المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
آخر المواضيع المضافة
أوقات فرائض اليوم والليلة أوقات صلاة الفرائض غير اليوم والليلة تحضير 2-فنيل امينو-5-معوضات-4،3،1-ثايادايازول 2-Phenylamino-5-substituted-1,3,4-thiadiazole الفعالية البايولوجية والتطبيقات الاخرى للترايازولات الترايازول الفعالية البايولوجية والتطبيقات الاخرى لمركبات-4،3،1-ثايادايازول الثايادايازول Thiadiazole الفعالية البايولوجية والتطبيقات الاخرى لمركبات 4،3،1-اوكسادايازول الاوكسادايازول Oxadiazole هل اللعن الوارد في زيارة الإمام الحسين عليه‌ السلام لبني أُمية قاطبة تشمل جيلهم إلى يومنا هذا ؟ وربما أنّ فيهم من تشيّع وليس له يد فيما حصل من هم الصحابة والخلفاء اللذين يستحقون فعلا اللعن ؟ الجهاز التناسلي الذكري في الدجاج الجهاز التنفسي للدجاج محاسبة المسؤولية في المصرف (الإدارة اللامركزية والعلاقات الإنسانية ـــ الإدارة اللامركزية في المصرف) أثر نظرية الظروف الاستثنائية على تحصيل أموال الدولة وتطبيقاتها في القانون المدني


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


أحوال عدد من رجال الأسانيد / محمد بن سنان (المقام الثاني).  
  
1026   09:44 صباحاً   التاريخ: 2023-04-16
المؤلف : أبحاث السيّد محمّد رضا السيستانيّ جمعها ونظّمها السيّد محمّد البكّاء.
الكتاب أو المصدر : قبسات من علم الرجال
الجزء والصفحة : ج1، ص 419 ـ 463.
القسم : الرجال و الحديث والتراجم / اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني /

المقام الثاني: في كلمات أصحابنا المتقدّمين في شأن محمد بن سنان وسائر ما يستدل به لوثاقته أو ضعفه.

ونتعرض أولاً لما قيل في قدحه، وممّن قدح فيه ــ كما قيل ــ تسعة من الأعلام المتقدّمين:

العَلَم الأول: الفضل بن شاذان، والمحكي عنه في ذلك نصوص ثلاثة:

الأول: ما حكاه الكشي (1) في إحدى تراجمه لمحمد بن سنان قائلاً: (قال محمد بن مسعود: قال عبد الله بن حمدويه: سمعت الفضل بن شاذان يقول: لا استحل أن أروي أحاديث محمد بن سنان).

الثاني: ما حكاه الكشي عقيب ما تقدم قائلاً: (وذكر الفضل في بعض كتبه أن من الكاذبين [الكذّابين] المشهورين ابن سنان، وليس بعبد الله).

الثالث: ما حكاه الكشي في ترجمة أبي سمينة (2)، حيث روى في حقه كلاماً عن علي بن محمد بن قتيبة النيشابوري عن الفضل بن شاذان ثم قال: (وذكر الفضل في بعض كتبه: الكذابون المشهورون أبو الخطاب ويونس بن ظبيان ويزيد الصائغ ومحمد بن سنان. وأبو سمينة أشهرهم).

وقد نوقش في الاستناد إلى هذه النصوص الثلاثة للقدح في وثاقة محمد بن سنان..

أمّا النص الأول فقيل:

أولاً: إنه مروي عن طريق عبد الله بن حمدويه، وهو لم يوثق. وأما ترحم الإمام (عليه السلام) عليه كما في بعض التوقيعات (3) فهو لا يقتضي مدحه بحيث يعتمد حديثه وإن بنى على ذلك المحدث النوري (رحمه الله) (4).

وأما ما ذكره الحر العاملي (5) من أنّ الكشي روى عن الرضا (عليه السلام) توثيقه ووكالته ومدحه فهو وهم كما يظهر بمراجعة المصدر.

وثانياً: إن مضمونه مخالف لما نص عليه الكشي (6) بنفسه من أن الفضل قد روى عن محمد بن سنان، فكيف يقول الفضل: (لا أستحل أن أروي أحاديث محمد بن سنان)؟!

وثالثاً: إنه وإن كان ظاهراً في عدم الاعتماد على روايات محمد بن سنان مما يقتضي الخدشة في الرجل نفسه. لأن المستفاد عرفاً من القول بأن فلاناً لا أستحل أن أروي أحاديثه هو الخدشة في وثاقته إما لتعمد الكذب أو لعدم الضبط.

ولكن الملاحظ أن الكشي نفسه حكى (7) عن أبي الحسن علي بن محمد بن قتيبة النيشابوري أنه قال: قال أبو محمد الفضل بن شاذان: (ردوا أحاديث محمد بن سنان) وقال: (لا أحل لكم أن ترووا أحاديث محمد بن سنان عني ما دمت حياً)، وأذن في الرواية بعد موته.

والمقطع الأول من هذه الحكاية باللفظ المذكور ظاهر في الطعن في محمد بن سنان ولكن نسخ الكشي مختلفة بشأنه، ففي بعضها كما ذكر، وفي بعضها الآخر (8): (ارووا أحاديث محمد بن سنان عني) فلا يمكن الاستدلال به على شيء.

