخرجه أحمد عن سعيد بن وهب ولفظه قال : نشد علي ، فقام خمسة أو ستة من أصحاب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فشهدوا أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : من كنت مولاه فعلي مولاه " .
قال : " روى بريدة وأبو هريرة وجابر والبراء بن عازب وزيد بن أرقم ، كل واحد منهم عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال يوم غدير خم : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، وبعضهم لا يزيد على : من كنت مولاه فعليّ مولاه "[18].
وقال الزرندي بعد رواية الحديث عن البراء بن عازب : " قال الإمام أبو الحسن الواحدي : " هذه الولاية التي أثبتها النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لعلي مسؤول عنها يوم القيامة "[19].
وروى الكنجي باسناده عن سعيد بن المسيب ، قال : " قلت لسعد بن أبي وقاص : إني أريد أن أسألك عن شئ وإني أتقيك قال : سل عمّا بدا لك فإنما أنا عمّك قال : قلت مقام رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فيكم يوم غدير خم قال : نعم ، قام فينا بالظهيرة ، فأخذ بيد عليّ بن أبي طالب فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره "[20].
ورواه البلاذري باسناده عن أبي هريرة وعن البراء بن عازب وعن زيد بن أرقم[21].
وقال ابن حجر : " قال صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم غدير خم : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، الحديث . . . رواه عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ثلاثون صحابياً ، وإن كثيراً من طرقه صحيح أو حسن "[22].
وقال سبط ابن الجوزي : " اتفق علماء السير على أنّ قصة الغدير كانت بعد رجوع النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من حجة الوداع في الثامن عشر من ذي الحجة ، جمع الصحابة - وكانوا مائة وعشرين الفاً - وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه . . . الحديث ، نص صلّى الله عليه وآله على ذلك بصريح العبارة دون التلويح والإشارة . . . وفي نسخة : وكان معه من الصحابة ومن الأعراب ومن يسكن حول مكة والمدينة مائة وعشرون الفاً وهم الذين شهدوا معه حجة الوداع وسمعوا منه هذه المقالة "[23].
وقال أبو جعفر الإسكافي : " قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم في غدير خم : من كنت مولاه فعلي مولاه ، يكون إبانة له منهم وتقريباً له من نفسه ليعلموا انّه لا منزلة أقرب إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من منزلته . . ودل على إبانة عليّ من الكل بمولويته على كل مؤمن ومؤمنة ، ثم أقامه في التقديم عليهم مقامه وأعلمهم أن تلك لعلي فضيلة عليهم كما كانت له صلّى الله عليه وآله وسلّم فضيلة تأكيداً وبياناً لما أراد من قيام الحجة "[24] ( 1 ) .
وروى ابن الأثير باسناده عن أبي جنيدة جندع بن عمرو بن مازن ، قال : سمعت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : " من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ، وسمعته وإلاّ صمتا يقول : وقد انصرف من حجّة الوداع فلما نزل غدير خم قام في الناس خطيباً وأخذ بيد علي وقال : من كنت وليه فهذا وليه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، قال عبيد الله فقلت للزهري : لا تحدث بهذا بالشام وأنت تسمع ملء أذنيك سب علي ، فقال : والله إنّ عندي من فضائل علي ما لو تحدثت بها لقتلت "[25] ( 2 ) .
أقول : قال السيد ابن طاووس : " ومن ذلك ما ذكره النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لعلي بن أبي طالب عليه السّلام بمنى ويوم غدير خم من التصريح بالنص عليه والارشاد إليه في مقام يشهد له بيان المقال ولسان الحال بأنه الخليفة والقائم مقامه في أمته ، وقد صنف العلماء بالأخبار كتباً كثيرة في حديث يوم الغدير ووقائعه في الحروب ، وذكر فضائل اختص بها من دون غيره وتصديق ما قلناه ، وممّن صنف تفصيل ما حققناه أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني الحافظ المعروف بابن عقدة وهو ثقة عند أرباب المذاهب وجعل ذلك كتباً محرراً سماه ( حديث الولاية ) وذكر الأخبار عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بذلك وأسماء الرواة من الصحابة . . . وقد أثنى على ابن عقدة الخطيب صاحب ( تاريخ بغداد ) وزكاه "[26].
