أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-16
1123
التاريخ: 2024-09-04
301
التاريخ: 14-06-2015
2276
التاريخ: 19-8-2022
1656
|
يقول تعالى: {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [البقرة: 60]
في ختام الآية مورد البحث وبعد الأمر: {كلوا واشربوا من رزق الله} ينهى الباري سبحانه وتعالى عن الفساد والاختلاف والتنازع كما أنه يُفهم من آيات أخرى أن بني إسرائيل، وبعد أن أعطوا من النعم والبينات الكثير قد استمروا في ممارسة الفساد والتناحر والاختلاف. بناء على ذلك فإن ما يساهم في إدارة شؤون المجتمع والرسو به على ساحل الاستقرار والهدوء ليس هو الاقتصار على تلبية الاحتياجات الاقتصادية بل إن خضوع الناس في مقابل الله عز وجل وتمتعهم بالتعبد وروح العبودية هو الذي من شأنه خلق حالة من الاستقرار. فالذي لا يكون عبداً الله فإنّه، عوضاً عن احترامه لحقوق الآخرين، يتجاوز على حصصهم؛ خصوصاً على حصة من اعتاد على مشاهدة الظلم وتحول تدريجياً إلى موجود قابل بالظلم خانع له.
الغرض من هذا الكلام هو أن الفرد أو المجتمع الصعب المراس والطاغي والفاقد لروح الانقياد إلى الحق كلما وصلت إلى يده سلطة فإنّه سيتحول إلى ظالم وسيمارس الجور حتى يصل به الأمر إلى قتل الأنبياء أيضاً {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ} [آل عمران: 21].
وبعبارة أخرى، إن المنشأ الأساسي للفساد والاختلاف المذموم بين الناس لا يكمن فقط في عدم إتاحة الإمكانات وسبل كسب الثروة لهم على نحو عادل، ولا في عدم توزيع عائدات الثروات الوطنية العامة بشكل متوازن وعادل بينهم، بل من الممكن أن تكون أمة، كبني إسرائيل مثلاً، يتمتع أفرادها بالتساوي في الإمكانيات المادية ولم يذوقوا مرارة الترجيح بلا مرجّح في ظل الحكومة الدينية ولكنهم في الوقت ذاته متنازعون ومختلفون فيما بينهم؛ فإن المن والسلوى كان ينزل على كل بني إسرائيل، وكان للجميع ظل يقيهم حرارة الشمس، وكل القبائل والأسباط كانوا ينالون حظهم بالتساوي من ماء العين، وكان الجميع يمتلك القدر الكافي من الطعام والشراب أيضا (1)، فهم ما كانوا يعانون من مشكلة الترجيح الظالم في آليات الإنتاج ولا من مشكلة الترجيح الظالم في التوزيع لكنّهم والحال هذه كانوا على الدوام في حالة حرب وتناحر ونزاع وصراعات فردية أو قبلية، وكانوا يصرون على خصلة الأنانية وحب الذات مع ما يشاهدونه من قسط وعدل تحت لواء الحكومة الدينية.
إذن لابد، على هذا الأساس، من البحث عن مصدر الاختلاف في موطن آخر ألا وهو الغرائز المتضادة، والميول المعقدة والمنحطة المادية والحيوانية، وسجيّة التكاثر والتعالي في كيان ابن آدم. فلا لا شك في أن شأنه أن يروّض تلك الغرائز الجامحة ويطفئ نيران حب الكثرة الذي من رخات هل من مزيد هو الإيمان بالمبدأ والمعاد والتعبد ويخمد صر- بالدين الذي يدعوا الإنسان على الدوام إلى الكفاف والعفاف والقناعة والرصانة ويبشره في مقابل التسامح والإنفاق بحور الجنة وقصورها ورضوان من الله وبهجة وسرور أبديين.
وببيان آخر، يُستنتج من قصة يهود بني إسرائيل أنه لا الرأسمالية والتمتع بالإمكانات المادية المختلفة لوحدها قادرة على توفير الراحة والطمأنينة للبشر (هذا وإن كان الفقر وانعدام الإمكانات الضرورية يهيئان بيئة لارتكاب الفسق والمعاصي والتلوث برذائل الأخلاق، إلى الحد الذي يقول عنه الإمام الصادق كاد الفقر أن يكون كفراً" (2)) ولا الاشتراكية وتوزيع الثروات بالتساوي باستطاعتها ذلك، وإنما الإيمان بالله والاعتقاد بالكرامات الإنسانية هما أهم عوامل الأمن والطمأنينة في المجتمع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. ينقل أمين الإسلام عن بعض التفاسير: وإذا ولد فيهم مولود يكون عليه ثوب يطول بطوله كالجلد" (مجمع البيان، ج 1 - 2، ص 244). وروى القرطبي في تفسيره: "فأعطوا ألاً يبلى لهم ثوب ولا يخلق ولا يدرن وأن تنمو صغارها حسب نمو الصبيان" (الجامع لأحكام القرآن، ج 1، ص 381).
2. الكافي، ج 2، ص 307؛ وبحار الأنوار، ج 69، ص 29.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|