أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-10-2014
26234
التاريخ: 11-7-2016
1801
التاريخ: 7-10-2014
1802
التاريخ: 12-7-2016
1743
|
عندما ينظر العربي في ليل الصحراء الممتدة الأطراف وفي سمائها الصافية فإنّه يرى في السماء نقاطاً مضيئة يطلق عليها النجوم، وفي النهار يرى الشمس فيميزها عن النجوم وعن القمر، فالمميز ثلاثة أُمور: النجوم والشمس والقمر، في حين يميّز القرآن الكريم بين النجوم والكواكب، فهناك في السماء نجوم وهي السراج المتوهج المشتعل، أمّا الكواكب فلا تشتعل ولا تتوهج وإنّما تنير وتعكس ما يسقط عليها من نور تلك النجوم، قال تعالى:
{إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ}([2])
{وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِلشَّيَاطِينِ}([3])
إذن فالسماء مزينة بشيئين وهما الكواكب والمصابيح، فما الفرق بين الكواكب وبين المصابيح؟
المصباح مضيء بذاته ويضيء الأجسام الاُخرى، أمّا الكوكب فهو يقتبس من نور المصباح، ليس هذا الفرق الوحيد بين الكواكب والنجوم «المصابيح» وإنّما هناك فرق آخر يذكره القرآن الكريم في نهاية كل من الكوكب والنجم.
فللكوكب نهاية تختلف عن نهاية النجم، وقد لاحظ علماء الفضاء نهاية بعض الكواكب كما أنّهم لاحظوا نهاية بعض النجوم، فاكتشفوا أنّ نهاية الكواكب تنتثر وتصبح أجساماً متفرقة وأجزاءاً متناثرة، أمّا النجوم فإنّ نهايتها أنّها تطمس وتتحول إلى كتل سوداء لا ضوء لها، قال تعالى:
{وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ}([4])
أمّا عن نهاية النجوم فيقول الباري تعالى:
{وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ}([5])
وفي آية أُخرى يقول تعالى:
{فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ}([6])
والسؤال الذي يطرح نفسه من أخبر نبيّنا محمداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّ في السماء نجوماً وكواكب، وأنّ كلاً منهما يختلف عن الآخر من حيث الإضاءة والنهاية، وفي حين أنّ هذه الأمور لم تكتشف إلاّ في قرننا الحالي؟ إنّه علاّم الغيوب خالق الكواكب وخالق النجوم وهو المفيض على الجميع تيار الوجود ابتداء ودواماً، وأنّ المتكلم بهذه الآيات الكريمة هو ربّ العالمين سبحانه وتعالى.
ويستحيل على أي إنسان في عصر نزول هذه الآيات أن يعرف هذه المعلومات التي نطقت بها هذه الآيات الكريمة، ليس هذا فحسب بل إنّ القرآن الكريم يميّز بين أبعاد النجوم المترامية الشاسعة التي تحيّر العقول.
ولا يمكن للإنسان أن يحدّد بفكره المحدود تلك المسافات الممتدة والتي تقاس بملايين السنين الضوئية، فنجد أنّ القرآن الكريم يعظم مواقع النجوم فيقول الباري تعالى:
{فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ}([7])
في حين لم يرد قسم معظّم عن مواقع الكواكب، كما لمواقع النجوم، وإنّما هناك قسم في نفس بعض الكواكب «أو كلّها» حسب معنى الآية الكريمة وليس بأبعاد تلك الكواكب ومواقعها، قال تعالى:
{فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ}([8])
قال في الميزان: «الخنّس جمع خانس كطُلَّب جمع طالب، والخنوس الانقباض والتأخر والاستتار، والجواري جمع جارية... وتعقّب قولـه: {فلا أقسم بالخنّس} الخ بقولـه: {والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس} يؤيد كون المراد بالخنس الجوار الكنّس الكواكب كلّها أو بعضها، لكن صفات حركة بعضها أشد مناسبة وأوضح انطباقاً على ما ذكر من الصفات المقسم بها الخنوس والجري والكنوس وهي السيارات الخمس المتحيرة: زحل والمشتري والمرّيخ والزهرة وعطارد...
وقيل: المراد بها مطلق الكواكب وخنوسها استتارها في النهار تحت ضوء الشمس وجريها سيرها المشهود في الليل. وكنوسها غروبها في مغربها وتواريها»([9]).
إذن فالنجوم في القرآن مصابيح متوهجة مشتعلة فهي سراج وهذه الكلمة كلمة سراج لها علاقة كبيرة بوصف القرآن للشمس حيث يصفها بأنّها سراج وهّاج، قال تعالى:
{تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً}([10])
وقال تعالى:
{أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً}([11])
وقال تعالى:
{وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً * وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً}([12])
إذن فالنجوم مصابيح تتوهج وتحترق والشمس مصباح يتوهج ويحترق بل إنّ هناك آية تشير بوضوح إلى صفة النجم الثاقب المحترق أو الشهاب المحترق، قال تعالى:
{وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ}([13])
والثقب في الأصل بمعنى الخرق ثم صار بمعنى المضيء لأنّه يثقب الظلام بشعاعه وقال تعالى:
{إِلاّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ}([14])
وقال تعالى:
{... فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً}([15])
والشهاب شعلة نار ساطعة... والشهاب الذي ينقض بالليل شبه الكوكب، وهو في الأصل الشعلة من النار([16])، هذه الشهب تحفظ السماء من استراق السمع وهي من النجوم المصابيح قال تعالى:
{وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِلشَّيَاطِينِ}([17])
ومن هذه المصابيح النجم الثاقب ومنها الشهب، وهذا التمييز في القرآن الكريم بيّن وواضح وهو بذلك يختلف عن التوراة التي تصف الشمس والقمر بمنيرين، ولا تفرق في الوصف بينهما وهذا مخالف للمعارف الحديثة، في حين أنّ القرآن الكريم يصحح هذا المفهوم في التوراة المحرفة، وتصحيح القرآن الكريم للتوراة والانجيل المحرفين لم يقتصر على المفاهيم العلمية وإنّما يشمل ذلك تصحيح المفاهيم العقائدية والأحكام التشريعية ومفهوم العدالة وقضايا الجهاد والتغيير وقضايا المال والاقتصاد والديات والحدود إلى غير ذلك من الأحكام الشاملة التي استوعبها القرآن الكريم وتطرق إليها.
([1] ) الانفطار: 2.
([2] ) سورة الصافات: 6.
([3] ) سورة الملك: 5.
([4] ) سورة الانفطار: 2.
([5] ) سورة التكوير: 20.
([6] ) سورة المرسلات: 8.
([7] ) سورة الواقعة: 75-76.
([8] ) سورة التكوير: 15-16.
([9] ) الميزان: ج20، ص216-217.
([10] ) سورة الفرقان: 61.
([11] ) سورة نوح: 15-16.
([12] ) سورة النبأ: 12-13.
([13] ) سورة الطارق: 1-3.
([14] ) سورة الصافات: 10.
([15] ) سورة الجن: 9.
([16] ) لسان العرب: ج4، 2347، مادة «شهب».
([17] ) سورة الملك: 5.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|