أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-19
489
التاريخ: 2024-05-29
723
التاريخ: 2024-05-13
822
التاريخ: 2024-07-11
646
|
جرت العادة بل وسنن الطبيعة على أن تكون الآلات التي يستعملها الإنسان في حرفة من الحرف خاضعة في تقدمها وتحسنها إلى درجة الرقي التي يبلغها الإنسان في الطرق التي يتبعها في إبراز منتجات حرفه، وهذه القاعدة تنطبق بنوع خاص على الرقي الزراعي، فالآلات الزراعية في الواقع تتقدم بتقدم الزراعة والصناعة والتجارة. على أن تقدم العلم نفسه الذي يؤثر بطريقة غير مباشرة في طرق الزراعة لا يؤثر على تقدم الآلات إلا من بعيد، فنجد أحيانًا آلة جديدة تظهر مستعملة في زراعة بلد ما لكشف صناعة جديدة بها، وأحيانًا نجد أن هذه الصناعة الحديثة تستعمل مادة جديدة تمتاز بسرعتها أو خفتها أو سهولتها أو غير ذلك فتكون ذات فائدة محققة عن المادة التي كانت تستعمل من قبل، فيؤثر الفلاح استعمالها على غيرها. وأحيانًا تجلب من البلاد الأجنبية آلات من مادة أرقى أو في شكل أصلح مما يستعمل في البلاد، غير أن هذه الآلات الجديدة تحتاج إلى مران طويل حتى يمكن استعمالها ويتعود الأهلون عليها. ومنذ عهد ما قبل الأسرات نجد في مصر آلتين أصليتين خاصتين بالزراعة، وهما الفأس لفلح الأرض والمنجل لقطع المحصول وضمه. أي أن الأولى تجهز للفلاح عمله، والثانية تهيئ له حصد محصوله، وإذا فحصنا كلا من هاتين الآلتين نجد أن الطبيعة قد ساعدت على اختراعهما، فالفأس في الواقع حلت محل اليد عند ما يراد نبش الأرض لزرعها، وإذا تخيل الإنسان هذا المنظر فإن يده تمثل شكل الفأس عند حفر الأرض. أما المنجل فقد اخترع على غرار أسنان الحيوان وهو يأكل الحشائش، فأسنانه هي أسنان الحيوان. وقد نقل الإنسان هذا في المادة وأصبح يستعمله في كل أغراضه لضم محصوله. وقد ظهرت الفأس للمرة الأولى في التاريخ المصري على طوابع الأختام الأسطوانية الشكل التي كانت تحلي سدادات الأواني العظيمة التي عثر عليها في نقادة. (1) ومنذ الأسرة الأولى الفرعونية أصبحت الفأس شائعة الاستعمال في الحقول وأعمال البناء وغيرها، وقد استعملت الفأس من الخشب واستعين على تثبيت مشطها في اليد بالحلفاء أو الليف؛ إذ كان الخشب أقرب منالًا للفلاح وأسهل صنعا. واستمرت الفأس تصنع من الخشب حتى العصور المتأخرة وهي لا تزال تصنع أحيانًا من الخشب في الواحات كما صنعت الفأس من النحاس في عهد الأسرة الخامسة (2)، وأخذت تتدرج في التحسن شيئًا فشيئًا حتى أخذت أشكالاً عدة. ولست أدري إذا كان لاسم رسم الفأس باللغة المصرية القديمة «مر» علاقة بالاسم الذي أطلق على كل مصر الزراعية وهو تا مري» أي أرض الفلاحة أو أرض الفأس، وربما كان ذلك هو السبب في نسبة مصر كلها لاسم الآلة التي كانت أول شيء استعمل في فلاحتها. ومن المحتمل جدًّا أن لفظة «دميرة» التي يطلقها فلاحو الوجه القبلي عندما يكون الفلاح قد هيأ أرضه للزرع في وقت بداية الفيضان في النصف الأول من شهر مسرى، يرجع أصلها إلى لفظة «تا مري» أي أرض الزراعة أي الأرض التي هيئت للزراعة بالفأس. ومن ذلك يمكننا أن نفهم بسهولة معنى لفظة «مروت» التي تكتب بنفس الإشارة ويخصصها رجل وامرأة أي الفلاحون، وهنا يمكننا أن نفهم جيدًا معنى المثل القائل (كل فلاح مصري وليس كل مصري فلاحا).