وقال ابن المغازلي : " قال أبو القاسم الفضل بن محمّد : هذا حديث صحيح عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وقد روى حديث غدير خم عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم نحو من مائة نفس منهم العشرة ، وهو حديث ثابت لا اعرف له علة ، تفرد علي عليه السّلام بهذه الفضيلة ، ليس يشركه فيها أحد "[27].
وقال القندوزي الحنفي : " أخرج محمّد بن جرير الطبري صاحب التاريخ خبر غدير خم من خمسة وسبعين طريقاً ، وأفرد له كتاباً سماه الولاية . . .
حكى العلامة علي بن موسى عن عبد الملك بن محمّد أبي المعالي ، الجويني ، الملقب بإمام الحرمين أستاذ أبي حامد الغزالي رحمهما الله وهو يتعجب ويقول : رأيت مجلداً في بغداد في يد صحاف فيه روايات خبر غدير خم مكتوباً عليه المجلدة الثامنة والعشرون من طرق قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم من كنت مولاه فعلي مولاه ، ويتلوه المجلدة التّاسعة والعشرون "[28].
مؤيّدات حديث الغدير
أخرج أبو نعيم باسناده عن علي عليه السّلام قال : " قال لي عمر بن الخطاب ذات يوم : أنت - والله - أمير المؤمنين حقاً . قلت : عندك أو عند الله ؟ قال : عندي وعند الله تبارك وتعالى "[29].
وروى محمّد بن جرير الطبري في المجلد الأول من كتاب الدلائل عن جابر الجعفي ، قال : " قال أبو جعفر محمّد بن علي عليه السّلام : لو علم النّاس متى سمي عليّ أمير المؤمنين ما أنكروا ولايته ، قلت : رحمك الله ، متى سمّي عليّ أمير المؤمنين ؟
قال : كان ربك عزّوجلّ حيث أخذ من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم : ألست بربكم ومحمّد رسولي وعليّ أمير المؤمنين "[30].
وروى الحافظ ابن مردويه بسنده عن بريدة ، قال : " أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أن نسلّم على علي بأمير المؤمنين "[31].
وروى الخوارزمي باسناده عن سالم قال : " قيل لعمر : نراك تصنع بعلي شيئاً لا نراك تصنعه بأحد من أصحاب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : إنه مولاي "[32].
وباسناده عن أبي جعفر قال : " جاء أعرابيان إلى عمر يختصمان فقال عمر : يا أبا الحسن اقض بينهما ، فقضى علي على أحدهما ، فقال المقضى عليه : يا أمير المؤمنين بهذا يقضى بيننا ! فوثب إليه عمر ، فأخذ بتلابيبه ، ثم قال : ويحك ما تدري من هذا ؟ هذا مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة ، ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن "[33].
وباسناده عن يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل ، قال : " نازع عمر بن الخطاب رجلا في مسألة فقال له عمر : بيني وبينك هذا الجالس ، وأومأ بيده إلى عليّ عليه السّلام فقال الرّجل : من هذا الأبطن ؟ فنهض عمر عن مجلسه فأخذ بأذنيه حتّى أشاله من الأرض وقال له : ويلك أتدري من صغرت ؟ هذا عليّ بن أبي طالب مولاي ومولى كلّ مسلم "[34].
وروى الحمويني باسناده عن أبي صادق ، قال علي عليه السّلام : " أصول الاسلام ثلاثة ، لا تنفع واحدة منهن دون صاحبتها ، الصلاة ، والزكاة ، والموالاة .
قال الواحدي : وهذا منتزع من قوله تعالى : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ )[35] وذلك إنّ الله تعالى أثبت الموالاة بين المؤمنين ثم لم يصفهم إلاّ بإقامة الصلاة ، وايتاء الزكاة ، فقال : ( الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ) فمن والى علياً فقد والى الله ورسوله وقد ذكر ذلك الله تعالى في آية أخرى انّه حببه إلى عباده المؤمنين[36] فقال : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً )[37].
وروى الشنقيطي باسناده عن رباح بن الحارث قال : " بينما علي جالس إذ جاءه رجل فدخل وعليه أثر السفر فقال : السلام عليك يا مولاي ، قال : من هذا ؟ قال أبو أيوب الأنصاري ، فقال علي : أفرجوا له ففرجوا ، فقال أبو أيوب : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه "[38].
وباسناده عن عمر ] بن الخطاب [ أنه قال : " علي مولى من كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مولاه " .
وعن سالم ، قيل لعمر : " إنك تصنع بعلي شيئاً ما تصنعه بأحد من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، قال : انّه مولاي "[39].
وروى الخوارزمي بإسناده عن الأصبغ ، قال : " سئل سلمان الفارسي رضي الله عنه عن علي بن أبي طالب عليه السّلام وفاطمة فقال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول عليكم بعلي بن أبي طالب عليه السّلام فإنّه مولاكم فأحبوه وكبيركم فاتبعوه وعالمكم فأكرموه وقائدكم إلى الجنة فعززوه ، وإذا دعاكم فأجيبوه ، وإذا أمركم فأطيعوه ، أحبوه كحبي وأكرموه بكرامتي ، ما قلت لكم في علي إلاّ ما أمرني به ربي جلت عظمته "[40].
وروى الحمويني باسناده عن أبي سعيد عن النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في قوله عزّوجلّ ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْؤولُونَ )[41] قال : " عن ولاية عليّ بن أبي طالب عليه السّلام . قال الواحدي : والمعنى أنّهم يسئلون هل والوه حقّ الموالاة كما أوصاهم به رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ؟ وقال : وروى عن عليّ عليه السّلام انّه قال : جعلت الموالاة أصلا من أصول الدّين "[42].
وروى محمّد بن رستم بإسناده عن ابن عمر : " من يكن الله ورسوله مولاه فان هذا مولاه يعني علّياً ، اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه ، اللّهم من أحبّه من النّاس فكن له حبيباً ، ومن أبغضه من النّاس فكن له بغيضاً ، اللّهم إنّي لا أجدُ احداً استودعه في الأرض بعد العبدين الصّالحين فاقض عنّي بالحسُنى "[43].
وروى ابن المغازلي بإسناده عن أبي هريرة قال : " من صام يوم ثماني عشرة خلت من ذي الحجة كتب له صيام ستّين شهراً ، وهو يوم غدير خمّ ، لمّا أخذ النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بيد عليّ بن أبي طالب فقال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فقال عمر بن الخطّاب بخ بخّ لك يا عليّ بن أبي طالب ، أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن[44]، فأنزل الله تعالى ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ )[45].
وروى أحمد باسناده عن رباح بن الحرث قال : " جاء رهط إلى عليّ بالرّحبة ، فقالوا : السّلام عليك يا مولانا ، فقال : كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب ؟ قالوا : سمعنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول يوم غدير خمّ : من كنت مولاه فهذا مولاه ، قال رباح : فلمّا مضوا اتبعتهم وسألت : من هؤلاء ؟ قالوا نفر من الأنصار ، فيهم أبو أيّوب الأنصاري "[46].
وروى محبّ الدّين الطّبري باسناده عن عبد الأعلى بن عدّي النهرواني " إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم دعا عليّاً يوم غدير خمّ فعمّمه وأرخى عذبة العمامة من خلفه "[47].
بعض الأشعار في الغدير
منها : شعر حسّان بن ثابت الأنصاري ، وقد تقدّم نصّه عن بعض الكتب ، وقد ورد نصّه كذلك في الكتب المفصّلة في حديث الغدير عن ابن مردويه عن ابن عباس ، وعن أبي نعيم الاصفهاني والديلمي والخوارزمي والحمويني وغيرهم عن أبي سعيد الخدري ، وعن جماعة من أعلام القوم كالسيوطي وسبط ابن الجوزي وأبي عبد الله الكنجي الشافعي وغيرهم أنهم رووا الشعر المذكور في كبّهم مرسلين إيّاه إرسال المسلم الثابت .