وأما المقطع الأخير أي قوله: (لا أحل لكم..) فلا يوجد اختلاف في لفظه بين نسخ الكشي (9). وهو يدل على أن عدم ترخيص الفضل بن شاذان في رواية أحاديث محمد بن سنان عنه لم يكن من جهة عدم اعتبارها ليدل على الطعن في وثاقته بل من جهة أخرى وإلا لم يقيد ذلك بحال حياته، فإن الأحاديث غير المعتبرة لا قيمة لها على كل حالومنه يظهر أن ما أورده النجاشي (10) عن الكشي بقوله: (وذكر أبو عمرو في رجاله قال أبو الحسن علي بن محمد بن قتيبة النيشابوري: قال أبو محمد الفضل بن شاذان: لا أحل لكم أن ترووا أحاديث محمد بن سنان) ليس هو تمام ما كان في كتاب الكشي، بل إنه أغفل ذيله، كما أغفل صدره الذي مرَّ أن النسخ مختلفة فيه. وإغفال الذيل قد أضر بالمعنى، فإنه يظهر بالنظر إليه أن الفضل لم يكن يخدش في روايات محمد بن سنان، ليكشف ذلك عن خدشته في وثاقته، وإلا لما كان فرق في إيراد الروايات عنه في حال حياته أو بعد مماته، فالتفريق المذكور كاشف قطعي عن عدم قدح الفضل في محمد بن سنان. ولعله لما كان مرمياً بالغلو ــ كما سيأتي ــ لم يحب الفضل أن يعرف في حال حياته أن محمد بن سنان من مشايخه وأساتذته وممن روى عنه. وبما تقدّم يظهر أيضاً أن ما نقله عبد الله بن حمدويه عن الفضل بن شاذان من قوله: (لا أستحل أن أروي أحاديث محمد بن سنان) يختلف تماماً عما حكاه عنه تلميذه الآخر وهو علي بن محمد بن قتيبة النيشابوري، من حيث إن الأول يقتضي امتناع الفضل عن رواية أحاديث محمد بن سنان في حين أن مقتضى الثاني هو أنه رواها ولكن لم يأذن في نقلها عنه في حال حياته، وبين الأمرين بون شاسع. ومع ذلك كيف يمكن الاستناد إلى نقل عبد الله بن حمدويه في الخدش في وثاقة محمد بن سنان؟! إلا إذا بني على وثاقته وعدم وثاقة ابن قتيبة، ولكن مرّ أن وثاقته غير ثابتة. أقول: إن احتمال حذف النجاشي ذيل كلام الفضل ــ المغير لمعناه تماماً كما مرَّ ــ تدليس يجلّ عنه النجاشي، فإنه نظير أن ينقل الخطيب قوله تعالى: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ} من دون قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ سُكَارَى}.

وأمّا احتمال سقوط جملة (عني ما دمت حياً وأذن في الرواية بعد موته) من جميع نسخ النجاشي، فهو بعيد في حدّ نفسه. مضافاً إلى أن السقوط حيث إنه يقع سهواً فمن المستغرب أن يشمل كل الفقرة التي تكون مغيرة للمعنى بحيث لا يبقى منها شيء.

وهنا احتمال ثالث يبرز بالالتفات إلى أن نسخة النجاشي من كتاب الرجال للكشي كانت هي النسخة الكاملة وأما النسخة الموجودة بأيدينا منه فهي اختيار الشيخ منه. وهذه النسخة ــ كما يعرف الممارسون ــ لا تخلو من الخلط والتحريف ونحوهما، فيحتمل أن المقطع المذكور لم يكن في النسخة الأصلية من رجال الكشي ذيلاً لكلام الفضل بل متعلقاً بكلام غيره ولكن حصل خلط فألصق بكلام الفضل اشتباهاً، أو أنه أضافه بعض المراجعين لاختيار الشيخ بظن أنه يجمع به بين ما يلاحظ من رواية الفضل عن محمد بن سنان وقوله: إنه لا يحل أن تروى عنه أحاديث هذا الرجل.

ولكن الإنصاف أنّ هذا الاحتمال بكلا وجهيه بعيد أيضاً.

والحاصل: أنّ هناك تعارضاً بين نقلي الشيخ والنجاشي لكلام الفضل، ولا يعرف أيهما هو الصحيح. نعم ربما يقال: إن نقل النجاشي مقدم من حيث أنه مؤيد بنقل عبد الله بن حمدويه، فإنهما متقاربان في المضمون، ولكن هذا غير واضح، فإن التأييد المذكور ليس بحدّ يصلح للترجيح، فليتدبر.

فتحصل مما تقدم أنه لم يثبت ما يخالف حكاية عبد الله بن حمدويه أن الفضل بن شاذان قال: (لا استحل أن أروي أحاديث محمد بن سنان) ولكن يكفي في عدم صحة الاستناد إليها للطعن في محمد بن سنان عدم ثبوت وثاقة حاكيها.

وأما ما ذكر من أن مضمونها مخالف لما نص عليه الكشي من أن الفضل روى عن محمد بن سنان. فيمكن الجواب عنه بأن الظاهر أن مراد الفضل بقوله: (لا أستحل أن أروي أحاديث محمد بن سنان) هو أنه لا يستحل أن يرويها لتلامذته بعد أن تحملها عنه، أي أنه روى في البداية أحاديث محمد بن سنان عنه ثم لما تبيَّن له لاحقاً عدم تورعه في الحديث لم يستحل أن يرويها للآخرين.

ومهما يكن فإن النص الأول الذي حكاه ابن حمدويه عن الفضل بن شاذان الدال على القدح في محمد بن سنان مما لم يثبت، كما لم يثبت ما يخالفه مما حكاه عنه ابن قتيبة حسب نقل الشيخ (قدس سره).

وبذلك يظهر أنه لا محل لاستدلال البعض على وثاقة محمد بن سنان بالحكاية الثانية من حيث اشتمالها على تقييد عدم ترخيص الفضل في رواية أحاديث ابن سنان عنه بحال حياته.

مع أنها لو ثبتت فهي لا تدل على وثاقة الرجل فإن مجرد الترخيص في رواية أحاديثه لا يقتضي ذلك كما هو ظاهر.

هذا كله فيما يتعلق بالنص الأول.

وأما النص الثاني فقد نوقش في الاستدلال به على القدح في محمد بن سنان..

أولاً: بأن الذي حكاه عن بعض كتب الفضل هو عبد الله بن حمدويه، وقد مرّ أنه غير موثق فلا عبرة بحكايته.

وثانياً: أنه يظهر من قول الحاكي: (وليس بعبد الله) أن المراد بـ(ابن سنان) الذي ذكره الفضل هو ابن سنان بن طريف مولى قريش، لا أبو جعفر مولى زاهر الذي هو المبحوث عنه، ولذلك احتاج إلى التمييز حيث إن هناك ابنين (11) لسنان بن طريف: عبد الله الثقة الشهير، ومحمد، وله بعض الروايات في بعض المصادر (12)، فذكر أنه ليس المراد هو (عبد الله) في الإشارة إلى أن المراد أخوه (محمد) لا محمد بن سنان المبحوث عنه.

وثالثاً: أنه من المستبعد جداً أن يكون محمد بن سنان من الكذابين المشهورين، إذ كيف يكون كذلك، وله مئات الروايات في كتب أصحابنا، وقد روى عنه غير قليل من الأجلة، ومن يكون مشهوراً بأنه كذاب لا يكثر الأجلاء في الرواية عنه ولا تكثر رواياته في كتب الأصحاب.

وأما النص الثالث فقد نوقش في الاستدلال به:

أولاً: بأن الذي حكاه عن بعض كتب الفضل هو علي بن محمد القتيبي. ولكنه لم يوثق في كتب الرجال.

نعم قد استدل على قبول روايته بوجوه. ولكن سيأتي التعرض لها وتزييفها إن شاء الله تعالى (13).

ومن الغريب ما اعتمده المحقق التستري (قدس سره) (14) دليلاً على وثاقته، وهو أن الكشي ذكر في موضع من كتابه (15) أنه (حكى بعض الثقات بنيسابور أنه خرج لإسحاق بن إسماعيل من أبي محمد (عليه السلام) توقيع: ((يا إسحاق بن إسماعيل سترنا الله وإياك بستره..)))، وقد أورد الصدوق (قدس سره) (16) مقطعاً من هذا التوقيع نقلاً عن علي بن محمد عن الإمام العسكري (عليه السلام)، فيظهر أن المراد ببعض الثقات في كلام الكشي هو علي بن محمد المبحوث عنه.

وجه الغرابة: أن الراوي عن علي بن محمد في رواية الصدوق هو محمد بن يعقوب، فالمراد بالمروي عنه هو أحد أستاذي الكليني علي بن محمد بن بندار وعلي بن محمد بن إبراهيم الرازي، وليس علي بن محمد بن قتيبة النيشابوري.

ولم يكن ينبغي أن يخفى مثل هذا على المحقق التستري (قدس سره)، مع أن هناك شخصاً آخر يدعى بـ(علي بن محمد) من أهالي نيشابور يصلح أن يكون هو الراوي للتوقيع وهو علي بن محمد بن شجاع، الذي ذكره الكشي في بعض المواضع (17)، وعدَّه الشيخ (18) في أصحاب العسكري (عليه السلام) بعنوان (علي بن شجاع، نيسابوري).

وثانياً: بأن ابن داود (19) حكى عن الكشي أنه قال: (ذكر الفضل بن شاذان في بعض كتبه: أن الكذابين المشهورين أربعة: أبو الخطاب ويونس بن ظبيان ويزيد الصائغ وأبو سمينة أشهرهم) ولم يذكر ابن سنان، ولولا قوله: (أربعة) لكان من المحتمل سقوط هذا الاسم من قلم ابن داود أو من نسخة الكتاب الواصلة إلينا، ولكن مع التصريح بأن الكذابين أربعة فلا مجال لهذا الاحتمال، ومعه لا وثوق بكون ابن سنان ممن نص الفضل بن شاذان على كونه كذاباً.

وثالثاً: أنه قد مضى آنفاً أن من المستبعد جداً كون محمد بن سنان من الكذابين المشهورين كأبي الخطاب وأبي سمينة، فإن له مئات الروايات في كتبنا،

وروى عنه الأجلة من أصحابنا. والمشهور بأنه كذاب لا يكون كذلك.

هذا ما يمكن أن يناقش به الاستدلال على ضعف محمد بن سنان استناداً إلى النصين الثاني والثالث المحكيين عن الفضل بن شاذان اللذين مرجعهما إلى نص واحد.

ولكن يظهر الجواب عن المناقشات المذكورة بذكر أمور:

الأمر الأول: أنه لا يبعد أن يكون ظاهر ما حكاه الكشي في الموضعين من كتابه أن قائل قوله: (وذكر الفضل بن شاذان..) هو الكشي نفسه، أي ليس هو من تتمة حكاية عبد الله بن حمدويه في الموضع الأول وحكاية علي بن محمد القتيبي في الموضع الثاني حتى يناقش في اعتباره بعدم ثبوت وثاقتهما.

ويشهد لذلك وقوع النقل بمثل هذا في مواضع أخرى من كتاب الكشي، فقد قال في موضع (20): (ذكر أبو محمد الفضل بن شاذان في بعض كتبه أن من الكذابين المشهورين ابن بابا القمي)، وقال في موضع آخر (21): (ذكر الفضل بن شاذان في بعض كتبه أن من الكذابين المشهورين علي بن حسكة)، وقال في موضع ثالث (22): (ذكر الفضل بن شاذان في بعض كتبه أن من الكذابين المشهورين الفاجر فارس بن حاتم القزويني) وظاهر الجميع أن الكشي هو الناقل عن بعض كتب الفضل.

الأمر الثاني: أن لفظة (أربعة) المذكورة في النص المحكي عن الكشي في رجال ابن داود غير موجودة في الطبعتين الطهرانيّة والنجفيّة لهذا الكتاب (23)، وإنما هي موجودة في بعض المصادر الحاكية عنه كرجال السيد بحر العلوم (24) وفي بعض النسخ الخطية (25)، ولم يثبت صحتها. ولعلها من إضافة بعض النساخ، بل هذا الاحتمال قوي، ولا سيما مع اشتمال كافة نسخ اختيار معرفة الرجال على ذكر محمد بن سنان في جنب الأربعة الآخرين، حتى نسخة السيد ابن طاووس كما يظهر من ملاحظة التحرير الطاووسي (26).

وبالجملة: المظنون قوياً أنّ لفظة (أربعة) المذكورة في بعض نسخ رجال ابن داود حشو من بعض النساخ، ويؤكد ذلك ما مرَّ آنفاً من أن هناك رجالاً آخرين قد عدَّهم الفضل بن شاذان من الكذابين المشهورين كما نقل ذلك الكشي نفسه، فلا يناسب حصرهم هنا في أربعة رجال فقط.

هذا مضافاً إلى ما هو المعروف من وجود الكثير من الغلط والتصحيف والسقط والتحريف في رجال ابن داود، فلا يمكن الاستناد إليه في مقابل بقية المصادر التي حكي فيها ما نقله الكشي باللفظ الأول.

الأمر الثالث: أن ما ورد في النص الثاني المتقدم يحتمل وجهين:

الأول: أن الذي كان مذكوراً في كلام ابن شاذان في عداد الكذابين المشهورين هو (ابن سنان) بهذا العنوان، والتصريح بأنه (ليس بعبد الله) إنما هو من الناقل، وذلك لدفع توهم أن المراد به عبد الله بن سنان الثقة المعروف.

ولكن لم تكن حاجة إليه، فإن جلالة عبد الله بن سنان معروفة، وأما أخوه محمد فهو شخص مغمور ليس له ذكر معتد به في الروايات، فلا يحتمل أن يكون هو المراد بـ(ابن سنان) فيتعين أن يكون المراد به هو محمد بن سنان المبحوث عنه.

الثاني: أن الذي كان مذكوراً في كلام ابن شاذان هو (محمد بن سنان)، وقد حذف الكشي اسمه اختصاراً، ولكن الشيخ أضاف قوله: (ليس بعبد الله)، دفعاً لتوهم كونه هو المراد به، وقد مرَّ أنه لم تكن حاجة إلى هذا التوضيح.

وهذا الوجه هو الذي يظهر من الشيخ أبي المعالي الكرباسي (قدس سره) (27).

ولكنه قد يستبعد، لأن مقتضاه أن الشيخ (قدس سره) قد أضاف إلى كلام الكشي فقرة توضيحية من دون الإشارة إلى كونه إضافة منه.

اللهم إلا أن يقال: إن نظير هذا قد ورد في موضع آخر، حيث ذكر (28) في ذيل ترجمة الفضل بن شاذان قوله: (وقيل: إن للفضل مائة وستين مصنفاً، ذكرنا بعضها في كتاب الفهرست)، وهذه العبارة من الشيخ (قدس سره)، ومثلها قوله في ترجمة أبي يحيى الجرجاني (29): (ذكرناها نحن في كتاب الفهرست ونقلناها من كتابه) بعد قول الكشي: (وسنذكر بعض مصنفاته فإنها ملاح).

وبالجملة: لا محل لاستبعاد أن يكون قوله: (وليس بعبد الله) من إضافات الشيخ (قدس سره)، بل لعل هذا أقرب مما ذكر في الوجه الأول، لأن مقتضى ذلك الوجه هو أن يكون لفظ (محمد) المذكور في النص الثالث زيادة من الكشي. وهي أبعد من الاختصار الذي هو مقتضى الوجه الثاني، فإنه متداول عندهم، فليتأمل.

الأمر الرابع: قال السيد الأستاذ (قدس سره) (30) ــ تعقيباً على ما قيل من أنه كيف يكون محمد بن سنان من الكذابين المشهورين ويروي عنه الأجلاء؟! ــ: (وأما رواية الأجلاء عمن هو معروف بالكذب والوضع فليست بعزيزة، فقد روى عن محمد بن علي الكوفي الصيرفي أبي سمينة غير واحد من الأجلاء ــ على ما يأتي في ترجمته ــ كأحمد بن أبي عبد الله، ووالده محمد بن خالد، ومحمد بن أبي القاسم ماجيلويه، ومحمد بن أحمد ابن داود، ومحمد بن أحمد بن خاقان، وغيرهم).

أقول: أما أحمد بن أبي عبد الله البرقي فقد صرح في ترجمته أنه كان يكثر الرواية عن الضعفاء وإن كان ثقة في نفسه (31)، وأما والده محمد بن خالد فقد نصّ النجاشي (32) على أنه كان ضعيفاً في الحديث وفسّر بما ذكره ابن الغضائري (33) من أنه كان يروي عن الضعفاء كثيراً ويعتمد المراسيل.

