أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-11-2014
1589
التاريخ: 11-10-2014
2079
التاريخ: 11-10-2014
6731
التاريخ: 16-1-2023
1256
|
في وصف شامل لسدّ كورش ( ذي القَرنَينِ ) وتحديد موقعه الجغرافي حاليّاً على الخريطة السياسيّة ، وتحديد نوعيّة الدَولة التي كانت تُسيطر على المنطقة الجبليّة التي شُيّد فيها ، يُمكن القول : إنّه من المُعطيات السابقة ، تتبلور ملامح سدّ كورش التأريخي في :
أنّ السّدّ بُنيَ فيما بين عامَي ـ 539 ق . م . و 529 ق . م ـ في مكان جبليّ شاهق شديد التَضرّس قائم كجدارَينِ شامخَينِ على جانبَيه ، وبذلك ـ وعلى هذه الصورة ـ يكون السّدّ حجازاً مضافاً على الجدارَينِ ، في مكان المَضيق الجبليّ الذي كان موجوداً بينهما ، ويُعرف بمَضيق
( داريال ) ، وهو موسوم في جميع الخرائط الإسلاميّة والروسيّة في جمهوريّة جورجيا ( كرجستان ) .
وقد استُخدِمت في تشييد السدّ زُبُر الحديد أي قطع الحديد الكبيرة ، وأُفرغ عليها النُحاس المُنصهِر . وهذا هو وصف القرآن ، ولا نقبل عنه بديلاً ، مهما كانت درجة التقارب أو التشابه ، ونرفض أيّ سدٍّ آخر يكون قد شُيّد من الحِجارة ـ مِثل سور الصين العظيم ـ حتّى ولو كانت عناصر ومُقوّمات وظروف إنشائه مُشابهةً لِما جاء عن سدّ ذي القَرنَينِ .
وقد رأينا خلال السرد التأريخي أنّ القبائل المَغولية ـ وراء سِلسلة جبال قوقاز ـ كانت لا تَتَكاسل عن الانقضاض على مناطق آسيا الغربيّة خلال القرن السادس قبل الميلاد .
وكلّ صفحات التأريخ تَذكر لنا أنّ ثَمّة تَوقُّف مُفاجئ حَدث في عمليّة تَدفّق هذه القبائل البدائيّة المُتوحِّشة ، وتُشير أَصابع الدقّة التأريخيّة نحو الحُقبة التي ظهر فيها كورش الهخامنشي !
ومِن ثَمّ جاء قول المُؤرّخينَ بأنّ هذه القبائل التي سُمّيت ( ميكاك ) عند اليونان و ( منكوك ) عند الصينيّين ، هم قوم ( يأجوج ومأجوج ) الذي جاء ذِكرهم في القرآن ، وقد تقدّم الكلام عن ذلك .
هذا وقد تَتَّبع مولانا أبو الكلام آزاد ، من خلال استقراء التأريخ ومُراجعة النَصوص في العهد القديم وما جاء فيها عن يأجوج ومأجوج ، ووصل إلى نفس ما هو قائم في الواقع في جمهوريّة جورجيا ( كرجستان ) الآن ، وقد عُثر على كُتَل هائلة من الحديد المخلوط بالنُحاس ، موجودة في جبال قوقاز ، مُبعثَرة في منطقة مضيق ( داريال ) الجبلي .
وهذه حقيقة قائمة لكلّ من أراد أنْ يشاهدها برَأْي العَين .
جبال شاهقة تمتدّ من البحر الأسود حتّى بحر قزوين ، التي تمتدّ لتصل بين البحرين طول ( 1200 ك . م ) وهي جبال التوائيّة حديثة التكوين ، شامخة مُتجانسة التركيب ، إلاّ من كُتَل هائلة من الحديد الصافي المخلوط بالنُحاس الصافي في مَضيق داريال ، غير أنّ جسم الجبال الصخري ( جبال قوقاز ) من جانبي السدّ تآكل بفعل عوامل التَعريَة طِوال 2500 سنة وصار هناك فراغ فيما بين الصخور الجبليّة وجسم السدّ الحديدي النُحاسي ، وأصبح كُتَلاً ضَخمة تَبعثرت في مَعبَر المَضيق .
ويُشار إلى هذا السدّ في الأطالس الجغرافيّة الحديثة بين فلادي ( Fladi ) وكوكس ( Kiuakass ) وبين تفليس ، ويَذكره الأَرمَن ـ هناك ـ في صفحات تأريخهم ( الشاهد على أحداثهم ) باسم ( بهاك غورائي ) و ( كابان غورائي ) أي مَضيق كورش أو ( ممرّ كورش ) ، كما أنّ سُكّان كرجستان يَعرفونه في بلادهم باسم الباب الحديدي ، وذَكره الأتراك في كتاباتهم أيضاً باسم ( دامركابو ) ( قابو ) (1) ، و ( دامر ) ـ بالتركيّة ـ يعني : الحديد . و ( قابو ) : الباب .
