أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-7-2016
6046
التاريخ: 8-7-2019
8150
التاريخ: 17-9-2019
4733
التاريخ: 2024-10-28
285
|
ازدهرت الخطابة في هذا العصر، وقد عملت في هذا الازدهار، وهيأت له أسباب مختلفة، منها السياسي، ومنها الديني، ومنها العقلي، أما من حيث السياسة، فقد كثرت الأحزاب السياسية المعارضة لبني أمية، وكثر مشعلو الفتن والحروب الداخلية. ومعروف أن الدولة الأموية قامت على أنقاض فتنة عثمان، وما انتهت إليه من حروب صفين بين علي ومعاوية، وبمجرد أن قبل علي التحكيم خرج عليه فريق من جيشه سمي الخوارج، وشهروا سيوفهم في وجهه، وعبثا حاول العودة بهم إلى صفوفه، فحاربهم وتصدى له أحدهم فقتله، وخلص الأمر لمعاوية وخلفائه من بني أمية، فظل هؤلاء الخوارج ينازلونهم، ويعدون دار المسلمين دار حرب، فيجب أن يجاهدوهم، إذ جعلوا الخلافة في قريش، وهي ليست حقا من حقوقها وإنما هي حق لله، وينبغي أن يليها من يستحقها بمشورة المسلمين، وأن يكون خيرهم تقوى وزهدا وورعًا، ولو لم يكن قريشا، بل لو كان عبدا حبشيا. وقد تعددت فرقهم، وأهمها الأزارقة في فارس، والنجدات في اليمامة وحضرموت والبحرين، والصفرية في الموصل وشمالي العراق، والإباضية في اليمن وحضرموت.
ولا نتقدم إلى عصر يزيد بن معاوية حتى يرسل شيعة علي إلى ابنه الحسين أن يفد عليهم في الكوفة لمبايعة، وإعلان الثورة على بني أمية وصاحبهم يزيد، وما يكاد يلم بالعراق حتى يقعدوا عن نصرته، فيسفك دمه، ويندمون على ما كان من تضييعه، ويتجهون إلى الدعوة السرية لأبناء علي، ومن حين إلى حين تنشب ثوراتهم، ولعل أهمها ثورة المختار الثقفي لعهد مصعب بن الزبير، ثم ثورة زيد بن علي بن الحسين لعهد هشام بن عبد الملك، وقضى الأمويون على الثورة الأخيرة بينما قضى مصعب على ثورة المختار، وكان هذا الحزب الشيعي يؤمن بأن الخلافة من حق أبناء علي فهم ورثة الرسول صلى الله عليه و[آله]وسلم، وهم لذلك ورثتها الشرعيون، وقد ذهبوا إلى أن إمامة علي نص عليها الرسول، ومن هنا تأتي عقيدة الوصية التي يدين بها الشيعة جميعا، كما يدينون بعقيدة المهدي، وهو الإمام المنتظر الذي يخلص العالم مما فيه من شرور، وأسباب مختلفة جعلت الفرس يدخلون في هذه العقيدة، إذ كانوا قبل الإسلام يؤمنون بتوارث الملك في أسرة بعينها، على هذا القياس يصبح أحق الأسر القرشية بالملك العربي بني هاشم، وأبناء علي خاصة، فهم أقرب الناس إلى الرسول، وأيضا فإن عليا كان يسوي بينهم، وبين العرب في الحقوق بينما كان يضطهدهم الأمويون وولاتهم، ولعل شيئا من تشيعهم يرجع إلى كرههم لمن غلبوهم على بلادهم، وكأنما رأوا فيه ضربا من المقاومة لهؤلاء الغالبين.
وبجانب الحزبين السابقين، حزبي الشيعة والخوارج، توالت الثورات على بني أمية، فثار عبد الله بن الزبير في الحجاز أثناء خلافة يزيد، واستقل بها نحو عشر سنوات، وتبعته العراق ومصر، إلا أن عبد الملك بن مروان استطاع القضاء عليه، وثار في العراق وإيران عبد الرحمن بن الأشعث، ودوخ الحجاج طويلًا قبل أن يقضي على ثورته. وفي أوائل القرن الثاني للهجرة ثار بالعراق أيضًا يزيد بن المهلب، وكان مصيره ابن الأشعث، ولا نصل إلى أواخر هذا العصر حتى يجمع أمرهم في خراسان، ويؤلفوا جيشا يقضون به على الدولة الأموية قضاءً مبرمًا.
وهذه الأحزاب والثورات لم تكن تستعين في انتقاضها على الأمويين بالسيوف فحسب، بل كانت تستعين بالخطب والخطباء يدعون لها، ويحمسون الناس على الانفضاض عن بني أمية، ومن المهم أن نعرف أن السياسة على ألسنة هؤلاء الخطباء كانت تقترن بالدين لسبب بسيط، وهو أن الخليفة عند المسلمين يعد إمامهم الذي تنتظم به مصالحهم، وقواعد ملتهم على مقتضى الشريعة الإسلامية.
وبجانب هذا السبب السياسي الذي دلع الخطابة، وسعر بها الفتن والثورات على الأمويين سبب ديني خالص، إذ أسست في كل بلد إسلامي مدرسة دينية تعلم الناس أصول دينهم وفروعه، وكان العلماء القائمون عليها كثيرًا ما يختلفون، فيتحاورون في وجهات نظرهم(1). ولم تلبث أن انبثقت أبحاث كثيرة، ومناقشات طويلة في القدر، وإرادة الإنسان ومدى حريته، وفي الإيمان وهل من الضروري له أن يرافقه العمل، وفي صفات الله وهل هي عين الذات الإلهية، وسرعان ما ظهرت فرق الجبرية والقدرية والمرجئة، فكان ذلك باعثا على ظهور المناظرات، وهي فرع مهم من فروع الخطابة.
