أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-12-2015
2376
التاريخ: 14-2-2016
7354
التاريخ: 20-3-2022
2011
التاريخ: 17/10/2022
1516
|
الفرق بين الشك والريب ومعنى السورة
قال تعالى : {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 23].
«ريب»: الفرق بين الشك والريب، هو أن الريب شك مع التهمة. فشك المرء الذي يكون مصحوباً بشبهة الاتهام والافتراء يقال له ريب. وجملة
هو إن كنتم في ريب هي بمعنى: إذا كنتم شاكين في أن هذا القرآن هو كلام الله، وتتهمون رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)بأنه افتراء على الله، وأن كلماته هي اختلاق وتقول، فأتوا بكتاب مثله.
(بسورة): السورة - اصطلاحا - هي مقطع من كلام الله يضم محتوى منسجماً. أما لغة فإن المعنى المحوري للمادة (سور) هو الثوران والهيجان مع الارتفاع والاعتلاء: إذ عندما يثور غضب إنسان أو حيوان، ويصل ذروته حتى يبين أثره، يقال: «سار غضبه"، وعندما تغضب الحية فتهجم يقال: «سارت الحية"، وفي السياق ذاته فإنه يقال للجدار المحيط بالقرية أو المدينة، والذي يقف سداً منيعاً بوجه نفوذ الغرباء، «سوراً».
وبهذا التناسب فقد اطلق على كل مقطع من المقاطع المختلفة من كتاب الله اسم (السورة)؛ فهي ، كسور المدينة أو القرية، تصد هجمات المخالفين، وإن كل سورة - في الحقيقة - هي بمثابة السور الذي يفصل بين المؤمنين والكافرين، وهي أمنع زاد معنوي يدفع ويرفع به تعدي المخالفين المشوب بالإغواء والوسوسة، وإن كل واحدة منها هي مظهر لهيجان وغضب الله عز وجل واعتلائه وظهوره في مقابل المعاندين.
يستخلص من هذا التحليل اللغوي أن كل طائفة من آيات القرآن الكريم تتمتع بهذه الصفة فهي تمثل «سورة». بالطبع إن المصداق الكامل للسورة هو ذلك الجزء المحدد والمشهور من القرآن الذي يصطلح عليه باسم السورة. في بعض الآيات أطلقت لفظة «السورة» على سورة كاملة؛ مثل: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا} [النور: 1] ؛ ويراد منها سورة النور، أو {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ} [هود: 13]. وفي بعض الموارد أيضاً سميت مجموعة من الآيات سورة (وإن كانت أقل من السورة المصطلحة)؛ مثل: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ } [التوبة: 64] ، {وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ} [التوبة: 86] ، {وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ} [محمد: 20]. من الواضح أن المراد في مثل هذه الموارد ليس هو السورة الكاملة؛ لأن خوف المنافقين وانتظار المؤمنين، لم يكن من أجل نزول سورة تامة وكاملة. فالمراد من «السورة» في هذه الأمثلة هي تلك الطائفة من الآيات التي تمتلك الميزة المذكورة(1).
ومن المحتمل أيضا أنه لا يراد من لفظة «سورة» في الآية مورد البحث السورة المصطلحة. وبناء عليه، فقد اقيم التحدي بكل مجموعة من الآيات القرآنية، التي يكون لها مضمون منسجم. فمن حيث المحتوى يشتمل القرآن الكريم على معارف راقية، وحكم جامعة، ومن حيث القالب فقد صيغ كلامه في أحسن بيان، وأفصح منطق، وأكمل تأليف، ومن هذا المنطلق فإن كلا من السور (الاصطلاحية) للق آن وكذلك أقسامها وطوائف آياتها التي تشكل مع بعضها سورا (لغوية) لا تقبل المعارض والمتحدي.
وقد عد البعض كل منزلة رفيعة سورة. إذن فكل سورة من القرآن هي بمنزلة درجة رفيعة، ومنزل عال رفيع يرتفع القارئ منها إلى منزلة أعلى إلى أن يبلغ كمال القرآن(2).
التنوين في (سورة) هو تنوين الوحدة؛ أي سورة واحدة، في مقابل الآيات التي تحدت بعشر سور: {فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ} [هود: 13].