فالسدّ شُيّد في منطقة جبليّة بين صَدفَينِ في مَضيق داريال ، وليس في مناطق سَهليّة مِثل سور الصين العظيم ، وقد أُقيم لإيقاف زحف الأجناس المُتوحِّشة عِبر جبال القوقاز إلى شمال مَملكة فارس وغرب آسيا ، ولم يكن لحجز مياه السيول والفيضان مثل سدّ مأرب .
وقد شُيّد من خامات الحديد وأُشعلت النيران لصهر النُحاس ليُصَبّ فوق الحديد ، وبقاياه تدلّ فعلاً على انطباق مواصفاته مع ما جاء في القرآن الكريم .
ولذلك عبّر القرآن عن متانته بقوله تعالى : {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا} [الكهف: 97] .
إذن ، لم يكن السدّ من الحَجَر ، مثل سور الصين العظيم (2) ، أو جدار ( دربند ) الذي بَناه
أنوشيروان المَلِك الساساني (3) بعد ( 1000 عام ) من بِناء سدّ كورش ، أو سدّ ( مأرب ) الذي شُيّد لتنظيم الريّ ووقاية المنطقة ـ وعاصمتها مدينة مأرب قاعدة المَملكة السبئيّة ( باليَمن ) ـ من أخطار الفيضانات المُوسميّة ، وتَهدَّم بين ( 507 ـ 542 ق . م ) على أثر السيل العَرِم ( الهائج المُدمّر ) ونتيجةً للإهمال بشأن ترميم ثُلَمها (4) .
هذا هو سدّ كورش ذي القَرنَينِ ـ كما وَصَفه القرآن الكريم ـ يَشهد على ذلك جميع الشُعوب التي دخلت أُوربا عن شمال جبال قوقاز وشاهدته بعد ما شُيّد أو اجتازت مضيق داريال قبل تشييده ، هذا هو السدّ ، في منطقة استراتيجيّة ذات أهميّة كبيرة ، جرَّ عليها موقعها هذا صِعاباً كثيرةً ، فطَمعت فيها كلّ الدُول المُجاورة !
وهكذا ، فكلّ مَن سيطر على الإقليم صارت كلّ المناطق شماله وجنوبه تحت رحمته ؛ لذلك فقد وصل الغُزاة إلى المنطقة من فجر التأريخ ، فغزاها الآشوريّون والكلدانيّون والمصريّون والقُدماء والفارسيّون ، ثُمّ اليونانيّون ... وخضعت لنُفوذ بيزانطة في القَرن الثالث الميلادي بعد أن انتشرت المسيحيّة في جنوبها في القرن الأوّل الميلادي ، وكذلك استولت الصين على جنوب قوقاز في القَرن الرابع الميلادي ، وكانت دَولَتا الفُرس والروم كفَرَسَي رِهان على امتلاك أرمينيا وقوقاز وآذربيجان طول التأريخ .
___________________
(1) كورش الكبير ، ص 280 .
(2) بَناه الإمبراطور ( تشين شيه هوانج ) بعد سنة ( 221 ق . م ) ، حاجزاً بين ( منغوليا ) والصين، وهو مُشيّد من الطُوب ( اللِبْن المحروق ) والطين والحجارة ، يبلغ طوله ( 1500 مِيلاً ) ويمتدّ من البحر الأصفر حتّى سَلاسل جبال ( تاين تاغ ) ؛ لتَحول دون القبائل الهمجيّة ـ التي كانت تسكن صحراوات منغوليا ـ الدائمة الإغارة على سُهول الصين ، ويَشتمل السور على عدد مِن البوّابات الضَخمة في مناطق مُتباعدة يقوم على حراستها جُنُود أشدّاء ، مفاهيم جغرافيّة ، ص 128 ـ 129 .
(3) بَناه في مُنحدَرات جبال قوقاز حتّى شواطئ بحر قزوين حيث مدينة دربند في طول سبعة فراسخ ؛ سدّاً لهجمات الرومان البيزنطيّين والأتراك حيث كانوا يتدفّقون على شمال فارس عِبر الشريط الساحلي الذي بلغ اتّساعه 30 مِيلاً بين بحر قزوين وجبال قوقاز ، مفاهيم جغرافيّة ، ص 315 ، ولغت نامه دهخدا ، حرف الدال.
(4) المُنجد في الأعلام ، حرف الميم .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|