أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-28
356
التاريخ: 2023-12-14
899
التاريخ: 2024-08-02
332
التاريخ: 2023-09-14
1056
|
لعبت روما دورًا مهما في قصة انتحار كليوباترا، رغم أنه من المهم التأكيد على أن إزهاق الملكة لروحها أراحها إلى حد ما من نقادها؛ ففي الثقافة الإغريقية القديمة كان الانتحار بالسم وسيلة لإعدام السجناء، وربما كان سقراط أحد أشهر الشخصيات التاريخية التي أجبرت على شرب سم الشوكران. نُشرت دراسة عن الانتحار في العالم القديم عام 1990 (فان هوف) وتضم أمثلة أسطورية وتاريخية، فيستعرض فان هوف أسباب الانتحار المختلفة ويستنتج أن كليوباترا يُفضل إدراجها تحت فئة الانتحار الناتج عن الخزي أو لكونها لم تعد ما كانت عليه (فان هوف 1990: 107 - 120، خاصة 115)، وفي هذا الإطار تبدو دوافع الخزي (110) والرغبة في الهروب من الأسر (111) أسبابا محتملة. ذلك، توجد أسباب أخرى يحتمل توافقها مع موقف كليوباترا، مثل اليأس (85 ــ 94) والحزن (99-105)، وهي أسباب معقولة أيضًا لانتحار الملكة. استعرضت الدراسة أيضًا وفاة خدم كليوباترا بجانب وفاة الملكة، فيقول فان هوف إنه لم تكن هناك أمثلة سابقة قبل «الحقبة الهيلينية» على قتل الخدم لأنفسهم بسبب وفاة مالكهم (فان هوف 1990: 18). وهو استنتاج تعوزه الدقة؛ ففكرة دفن الخدم مع الموتى كانت موجودة بالفعل في الأسرة الأولى في مصر؛ فالمقابر الملكية في مدينة أبيدوس تشير إلى أن الحكام كانوا يُدفنون مع خدمهم. كذلك يوجد بعض الروايات في مصر عن اختيار أشخاص على قيد الحياة ودفنهم بجوار مالكهم / أفراد أسرتهم. ومنذ عهد الفترة الانتقالية الثانية في مصر احتلت تماثيل شبتي / أوشبتي الصغيرة محل الخدم الحقيقيين؛ ومن ثم يبدو انتحار تشارميون وإيراس نابعا على الأرجح من مفهوم دعم المتوفى في الحياة الأخرى الموجود في الثقافة المصرية، بالإضافة إلى إظهار ولائهما للملكة. تثني المصادر الرومانية المكتوبة على شجاعة كليوباترا بانتحارها. يصور هوراس كليوباترا على أنها شخصية فاسقة، لكنها تتمتع بشجاعة الرجال فهي لم ترتعد من الخوف، مثل النساء عند التفكير فيما قد يفعله الخنجر»، فيشير هوراس مرتين في البيت الشعري نفسه إلى شجاعتها وفي المقطع نفسه توجد إشارة إلى تسممها بسم الثعبان؛ فقد نظر الرومان إلى اختيارها الانتحار على الأسر بإعجاب شديد؛ فعلى الأقل تصرفت تصرفًا شريفا، على ما يبدو. وفي المجلد الثاني من كتاب فيليوس باتركولوس الأحداث التاريخية» تُصوّر كليوباترا على أنها مثال آخر على ضعف أنطونيو أكثر من كونها سببًا في هلاكه. يكفر أنطونيو عن أخطائه بالانتحار في الفصل 87 ثم يخبر المؤلف القارئ بأن كليوباترا أنهت حياتها أفعى «دون التأثر بخوف النساء». هذا ويلمح يوسيفوس («الحرب اليهودية» 201. 396.3-397) إلى شجاعة كليوباترا في سياق الحديث عن وفاتها، وتظهر في القصيدة الغنائية 37 لهوراس، الذي كتب يقول: «زادت قسوتها عندما أصبحت في مواجهة الموت. فنظرت بشجاعة، كأنها لا تبالي إلى حطام قصرها، ومدت يدها في جرأة ولمست الثعابين السامة، ثم رفعتها إليها وأحكمت قبضتها عليها، وقربتها منها كي يشرب قلبها حتى يرتوي من سمها «الأسود» (ترجمة فيري 1997: 97). نادرًا ما يظهر الانتحار في الكتابات المصرية؛ فقد سُمح للموظفين بإزهاق أرواحهم بعد مؤامرة الحريم التي حدثت في أثناء حكم رمسيس الثالث، الذي حكم تقريبًا من 1184 حتى 1153 قبل الميلاد تايلور (2001 :41). وحدثت حالة الانتحار الأخرى الوحيدة الموثقة جيدًا بعد فترة من عهد كليوباترا السابعة؛ وكانت لأنتينوس حبيبة الإمبراطور هادريان، التي غرقت في النيل عام 130 ميلاديًّا (لامبرت 1984: 128-142). وتُعتبر حالة الانتحار أو هذه الحادثة على وجه الخصوص التي تزخر المصادر بالتكهنات مختلفة بسبب وجود اعتقاد في أن الذين يتعرضون للغرق هم مباركون (تايلور 2001: 41) منح الإمبراطور هادريان أنتينوس مكانة الربة وانتشرت العقيدة