ومنها : شعر قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري ، فإنّه قال بصفّين بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام :
قلت لمّا بغى العدوّ علينا * حسبنا ربّنا ونعم الوكيل
وعلي إمامنا وإمامٌ * لسوانا أتى به التنزيل
يوم قال النبي من كنت مولاه * فهذا مولاه خطب جليل
إنّ ما قاله النبي على الأُمة * حتم ما فيه قال وقيل
ومن رواته : الحافظ سبط ابن الجوزي الحنفي[48].
هذا ، والأشعار في الغدير من الصحابة والتابعين وسائر العلماء في مختلف الطبقات من أهل المذاهب المختلفة ، كثيرة جدّاً ، أورد قسماً كبيراً منها الشيخ الأميني في كتابه ( الغدير في الكتاب والسنّة والأدب ) .
وقال شيخنا العلامة الشيخ محمّد حسين الغروي الاصفهاني بهذه المناسبة :
عيد الغدير أعظم الأعياد * كم فيه لله من الأيادي
أكمل فيه دينه المبينا * ثم ارتضى الاسلام فيه دينا
بنعمة وهي أتم نعمة * منها على النّاس به أتمّه
بنعمة الإمرة والولاية * أقام للدين الحنيف راية
تظلّل العرش وما سواه * والملأ الأعلى وما حواه
أبان للعلم بهذا العلم * ما جل أن يخطر في التوهّم
وكيف وهو عند أهل المعرفة * يعرب عن أعظم اسم وصفة
وهو مدار الغيب والشهود * والقطب في دائرة الوجود
أبو العقول والنفوس الكاملة * والمثل الأعلى لمن لا مثل له
وانّه لكعبة التوحيد * قبلة كل عارف وحيد
لروحه المقدس المنيع * ولاية التكوين والتشريع
أكرم بها ولاية لمن أتى * في فضله الظاهر نص هل أتى
وهو ولي الأمر بالنص الجلي * وعنده علم الكتاب المنزل
طار بفضله حديث الطائر * إلى سنام العرش والدوائر
ولا أباهي بحديث المنزلة * فإنّه دون مقام هو له
وما أتى إلى النبي الأمي * كما أتاه في غدير خم
من آية في غاية التشديد * حاوية للوعد والوعيد
آمرة بنصب من لولاه * ما بلغ المبدء منتهاه
فأوقف القوم عن المسير * في شدة الرمضاء والهجير
واتخذوا من الحدوج منبراً * فقام بالتبليغ سيد الورى
لما رقى نبيّنا الحد وجا * ثنى به إلى السما العروجا
ومذ تلاه الصنو راقيا بها * أشرقت الأرض بنور ربها
فاجتمع البحران في الغدير * واقترن السعدان في الأثير
واتصل القوسان في الوجود * من مبدء الغيب إلى الشهود
فيه تجلت لأولى الكمال * مراتب الجلال والجمال
ثم ابتدى بخطبة فصيحة * بليغة بالغ في النصيحة
أبان في خطبته المفصلة * ما لعلي من عظيم المنزلة
وقال للنّاس : ألست أولى * بالمؤمنين كالعلّي الأعلى ؟
قالوا : بلى والغدر في الفؤاد * مكتمن كالنار في الرماد
فقال والوصي في يمناه * من كنت مولاه فذا مولاه
فالمرتضى العلي قدراً رسمه * مولاهم بكل معنى الكلمة
والنظم والترتيب في القول يفي * بكونه أحق بالتصرف
بل هو أقصى رتب الولاية * ليس لها حدٌ ولا نهاية
فإنّه مجلى صفات الباري * في موضع الإيراد والاصدار
ونشأة التكوين والابداع * منقادة لأمره المطاع
والقلم الأعلى ولوح الحكمة * أم الكتاب وأبو الأئمة[49]
دلالة حديث الغدير
قال سبط ابن الجوزي : قال علماء العربية : " لفظة مولى يرد على وجوه ( أحدها ) بمعنى المالك ( الثّاني ) بمعنى المولى المعتق ، بكسر التّاء ، ( الثّالث ) بمعنى المعتق بفتح التّاء ( الرّابع ) بمعنى النّاصر . . . ( الخامس ) بمعنى ابن العمّ ( السّادس ) الحليف . . ( السّابع ) المتوّلى لضمان الجريرة وحيازة الميراث ، كان ذلك في الجاهلية ، ثمّ نسخ بآية المواريث ( الثامن ) الجار . . ( التّاسع ) السّيد المطاع وهو المولى المطلق ، قال في الصّحاح : كلّ من ولى أمر أحد فهو وليّه ( والعاشر ) بمعنى الأُولى قال الله تعالى : ( فَالْيَوْمَ لاَ يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلاَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاَكُمْ )[50] أي أولى بكم .