«شهداءكم»: ليس المراد من الشهيد هنا «الشاهد أو الخبير المتخصص"، بل يراد منه «النصير والمعين؛ لأنه في ميدان البراز
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1. التحقيق في كلمات القران الكريم، ج5، ص313 - 315.
2. مجمع البيان، ج 1 - 2، ص156.
والمعارضة فإن وجود المعاون والنصير هو الذي يكون ذا تأثير، ولا ينفع الشاهد أو الخبير والمتخصص إلاً في المحكمة وأمام القضاء. فإن ما يؤمن العنصر الأساسي لمحتوى آية التحدي هو البراز، وليس المحاكمة. إذن فالذي يعود بالنفع هو وجود الشهيد بمعنى المعاون والمعين، وليس الذي يعطي معنى الشاهد والخبير.
من أهم الأصول بعد التوحيد العبادي لله سبحانه وتعالى، هو الوحي، والنبوة، والرسالة، والشريعة، وما إلى ذلك. من هنا فقد أولى الله عز وجل اهتمامه بالنبوة بعد تبيينه للتوحيد. ففي الآية السابقة يبرهن سبحانه على لزوم العبادة، وفي الآية الحالية يشير إلى الطريق التي تعرف الإنسان بالحامل للمراسم العبادية، التي تؤدي ممارستها إلى تنمية الإنسانية؛ أي إذا كان الشك يساوركم حول التوحيد الربوبي، فإن الحد الاوسط لبرهانه هو الخلقة والربوبية وامثال ذلك، وإن كنتم في شك من الوحي والنبوة، فحده الأوسط هي المعجزة.
يدور البحث في هذه الآية الكريمة حول الإعجاز، وحقانية القران الكريم، ورسالة النبي الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم)، وإظهار عجز أولئك الذين هبوا لمقارعة القرآن الكريم. وقد بين القرآن هذا المبحث من خلال جملة شرطية.
إن التلازم بين المقدم والتالي في كل جملة شرطية متصلة لزومية ضروري، والمقدم والتالي إما أن يكون كلاهما مشكوك الوجود، وإما أن يكون كلاهما يقيني العدم؛ كما في قوله: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] ، كما ويمكن أن يكون كلاهما يقيني الوجود أيضاً. إذن لا يلزم في القضايا الشرطية ان يكون القائل شاكا في المقدم والتالي؛ لأنه قد يكون القائل أيضاً متيقناً من وجود أو عدم المقدم والتالي، وهو يبين مقصودة بصورة القضية الشرطية.
يطرح القرآن الكريم، في الآية مورد البحث و الآية التي تليها، مخاطباً المخالفين، مبحثاً على نحو القياس الاستثنائي قائلا: إذا كان لديكم شك في حقانية القرآن، وتخالون أنه من مبتدعات أفكار البشر، فإن الإتيان بمثله لابد أن يكون ممكناً بالنسبة لكم أيضاً؛ والحال أنكم لو بذلتم بأجمعكم كل ما أوتيتم من وسع وجهد، فلن تقدوا على الإتيان بمثله قطعاً، وإن عدم قدرتكم هذه لدليل على أن القرآن هو كلام الله.
تنويه: القضية الشرطية لا تستلزم جهل القائل أو شكه، لأنه في القضية الشرطية المتصلة اللزومية يكون هناك جزم بالتلازم، وفي المنفصلة العنادية يكون هناك جزم بالتعاند، وإلا فبالإمكان أن يكون كل واحد من خصوص المقدم والتالي قطعي الوجود أو قطعي العدم؛ كما ويمكن أن يكون مشكوكاً أيضاً. فالله عز وجل له علم قطعي بريب الكافرين، لكن ثقافة الحوار اقتضت الليونة في التعبير؛ إذ أن العبارة اللينة لها جاذية خاصة.
|
|
دور النظارات المطلية في حماية العين
|
|
|
|
|
العلماء يفسرون أخيرا السبب وراء ارتفاع جبل إيفرست القياسي
|
|
|
|
|
اختتام المراسم التأبينية التي أهدي ثوابها إلى أرواح شهداء المق*ا*و*مة
|
|
|