فقه الاستعاذة والبسملة
المؤلف:
شعبة البحوث والدراسات القرآنية
المصدر:
قراءة القرآن في الصلاة ثواب واحكام
الجزء والصفحة:
ص10-12
2023-07-13
1537
مصباح الشريعة: قَالَ الصَّادِقُ(عليه السلام) : (مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَ لَمْ يَخْضَعْ للَّـهِ وَ لَمْ يَرِقَّ قَلْبُهُ وَ لَا يُنْشِئُ حَزَناً وَ وَجَلًا فِي سِرِّهِ، فَقَدِ اسْتَهَانَ بِعِظَمِ شَأْنِ اللَّـهِ تَعَالَى، وَ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً، فَقَارِئُ الْقُرْآنِ مُحْتَاجٌ إِلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: قَلْبٍ خَاشِعٍ، وَ بَدَنٍ فَارِغٍ، وَ مَوْضِعٍ خَالٍ، فَإِذَا خَشَعَ للَّـهِ قَلْبُهُ، فَرَّ مِنْهُ الشَّيْطَانُ الرَّجِيمُ، قَالَ اللَّـهُ تَعَالَى {فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ}[النحل 98].
فَإِذَا تَفَرَّغَ نَفْسُهُ مِنَ الْأَسْبَابِ، تَجَرَّدَ قَلْبُهُ لِلْقِرَاءَةِ، وَ لَا يَعْتَرِضُهُ عَارِضٌ، فَيَحْرِمَهُ بَرَكَةَ نُورِ الْقُرْآنِ وَ فَوَائِدَهُ, فَإِذَا اتَّخَذَ مَجْلِساً خَالِياً وَ اعْتَزَلَ عَنِ الْخَلْقِ بَعْدَ أَنْ أَتَى بِالْخَصْلَتَيْنِ: خُضُوعِ الْقَلْبِ، وَ فَرَاغِ الْبَدَنِ, اسْتَأْنَسَ رُوحُهُ وَ سِرُّهُ بِاللَّـهِ عَزَّ وَ جَلَّ، وَ وَجَدَ حَلَاوَةَ مُخَاطَبَاتِ اللَّـهِ تَعَالَى عَزَّ وَ جَلَّ عِبَادَهُ الصَّالِحِينَ وَ عَلِمَ لُطْفَهُ بِهِمْ، وَ مَقَامَ اخْتِصَاصِهِ لَهُمْ بِفُنُونِ كَرَامَاتِهِ، وَ بَدَائِعِ إِشَارَاتِهِ، فَإِنْ شَرِبَ كَأْساً مِنْ هَذَا الْمَشْرَبِ، لَا يَخْتَارُ عَلَى ذَلِكَ الْحَالِ حَالًا، وَ عَلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ وَقْتاً، بَلْ يُؤْثِرُهُ عَلَى كُلِّ طَاعَةٍ، وَ عِبَادَةٍ، لِأَنَّ فِيهِ الْمُنَاجَاةَ مَعَ الرَّبِّ بِلَا وَاسِطَةٍ، فَانْظُرْ كَيْفَ تَقْرَأُ كِتَابَ رَبِّكَ وَ مَنْشُورَ وَلَايَتِكَ، وَ كَيْفَ تُجِيبُ أَوَامِرَهُ وَ تَجْتَنِبُ نَوَاهِيَهُ، وَ كَيْفَ تَتَمَثَّلُ حُدُودَهُ فَإِنَّهُ كِتَابٌ عَزِيزٌ {لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}[فصلت 42].
فَرَتِّلْهُ تَرْتِيلًا وَ قِفْ عِنْدَ وَعْدِهِ وَ وَعِيدِهِ, وَ تَفَكَّرْ فِي أَمْثَالِهِ وَ مَوَاعِظِهِ، وَ احْذَرْ أَنْ تَقَعَ مِنْ إِقَامَتِكَ حُرُوفَهُ فِي إِضَاعَةِ حُدُودِه([1]).
تفسير الامام العسكري (عليه السلام) : ثُمَّ قَالَ الْحَسَنُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْإِمَامُ(عليه السلام) أَمَّا قَوْلُهُ الَّذِي نَدَبَكَ [اللَّهُ] إِلَيْهِ، وَ أَمَرَكَ بِهِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ: {أَعُوذُ بِاللَّـهِ [السَّمِيعِ الْعَلِيمِ] مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ(عليه السلام) قَالَ: إِنَّ قَوْلَهُ: {أَعُوذُ بِاللَّـهِ}[البقرة 67] أَيْ أَمْتَنِعُ بِاللَّـهِ، «السَّمِيعِ»: لِمَقَالِ الْأَخْيَارِ وَ الْأَشْرَارِ وَ لِكُلِّ الْمَسْمُوعَاتِ مِنَ الْإِعْلَانِ وَ الْإِسْرَارِ. «الْعَلِيمِ»: بِأَفْعَالِ الْأَبْرَارِ وَ الْفُجَّارِ، وَ بِكُلِّ شَيْءٍ مَا كَانَ وَ مَا يَكُونُ [وَ مَا لَا يَكُونُ] أَنْ لَوْ كَانَ كَيْفَ كَانَ يَكُونُ {مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}[آل عمران 36] (وَ الشَّيْطَانُ): هُوَ الْبَعِيدُ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ, {الرَّجِيمُ} [آل عمران36] الْمَرْجُومُ بِاللَّعْنِ، الْمَطْرُودُ مِنْ بِقَاعِ الْخَيْرِ، وَ الِاسْتِعَاذَةُ هِيَ [مِمَّا] مَا قَدْ أَمَرَ اللَّـهُ بِهِ عِبَادَهُ, عِنْدَ قِرَاءَتِهِمُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ: {فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ- إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَ الَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ}[النحل98 -100] وَ مَنْ تَأَدَّبَ بِأَدَبِ اللَّـهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَدَّاهُ إِلَى الْفَلَاحِ الدَّائِمِ، وَ مَنِ اسْتَوْصَى بِوَصِيَّةِ اللَّـهِ كَانَ لَهُ خَيْرُ الدَّارَيْنِ([2]).
تفسير الْعَيَّاشِيُّ: عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّـهِ(عليه السلام) فِيقَوْلِ اللَّـهِ {فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ}[النحل98] قُلْتُ: كَيْفَ أَقُولُ؟ قَالَ، تَقُولُ: أَسْتَعِيذُ بِالسَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، قَالَ: إِنَ الرَّجِيمَ أَخْبَثُ الشَّيَاطِينِ، قُلْتُ: لِمَ يُسَمَّى الرَّجِيمَ؟ قَالَ لِأَنَّهُ يُرْجَمُ، قُلْتُ: فَمَا يَنْفَلِتُ مِنْهَا شَيْءٌ؟ قَالَ: لَا، قُلْتُ: فَكَيْفَ سُمِّيَ الرَّجِيمَ وَ لَمْ يُرْجَمْ بَعْدُ؟ قَالَ: يَكُونُ فِي الْعِلْمِ أَنَّهُ رَجِيم([3]).
تفسير العياشي: عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّـهِ(عليه السلام) قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ التَّعَوُّذِ مِنَ الشَّيْطَانِ عِنْدَ كُلِّ سُورَةٍ نَفْتَحُهَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ فَتَعَوَّذَ بِاللَّـهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَ ذَكَرَ أَنَّ الرَّجِيمَ أَخْبَثُ الشَّيَاطِينِ فَقُلْتُ: لِمَ سُمِّيَ الرَّجِيمَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ يُرْجَمُ فَقُلْنَا هَلْ يَنْقَلِبُ شَيْئاً إِذَا رُجِمَ؟ قَالَ: لَا وَ لَكِنْ يَكُونُ فِي الْعِلْمِ أَنَّهُ رَجِيم([4]).
الكافي: عَنْهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّـهِ(عليه السلام) قَالَ: قُلْتُ لَهُ: {فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّـهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}[النحل98-99] فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ يُسَلَّطُ وَ اللَّـهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ عَلَى بَدَنِهِ وَ لَا يُسَلَّطُ عَلَى دِينِهِ، قَدْ سُلِّطَ عَلَى أَيُّوبَ(عليه السلام) فَشَوَّهَ خَلْقَهُ وَ لَمْ يُسَلَّطْ عَلَى دِينِهِ، وَ قَدْ يُسَلَّطُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَبْدَانِهِمْ وَ لَا يُسَلَّطُ عَلَى دِينِهِمْ، قُلْتُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَ الَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ}[النحل100]؟ قَالَ الَّذِينَ هُمْ بِاللَّـهِ مُشْرِكُونَ يُسَلَّطُ عَلَى أَبْدَانِهِمْ وَ عَلَى أَدْيَانِهِمْ([5]).
[1])) مصباح الشريعة: ص28-29.
[2])) التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري: ص16 -17 ح3.
[3])) تفسير العياشي ج2 ص270ح67.
[4])) تفسير العياشي ج2 ص270ح68 .
[5])) (ط - الإسلامية) ج8 ص288ح433.
الاكثر قراءة في آداب قراءة القرآن
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة