أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-06-24
533
التاريخ: 12-1-2017
1917
التاريخ: 2023-07-04
1502
التاريخ: 2024-03-13
958
|
أما في عهد الأسرات التي تلت فلدينا بعض أمثلة تدل على أن الفن في هذه الفترة كان سائرا في طريقه نحو الرقي، وبخاصة في عهد الأسرة الرابعة إذ نجد صناعة المعادن، وصناعة الأواني من الحجر والفخار، وصناعة الأخشاب، وكل الصناعات الأخرى الدقيقة، قد برع فيها الصانع الفنان وضرب فيها بسهم صائب في الرونق والجمال والرشاقة بما قد يكون بلغه فنان عهد الأسرة الثالثة. ولكن لم يفقها بعد صناعة في العصور التي تلت. وأعظم نموذج لصناعة هذا العصر الكنز الذي عثر عليه في مقبرة الملكة «حتب حرس» والدة الملك خوفو»، إذ نشاهد من بين طرائفه المحفة ذات الشكل الأنيق والزخرف البسيط مما يشهد بمقدار ما وصل إليه الصانع في هذا العصر من الذوق الفني الراقي. أما الخلاخيل المصنوعة من الفضة والمحلاة بسوم على شكل ذباب ضخم والمرصعة بالفيروز واللازورد فتعد من النفائس التي يفخر بها فنان أي عصر من عصور التاريخ، هذا إلى أن الألواح المطعمة بالقاشاني والذهب قد صنع بعضها وفق أشكال معروفة، وبعضها وفق أشكال لم تكن في الحسبان، وكذلك الإشارات الهيروغليفية المصنوعة من الذهب على إطار المحفة وأدوات الغسل والزينة المصنوعة من الذهب أو النحاس، وثلاثة الأواني التي من الذهب النضار ويفوق كل ذلك النقوش العجيبة التي على جانبي باب الكوة التي تضم سرير الملكة. كل ذلك يضع أمامنا صورة ناطقة لقوة الاختراع، والمهارة والذوق السليم في عهد أسرة حتب حرس». وتدل شواهد الأحوال، وظروف كشف هذا الكنز، على أن معظم هذه الأدوات قد نقلت من قصرها الخاص لتكون معها في مقرها الأخير. ولا غرابة في هذا فإن «حتب حرس» هي أم الأسرة الرابعة ونسلها هم الذين بلغ في عصرهم فن المعمار والنحت مبلغًا لم تفقه أسرة من الأسر التي تلت. على أن هذه المهارة في الحرف الدقيقة لم تكن وقفًا على فناني الملوك وصناعهم، بل وجدنا كذلك ما يثبت أن علية القوم ومتوسطي الحال منهم كانوا يصنعون لأنفسهم جواهر ومصوغات تعد من فرائد الفن المصري حتى الآن. وقد جادت الصدف بالعثور على حجرة دفن لم تمس لسيدة يدل قبرها على أنها من أصحاب اليسار وإن لم تكن من علية القوم. ومن هذه المقبرة يمكننا أن نعرف على وجه التقريب مقدار تذوقهم للفن، وللصناعات الدقيقة. وقد عثر على نفائس هذا القبر داخل التابوت الحجري الذي فيه السيدة، وكان أول ما لفت النظر عند رفع غطاء التابوت التاج المصنوع من الذهب الوهاج الذي كان يحيط برأس تلك السيدة ويتألف من شريط طوله 38 سم، وعرضه 25 سم محلى بثلاثة أقراص من الذهب كل منها مرصع بفص من الكرنلين (حجر يشبه العقيق)، وهذا الشريط المصنوع من الذهب الخاص مثقوب في وسطه وعلى مسافتين متساويتين من الثقب الأوسط يوجد ثقبان آخران، وذلك ليثبت فيه ثلاثة الأقراص الذهب بأربطة أسطوانية الشكل، وقد نقش القرص الذي يتوسط التاج برسم أربع من أزهار البشنين. أما الرسم الذي على كل من القرصين الجانبيين فيحتوي على زهرتين مفتحتين من أزهار البردي يتقابلان عند فص مستدير مرصع في القرص، وعلى كل من الزهرتين قد حط طائر يعرف باللغة المصرية القديمة «أخو» ينقر بمنقاره نهاية الزهرة. وكان يحمي. هذا التاج آخر من النحاس الموشى بورقه رقيقة جدًّا من الذهب، كأنها الهباء لتستر لون النحاس الذي يقبل الصدأ بسرعة، وكان هذا الشريط كذلك مثقوبا مثل الشريط الذهبي في ثلاثة مواضع في كل ثقب مسمار من النحاس قد استعمل لحمل التاج الذهبي خوفًا من تثنيه. وقد عثر الأستاذ «أشتايندورف» على تاج مثله من النحاس في منطقة الأهرام سنة 1903. ومن المحتمل جدًّا أن صائغها واحد، وقد قال الأستاذ «شيفر» العالم الأثري الألماني أن الطائر الذي ينقر الزهر هو «الغرموق» (مالك الحزين) ولكنه في الواقع الطائر الذي يسمى الكركي «إبيس»، وهذا التاج يعد من فرائد الفن التي أخرجتها الصانع في هذا العهد. وعثر حول رقبة هذه السيدة على قلادة جميلة الصنع من الذهب تحتوي على خمسين قطعة كل منها يمثل خنفساء، وقد نظمت كلها في خيط من الذهب يمر في وسط كل منها، ومن المحتمل جدًّا أن كلا من هذه القطع كان يعد تعويذة يرمز بها للإلهة «نيت» وأن السيدة التي نظمت هذا العقد بهذه الكيفية كانت ترغب في حماية هذه الإلهة، ولا يمكننا أن نعرف للآن لماذا كانت هذه الحشرة رمزًا للإلهة «نيت»، ومن المحتمل جدًّا أنها الحشرة «عنخ» (الحياة) التي ذكرت في متون الأهرام(10)، ويظن بعض العلماء أنها الحشرة المقدسة التي سبقت «الجعل» (الجعران) وكانت الأولى تقدس منذ قبل الأسرات إلى الدولة القديمة والثانية كان تقديسها شائعًا في العصور التي تلت إلى نهاية التاريخ المصري. وعثر على قلادة أخرى حول رقبة هذه السيدة يستدل من نظمها أناقة الجنس اللطيف في هذا العصر، وتتألف من محبسين من الذهب بينهما حبات من الذهب والخرز، وقد وجد مع هذه القلادة ست قطع من البرنز الموشى بالذهب كل منها على شكل حرف النون بالمصرية أي كموج الماء، وهذه كانت تنظم على مسافات متساوية في وسط القلادة لتعطيها صلابة ومتانة. أما جثة هذه السيدة فوجدت مغطاة بثوب مصنوع من الخرز، وفي أطرافه قطع من النحاس مخروطية الشكل كانت توضع كأهداب لتجعله مسدلاً على الجسم بدون حركة كثيرة. وقد عثر على قطع متماسكة تدلنا على كيفية نظم الخرز على هذا الثوب.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|