المحراث: تقص الأساطير أن مصر مدينة بالمحراث للإله «أوزير» إله النبت والزرع. والواقع أن المحراث هو فأس مكبرة من اختراع المصري عند ما أراد أن يقتصد في الوقت في شق أرضه. ويدل شكله على أنه كان يحرك بوساطة الإنسان لا بالحيوان في بادئ الأمر، وقد عثر في الرسوم المصرية القديمة على ما يثبت ذلك. وقد عثر على محراث في شكله المعروف لأول مرة يجر بالثيران في آثار ميدوم (3) في عهد الأسرة الثالثة، وكان يستعمل في بادئ الأمر بسلاح واحد ثم استعمل بسلاحين.
المحشة «المنجل»: من الطبيعي أن الإنسان الأول سواء أكان صيادًا في البر أم في البحر لم يهتم بأمر النباتات واستعمالها لأغراضه الخاصة إلا في اليوم الذي أصبح في يده آلة من الظران صالحة لقطع الحشائش البرية أو نشرها ليستفيد منها، ومنذ أتقن المصري صناعة المحشة أصبح يصنعها بكثرة في معامل خاصة. وقد جمع الأستاذ «دي مرجان في بحثه عن الآلات بين المنجل والمنشار، لأن وظيفتهما تكاد تكون واحدة وقد عرفنا شكل المنجل من الإشارات المصرية القديمة التي حُفِرَت على مقابر الأسرات الأولى (4) والدولة القديمة. إذ نجد في النقوش الملونة في ميدوم رسمًا دقيقًا للمنجل، فالمقبض والسلاح قد لونا باللون الأخضر على حين أن الظران الأبيض يظهر في داخل المنجل، وكذلك نجد هذه الإشارة محفورة بهذا الشكل في عهد الأسرة الخامسة (5) ولكن الرسم لم يبين لنا من أي عهد بدأت صناعتها من النحاس. وتوجد آلات أخرى كانت تصنع من الظران كالبلطة التي يرجع عهد استعمالها إلى العصر الحجري القديم. وقد بدأت تصنع من النحاس في عهد الأسرة الثالثة، كما يشاهد ذلك على آثار ميدوم (6)، إذ إن لونها الأصفر أو الرمادي الأخضر يبرهن بوضوح على أن سلاحها كان مصنوعا من هذا المعدن. أما السكينة فكانت تصنع في مصر، وكذلك في كل البلاد الأخرى من الظران، ويهذب سلاحها حتى يصير قاطعًا، وقد وجدت السكاكين بين الإشارات الهيروغليفية وسلاحها من الظران ويدها من الخشب (7)، وقد وجدت نماذج منها من عهد الأسرة الخامسة. (8) وهناك آلات أخرى كان يستعملها المصري كالأمشاط التي كان يمشط بها ألياف الكتان والمطارق والمجارف والمكانس والمناخل والغرابيل وألواح التذرية. أما المذراة فقد اخترعها لفصل التبن عن القمح وأصابعها تبرهن على أن الإنسان قد أخذ شكلها من يده عند ما كان في أول الأمر يستعملها لفصل القش عن القمح، ثم اخترع المذراة على غرار اليد اقتصادًا في الوقت والمجهود. وقد وجد في بعض مقابر الدولة القديمة حديثا عدة مجاميع من نماذج الآلات النحاسية التي كان يستعملها الإنسان في حياته اليومية، غير أن بحثها يحتاج إلى دراسات خاصة، وقد عثر على مجاميع منها سليمة أهمها مجموعة حفيد الملك «منكاورع» في حفائر الجامعة بالجيزة إذ تبلغ نحو 90 قطعة ومعظمها لم يعرف بعد كيفية استعماله. وقد تعرفنا من بينها الإبر الدقيقة المثقوبة والموسى والمقطع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.De Morgan, Rech. T. II P. 151, 166 (1)
.Petrie, Tools & Weapons, 1917. Pl. 19 No. 3 (2)
.Meidum, PL. 18 (3)
.Meidum, PL. 28 & Ptah-hotep t. I, p. 9 No. 210 (4)
.Tombeau de Ti, Ed. Steindorff, PL. 47 (5)
.Meidum, pl. 10. 13 & 14 (6)
.Weill, Les Origines d’Egypte. Phar. P. 247 (7)
.Petrie, Tools, pl. 24, No. 35 (8)
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|