وأما محمد بن أبي القاسم ماجيلويه فهو وإن كان ثقة كما ذكر النجاشي (34) ولكن يبدو أنه كان متأثراً بأبي زوجته البرقي في الرواية عن الضعفاء. وأما محمد بن أحمد بن داود فهو متأخر طبقة ولا يروي عن أبي سمينة مباشرة، وأما محمد بن أحمد بن خاقان فهو إنما روى عن محمد بن علي في موضع من الكافي (35) ولم يعلم أن المراد به أبو سمينة ولعل المقصود به هو محمد بن علي بن إبراهيم الهمداني الذي بنى السيد الأستاذ (قدس سره) (36) على مغايرته لأبي سمينة، مع أن الرجل لم تثبت وثاقته فضلاً عن جلالته فإنه وإن وثقه العياشي (37) ولكن قال النجاشي (38): إنه مضطرب، وقال ابن الغضائري (39): إنه ضعيف يروي عن الضعفاء.

وبالجملة: ليس فيمن رووا عن أبي سمينة غير واحد من الأجلاء ــ كما أفيد ــ بل بعض الثقات الذين عرفوا بالرواية عن الضعفاء.

وأما من رووا عن محمد بن سنان ففيهم عدد غير قليل من أجلاء الطائفة كيونس بن عبد الرحمن والحسن بن علي بن فضال وأحمد بن محمد بن عيسى وأيوب بن نوح والحسن والحسين ابني سعيد ومحمد بن إسماعيل بن بزيع ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ومحمد بن عبد الجبار والفضل بن شاذان وإبراهيم بن هاشم والحسن بن علي الوشاء وعلي بن الحكم وابن أبي نجران وعمرو بن عثمان. وقد ذكر الكشي جمعاً من هؤلاء فيمن روى عن محمد بن سنان ثم قال (40): (وغيرهم من العدول والثقات من أهل العلم). ورواية كل هؤلاء عمن يفترض أنه كان من الكذابين المشهورين بعيد.

أي أنه وإن لم يمكن جعل روايتهم عنه دليلاً على وثاقته ــ كما رامه البعض ــ لأن رواية الأجلاء عن الضعفاء متداولة، نعم إكثار الرواية عنهم يعدّ عيباً عند الرجاليين، ولذلك أشير في ترجمة البعض ــ كأحمد بن محمد بن خالد وغيره ــ أنه أكثر الرواية عن الضعفاء.

وبالجملة: رواية عدد كبير من الأجلاء عن محمد بن سنان وإن لم تدل على وثاقته ولكنها تصلح دليلاً على أنه لم يكن مشهوراً بكونه من الكذابين، فإن المشهور بذلك ممن لا يروي عنه جمهرة من الأجلاء بل أقصى الأمر أن يروى عنه واحد أو اثنان منهم. هذا بالإضافة إلى أنه لا توجد للكذابين المشهورين روايات كثيرة في كتبنا، فكيف صار لابن سنان هذا العدد الوافر من الروايات؟!

ولكن يمكن أن يجاب عن هذا البيان بأن اشتهار محمد بن سنان بكونه كذاباً إن كان واقعاً ــ كما ذكر في كلمات الفضل بن شاذان ــ فهو إنما كان في أواخر أمره. وإلا فمن المعلوم أن الفضل بنفسه قد تلقى الحديث عنه، ومن المستبعد جداً تلقيه عنه وهو مشهور بذلك.

والملاحظ أن الذين رووا عن ابن سنان من الأجلاء على قسمين: قسم من أقرانه من الطبقة السادسة كـيونس بن عبد الرحمن والحسن بن علي بن فضال وعلي بن أسباط والحسن بن محبوب وعلي بن الحكم (41)، وقسم من الطبقة السابعة المتأخرة عنه كالفضل بن شاذان ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب وأحمد بن محمد بن عيسى وأضرابهم.

أما القسم الأول فالمظنون قوياً أن روايتهم عنه كانت قبل اشتهاره بالكذب، ولعله بالنسبة إلى بعضهم كان من قبيل شيخ الإجازة، فإن رواية الشخص عمن في طبقته أمر غير متعارف ولا تقع عادة إلا بسبب خاص، كما لو لم يستطع اللقاء بصاحب الكتاب ــ لأنه كان يسكن في بلد آخر لم يتيسر له السفر إليه ــ فاعتمد على أقرانه في النقل عنه، أو أنه نقل عنه واقعة معينة لم يشهدها هو، ونحو ذلك. نعم أحداث كل طبقة يروون عن كبارها (42).

والملاحظ لروايات يونس بن عبد الرحمن عن محمد بن سنان يجد أنها تنتهي إلى العلاء بن فضيل (43)، فيحتمل أنه لما لم يتيسر ليونس اللقاء بالعلاء كي يروي عنه كتابه مباشرة وكان محمد بن سنان يدعي روايته إياه رواه يونس عنه عن العلاء لئلا يكون نقله عنه من دون سند إليه.

ولعل الحال كذلك فيما ورد من رواية الحسن بن علي بن فضال وعلي بن الحكم وعلي بن أسباط والحسن بن محبوب عن محمد بن سنان عن بعض أصحاب الصادق (عليه السلام) وهي موارد قليلة (44).