وليس هذا فحسب ما أنتجه الدين في خطابة القوم، فدق بقي ركنان مهمان هما القصص والوعظ، إذ كانت هناك طائفة تعرف بالقصاص، تفسر القرآن الكريم، وتمزج تفسيرها بقصص كثيرة تستمدها من موروثات أهل الكتب السماوية، وكانوا يستغلونه ميل الناس إلى الأخبار العجيبة، فيتزيدون في قصصهم، وكانت الأحزاب السياسية تتخذ نفرا منهم وسيلة للدعوة لها، ولتحميس جنودها حين تثور بالدولة(2)، وكان للأمويين في كل بلد قاص يقص على الناس في المسجد الجامع، ويدعو إلى طاعتهم(3). واتسعت بجانب ذلك موجة الزهد والعبادة والنسك، وتبعها ظهور وعاظ كثيرين، تموج كتب الأدب بمواعظهم، وما كانوا يدعون إليه من الزهد في حطام الدنيا، ومجاهدة النفس حتى ترفض عرض الحياة، ومتعها الزائلة، وتطلب ما عند الله من ثواب الآخرة.
ورافق هذا السبب الديني في ازدهار الخطابة سبب عقلي مرده إلى عناصر الثقافات الأجنبية التي أخذ يدعم بها العقل العربي منذ هذا العصر الأموي، مما فتق فيه قوة الجدل والحجاج. ومعروف أن الثقافة لهذا العصر لم يكن يضطلع بها العرب وحدهم، بل كان يشركهم فيها الموالي الذين اتخذوا العربية لسانهم، وقد أخذوا يزودونها بمعارفهم وثقافاتهم القديمة، وقد تعود مؤرخو الأدب العربي أن يقفوا في هذا الجانب من التزاوج بين العرب، والموالي في الفكر والثقافة عند العصر العباسي، عصر الترجمة المنظمة لما كان عند اليونان والفرس والهند، وينبغي أن نلاحظ أن هذا العصر الذي نظمت فيه الترجمة سبقه عصر، هو العصر الأموي، لم تكن تعرب فيه الكتب إلا نادرا، كما هو معروف عن خالد بن يزيد بن معاوية، وطلبه لما عند الأجانب من معارف، ولكن كان يعرف فيه لسان حملة هذه الكتب، وكانوا سيولا من شعوب الشرق الأوسط وأممه، دخلوا في الإسلام، ودخلت معهم ثقافتهم، وقد أقلبوا على الدراسات الدينية، والعقلية يسهمون فيها بالحظ الأوفر، فإذا قلنا: إنهم ارتقوا بالعقل العربي وكل ما أنتجه في ذلك العصر من خطابة، وغير خطابة لم نكن مبالغين، فقد كثرت المعرفة، وتشعبت المعاني ودقت الفطن، ولم يعد لها حد تنتهي إليه، وانسابت تمن ذلك أسراب كثيرة في خطابتهم، فصاروا أقدر على البيان والتصرف في الألفاظ.
ويخيل إلى من يقرأ في أخبار القوم أنهم أصبحوا جميعا خطباء، فهم يخطبون في نظرياتهم السياسية، وفي معتقداتهم الدينية، ويتناقشون فيها بكل مكان، في المسجد الجامع وفي الطرقات والأسواق، وفي السلم وحين يتحاربون، ومن ورائهم القصاص والوعاظ، وقد جعل ذلك الجاحظ ينبهر إنبهارًا شديدًا، فيخص العرب بالخطابة، ويرفعهم درجات فوق الفرس واليونان(4)، وقد يكون مصيبا فيما يختص بالفرس، أما اليونان فأكبر الظن أنه لم يقرأ شيئا واضحا عن خطابتهم، وإلا ما بالغ في رأيه وذهب هذا المذهب، فإن من المعروف أن الخطابة نهضت عند اليونان نهضة واسعة، إذ كانت لديهم مجالس شورية، وقضائية أعدت لازدهار الخطابة عندهم ازدهارا أتاح لأرسطاطاليس أن يكتب فيها، وفي أنواعها وأغراضها وأساليبها كتابا كبيرا، وأكبر الظن أن الجاحظ لم يعرف شيئا من ذلك كله، وهو كذلك لم يعرف شيئا عن خطباء اليونان المشهورين أمثال ديموستين وبركليس.
ومهما يكن فقد ارتقت الخطابة رقيا بعيدا في العصر الأموي، ونشطت نشاطا لعل العرب لم يعرفوه في عصر من عصورهم الوسيطة، إذ اتخذوها أداتهم للظفر في آرائهم السياسية، والانتصار في مجادلاتهم المذهبية، وعولوا عليها في قصصهم ومواعظهم، وفي وفادتهم على الخلفاء والولاة. ومن ثم أينعت فيها فروع ثلاثة، هي الخطابة السياسية، وخطابة المحافل والخطابة الدينية، ونلم بكل فرع من هذه الفروع إلمامة قصيرة.
الخطابة السياسية:
كان كل حزب من الأحزاب السياسية يتخذ الخطابة وسيلة إلى نقد خصومه، وبيان نظريته السياسية، واستمالة الناس إليها، وكذلك كال يصنع الثائرون على بني أمية من أمثال يزيد بن المهلب في تحريك الناس إلى الثورة عليهم، وكأنما قامت عندهم جميعا بما تقوم به الصحافة في عصرنا من الدعاية للآراء السياسية، فانبرى خطباء كل حزب يدعون إلى نظرية حزبهم، وبيان أنهم على الحق وخصومهم على الباطل، فهم الجديرون بأن يعتنق الناس مبادئهم ويذودوا عنها ذيادًا.
وكان الخوارج يصفون بني أمية بجورهم في الأحكام وتعطيلهم حدود الله، ويتناولونهم بألسنة حداد، وقد يضيفون إلى ذلك مواعظ تصور عمق تدينهم، وتمسكهم بالعروة الوثقى، ومن أشهر خطبائهم قطري بن الفجاءة، وتحتفظ كتب الأدب له بموعظة رائعة(5)، ومن خطبائهم أبو حمزة الخارجي، وقد روى الجاحظ خطبة طويلة ألقاها في أهل مكة(6)، وهو يفتتحها بالحدث عن رسول الله وهديه، واقتداء أبي بكر وعمر به، أما عثمان فعنده أنه أتى بما أحبط به الأوائل، وأما علي فلم يبلغ -في رأيه- من الحق قصدًا، ثم اقتص خلفاء بني أمية خليفة خليفة يثلبه، إلا عمر بن عبد العزيز فإنه أعرض منه، ونراه ينحى باللائمة على من يتشيعون لآل البيت، ثم يصف أصحابه، ونضالهم دون عقيدتهم وصفا رائعا، ومن خطباء الخوارج المشهورين زيد بن جندب خطيب الأزارقة(7) وابن صديقه، وكان صفريا ناسكا، وشبيل بن عزره الضبعي، وعمران بن حطان، وحبيب بن حدرة الهلالي، والمقعطل وعبيدة بن هلال اليشكري(8)، ومنهم الضحاك بن قيس ونصر بن ملحان(9)، وعبد الله بن يحيى طالب الحق(10) والطرماح(11)، وغيرهم كثير.
ولا يقل خطباء الشيعة كثرة عن خطباء الخوارج، ومن أشهرهم الحسين بن علي بن أبي طالب، وعلي بن الحسين وزيد بن علي، والمختار الثقفي وسليمان بن صرد، وعبد الله بن مطيع وعبيد الله المري، ومنهم بنو صوحان: صعصعة وزيد وسيحان، وكانوا يكثرون من القدح في بني أمية، وأنهم اغتصبوا الخلافة من أصحابها الشرعيين ورثة النبوة، وحملة الرسالة القدسية الهادية المهديين، والأئمة المنتظرين(12).
ولم تطل مدة عبد الله بن الزبير، ومع ذلك فقد ملأ دفاتر العلماء كلامًا(13)، وكان أخوه مصعب، وإليه على العراق خطيبا مفوها، وله خطبة جعلها كلها آيات قرآنية(14)، وكان حول ابن الأشعث كثير من الخطباء(15)، وكان يزيد بن المهلب خطيبًا مفوهًا، وقد روى الجاحظ بعض خطبه(16).
وكان يقف في الصف المقابل من خطباء الأحزاب، والثورات خطباء بني أمية يدعون الناس إلى التمسك بحبل الجماعة، وتأييد الأمويين في حقوقهم التي اكتسبوها عن آبائهم، وتقديمهم لهم فروض الطاعة والولاء، وكثيرًا ما يخلطون ذلك بالترهيب والترغيب، وقد يشيرون إلى مقتل عثمان، وأن الأمويين أولياء دمه وورثة خلافته، ولهم مواعظ لا نشك في أنهم قالوها في صلاة الجمعة، والعيدين ككثير مما روي عن زياد والحجاج، وعن بعض خلفائهم وخاصة عمر بن عبد العزيز الخليفة الزاهد المشهور، وأكثر خلفائهم كان خطيبًا، ولهم خطب تدور في كتب الأدب والتاريخ، ومن خطبائهم بجانب من قدمنا عتبة بن أبي سفيان، والي معاوية على مصر وعبيد الله بن زياد، وخالد بن عبد الله القسري، ويوسف ابن عمر الثقفي، وسعيد بن العاص وابنه عمرو الأشدق، ومن قوادهم الخطباء موسى بن نصير، وطارق بن زياد اللذان فتحا الأندلس، وقتيبة بن مسلم ونصر بن سيار، فاتح التركستان.
وعلى هذا النحو كان لكل حزب خطباؤه الذين يذودون عنه، وينافحون عن مبادئه، ولم يكن هناك داع لفكرة، أو لنضال في حرب لا يقف في الناس خطيبًا، وقد بعث ذلك على نهضة الخطابة السياسية في هذا العصر نهضة واسعة، ولعل هذه النهضة هي التي جعلت المؤرخين حين يعرضون علينا الآراء السياسية، أو المذهبية لزعماء هذا العصر يعرضونها علينا في شكل خطب، على نحو ما نجد في الطبري وابن الأثير، فهم إذا أرادوا أن يعرضوا علينا رأيا للحسين بن علي، أو لحفيده زيد أو لأي داع شيعي أو خارجي، أو أي ثائر زبيري وغير زبيري، أو لأي وال أموي أو قائد يقود الجيوش عرضوه في صورة خطبة، فهم لا يقولون: إن فلانا كان يرى كذا أو كذا، وإنما يقولون خطب فلان فقال كذا وكذا، فهم لا يتصورون صاحب نحلة سياسية يعرض رأيه في شكل حديث، بل لا بد أن يعرضه في شكل خطبة يقرع بها الأسماع، ويجذب القلوب.
خطابة المحافل:
نمت الخطابة الحفلية في هذا العصر بحكم نمو السلطان العربي، فكانت الرجال والوفود تقدم على الخلفاء والولاة لأغراض مختلفة: للشكوى أو للاستمناح، أو للتهنئة أو للتعزية أو للموعظة، أو لغير ذلك من الأغراض، وقد روي في كتب الأدب كثير من أخباره هذه الوفادات، وممن قد على معاوية النخار بن أوس العذري(17)، وعمرو بن سعيد الأشدق(18)، وزرعة بن ضمرة، وهو الذي كان يقال فيه: "لولا غلو فيه ما كان كلامه إلا الذهب"، وكان ابنه النعمان من أخطب الناس، وقد وقع في يد الحجاج بعد قضائه على ثورة ابن الأشعث فتخلص منه بكلام لطيف(19). وممن وفد على معاوية روح(20) بن زنباع، وصحار العبدي، ويروى أن معاوية قال له: ما هذا الكلام الذي يظهر منك؟ قال: شيء تجيش به صدورنا، فتقذفه على ألسنتنا(21)، ومن الوافدين عليه سحبان وائل، وقد اشتهرت له خطبة خطب بها بين يديه، وكانت العرب تسميها الشوهاء من حسنها(22)، ومنهم الأحنف بن قيس سيد تميم، ومما نطق به في حضرته، معبرًا عن شكاة لقومه(23):
"إن دافة دفت(24)، ونازلة نزلت، ونائبة نابت، ونابتة نبتت(25)، كلهم به حاجة إلى معروف أمير المؤمنين وبره، فقال معاوية: حسبك يا أبا بحر، قد كفيت الشاهد والغائب".
ولما فكر معاوية في جعل ابنه زيد وليا لعهده استقدم وفود العرب من الأمصار والبادية، فكانوا يخطبون بين يديه منوهين بيزيد، ومبايعين له، سياسة حكيمة منه، حتى يبرم الأمر من بعده لابنه(26)، ولما توفي وجلس ابنه يزيد مكانه دخل عليه عطاء بن أبي صيفي الثقفي، فخطب بين يديه بقوله(27):
"يا أمير المؤمنين أصبحت قد رزئت خليفة الله، وأعطيت خلافة الله، وقد قضى معاوية نحبه، فغفر الله ذنبه، وقد أعطيت بعده الرياسة، ووليت السياسة، فاحتسب عند الله أعظم الرزية، واشكره على أفضل العطية".
وكان عبد الملك يجلس للوفود وخطبائها، وممن وفد عليه سعيد بن عمرو بن سعيد(28)، والهيثم بن الأسود بن العريان، وقد سأله عبد الملك كيف تجدك؟ قال: "أجدني قد ابيض مني ما كنت أحب أن يسود، واسود مني ما كنت أحب أن يبيض، واشتد مني ما كنت أحب أن يلين، ولان مني ما كنت أحب أن يشتد"(29)، ولما توفي عبد الملك وجلس ابنه الوليد دخل عليه الناس، وهم لا يدرون أيهنئونه أم يعزونه، فأقبل غيلان بن سلمة الثقفي فسلم عليه، ثم قال(30):
"يا أمير المؤمنين! أصبحت قد رزئت خير الآباء، وسميت خير الأسماء، وأعطيت أفضل الأشياء، فعظم الله لك على الرزية الصبر، وأعطاك في ذلك نوافل الأجر، وأعطانك على حسن الولاية والشكر، ثم قضى لعبد الملك بخير القضية، وأنزله بأفضل المنازل المرضية، وأعانك من بعده على الرعية".
ولم يكن يتولى الخلافة أموي إلا وتقدم الوفود عليه من الأمصار، ويقوم خطباؤها بين يديه مهنئين مبايعين ذاهبين في خطبهم كل مذهب، ومن حين إلى حين كانت تقدم هذه الوفود على الخليفة لترفع مظلمة لها، أو لتنال بعض الرفد والعطاء، ونجد الوعاظ كثيرًا ما يلمون بمجالس الخلفاء ويعظونهم، على نحو ما كان يعظ أبو حازم الأعرج سليمان بن عبد الملك(31)، ولما تولى عمر بن عبد العزيز كان يقدم عليه النساك، والزهاد لوعظه، لما اشتهر عنه من نسكه وعبادته، من مثل زياد بن أبي زياد، وكان يلزمه محمد بن كعب القرظي، وله أخبار معه ومواعظ(32)، وكان خالد بن صفوان يلزم هشام بن عبد الملك ويعظه(33).
وعلى نحو ما كانت تفد الوفود والوعاظ على الخلفاء كانت تفد على الولاة، وممن وفد على زياد وخطب بين يده في وفد من قومه عمران بن حطان(34)، وكان الأحنف يفد على ابن الزبير كما كان يفد على معاوية، ويفد معه خطباء ومن قومه(35)، وكم من خطيب تخلص من عقاب الحجاج بحسن منطقه(36)، ولما دخل أيوب بن القرية عليه قال له: "ما أعددت لهذا الموقف؟ قال: ثلاثة حروف، كأنهن ركب وقوف: دنيا وآخرة ومعروف"، وقال له في بعض القول: "أقلني عثرتي وأسقني ريقي، فإنه لا بد للجواد من كبوة، وللسيف من نبوة، وللحليم من هفوة"(37). وكان كثيرًا ما يستنطق الوافدين عليه(38). ولما ولي عبد الله بن عمر بن عبد العزيز على العراق، كان يحضر مجلسه الوعاظ، ويعظونه(39)كما كانوا يعظون أباه.
