أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-9-2019
3059
التاريخ: 2023-07-31
759
التاريخ: 2023-05-30
1008
التاريخ: 15-8-2019
1911
|
الشعوبية قوم متعصبون على العرب مفضلون(1)عليهم العجم، نشأت دعوتهم بعَيْدَ عصر الخلفاء، بدخول أجيال كثيرة من الفرس والترك والنبط في خدمة الدولة الإسلامية، فنشأت العداوات بين العرب أصحاب الدولة، وبين العجم الذين انتحلوا الإسلام، وكما حدثت هذه المفاضلة بين العرب والعجم، حدث أمر المفاضلة بين العدنانية والقحطانية، وصيغت هذه العداوة بعد ذلك في صيغة أخرى وهي قيس ويمن هذا مع أن هدي الكتاب العزيز: (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، (وَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) ، وقد قال الرسول في حجة الوداع: «أيها الناس، إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتفاخرها بالآباء، ليس لعربي على عجمي فخر إلا بالتقوى، كلكم لآدم وآدم من تراب.» ويُقال على الجملة: إن الإسلام الذي جاء لإسقاط الجنسية، حاول بعضهم للحرية التي استمتعوا بها على عهد عز العرب أن يعيدوا نغمتها، وألف الشعوبيون رسائل وكتبًا، وصنفوا المسامرات والخطب، وراجت أسواق الممادح والمقابح، ورد العرب على العجم برفق لئلا ينفروهم، وكانوا يرمون إلى تأليف القلوب لا إلى تمزيقها، شأن الأمم العاقلة التي ترمي أبدًا إلى تكثير سوادها، وجمع القلوب على حبها، تتحامى العبث بمقدسات الناس، وتحفظ لهم حرمتهم وكرامتهم. ونحن هنا نطلق لفظ الشعوبية على كل من ناهضوا العرب في القديم والحديث، وفي الشرق والغرب، وقاموا ينقصون من قدر حضارتهم وتاريخهم، لأغراض في نفوسهم لا تخفى على أرباب البصائر. ولهؤلاء الشعوبيين طرق غريبة في الحط من العرب، يتناولون فيها كل مسألة تؤدي مباشرة أو غير مباشرة إلى العبث بمزايا لهم، تناصرت (2) الأخبار على تفردهم بها، ولو أنصف الشعوبيون لما ارتكبوا كبيرة إنكار الثابت، وإثبات المنكر، وأنت كلما حججتهم بأقوال الأعلام من علمائهم أصروا معاندين، بل اشتدوا في الغلو حتى وصموا المعتدلين من جماعتهم بقلة البضاعة في هذه الموضوعات التي أصبحت لعهدنا على طرف الثمام (3) لكثرة النقل والنشر، وأنت إذا ما أحلتهم على قوانين العقل الطبيعية، فروا كأنهم حمر مستنفرة، فرت من قسورة(4). ومن أغرب ما قرأنا ونحن نكتب هذا، دعوى أحد هؤلاء الشعوبيين أن رينان لما لم متمكنا من العربية، وأن تين ولامارتين ولبون لما لم يعرفوا كلمة منها كان بحثهم في العرب غير صحيح، ذلك أنه شق على هذا الشعوبي المتعصب أن يذكر هؤلاء العلماء العرب بشيء من الإنصاف، فما وسعه إلا أن ينسب إليهم الجهل بلغة العرب، وما عهدنا أن الحكم على مدنية من المدنيات يُشترط فيه أن يكون المرء ماهرًا بلغة تلك المدنية، ولو صح هذا النظر لاستلزم أن ندرس اللغة اليونانية لنحكم على مدنية اليونان، ونتلقف اللاتينية لنحكم على الرومان والهيروغليفية لندرس مدنية الفراعنة ، وهكذا لو طمحت أنفسنا إلى أن ندرس الهند والصين واليابان وأجناس البشر من الأصفر والأحمر والأسود والأبيض، لاقتضى لنا أن نتقن لغاتهم، حتى يسوغ لنا بزعم ذاك الشعوبي أن نحكم عليهم، وفاته أن لغات أوروبا، ولا سيما الأمهات التي يتكلم بها عشرات الملايين من الخلائق، قد نُقلت إليها معظم النصوص العربية، بحيث لا يكاد يفوت الباحث شيء يلزمه للبحث في حضارة العرب والإسلام. ومتى كانت الإحاطة بلغة أمة شرطًا أعظم في صحة الحكم على مدنيتها؟ وهل في مقدور البشر أن يدرس الفرد عشرات من اللغات، إذا صح عزمه على معرفة تواريخ الأمم؟ حقيقة العرب تُعرف من القدر الذي ألف ونُقل إلى كل لغة من لغات المدنية الحديثة، وهو شيء كثير تتألف منه خزانة في كل أمة من الأمم المتحضرة اليوم. سألنا مؤلف کتاب حاضر العالم الإسلامي الأميركي، من أين له هذا الوقوف الجيد على تاريخ الإسلام وهو لا يعرف العربية؟ فقال: إنه درس التاريخ الإسلامي عشر سنين عند أستاذه في التاريخ، وكان هذا يحسن العربية، ويستخرج من كتبها كل ما يلزمه لدراسة تاريخ الإسلام؛ ولذلك أخذ لباب ما كان أستاذه متمكنا منه، ولم يحتج كثيرًا إلى تلقف العربية للحكم على الإسلام والعرب، ولكن ذاك الشعوبي طلق المنطق فلذ لقلبه إسقاط أربعة من كبار علماء فرنسا المتأخرين، ليسقط بإسقاطهم مدنية أمة عظيمة يرى من مصلحته أن يعمل على حربها حتى لا تقوم لها قائمة، ولا تُنسب لها في قديم الدهر وحديثه صفة من الصفات الطيبة التي قل أن تتجرد منها أمة عظيمة مهما كان جنسها وهواؤها ودينها.
........................................
1- بحث للمؤلف في الشعوبية نُشر في كتابه «القديم والحديث».
2- تناصرت الأخبار: صدق بعضها بعضا.
3- الثمام: واحدته ثمامة، نبت ضعيف لا يطول، يُقال: هو لك على طرف الثمام إذا كان هني المتناول.
4- القسور والقسورة: اسمان للأسد.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|