محورية القرآن بين الله تعالى والإنسان
المؤلف:
السيد جاسم آلبوحمد الموسوي
المصدر:
تفسير سورة الفاتحة
الجزء والصفحة:
ص29-30
2023-06-21
1978
من الظواهر القرآنية والمحاور الرئيسة من معالم كتاب الله تعالى أن معارفه القرآنية توزعت على محورين أساسيين، كانا نقطة الانطلاق والعودة بحيث تمركزت عليهما ومن خلالهما جلّ المعارف القرآنية.
وهذان المحوران هما ( الله تعالى والإنسان) ، وأما سائر المعارف والحقائق الأخرى التي وردت في القرآن الكريم، فهي إما أنها تتعلق بالأسماء الحسنى لله تعالى ومظاهرها، وصفاته وأفعاله تعالى، أو أنها ترتبط بأفراد ومراتب الإنسان حول سيره التكاملي صعوداً ونزولاً، أي إما أنها درجات أو أنها دركات للإنسان، أو أنها واردة في شؤون عوالم الإنسان.
فالقرآن إذن يتمحور في أمرين أساسيين:
الأول: هو الله تعالى المُرسِل والمُنـزِل ، وهو الحق الظاهر والباطن وما يرتبط به عز وجل من حقائق ومعان مُلكية ربانية و...
والثاني: هو الإنسان الذي أُنزِل له ولأجله القرآنُ وهو مظهر الحق ومحل تجليات الله تعالى.
وطبيعي أن يكون هذان الموردان محوراً رئيسياً للقرآن الكريم، وذلك بمقتضى كون القرآن كتاب هداية ودستور نظام فمن الضروري أن يتمركز عند هدفين:
أولاً: عند تعريف الجهة المنـزلة والمرسلة وما لها من خصائص وأسماء أوصفات كمالية جمالية أو سلبية جلالية ، قال تعالى { اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرض مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأرض وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ }([1]).
وثانيا: مخاطبة مَنْ أنزل القرآنُ من أجله- وهو الإنسان - وتربيته وإعداده إعدادا صالحا يتحصّن من خلاله من كل المخاطر الفكرية والروحية والحياتية بشكل عام.
قال تعالى { إنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ** وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}([2]). وقال أيضا، { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا** فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا }([3]).
الاكثر قراءة في آداب قراءة القرآن
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة