أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-25
77
التاريخ: 22-04-2015
1861
التاريخ: 22-04-2015
1563
التاريخ: 7-10-2014
1883
|
وسنّة ازدياد العلوم البشرية وتطوّرها يكشف لنا عن حقيقة مهمة، وهي أنّ البشر أفراداً وجماعات ونتيجة لحركة التطور العلمي، كلّما وصلوا إلى درجة علمية معينة فإنّهم سوف يكتشفون علماً جديداً ونتيجة لهذا العلم الجديد سوف يكتشفون بعد حين نقصاً في بعض تلك العلوم أو ما يحيط بها، ويشعرون بذلك النقص وبعجزهم عن الاحاطة التامة بحقائق الكون.
{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاّ قَلِيلاً}([2])
{... وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}([3])
{... وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً}([4])
لذلك فإنّ العلماء والفلاسفة حينما يؤلفون كتباً فإنّهم بعد حين يكتشفون أخطاءهم فيما كتبوه وألّفوه، وإن فاتهم ذلك، فإنّه سوف يأتي من بعدهم من يكتشف أخطاءهم ويشير إلى صوابهم، ونضرب مثالاً على ذلك أنّ طالب العلم في هذا العصر ومع توفر الاتصالات الميسّرة والمواصلات المقدمة، وكثرة الكتب ووفرة الدوائر العلمية والمعرفية، وتوفر وسائل الطباعة الجيدة وحفظ المعلومات وآلات التسجيل الصوتي والمرئي مع كل هذه الامكانيات الهائلة التي لم تكن موجودة من قبل فإنّ الطالب حينما يكتب رسالته للماجستير أو الدكتوراه في مختلف العلوم وتشرع لجنة المناقشة في مناقشته فإنّها تنقده بعشرات الأخطاء، والطالب ذاته بعد حين عندما يزداد علماً وفهماً يعجب أحياناً من نفسه كيف كتب الفقرة الفلانية وكيف فاته الأمر الفلاني ويشعر بالنقص والعجز أمام الكم الهائل من الكشوفات العلمية المتوالية، وما اكتشفته البشرية لحد الآن يعتبر الغاية القصوى بالنسبة لنا وللأجيال الماضية إلاّ أنّ من يأتي بعدنا من الأجيال قد يعجب من بعض أفكارنا عن الكون والحياة ويستقل ما توصلنا إليه من العلوم.
{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاّ قَلِيلاً}([5])
وتأتي الأجيال القادمة لتشير إلى أخطائنا في مختلف العلوم والفنون التي كشفتها البشرية، هذه الظاهرة سنَّة ثابتة في المسيرة البشرية، وقانون لا ينكر.
وحينما تجد كتاباً يشذّ عن هذه القاعدة ويخرج عن ذلك القانون، ويخرق تلك السنة، فهذا يعني أنّ ذلك الكتاب معجز وخارق للعادة والسنَّة.
وإنّ البشر في مختلف العصور لم يتمكنوا من ذلك، أمّا القرآن الكريم فقد حقق هذا الخرق للعادة.
والمعجزة «ثبوت ماهو ليس بمعتاد أو نفي ما هو معتاد مع خرق العادة ومطابقة الدعوى» وهذا الخرق للعادة حققه القرآن بخلوّه من أي خطأ علمي رغم مرور أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان، علماً أنّ القرآن الكريم تعرض إلى كثير من العلوم الكونية، وخلق النبات والحيوان، والسنن التاريخية، وخلق السموات والارض، وحركة الأجرام السماوية والنجوم والكواكب ومع حديثه عن كل هذه الأمور ومع أنّ الناس في عصر التنزيل كانوا يعيشون في تخلّف علمي كبير ومع مرور أكثر من أربعة عشر قرناً وتقدّم العلوم هذا التقدّم العظيم مع كل هذا وذاك لم يكتشف أعداء القرآن فضلاً عن أتباعه أي معلومة وردت في القرآن تخالف المعارف الحديثة، قال تعالى:
{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً}([6])
لكنّه من عند الله إذن فلا اختلاف ولا خطأ ولا معلومة تناقض اليقين من العلوم الكونية، وهذا ما حققه القرآن بشكل قاطع وأثبت فيه بما لا يدع مجالاً للشك والاحتمال اعجازه وصدقه وأَنّه من عند الله تعالى، لأنّ البشرية مهما أُوتيت من طاقة، ليس في استطاعتها أن تؤلف كتاباً يخلو من الخطأ على مر العصور والدهور.
ما تقدم من الكلام يخص الناحية الإيجابية فيما أورده من المعلومات، إلاّ أنّ في القرآن قضية اعجازية أُخرى وهي الناحية السلبية من ذكر المعلومات السائدة في عصره، حيث أنّ القرآن نزل في مجتمع متخلف في كثير من شؤون الحياة، وتسوده كثير من المعتقدات الخاطئة والأساطير والخرفات، حتّى الديانات السماوية التي حرّفت دخلها كثر من المعتقدات الخاطئة والاساطير المضحكة والخرافات، ونظرة إنسان ذلك العصر وتفسيره لبعض الأحداث الكونية مع كثرة الأخطاء في كل ذلك خلال عصر التنزيل لم ينقل القرآن ولا معلومة واحدة خاطئة في آياته وسوره ولك ما أقرّه وأثبته يتطابق تماماً مع المتيقن من العلوم الحديثة.
فكيف يتسنى لأي مؤلف أن يتجنب أخطاء عصره وهي في حينها حقائق مسلّمة وليست أخطاءاً، إنّ من يفعل ذلك يخرج عن دائرة التفكير البشري، وبمعنى آخر أنّ البشرية يستحيل عليها أن تفعل ذلك لعجزها ومحدودية قالبيتها ونضرب مثالاً على ذلك، نظرة البدوي إلى الأرض وهو ساكن تلك الصحراء الممتدة، فإنّه لا شك أنّ ذهنه خالٍ من أدنى تفكير أو احتمال عن حركة الأرض وكرويتها وما يعتقده عنها أنّها ثابتة لا تتحرك، واعتقاده هذا عن عدم حركة الأرض يعتبر آنذاك من الضروريات التي لا تقبل التشكيك.
«وكان أهل الهند الأقدمون يؤمنون بأنّ الأرض محمولة على أحد قرني «البقرة الأُم»، وهي حين تقوم بنقل الأرض من قرن إلى آخر يحدث زلزال على البسيطة»([7]).
أمّا أهل اليونان فكانوا يصرّون على ثبات الأرض وانّ الشمس هي التي تدور حول الأرض، واستمرت هذه العقيدة لديهم حتّى مجيء الفلكي الإيطالي «غاليلو» الذي اكتشف حركة الأرض حول الشمس وانّ الشمس مركز الكواكب، وهدد بالإحراق بالنار من قبل الكنيسة فاضطر لاعلان التوبة من ذلك الاعتقاد، وكان في وقت توبته يخط على الأرض عبارته المشهورة «توبة غاليلو لا توقف الأرض عن دورانها».
ولد غاليلوا عام 1564م وتوفى عام 1642م وكان من كبار العلماء بالحساب والفيزياء والفلك وهو أوّل من اكتشف التلسكوب «المنظار الفلكي» وبه تمكن من مشاهدة حركة الأرض بدقة محسوسة، وحكم عليه بالسجن لمدة طويلة اثر اعلانه الاكتشاف المغاير لعقيدة الكنيسة في ثبات الأرض وأنّها المركز.
الخلاصة: أنّ البشريّة لم تكن تعرف شيئاً عن حركة الأرض ودورانها لغاية القرن السادس عشر الميلادي في حين تحدث القرآن عن حركة الأرض قبل ذلك بعشر قرون.
قال تعالى:
{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْداً}([8])
«فقد استعار للأرض لفظ المهد الذي يعمل للرضيع ويُهز بهدوء لينام فيه مستريحاً هادئاً، وكذلك الأرض، مهدٌ للبشر، وملائمة لهم من جهة حركتها الوضعية والانتقالية.
