أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-01
565
التاريخ: 2023-09-19
1005
التاريخ: 2023-08-14
1199
التاريخ: 2023-08-18
998
|
هذا ما كان من الشعر وتأثيره في الغرب، أما الموسيقى فكان العرب في عامة أدوارهم مولعين بها منذ ذهبت عنهم وحشة البداوة، ومنهم الخلفاء والأمراء والقضاة والعلماء والفلاسفة (1) والأدباء، أعظموا قدرها في التهذيب (2) وأعطوها صدر المقام فيه، حتى تخوف بعض علماء الدين منها وبدئوا يفكرون هل الموسيقى جائزة شرعًا، وما هو القدر الذي يُباح منها، وهنالك تأليف كثيرة تُعنى بالبحث في العلاقة بين الموسيقى وحسن الأخلاق وسلامة الدين، وقد خصص الغزالي قسمًا كبيرًا من كتابه إحياء علوم الدين لهذا الموضوع، وألف كبار رجال الإسلام في فن الموسيقى فأبدعوا ، وبدأت الموسيقى العربية تسري من الحجاز، نقلها إليه جماعة الموالي عن الفرس والروم، وكانت الجارية التي تحسنها يُبالغ في قيمتها، ويتنافس فيها الملوك والعظماء والأغنياء، هكذا كان الحال في فارس والعراق والشام ومصر والأندلس والمنكرون قلائل والمسمعون والمستمعون كثار. وكان المسمعات والموسيقاريات يتعلمن صنوفًا من الأدب فيأخذن بمجامع القلوب، بل كان منهن من يجتمع له من أصناف العلوم ما لا يجتمع مثله إلا للأفراد مثل جارية ابن عبد الله المتطبب الأندلسي (3) في النصف الأول من المائة الخامسة، فإنها كما قال ابن حيان لم يُرَ في زمانها أخف منها روحًا، ولا أسرع حركة، ولا ألين أعطافًا، ولا أطيب صوتًا، ولا أحسن غناءً، ولا أجود كتابةً، ولا أجود خطًا، ولا أبدع أدبا، ولا أحضر مع السلامة من اللحن في كتبها وغنائها، لمعرفتها بالنحو واللغة والعروض إلى المعرفة بالطب وعلم الطبائع ومعرفة التشريح، وغير ذلك مما يقصر عنه علماء الزمان، وكانت محسنة في صناعة الثقاف والمجاولة بالتراس واللعب بالرماح والسيوف والخناجر المرهفة، لم يُسمع لها في ذلك بنظير ولا مثيل ولا عديل، ثم إن الأمير هذيلا اشترى كثيرًا من الجواري الحسنات المشهورات بالتجريد طلبهن في كل جهة، فكانت ستارته أحسن ستائر (4) ملوك الأندلس، واشترى تلك الجارية البديعة بثلاثة آلاف دينار. وروي أن بعض خلفاء العباسيين ابتاعوا بعض الجواري من هذا الطراز البديع بمائة ألف دينار. وكان في مدينة آبدة في الأندلس من أصناف الملاهي والرواقص المشهورات بحسن الانطباع والصنعة ما تظنهن فيه أحذق خلق الله تعالى باللعب بالسيوف والدكر وإخراج القزى والمرابط والفتوخة، ولأهل الأندلس كما لأهل الشرق آلات من الطرب وألوان من الملاهي كادوا يتفردون بها، فمنها خيال الظل أو الخيال الراقص والكرج والعود والروطة والرباب والقانون والمؤنس والكثيرة والقيثار والزلامي والشقرة والنورة والبوق(5)، ودام الغناء واللهو والأوتار والرقص في الأندلس إلى عهد خروج العرب منها، على حصة موفورة، فكان من الطبيعي أن يأخذ الإفرنج عنهم ولا يزال إلى اليوم غناء الإسبانيين يشبه غناء العرب وموسيقاهم كأنها موسيقاهم، وكذلك رقصهم وكثير من أدوات لهوهم. هكذا الحال في إسبانيا والبرتقال اليوم، بل في جمهوريات أميركا الجنوبية، ولا سيما أهل الأرجنتين (6) والبرازيل، وما زالت موسيقاهم وأنواع رقصهم عربية إلى اليوم أو تشبه العربية كثيرًا؛ ذلك لأنها منذ كان العرب سادة إسبانيا كانت موسيقاهم قائمة على علم مقرر محرر بفضل زرياب الذي رحل من الشرق، فأدخل الموسيقى في المغرب، وعنه أ أخذ الأندلسيون وجيرانهم، وما فتئت الموسيقى كالرقص إلى يومنا هذا في إسبانيا أو في البلاد التي تغلبت عليها إسبانيا في سالف الدهر عربية لم يدخلها غير تعديل طفيف بحكم الزمن وطول العهد.
.........................................
1- شرف الموسيقى للمؤلف في كتابه القديم والحديث.
2- جورج سرطون في مجلة الكلية م18.
3- البيان المغرب لابن عذارى.
4- أصحاب الستائر هم أرباب مجالس الغناء التي للقينات؛ لأنهم يضربون ستارة تحول بينهن وبين المستمعين ويغنين من ورائها، فالمراد من وراء الستائر لا الستائر، وكان الخلفاء إذا أرادوا سماع الغناء سمعوه من وراء ستار يحجبهم عن الندماء والمغنين (تفسير الألفاظ العباسية لأحمد تيمور، مجلة المجمع العلمي العربي (م2).
5- الدكر : نوع من الرقص، والقزى نوع من اللعب يعمد اللاعب إلى كيس أو جراب يريه للحاضرين أنه فارغ، وبعد أن يتلو عليه بعض الآيات يُخرج منه حبات أو قزى أو حبالًا أو خيوطا، والمرابط: جمع مربوط وهو ما يُربط به الدابة والفتوخة خاتم كبير يكون في أصابع اليد أو الرجل أو حلقة من فضة وإخراج المشعوذ الفتوخ من قبيل إخراج القزى والمرابط، والكرج: تماثيل خيل مسرجة من خشب معلق بأطراف أقبية يلبسها النسوان ويحاكين بها امتطاء الخيل فيكررن ويغردن ويثاقفن، والروطة: ضرب من الرباب والمؤنس قربة يُركب فيها مزمار، والكثيرة: ضرب من النسطور تنقر أوتارها بالإصبع، والزلامي نوع من المزمار وكذلك الشقرة والنورة وهي مزماران الواحد غليظ الصوت والآخر رقيقه، والبوق معروف (مجلة المقتبس م1 ص 435).
6- رحلة محمد علي إلى جنوبي أميركا.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|