التي خصصها لهذه الإلهة الجديدة بنجاح من مصر إلى جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية. يوجد أيضًا نص أكثر قدمًا يعود إلى المملكة الوسطى (بردية برلين 3024؛ فوكنر 1956: 21-40)، يتوسل فيها رجل لروحه كي تنهي حياته. يقول هذا الرجل إن اسمه مبغوض أكثر من رائحة النسور (فوكنر 1956: 27، السطر 87)، ويقارن الموت «بتعافي رجل مريض، أشبه بالخروج من أبواب السجن بعد الاعتقال» (فوكنر 1956: 29، السطر 131). ومع ذلك لا أستطيع أن أرى في قراءة فوكنر للنص دليلًا يشير إلى أن هذا الرجل يعتزم إزهاق حياته؛ فإنه يتوسل لروحه أن تخرج من جسده حتى يتسنى له خوض شعائر الانتقال الضرورية للحياة الأخرى. وينتقد المتحدث في هذا النص روحه لعدم قدرتها على التخفيف من معاناته ويتوسل إلى روحه أن تتصرف بعقلانية. وكما يشير فوكنر في تعليقه على النص، يذكرنا آخر سطرين بمشهد عودة الروح إلى الجسم بعد الموت، وأن هذا الرجل، وفقًا للمعتقدات المصرية القديمة، إذا مات بأسباب طبيعية ودفن بالطريقة الصحيحة فإنه ليس ثمة ما يمنع روحه من العودة والسماح بميلاده مرةً أخرى في الحياة الآخرة (1956: 40). يتمثل المفتاح إلى الحياة الآخرة لدى المصريين في أن تظل أجسادهم الفانية سليمة حتى يُتاح لروح الفرد العودة إلى جثمانه. وبمجرد أن يتمكن المتوفى من الإجابة عن مجموعة من الأسئلة ويظهر أن قلبه (ومن ثم ضميره) نقي وأخف فعليًّا من ريشة العدالة، فإنه يولد مرةً أخرى في الحياة الآخرة عندما تشرق الشمس فوقه لمدة ساعة واحدة في كل ليلة (تايلور 2001: 15ــ44)؛ ومن ثم فإن مفتاح الحياة الآخرة لدى المصريين كان يتمثل في بقاء الجسم سليمًا. وكما يشير كثير من كتاب السيرة في العصر الحالي، لم تكن كليوباترا ملكة فحسب وإنما كانت إلهة في حياتها، ولهذا لم تكن تخشى الموت، كما تظهر النصوص. إن وجهة النظر هذه مبسطة إلى حد ما وبينما توجد روايات عن احتفال عامة الشعب بوفاة الملك؛ ومن ثم ولادته مرةً أخرى في شكل أوزوريس، لم تتحول كليوباترا المتشبهة بإيزيس إلى حتحور الغرب بمثل هذه السهولة. كان الملوك المصريون يحصلون على عبادة جنائزية، حيث يخصص مجموعة من الكهنة لرعاية المتوفى. كانت هذه المعابد منفصلة عادةً عن القبور، حيث يرتاح الجسد، وتعبر عن الاستمرار الرمزي للاهتمام بروح المتوفى. يختلف هذا المفهوم عن العبادات البطلمية للملوك والملكات التي تظهر بعد موتهم، حيث يتحول المتوفى عند وفاته إلى إله؛ ففي السياقات المصرية التقليدية يمجد المتوفى في وضع الموت ولا يكتفى بمجرد الاحتفاء بحياته وانتقاله. تقع عبادة أرسينوي الثانية نوعا ما بين المفهومين؛ فنرى أن الملكة قُبلت ضمن هيكل الآلهة، لكنها لم تحصل على هذه المكانة إلا بسبب وفاتها. من ثم، عندما يشير المؤرخون في العصر الحديث إلى عدم وجود ما يدعو كليوباترا إلى السعي إلى الخلود بسبب مكانتها كإلهة وهي على قيد الحياة (وايتهورن 1994: 193)، فإنهم لا يدركون بالكامل مفهوم الموت لدى المصريين. يختلف هذا المفهوم تمامًا عن مفهوم الإلهة الحية. إن عبادة كليوباترا بوصفها أحد الآلهة ستستمر، لكن دورها كحاكمة فانية يحتم عليها التأكد من اجتيازها موقف الحساب من أجل الوصول إلى الحياة الأخرى. ويمكننا بالطبع في هذه الحالة افتراض أن كليوباترا كانت تمارس شعائر الديانة المصرية، فإذا كان أفراد العائلة الملكية المتوفون يدفنون وفقًا للشعائر المصرية في عهد قديم يرجع إلى القرن الثالث قبل الميلاد، فمن المرجح أن يحصل حاكم في القرن الأول على مثل هذا الشرف. وإذا كان المصريون مخطئين رغم كل شيء في تصورهم للحياة الآخرة، فإن كل شيء كان مهياً لحياة الإغريق الآخرة، لكن إذا عكسنا هذا الوضع فلن تتحقق النتيجة نفسها.
|
|
دور النظارات المطلية في حماية العين
|
|
|
|
|
العلماء يفسرون أخيرا السبب وراء ارتفاع جبل إيفرست القياسي
|
|
|
|
|
اختتام المراسم التأبينية التي أهدي ثوابها إلى أرواح شهداء المق*ا*و*مة
|
|
|