وأما القسم الثاني فيمكن أن يقال: إن منهم من لم يكن يعتقد بكذبه، ولا يبعد أن أحمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب كانا كذلك، ولعله اعتماداً على ما ورد من مدحه في رواية أبي طالب القمي المتقدمة. ولا يستغرب اعتقاد بعض الأجلاء بوثاقة بعض الكذابين، كما لوحظ

ذلك بالنسبة إلى جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الذي كان كذاباً يضع الحديث حسب ما حكاه النجاشي (45) عن ابن الغضائري، ومع ذلك قال الشيخ (46): إنه (ثقة، ويضعفه قوم) بالرغم من إقراره بأنه نقل في مولد القائم أعاجيب!!

وقد تعجب النجاشي من رواية الجليلين ابن همام وأبي غالب الزراري عنه مع ما كان عليه من ممارسة الكذب والوضع، ولكن لا بد أن يكون ذلك لاعتقادهما ببراءته منها. وبالجملة: اعتقاد بعض الأجلاء بسلامة ابن سنان مما كان مشهوراً به من الكذب غير غريب ولا سيما مع ما حكي عن الإمام الجواد (عليه السلام) في أواخر عمره الشريف في مدح الرجل كما مرّ.

هذا حال بعض من روى عنه من الطبقة السابعة، والظاهر أن البعض الآخر ممن روى عنه في البداية قد ترك ذلك لاحقاً عند انكشاف أمره، ومن هؤلاء الفضل بن شاذان وأيوب بن نوح. ولعل ما يوجد من روايات قليلة لهما عنه في مصادرنا إنما هي مما أدرجوه في كتبهم قبل ذلك ولم يتيسر لهما انتزاعها منها لاحقاً.

والمتحصل مما تقدم أنه ليس هناك ما يشهد بوضوح على خلاف ما نسب إلى الفضل بن شاذان من عدّ ابن سنان من الكذابين المشهورين.

هذا مع أنه لو فرض حصول الاطمئنان بأنه لم يكن منهم فأقصى ما يقتضيه ذلك هو أن يكون كلام الفضل مبنياً على ضرب من المبالغة، فيؤخذ بأصل ما يستفاد منه من ممارسته للكذب ويترك ما يدل عليه زيادة على ذلك. وأما عدم الاعتداد به أصلاً والبناء على كون ابن سنان من الثقات الأجلاء ــ كما رامه جمع من المتأخرين ــ فهو مما لا سبيل إليه.

فظهر بما تقدم أن القدح في وثاقة محمد بن سنان استناداً إلى النصين الثاني

والثالث المحكيين عن الفضل بن شاذان ــ اللذين مرّ أن مرجعهما إلى نص واحد ــ تام بمقتضى الصناعة.

العَلَم الثاني: أيوب بن نوح، وله في ذلك نصان:

الأول: ما حكاه الكشي قائلاً (47): قال حمدويه: كتبت أحاديث محمد بن سنان عن أيوب بن نوح، وقال: (لا أستحل أن أروي أحاديث محمد بن سنان).

الثاني: ما حكاه الكشي أيضاً قائلاً (48): ذكر حمدويه بن نصير أن أيوب بن نوح دفع إليه دفتراً فيه أحاديث محمد بن سنان فقال لنا: (إن شئتم أن تكتبوا ذلك فافعلوا، فإني كتبت عن محمد بن سنان، ولكن لا أروي لكم أنا عنه شيئاً، فإنه قال قبل موته: كلما حدثتكم به لم يكن لي سماع ولا رواية (49) وإنما وجدته).

ويظهر من النص الثاني أن السبب في عدم استحلال أيوب بن نوح أن يروي أحاديث محمد بن سنان ــ كما ورد في النص الأول ــ هو أن محمد بن سنان تلقاها على سبيل الوجادة.

وقد نوقش في كون ما ذكر موجباً للقدح في محمد بن سنان من جهات:

الجهة الأولى: أن اعتماد الوجادة في نقل الروايات مما اختلف في جوازه وعدمه، والعديد من العلماء قد أجازوه، فهو لا يوجب قدحاً في الراوي، بل ولا قدحاً في اعتبار مروياته إذا كان ما رواه من الكتب المعروفة ونحوها مما يعلم صحة انتسابها إلى أصحابها.

الجهة الثانية: أنه لا يحتمل أن تكون جميع مرويات ابن سنان بالوجادة، فإنه كان من أصحاب ثلاثة من الأئمة (عليهم السلام) ولديه روايات كثيرة عنهم، وكذلك لقي الكثيرين من أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام)، فكيف لا يكون قسماً من رواياته بالقراءة أو السماع أو المناولة ونحوها؟! فما حكاه ابن نوح كلام غير قابل للتصديق ولعله قصد دفتراً معيناً من أحاديثه.

الجهة الثالثة: أن هذا الكلام ليس قابلاً للتصديق من جهة أخرى، وهي أنه كيف اختص أيوب بن نوح بالاطلاع على أن روايات ابن سنان إنما كانت بالوجادة ولم يطلع على ذلك سائر الأجلة الآخرين الذين رووا عنه؟! مع أن أيوب بن نوح بنفسه قد روى عنه كما نجده في موارد في جوامع الحديث (50)، فإذا كانت جميع رواياته بالوجادة فكيف سوّغ لنفسه أن يروي عنه ولو البعض منها؟!

ويمكن الجواب عما ذكر في الجهة الأولى بأن من روى عنهم محمد بن سنان كتبهم وأحاديثهم هم في الغالب من الطبقة الخامسة، أي من كانوا من أحداث أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) الذين أصبحوا من بعده أصحاباً لولده الكاظم (عليه السلام).