وإذا ثبت هذا لم يجز حمل لفظة المولى في الحديث على مالك الرّق ، لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يكن مالكاً لرق عليّ عليه السّلام حقيقة ، ولا على المولى المعتق لأنه لم يكن معتقاً لعليّ ، ولا على المعتق لأنّ عليّاً عليه السّلام كان حرّاً ، ولا على النّاصر ، لأنّه عليه السّلام كان ينصر من ينصر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ويخذل من يخذله ، ولا على ابن العمّ لأنّه كان ابن عمّه ، ولا على الحليف ، لأنّ الحليف يكون بين الغرماء للتعاضد والتناصر ، وهذا المعنى موجود فيه ، ولا على المتّولى لضمان الجريرة لما قلنا انّه انتسخ ذلك ، ولا على الجار ، لأنّه يكون لغواً من الكلام وحاشا منصبه الكريم من ذلك ، ولا على السيّد المطاع ، لأنّه كان مطيعاً له يفيده بنفسه ويجاهد بين يديه .
والمراد من الحديث الطّاعة المحضة المخصوصة فتعيّن الوجه العاشر وهو الأولى ومعناه من كنت أولى به من نفسه فعلّي أولى به ، وقد صرّح بهذا المعنى الحافظ أبو الفرج يحيى بن السّعيد الثقّفي الأصبهاني في كتابه المسّمى بمرج البحرين فإنّه روى هذا الحديث بإسناده إلى مشايخه ، وقال فيه : فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بيد علّي فقال : من كنت وليّه وأولى به من نفسه فعلّي وليّه ، فعلم إنّ جميع المعاني راجعة إلى الوجه العاشر ، ودلّ عليه أيضاً قوله عليه السّلام : ألستُ أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ وهذا نصّ صريح في اثبات إمامته وقبول طاعته ، وكذا قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : وأدر الحق معه حيث ما دار وكيفما دار ، فيه دليل على انّه ما جرى خلاف بين علي عليه السّلام وبين أحد من الصحابة إلاّ والحق مع علي عليه السّلام ، وهذا بإجماع الأمة "[51].
وقد أطال الكلام علماؤنا الأعلام في بيان وجه الاستدلال بحديث الغدير على إمامة أمير المؤمنين عليه السّلام ، لأهميّته الفائقة ، على أثر تواتره سنداً وكثرة وجوه دلالته .
وخلاصة الكلام هو : إنّ لفظ " المولى " الموجود في متن الحديث إمّا مشترك معنوي بين معانيه المتعدّدة ، وإمّا هو مشترك لفظي ، فإنْ كان مشتركاً معنويّاً كان المعنى الموضوع له هو " الأولوية " ولا كلام بعد ذلك ، وإنْ كان مشتركاً لفظياً ، فمقتضى القاعدة هو الرّجوع إلى القرائن المعيّنة للمعنى المقصود منه في الحديث ، وعندما نرجع إلى ألفاظ حديث الغدير وما تشتمله الروايات المختلفة الكثيرة نجد القرائن القويّة الداخلية والخارجية ، المعيّنة للمقصود - وهو الأولوية - بحيث لا يبقى مناصٌ للباحث المنصف من الإذعان بذلك ، فلنشر إلى طائفة من تلك القرائن بإيجاز :
1 - نزول الآيات القرآنية قبل الحديث وبعده ، والعمدة فيها قوله تعالى قبل الخطبة ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ . . . ) وقوله بعدها : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ . . . ) .
2 - اعتراض الأعرابي وكلامه ونزول قوله تعالى : ( سَأَلَ سَائِلٌ . . . ) في ذلك .
3 - شعر حسّان بن ثابت ، المذكور .
