أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-04-2015
1871
التاريخ: 7-10-2014
2147
التاريخ: 2024-10-29
121
التاريخ: 24-11-2014
1883
|
لو تدبرنا صفة الصدق عند الناس لوجدناها متفاوتة من شخص لآخر، حيث نجدها على هيئة مراتب اعلاها كانت عند الانبياء والاولياء، قال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا}
وقال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ اسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا}
وقال تعالى: {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ}
وقال تعالى : {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا}
وقد كان رسولنا الأكرم يُعرف بالصادق الأمين، فيُعَدُّ الصدق صفة الأنبياء والأولياء الاساسية التي كان يعتمد على اساسها اعجاز دعوتهم، ولولا صدق الأنبياء وأهل البيت والأولياء لما اتبعهم أحد، لهذا صار الصدق أساس الإيمان، فلا إيمان من دون صدق.
ولو تدبرنا تفسير الآيات الكريمة المذكورة وسيرة الأنبياء وائمة أهل البيت الأطهار والصالحين من الأمة لوجدنا سمتهم الأساسية هي علو صدقهم في جميع مناحي الحياة، وتلك السمة هي التي جعلهم افضل من الآخرين، وصدقهم ايضا هو الذي قربهم الى الله تعالى أكثر من غيرهم، لهذا فان منازل الصدق تتفاوت من شخص لآخر على اعتبار مدى تمسك الانسان بالصدق في كل التصرفات والاقوال.
أقسام الصدق
يمكن تقسيم الصدق الى عدة أقسام هي :
الصدق مع الله تعالى: وهو الاخلاص مع النفس في جميع النوايا والاقوال والأفعال، وان تكون مقاصد تلك التصرفات خالصة لأجل طاعة الله تعالى ومرضاته، وليس فيها رياء، لأن كل عمل ليس فيه نية صادقة لله تعالى لن يُقبل، قال تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّـهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّـهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}
الصدق مع الناس: وصورته ان لا يكذب المسلم في حديثه مع الاخرين، وان ينقل لهم ما سمعه او رآه او عرفه حق المعرفة، وان يكون كل ذلك بقصد مرضاة الله تعالى، لهذا يجب ان يتجنب الانسان مظاهر النفاق والازدواجية في السر والعلن.
لأن انكر الجرائم الأخلاقية هو الكذب والنفاق، حيث كان يتظاهر المنافقون بالإيمان ويتسترون به على كفرهم بهدف هدم الإسلام من داخله، والحفاظ على مصالحهم الخاصة، فجعلوا ايمانهم المنتحل ستارا لجرائمهم، قال تعالى: {إِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنْزَلَ اللَّـهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا}.
فهم يتحدثون امام الناس في الايمان اجمل القول وكأنهم افضل المؤمنين، ولكن الحقيقة كانت غير ذلك، فهم لا ايمان لهم ولا دين، وكانوا مثلا يتظاهرون بالصلاح وغايتهم منه الخراب والدمار، ويتظاهرون بالصدق والاخلاص وهم اكثر الناس كذبا وخيانة، وهذا ما عبر عنه القرآن الكريم افضل تعبير، فقال تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّـهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّـهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّـهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ & أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـٰكِنْ لَا يَشْعُرُونَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَـٰكِنْ لَا يَعْلَمُونَ* وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ *اللَّـهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}.
لهذا أعد الله سبحانه لهم أشدَّ العقوبات التي تقابل ما فعلوه في الدنيا من نفاق وكذب وخراب، قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا}.
كما حذر الله تعالى الاختلاط بالكذابين المنافقين والتعامل معهم، وذلك لعزلهم عن المجتمع من ناحية، ووقاية المجتمع من جرائمهم من ناحية اخرى، لأنهم يعرفون القرآن الكريم ولكنهم يتخذونه وسيلة لتغطية جرائمهم، وعلامة ذلك استهزاءهم به، فقال تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّـهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّـهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}.
ووصفهم الله تعالى بأدق الصفات وابلغها في حالة اقامتهم العبادات، فتراهم يصلون ولكن هم لا يؤمنون بالصلاة، وانما يصلونها حتى يقول فيهم الناس بأنهم اصحاب دين وتقوى، لهذا فصلاتهم ليس لله تعالى وانما لخديعة الآخرين بها، قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّـهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّـهَ إِلَّا قَلِيلًا}.
الصدق مع النفس: وهذا الصنف من الصدق يخص إيمان الانسان بما يقوله ويفعله، بحيث يكون الإنسان مؤمنا مقـتـنعا بما يقول ويفعل.
لهذا صار فرعون من الجبابرة الطغاة لعدم صدقه مع نفسه، فقال: انا أحُيي وأميت، لكنه كان أعلم الناس بأنه لا يستطيع احياء النفس وإماتتها، ويعلم ايضا ان الله تعالى وحده هو المحيي والمميت، ولكنه كذب نفسه ليصدقه قومه أو يُكرههم على تصديقه، قال تعالى: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ}.
وقال تعالى : {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ * آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ}.
حيث اثبت الله تعالى لفرعون وللآخرين بأن فرعون لا يحيي ولا يميت، فشاء الله سبحانه أن يغرقه ثم ينجيه من اعماق البحر، ذلك ليجعله عبرة لمن ادعى الربوبية، ويكشف كذب ادعاءه.
وقد توسع علماء النفس في موضوع ظاهرة صدق الانسان مع نفسه، واعتبروه فعالا لعلاج امراضه النفسية، بان يكون الانسان صادقا مع نفسه أولا ثم صادقا مع ربه والآخرين، وقالوا ان الغرور هو الذي يدفع الانسان الى الازدواجية في الشخصية، كما لفرعون الذي كان يعرف قدراته جيدا، ويعرف نفسه بأنه غير قادر على الاحياء والإماتة، ولكن غروره دفعه الى ذلك الادعاء المذكور، مما فقد مصداقيته مع نفسه، فأصبح جبارا طاغيا.
ولا نعلم ان شخصية فرعون هل كانت مريضة أم سليمة، لأنه كان في داخله شخصيتان، الأولى: فرعون الانسان والثانية فرعون الرب، وقد اظهر للناس الشخصية الثانية وأخفى الأولى لنفسه وخاصته، كما يفعل ذلك الطغاة والجبابرة والكثير من الناس.
لا تيأسوا فليس اليأس من أخلاق المسلمين
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|