والمذكور في المصادر أن كتب هؤلاء وأحاديثهم كانت معرضة للدس والتحريف من قِبل الوضّاعين والكذابين وفي مقدمتهم الغلاة. فقد روى الكشي (51) بإسناده عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس بن عبد الرحمن أن بعض أصحابنا سأله أي يونس ــ وأنا حاضر فقال: يا أبا محمد ما أشدك في الحديث وأكثر إنكارك لما يرويه أصحابنا، فما الذي يحملك على رد الأحاديث؟ فقال: حدثني هشام بن الحكم أنه سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ((لا تقبلوا علينا حديثاً إلا ما وافق القرآن والسُنَّة أو تجدون معه شاهداً من أحاديثنا المتقدمة. فإن المغيرة بن سعيد (لعنه الله) دسَّ في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها أبي)).. إلى أن قال: قال يونس: وافيت العراق فوجدت بها قطعة من أصحاب أبي جعفر (عليه السلام)، ووجدت أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) متوافرين، فسمعت منهم وأخذت كتبهم. فعرضتها من بعدُ على أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، فأنكر منها أحاديث كثيرة أن تكون من أحاديث أبي عبد الله (عليه السلام). وقال لي: ((إنّ أبا الخطاب كذب على أبي عبد الله (عليه السلام)، لعن الله أبا الخطاب، وكذلك أصحاب أبي الخطاب يدسّون هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) )).

وروى الكشي (52) أيضاً عن يونس عن هشام بن الحكم أنه سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ((كان المغيرة بن سعيد يتعمد الكذب على أبي، ويأخذ كتب أصحابه. وكان أصحابه المتسترون بأصحاب أبي يأخذون الكتب من أصحاب أبي، فيدفعونها إلى المغيرة فكان يدسّ فيها الكفر والزندقة ويسندها إلى أبي. ثم يدفعها إلى أصحابه ويأمرهم أن يبثّوها في الشيعة. فكلما كان في كتب أصحاب أبي من الغلو فذاك ما دسّه المغيرة بن سعيد في كتبهم)).

هذا بعض ما يرسم لنا صورة الأوضاع في العصر الذي تلقى فيه محمد بن سنان الحديث.

وبذلك يظهر أن اعتماده في رواية الأحاديث على الوجادة (53) كان خطأً فاحشاً في ذلك العصر، لشيوع الدسِّ والتزوير في كتب الأصحاب، فلم يكن تجوز روايتها على سبيل الوجادة، بل كان لا بد من القراءة أو السماع أو المناولة ونحو ذلك، تحرزاً مما دُسَّ أو زور.

ولكن محمد بن سنان ارتكب ذاك الخطأ الفاحش، بل لعله كان خطيئة صدرت منه مع سبق الالتفات، وقد اعترف بها في آخر حياته.

وبذلك يعرف أن ما صنعه يضر باعتبار رواياته، ولا أثر لاعترافه المتأخر حتى لو كان في سياق الندم والتوبة عما صنع، فإن العبرة بوثاقة الراوي حينما يحدث. وأما إذا كان مدلساً عند ذاك ثم تاب ورجع فلا تمنح توبته الاعتبار لرواياته السابقة التي دلس فيها. هذا فيما يتعلق بالجواب عما ذكر في الجهة الأولى.

ويمكن الجواب عما ذكر في الجهة الثانية بأن مقصود ابن سنان بـ(ما حدثتكم به) هو خصوص ما رواه عن الرجال، إذ هي التي تتأتى فيها الرواية بالوجادة. وأما ما رواه عن الأئمة (عليهم السلام) ــ وما بأيدينا منه عدد قليل من الروايات لا تبلغ العشرات ــ فهو خارج عن مورد اعترافه.

وأما القول بأنه لقي الكثيرين من أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) فكيف تكون جميع رواياته عنهم على سبيل الوجادة فيمكن الخدش فيه بأنه لا سبيل إلى الاطمئنان بأنه لقي الكثيرين من أصحابه (عليه السلام)، إذ لا دليل عليه إلا روايته عنهم، فإذا كانت على سبيل الوجادة ــ حسب اعترافه ــ فكيف يمكن التأكد من لقائه الكثيرين منهم. فلعله غشَّ زملاءه وتلامذته عندما ادعى أنه يروي كتب أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) عنهم وهو في واقع الحال قد وجدها في السوق أو عند بعضهم فأخذها ورواها من دون أن يلتقي بمؤلفيها.

ويبدو أن الرجل لم يكن همّه أحاديث الحلال والحرام ليصرف وقته في تلقيها بالسماع أو القراءة أو نحوهما، بل كان همه غيرها من الغرائب. ولذلك روي عنه في بعض الأخبار (54) أنه كان يقول: (من يريد المعضلات فإليَّ، ومن أراد الحلال والحرام فعليه بالشيخ ــ يعني صفوان بن يحيى ــ)، وقد غرم به جمع من الغلاة ومن ينحو نحوهم، منهم القاسم بن الربيع الصحاف وأحمد بن هلال العبرتائي وبكر بن صالح والحسن بن علي بن أبي عثمان وصالح بن أبي حماد وعبد الرحمن بن حماد ومحمد بن الجمهور ومحمد بن علي الصيرفي أبي سمينة ومحمد بن الحسن بن شمون ومحمد بن عبد الله بن مهران، وغيرهم من الضعفاء وأهل الغلو والارتفاع المسمين بالطيارة.