فإنّ الغاية من حركتها اليومية والسنوية، تربية الإنسان، بل وجميع ما عليها من الحيوان والنبات والجماد، وإنّما أشار إلى الحركة ولم يصرّح بها، لأنّها نزلت في زمان أجمعت عقول البشر فيه على سكونها»([9]).
وبعض معاني صاحب الإلهيات وتعبيراته سبقه بها السيد الخوئي (قدّس سرّه) في كتابه البيان في تفسير القرآن حيث يقول بعد إيراده الآية الكريمة:
{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْداً}([10])
«تأمل كيف تشير الآية إلى حركة الأرض إشارة جميلة لم تتضح إلاّ بعد قرون، وكيف تستعير للأرض لفظ المهد الذي يعمل للرضيع، يهتزّ بنعومة لينام فيه مستريحاً هادئاً وكذلك الأرض مهد للبشر وملائمة لهم من جهة حركتها الوضعية والانتقالية.
وكما أنّ تحرك المهد لغاية تربية الطفل واستراحته فكذلك الأرض، فإنّ حركتها اليومية والسنوية لغاية تربية الإنسان بل وجميع ما عليها من الحيوان والجماد والنبات، تشير الآية المباركة إلى حركة الأرض إشارة جميلة، ولم تصرّح بها لأنّها نزلت في زمان أجمعت عقول البشر فيه على سكونها حتّى أنّه كان يعد من الضروريات التي لا تقبل التشكيك»([11]).
وهناك آية ثانية تدل بوضوح على حركة الأرض وهي قولـه تعالى:
{وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ}([12])
ومن الطبيعي أنّ الجبال لا تتحرك لوحدها بل إنّ حركتها تبعاً لحركة الأرض، وقد شبّهت حركة الجبال في هذه الآية بحركة السحاب لاشتراكهما في وجه الشبه الهدوء والطمأنينة فالأرض تتحرك بهدوء وطمأنينة بكل ما عليها من جبال وبحار وكذلك السحاب يتحرك بهدوء وبدون ضجيج.
تدور الأرض حول نفسها فتقطع دورتها في مدة قدرها ثلاث وعشرون ساعة وست وخمسون دقيقة و09/4 ثانية وهذه المدة هي الفترة بين ظهور نجم محدد مرتين متتاليتين على نقطة محددة على الأرض وتسمّى باليوم النجمي وفيه تقطع الأرض دورة كاملة حول محورها.
أمّا اليوم الشمسي ومدته 24 ساعة وهو اليوم العالمي للتوقيت فهو ظهور الشمس مرتين متتاليتين على خط زوال معين على سطح الأرض، وسرعة دوران الأرض حول نفسها عند خط الاستواء تعادل «1040» ميلاً في الساعة وكلّما اتجهنا نحو القطبين تقل السرعة حتّى تصل عند القطبين إلى الصفر، وللأرض دورة ثانية وهي حول الشمس تتمها في 365 يوماً وربع اليوم تقريباً تقطع في دورتها فلكاً طوله نحو 580 مليون ميل بسرعة معدلها 66 ألف ميل في الساعة، وللأرض حركة ثالثة تتحرك مع الشمس بسرعة 30 كيلو متراً في الثانية ضمن المجرة باتجاه نجم يسمّى بـ«الجاثي على ركبتيه» تمر خلالها ببروج قسّمت إلى اثني عشر برجاً.
([1] ) سورة العلق: 3-5.
([2] ) سورة الإسراء: 85.
([3] ) سورة يوسف: 76.
([4] ) سورة طه: 114.
([5] ) سورة الإسراء: 85.
([6] ) سورة النساء: 82.
([7] ) الإسلام يتحدى: ص140.
([8] ) سورة طه: 53.
([9] ) الإلهيات: 408.
([10] ) سورة طه: 53.
([11] ) البيان: ص72-73.
([12] ) سورة النمل: 88 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|