ومما يدخل في هذا الضرب من خطابة المحافل خطابة الإملاك والتزويج(40) وخطابة الصلح بين العشائر(41)، وما كان من منازعات، ومفاخرات في مجالس الخلفاء(42)، ويسوق الجاحظ في بيانه أخبارًا كثيرة عن هذه الصور من الخطابة وما كان يفترق به بعضها عن بعض(43).
الخطابة الدينية والوعظ والمناظرات:
نمت هذه الخطابة في عصر بني أمية نموا واسعا، فقد كانت فريضة مكتوبة على المسلمين في صلاة الجماعة والعيدين، وكان الخلفاء والولاة يأمرون الناس في تلك الصلاة، ولذلك نقرأ لكثير منهم خطابات زاهدة، يحضون الناس فيها على الانصراف عن الدنيا، والتعلق بالآخرة، ويحثونهم على الخير والفضيلة
والأعمال الصالحة، وأخطب الخلفاء في هذا الباب عمر بن عبد العزيز، وله خطب كثيرة، يدعو فيها الناس إلى طاعة الله والنفور من معصيته، وأن يفكروا في الموت وما بعده من البعث والحساب والجنة والنار، ولعل واليا لم يؤثر عنه من الخطب الدينية ما أثر عن الحجاج، وكان دائما يقول: "أيها الناس إن الكف عن محارم الله أيسر من الصبر على عذاب الله"(44)، وللولاة من قبله وبعده مواعظ ترويها كتب الأدب والتاريخ(45).
وإذا كان هذا اللون من الخطابة قد شاع على ألسنة الخلفاء الأمويين، وولاتهم فإن خصومهم من الخوارج والشيعة كانوا لا يقلون عنهم دعوة إلى التقوى والورع، بل لعلهم كانوا يتقدمونهم، إذ لم يكن بأيديهم شيء من الدنيا، وكانوا يمزجون خطابتهم السياسية بالدين، وقد يجعلونها دينية خالصة، على نحو ما صنع قطري بن الفجاءة في موعظته المشهورة(46)، وشداد بن أوس أحد شيعة علي في موعظته بين يدي معاوية، وقد طلب إليه أن يتنقص عليا(47)، وتدور في كتب الأدب كلمات كثيرة لزيد بن علي بن الحسين، هي من بقايا خطبه(48)، وكان ينازعه جعفر بن حسن بن الحسن بن علي في الإمامة، فكان الناس يجتمعون ليسمعوا مجاوباتهما، ومجادلاتهما في أيهما الأحق بها(49).
غير أن هؤلاء جميعا لم يتخصصوا بالخطابة الدينية، ولم يعيشوا لها، وإنما الذي عاش لها هم القصاص والوعاظ، وقد نشأ القصص منذ عصر عمر بن الخطاب، فكان هناك قصاص يقصون في المساجد(50)، وآخرون يقصون في مقدمة الجيوش الفاتحة(51). واتسعت هذه الموجة اتساعا شديدا في عصر بني أمية، إذ استخدمها الدولة كما استخدمها خصومها في الدعوة السياسية، وقد أمر معاوية أن يكون ذلك مرتين في اليوم، مرة بعد صلاة الصبح، ومرة بعد صلاة المغرب(52)، وعين للقصاص مرتبات خاصة(53). وكان للخوارج قصاص كثيرون، أشهرهم صالح بن مسرح، وإن يخلط مواعظه وقصصه بالدعوة إلى الجهاد للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما يزال يذم الدنيا والتعلق بها.
وهؤلاء القصاص الرسميون كان يقابلهم قصاص من الناسكين العابدين من مثل الأسود بن سريع، وهو أول من قص بالبصرة(54)، ومثل زيد بن صوحان في الكوفة(55)، وعبيد بن عمير في المدينة(56)، وكان عبد الله بن عمر يحضر قصصه ووعظه، ومنهم إبراهيم التيمي وكان الناس ينتفضون أمامه انتفاض الطير(57)، وسعيد بن جبير، وكان يقص كل يوم مرتين بعد الفجر، وبعد العصر(58)، وذر بن عبد الله وكان من أبلغ الناس في القصص(59)، ومسلم بن جندب قاص مسجد الرسول صلى الله عليه و[آله] وسلم(60)، ومطرف بن عبد الله الشخير(61)، ويزيد بن أبان الرقاشي، وكان قاصا مجيدا، ومن قوله(62):
"ليتنا لم نخلق، وليتنا إذ خلقنا لم نعص، وليتنا إذ عصينا لم نمت، وليتنا إذ متنا لم نبعث، وليتنا إذ بعثنا لم نحاسب، وليتنا إذ حوسبنا لم نعذب، وليتنا إذ عذبنا لم نخلد".
وهو عم الفضل بن عيسى القصاص المشهور(63)، ومن كبار القصاص مالك بن دينار، وكان يقول في قصصه: "ما أشهد فطام الكبير"(64). ومن القصاص أيضا وهب(65)بن منبه.
وكان هؤلاء القصاص يمزجون قصصهم بالحديث عن الرسل والأنبياء والأمم الدائرة، كما كانوا يمزجونه بآي الذكر الحكيم، وأحاديث الرسول عليه السلام، وكان يجانبهم كثر من الزهاد الوعاظ مثل رجاء(66) بن حيوة والأوزاعي(67) في الشام، وسعيد(68) بن المسيب وأبي حازم(69) الأعرج سلمة بن دينار في المدينة، وعبد الله بن عمرو بن العاص في مصر(70)، وكان العراق يكتظ بهم، ومنهم ابن شيرمة(71) وأيوب السختياني(72) ومؤرق العجلي، وكان يقول: "ضاحك معترف بذنبه خير من باك مدل على ربه"(73). ومنهم بكر بن عبد الله المزني القائل: "أطفئوا نار الغضب بذكر جنهم"(74)، والشعبي(75) ومحمد بن واسع الأزدي، وكان يقول: "يعجبني أن يصبح الرجل، وليس له غداء، ويمسي وليس له عشاء، وهو مع ذلك راض عن الله"(76)، ومن الوعاظ المشهورين محمد بن كعب القرظي واعظ عمر بن عبد العزيز(77)، ومالك بن دينار(78)، والحسن البصري هو أكبر وعاظ العصر وقصاصيه، وكان الوعظ عليه أغلب، وله مواعظ كثيرة تدور في البيان والتبيين وعيون الأخبار، والعقد الفريد، وقد أفرد له ابن الجوزي كتابا ساق فيه وعظا كثيرًا، وهو لا يبلغ من الثقة به مبلغ المصادر السابقة. ونراه في وعظه دائم التذكير بالبعث، ويوم الحساب مكثرا من الحض على التقوى والعمل الصالح الذي يبقى. وهو يعرض ذلك في صورة من الخوف الشديد، والخوف من الجحيم، حتى لكأنه يراها بين عينيه، وكأن الناس واقفون على شفيرها، وهو يدعوهم أن يبتعدوا عنها مخالفة أن يهووا فيها وهم لا يشعرون، وفي أثناء ذلك يحثهم على التحلي بالفضائل فاتحًا عليهم من جهة أبواب النار، ومن جهة ثانية أبواب الرجاء، بل أبواب المحبة الإلهية. ونراه يغترف في مواعظه اغترافا من القرآن الكريم وآيه، فهو المنبع الذي يستمد منه وعظه وخوفه ورجاءه، وحزنه العميق، ولعله من أجل ذلك كان يقول: "والله يا ابن آدم لئن قرأت القرآن ثم آمنت به ليطولن في الدنيا حزنك، وليشدن في الدنيا خوفك، وليكثرن في الدنيا بكاؤك"(79).
وعلى هذا النهج نفسه نقرأ مواعظ الوعاظ من حوله التي تتناثر في الكتب الأدبية الآنفة الذكر، وكانوا كثيرا ما يلمون بمجالس الخلفاء والولاة، فيعظونهم ويبكونهم، ويحدثنا الرواة أن خالد بن صفوان، وشبيب بن شبية والفضل بن عيسى الرقاشي، وواصل بن عطاء تباروا في الوعظ بمجلس عبد الله بن عمر بن عبد العزيز حين ولي العراق، وكان ذلك في سنة 128 للهجرة، فبزهم واصل لطول خطبته؛ ولأنه جانب فيه يتجاهل الكلمات ذات الراء، للثغة كانت له فيها، فكان يتحاشاها في منطقه(80).
وخالد بن صفوان وشبيب بن شيبة هما اللذان يقول فيهما الجاحظ: "ما علمت أنه كان في الخطباء أحد كان أجود خطبا من خالد بن صفوان وشبيب بن شيبة، للذي يحفظه الناس، ويدور على ألسنتهم من كلامهم"(81)، ويقول في خالد: "ومن الخطباء المشهورين في العوام، والمقدمين في الخواص خالد بن صفوان.. ولكلامه كتاب يدور في أيدي الوراقين"(82)، وكان الفضل بن عيسى الرقاشي من أخطب الناس وكان متكلما، وكان قاصا مجيدا، وكان يجلس إليه عمرو بن عبيد وكثير من الفقهاء(83)، ولم يكن عمرو بن عبيد يقل عنه بلاغة وبيانا، أما واصل فلم يكن أبين ولا أجود لسانا منه، وكان يلثغ في الراء، فرام إسقاطها من كلامه، فلم يزل يكابد ذلك يناضله ويساجله، حتى تخلص من تلك الهجنة، وانتظم له ما حاول، حتى في محاجة الخصوم، وفي الكلام البديه المرتجل، ويعلل الجاحظ لذلك بأنه "كان داعية مقالة ورئيس نحلة، وأنه يريد الاحتجاج على أرباب النحل وزعماء الملل، وأنه لا بد له من مقارعة الأبطال ومن الخطب الطوال، وأن البيان يحتاج إلى سهولة المخرج، وجهارة المنطق وتكميل الحروف وإقامة الوزن، وأن حاجة المنطق إلى الحلاوة والطلاوة كحاجته إلى الجزالة، والفخامة وأن ذلك من أكثر ما تستمال به القلوب، وتثنى به الأعناق، وتزين به المعاني"(84)، فما زال يمرن نفسه على نفادي الكلمات ذات الراء، حتى تأتي له ذلك، واتسق له ما أراد.
ويقول الجاحظ: إن واصلا كان داعيه مقالة ورئيس نحلة، والمقالة التي يريدها هي مقالة الاعتزال، وهي نفسها النحلة، ويحدثنا صفوان الأنصاري في قصيدة مدحه بها، وأنشدها الجاحظ(85) أنه كان له دعاة خطباء يطوفون بأركان الأرض حتى يبلغوا الصين شرقا وبلاد البربر غربا، ويشيد ببيانهم، وفصاحتهم وما أوتوا من اللسن وبراعة القول وقوة الحجة.
ويلفتنا الجاحظ إلى ما كان ينهض به واصل من الاحتجاج على أرباب النحل وزعماء الملل، فقد كان يناظر أصحاب الديانات، وكان يناظر أصحاب النحل من جماعة المسلمين، ومن يقرأ في أخبار هذا العصر يعرف أن المناظرات كانت مشتعلة بين الفرق، اشتعلت أولًا بين الفرق السياسية، بين فرق الخوارج نفسها، ثم بينهم وبين الشيعة ومن يميلون إلى طاعة أولي الأمر من الأمويين، ثم اشتعلت بين أرباب الفرق الدينية التي كانت تبحث في العقيدة والإيمان وصفات الله. فكان هناك القدرية الذين قالوا بحرية الإرادة وعلى رأسهم الحسن البصري، وكان هناك الجبرية الذين يقولون بتعطيل إرادة الإنسان، وأنه مجبر لا حول له على ما يأتي من الأمر ولا قوة، وكان هناك المرجئة الذين يفصلون بين الإيمان والعمل، ولا يحكمون على مسلم في أعماله، بل يفوضون الحكم إلى ربهم، واحتدم الجدال بين هذه الفرق، كما احتدم بين الفقهاء في اجتهادهم، ومدى أخذهم بالقياس، فكان الفقهاء يتناقشون، وكان المتكلمون من أصحاب الفرق الدينية يتجادلون كما كان الخوارج، والشيعة والأمويون يتحاورون، كل يدافع عن رأيه، ويحاول أن يقنع به خصمه أو خصومه، وقد وصلتنا أخبار كثيرة عن تلك المحاورات، والمجادلات والمناقشات، فهم يروون أن الفقهاء كانوا يتناقشون في مجلس الشعبي(86)، وأن سليمان بن عبد الملك عقد مناظرة بين قتادة والزهري، فغلب الأول(87) كما غلب إياس بن معاوية عبد الله بن شبرمة في مناظرة طويلة، تناولت اثنين وسبعين سؤالا(88). وكثيرا ما كان الخوارج يتناظرون مع خصومهم في نظريتهم السياسية وأمور الدين(89)، وكذلك كان يصنع صنيعهم الشيعة، وخاصة مع المرجئة(90)، وكانت المناظرات بين المرجئة والجبرية والقدرية مشتعلة في مجالس الوعاظ، بل لقد وصل شررها إلى مجالس الخلفاء، إذ يروى أن عون بن عبد الله، وموسى بن كثير وعمر بن حمزة، وفدوا على عمر بن عبد العزيز وناظروه في الإرجاء(91)، كما يروى أنه ناظر غيلان، وصالح بن سويد في القدر(92)، وكذلك يروى أن الأوزاعي، وغيلان تناقشا فيه أيضًا أمام هشام بن عبد الملك(93)، وقد احتفظ المرتضى في أماليه بمناظرة واصل بن عطاء، وعمرو بن عبيد في مرتكب الكبيرة أمام الحسن البصري(94)، وكان الخوارج يكفرونه، بينما كان الحسن يدعوه مؤمنا فاسقا، وكان واصل يرى أنه في منزلة بين المنزلتين، وتناظر هو وعمرو بن عبيد في تلك المشكلة، واستطاع أن يقنعه بوجهة نظره.
ومن يرجع إلى تلك المناظرة يلاحظ أنها تبدو في أولها تطبيقا لأشكال القياس المنطقي، وهي كذلك في أثنائها وفي خاتمتها تستعين بالمنطق، ومما لا ريب فيه أن نفس الفكرة التي انتهى إليها واصل، وهي أن مرتكب الكبيرة في منزلة بين منزلتي المؤمن، والكافر فكرة دقيقة، لا يصل إليها إلا عقل دعم بالثقافة، وتعود النظر العميق، والنفوذ إلى دقائق الأفكار والمعاني.
وطبيعي أن نجد الجاحظ مفتونا أمام قدرة هؤلاء الخطباء الدينيين، فقد أشاد بهم في كل موضع من كتابه البيان والتبيين، وتحدث عن تصرفهم في الألفاظ، والأساليب وكيف صفوها، وروقوها ونخلوها نخلا، حتى لا ينطقوا إلا بلب اللب، وإلا بما عليه حلاوة ورشاقة، وسهولة وعذوبه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- ابن سعد ج7 ق2 ص5، والبيان والتبيين 1/ 243.
2-الطبري، القسم الثاني ص950، وابن الأثير "طبعة ليدن" 4/ 341.
3-خطط المقريزي 3/ 253، والولاة والقضاة الكندي "طبعة جيست" ص314؛ وقارن بالهامش في ص304.
4-البيان والتبيين 3/ 27، وما بعدها.
5-البيان والتبيين 2/ 126، والعقد الفريد 4/ 141، وعيون الأخبار 2/ 250.
6- البيان والتبيين 2/ 122، وانظر العقد الفريد 4/ 144، والأغاني 20/ 104.
7- البيان والتبيين 1/ 42.
8- نفس المصدر 1/ 343-347.
9- انظر في هؤلاء الخطباء نفس المصدر 2/ 364، وما بعدها.
10- الأغاني 20/ 98.
11- البيان والتبيين 1/ 46.
12- الطبري، القسم الثاني ص1961.
13- البيان والتبيين 1/ 314، وانظر خطبه في العقد الفريد 4/ 107.
14- البيان والتبيين 2/ 299، والعقد الفريد 4/ 135.
15- البيان والتبيين 1/ 48، وانظر 2/ 155.
16- البيان والتبيين 1/ 292، وانظر العقد الفريد 4/ 127.
17- البيان والتبيين 1/ 237، 1/ 333.
18- نفس المصدر 1/ 315-316.
19- البيان والتبيين 1/ 354-355.
20- نفس المصدر 1/ 358.
