أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-08-14
1060
التاريخ: 2023-08-18
1178
التاريخ: 2023-08-14
1178
التاريخ: 2023-08-14
1017
|
غير عرب إسبانيا شكل الأندلس (1) في بضعة قرون من حيث المادة والعلم، وجعلوها في منزلة دونها جميع الممالك، قال لبون : ولكن هذا التبدل لم يتناول الماديات والعقليات، بل تعداها إلى الأخلاقيات؛ فقد علموا وحاولوا أن يعلموا الشعوب النصرانية أثمن الصفات الإنسانية، وأعني بها «التسامح» ، ولقد كان من لطفهم مع الشعب الذي افتتحوا بلاده أن يعقد أساقفتهم مجامعهم الدينية في إشبيلية سنة 782م وفي قرطبة سنة 852م وهذا من الأمثلة على حسن مأتاهم، ومنها تلك الكنائس والبيع الكثيرة التي شادها نصارى الإسبان في العهد العربي في إسبانيا، وكل ذلك دليل على الحرمة التي كان العرب يعاملون بها المعتقدات التي جعلت تحت حماية قانونهم وقد انتحل الإسلام كثير من النصارى على حين لم يكن لهم في ذلك غير مصلحة ضئيلة ؛ لأن النصارى الذين كانوا في الحكم العربي، ويُطلق عليهم اسم المستعربين، كانوا يعاملون كاليهود أيضًا على نصاب واحد من المساواة مع المسلمين، ويمكنهم مثلهم أن يتولوا جميع أعمال المملكة، وكانت إسبانيا العربية البلد الوحيد في أوروبا الذي كانت فيه حقوق اليهود مصونة حتى كثر فيها سوادهم، وكما كان يُطلق اسم المستعربين على أبناء النصرانية الخاضعين لأحكام المسلمين في الأندلس، كان يُطلق اسم المدجنين على المسلمين الخاضعين لحكومة إسبانيا. وقال سيديليو ولبون وغيرهما كان العرب في إسبانيا من حيث الأخلاق والعلم والصناعة أرقى من النصارى، وكان في أخلاقهم وصفاتهم شيء من الكرم والإحسان، مما لم يكن له أثر عند غيرهم، وفيهم الشمم الذي امتازوا به، وكان الإفراط في حبه مولدًا لجنون البراز المشئوم. ونشر العرب في بلاد إسبانيا بما خصوا به من حسن المعرفة بالفلاحة وطرائقها المبنية على التجربة والمشاهدة، ما هو العجب العجاب؛ فزرعوا فلواتها، وعمروا مدائنها، وربطوا علائق تجارية مع الأمم المجاورة، فظهرت بها الرفاهية، وصفا العيش، وكانت أساطيلهم التجارية تقلع من مالقة وبجاية والمرية ولشبونة وبرشلونة، تحمل إلى الشرق والغرب حاصلات الأندلس، وتأتي من البلاد التي أرست فيها ما يلزمها، وأهم ما كان الأندلسيون يهتمون له، خصوصًا بعد أن قطعوا صلاتهم بالعباسيين، أن لا تقصر بلادهم عن العراق وفارس والشام ومصر في سلوك سبيل الارتقاء؛ ولذلك كان كثير من خلفائهم يجعلون لهم عمالًا في عواصم الشرق ينسخون لهم الكتب التي تؤلف حديثًا، ليطلعوا على سير العلم في العهد العباسي الأول والثاني، ويبتاعوا كل ما تطول إليه أيديهم من الأسفار والطرائف؛ لئلا يفوتهم شيء من علم علماء المشرق. على أن الرحلة في طلب الحديث ما انقطعت بين الأندلس والمشرق، وكذلك المشارقة لم يغفلوا عن الرحلة إلى تلك الجزيرة والأخذ عن رجالها ونقل ما فاتهم من علوم المغاربة. ومن أجمل ما وصف به عرب الأندلس قول صاحب فرحة الأنفس: «أهل الأندلس عرب في الأنساب، والعزة والأنفة وعلو الهمم ، وفصاحة الألسن ، وطيب النفوس، وإباء الضيم، وقلة احتمال الذل والسماحة بما في أيديهم، والنزاهة عن الخضوع وإتيان الدنية، وهنديون في إفراط عنايتهم بالعلوم، وحبهم فيها وضبطهم لها ورواياتهم، بغداديون في نظافتهم وظرفهم ورقة أخلاقهم، ونباهتهم وذكائهم، وحسن نظرهم، وجودة قرائحهم، ولطافة أذهانهم، وحدة أفكارهم، ونفوذ خواطرهم، يونانيون في استنباطهم للمياه، ومعاناتهم لضروب الغراسات واختيارهم لأجناس الفواكه، وهم أصبر الناس على مطاولة التعب في تجويد الأعمال وتحسين الصنائع، وأحذق الناس بالفروسية، وأبصرهم بالطعن والضرب».
....................................
1- راجع غابر الأندلس وحاضرها للمؤلف، والسفر إلى المؤتمر لأحمد زكي، وتاريخ العرب في إسبانيا، وتاريخ الأندلس لمحمد عبد الله عنان، ورواية آخر بني سراج مذيلة بخلاصة من تاريخ الأندلس إلى سقوط غرناطة لشكيب أرسلان، وحضارة العرب في الأندلس لعبد الرحمن البرقوقي، ورحلة الأندلس لمحمد لبيب البتنوني وبلاغة العرب في الأندلس لأحمد ضيف وغيرها من أقلام المعاصرين.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|