4 - شعر قيس بن سعد بن عبادة المذكور .
5 - شعر أمير المؤمنين عليه السّلام .
6 - مناشدة أمير المؤمنين بحديث الغدير ، أكثر من مرة .
7 - تسليم جماعة من الصحابة - وعلى رأسهم أبو أيوب الأنصاري - على الإمام بلفظ : " السلام عليك يا مولانا " إستناداً إلى حديث الغدير .
8 - قول النبي في أوّل الحديث : " ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم " مشيراً إلى قوله تعالى : ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ) فلمّا أجابوا بالإيجاب قال : " فمن كنت مولاه فعلي مولاه " .
9 - تهنئة كبار الصحابة - وعلى رأسهم أبو بكر وعمر - قائلين : " بخ بخ لك يا ابن أبي طالب ، أصبحت مولانا ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة " .
10 - فهم غير واحد من الصحابة معنى " الأولوية " من حديث الغدير .
فهذه عشرة من القرائن ، وهناك أمور غيرها ، فمن شاء فليرجع إلى الكتب المطوّلة في الباب.
[1] سورة المائدة : 3 .
[2] المناقب ص 16 الحديث 23 .
[3] ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ص 67 .
[4] ذخائر العقبى ص 67 .
[5] تاريخ الخلفاء ص 169 .
[6] المصدر .
[7] نظم درر السّمطين ص 112 .
[8] الدر المنثور ج 2 ص 259 .
[9] نظم درر السّمطين ص 97 .
[10] مجمع الزّوائد ج 9 ص 105 .
[11] المصدر .
[12] مجمع الزوائد ج 9 ص 106 .
[13] مجمع الزوائد ج 9 ص 164 .
[14] وسيلة المال في عدّ مناقب الآل ص 226 مخطوط .
[15] أسنى المطالب في مناقب علّي بن أبي طالب ص 5 .
[16] الخصائص ص 4 .
[17] المناقب ص 93 - 94 .
[18] كفاية الطّالب للشّنقيطي ص 28 - 30 .
[19] نظم درر السّمطين ص 109 .
[20] كفاية الطّالب ص 62 .
[21] أنساب الأشراف ج 2 ص 108 - 111 الحديث 45 - 48 .
[22] الصواعق المحرقة ص 73 .
[23] تذكرة الخواصّ ص 30 .
[24] المعيار والموازنة ص 210 .
[25] أسد الغابة ج 1 ص 308 .
[26] الطّرائف في معرفة مذاهب الطّوائف ج 1 ص 139 .
[27] المناقب ص 27 .
[28] ينابيع المودّة ص 36 .
[29] كتاب اليقين لابن طاوس ص 19 مخطوط .
[30] المصدر ص 45 .
[31] لمصدر ص 10 .
[32] المناقب ، الفصل الرّابع عشر ص 97 .
[33] المناقب ص 98 .
[34] المصدر ، وروى هذا الحديث وسابقه محبّ الدّين الطبري في الرياض النّضرة ج 3 ص 164 وفي ذخائر العقبى ص 68 .
[35] سورة المائدة : 55 .
[36] فرائد السمطين ج 1 ص 79 .
[37] سورة مريم : 96 .
[38] كفاية الطّالب ص 29 .
[39] المصدر ص 30 .
[40] المناقب الفصل التّاسع عشر ص 226 .
[41] سورة الصافات : 24 .
[42] فرائد السمطين ج 1 ص 79 .
[43] تحفة المحبين بمناقب الخلفاء الراشدين ص 193 مخطوط .
[44] المناقب ص 19 ، الحديث 24 ، ورواه الخطيب في تاريخ بغداد : ج 8 ص 290 والخوارزمي في المناقب الفصل التاسع عشر ص 94 مع فرق .
[45] سورة المائدة : 3 .
[46] المناقب لأحمد ج 1 ، الحديث 89 ، ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ج 9 ص 103 .
[47] الرياض النضرة ج 3 ص 247 .
[48] تذكرة الخواص ص 39 .
[49] الأنوار القدسية ص 13 - 15 .
[50] سورة الحديد .
[51] تذكرة خواص الأمة ص 31 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|