21-البيان والتبيين 1/ 96، وقارن 4/ 46 والعقد الفريد 4/ 31.
22-نفس المصدر 1/ 348، وانظر زهر الآداب 4/ 33.
23- البيان والتبيين 2/ 88.
24- دافة دفت: نازلة شديدة نزلت فاستأصلت ما بأيديهم، ويمكن أن يكون ذلك استعارة لفقراء البادية الذين أجدبوا ونزلوا بهم.
25-النابتة هنا: الصغار الناشئون، أما النائية، فيمكن أن يراد بهم الأضياف ينوبون القوم، وينزلون بهم.
26- البيان والتبيين 1/ 300، وانظر العقد الفريد 4/ 369 حيث روى طرفا من
تلك الخطب.
27- البيان والتبيين 2/ 191، وقارن بزهر الآداب 1/ 49.
28- البيان والتبيين 1/ 316.
29- نفس المصدر 1/ 399، 2/ 69.
30- البيان والتبيين 2/ 191-192.
31-البيان والتبيين 3/ 135.
32-نفس المصدر 2/ 34، 3/ 143، 3/ 170. وانظر عيون الأخبار لابن قتيبة 2/ 343، 2/ 370.
33-عيون الأخبار 1/ 341.
34- البيان والتبيين 1/ 118.
35-البيان والتبيين 1/ 300.
36- نفس المصدر 1/ 259-260، والعقد الفريد 2/ 464.
37- البيان والتبيين 1/ 350، وزهر الآداب 4/ 49، وعيون الأخبار 1/ 102.
38-البيان والتبيين 2/ 164.
39- البيان والتبيين 1/ 24.
40-انظر البيان والتبيين 1/ 404، 4/ 73 العقد الفريد 4/ 149، وعيون الأخبار 4/ 72.
41- البيان والتبيين 3/ 135، وانظر 1/ 105، 1/ 173.
42-انظر البيان والتبيين 2/ 90-92، وانظر العقد الفريد 4/ 4 وما بعدها والنزاع والتخاصم بين بني أمية، وبني هاشم للمقريزي.
43-البيان والتبيين 1/ 116، 3/ 6.
44- البيان والتبيين 1/ 387.
45- نفس المصدر 1/ 387 و2/ 143، والعقد الفريد 4/ 34 وما بعدها وعيون الأخبار 2/ 246، 1/ 251.
46-البيان والتبيين 2/ 126، وعيون الأخبار 2/ 250.
47- البيان والتبيين 4/ 69، وعيون الأخبار 1/ 55.
48- البيان والتبيين 1/ 353، وزهر الآداب 1/ 72.
49- البيان والتبيين 1/ 334، وانظر زهر الآداب 1/ 73.
50-طبقات ابن سعد 5/ 341.
51-أسد الغابة 5/ 216.
52- الولاة والقضاة الكندي ص304 في الهامش، وخطط المقريزي "طبعة بولاق" 2/ 253.
53- الولاة والقضاة ص 317.
54-ابن سعد ج7 ق1 ص28.
55-ابن سعد 6/ 84.
56-ابن سعد 5/ 341، والبيان والتبيين 1/ 367.
57-طبقات ابن سعد 6/ 199.
58- ابن سعد 6/ 180.
59-انظر العقد الفريد 3/ 198، وعيون الأخبار 2/ 298.
60-البيان والتبيين 1/ 367.
61- نفس المصدر 1/ 367، وصفة الصفوة 3/ 144، وعيون الأخبار 2/ 289.
62-البيان والتبيين 1/ 262.
61- البيان والتبيين 1/ 290، 306-308، وانظر الحيوان 7/ 204.
64- البيان والتبيين 1/ 120، وصفة الصفوة 3/ 197، وما بعدها.
65- انظر بعض قصصه الوعظي في عيون الأخبار 2/ 272-276، 2/ 28 -283، 2/ 328.
66- انظر صفة الصفوة 4/ 186.
67-صفة الصفوة 4/ 228.
68-صفة الصفوة 2/ 44.
69- عيون الأخبار 2/ 286، 2/ 330 والبيان والتبيين 3/ 143، والعقد الفريد 3/ 163.
70-عيون الأخبار 2/ 294.
71- البيان والتبيين 1/ 336، والعقد الفريد 3/ 150، 3/ 183.
72- انظر صفة الصفوة 3/ 212.
73- البيان والتبيين 2/ 198.
74- نفس المصدر 3/ 141.
75- البيان والتبيين 2/ 322، وصفة الصفوة 3/ 40.
76- العقد الفريد 3/ 170.
77- البيان والتبيين 3/ 143.
78- عيون الأخبار 1/ 54.
79- حلية الأولياء لأبي نعيم "طبعة الخانجي" 2/ 133.
80- البيان والتبيين 1/ 24.
81-نفس المصدر 1/ 317.
82- نفس المصدر 1/ 339-340.
83- البيان والتبيين 1/ 306.
84-نفس المصدر 1/ 14.
85- نفس المصدر 1/ 25.
86- البيان والتبيين 2/ 322.
87-البيان والتبيين 1/ 243.
88-ابن سعد ج7 ق2 ص5.
89- انظر مناظراتهم مع ابن عباس أول خروجهم، ومع ابن الزبير، ومع عمر بن عبد العزيز في العقد الفريد 2/ 388-403.
90-ابن سعد 6/ 192، والبيان والتبيين 3/ 350.
91-ابن سعد 6/ 218.
92-سرح العيون لابن نباتة ص184.
93- العقد الفريد 2/ 379.
94-أمالي المرتضى "طبعة الحلبي" 1/ 165.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|