ويمكن الجواب عما ذكر في الجهة الثالثة بأن الذين أكثروا الرواية عن محمد بن سنان على قسمين:

قسم من الأجلاء كأحمد بن محمد بن عيسى والحسين بن سعيد ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، ولا يبعد أن يكون اعتماد هؤلاء في الرواية عنه على ما ورد في مدحه عن الإمام أبي جعفر الجواد (عليه السلام)، ولم يكن قد بلغهم اعترافه المتأخر بما صنعه في كيفية نقل الأحاديث. أو أنه قد بلغهم ذلك، ولكنهم برّروه بنحو ما برّره بعض المتأخرين مما مرَّ آنفاً.

وقسم هو إما ضعيف في نفسه، وإما أنه ممن لا يتورع عن النقل عن الضعفاء واعتماد المراسيل ولا يهمه كون الرواية مروية على سبيل الوجادة، ومن هؤلاء محمد بن خالد البرقي ومحمد بن علي الصيرفي الكوفي والحسن بن الحسين اللؤلؤي.

وأما الآخرون الذي رووا عن محمد بن سنان كيونس بن عبد الرحمن وأيوب بن نوح والفضل بن شاذان وابن أبي نجران وأضرابهم فروايات كل واحد منهم لا تبلغ أصابع اليد الواحدة فيما يوجد بأيدينا من المصادر. ولعلهم نقلوا تلك الروايات في كتبهم قبل أن يبلغهم اعترافه بما صنع قبيل وفاته، وقد فاتهم انتزاعها من مؤلفاتهم لاحقاً لانتشارها أو لنحو ذلك.

فالمتحصل مما تقدم أن الخدش في اعتبار روايات محمد بن سنان استناداً إلى ما ذكره أيوب بن نوح تام بمقتضى الصناعة.

العَلَم الثالث: ابن عقدة. فقد ذكر النجاشي (55) في ترجمة محمد بن سنان ما نصه: (وقال أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد: إنه ــ أي محمد بن سنان ــ روى عن الرضا (عليه السلام). قال: وله مسائل عنه معروفة، وهو رجل ضعيف جداً لا يعوّل عليه، ولا يلتفت إلى ما تفرد به. وقد ذكر أبو عمرو في رجاله، قال أبو الحسن علي بن محمد بن قتيبة النيشابوري قال: قال أبو محمد الفضل بن شاذان: لا أحل أن ترووا أحاديث محمد بن سنان..).

وقد وقع الخلاف بين الأعلام (قدّس الله أسرارهم) في أن قوله: (وهو رجل ضعيف جداً.. لا يلتفت إلى ما تفرد به) هل هو تتمة لكلام أبي العباس، وعلى ذلك يكون ابن عقدة ممن ضعّف ابن سنان وقدح فيه. أو أنه من كلام النجاشي، وقد استشهد بعده بكلام الفضل المحكي في رجال الكشي. فلا يصح عدّ ابن عقدة من القادحين في ابن سنان؟ استظهر جمع الوجه الأول، أي كون القدح من ابن عقدة، ثم ناقش بعضهم في الاعتماد على قدحه قائلاً: إنه زيدي لم يتجلّ له مقام الأئمة المتأخرين (عليهم السلام) بما يناسب روايات ابن سنان الذي رماه الخاصة بالغلو لأجلها، فمن القريب جداً أن يكون تضعيفه له لأجل ذلك لا لعثوره على وضعه الحديث بنحو ينافي الوثوق به ليصح الاعتماد على شهادته أو اجتهاده.

وهذه المناقشة ليست بشيء، فإن ابن عقدة وإن كان زيدياً جارودياً، إلا أن الأصحاب أكدوا على عظم محله وثقته وأمانته، حتى قال الشيخ (56): إن (أمره في الثقة والجلالة وعظم الحفظ أشهر من أن يذكر)، وقال تلميذه النعماني (57) في ضمن كلام له: (هذا الرجل ممن لا يطعن عليه في الثقة ولا في العلم بالحديث والرجال الناقلين له). ومثله لا يمكن أن يقدح في راوٍ بمثل التعابير المذكورة لمجرد روايته أحياناً ما يخالف عقيدته ومذهبه.

وبعبارة أخرى: إن من يتصدى لجرح الرواة من مذاهب مخالفة لمذهبه إذا لم يكن على درجة عالية من الحياد والموضوعية فإنه لا يمكن أن يوصف بالعظمة والجلالة والثقة والأمانة في كلمات أصحاب تلك المذاهب المخالفة، كما وصف به هذا الرجل في كلمات أصحابنا.

وبالجملة: لو أمكن استظهار أن التضعيف المذكور في كلام النجاشي إنما هو من ابن عقدة فلا سبيل إلى الخدش في الاعتماد عليه من جهة ما ذكر.

ولكن الصحيح عدم تمامية الاستظهار المذكور، بل لا يبعد أن يكون التضعيف من النجاشي، فإن المتتبع لكتابه لا يرى فيما نقله عن ابن عقدة مورداً واحداً أورد فيه قدحاً له في بعض الرواة، بل كل ما نقله إما يتعلق ببيان طبقاتهم ومن رووا عنه، أو ما يتعلق برواية كتبهم. نعم ذكر في ترجمة داود بن

زربي (58) أنه (روى عن أبي عبد الله (عليه السلام)، ثقة، ذكره ابن عقدة)، فربما يستظهر منه كون التوثيق صادراً من ابن عقدة. وأيضاً ذكر في ترجمة محمد بن إسماعيل بن بزيع (59) أن ابن عقدة قال: إنه سأل عنه علي بن الحسن بن فضال، فقال: (ثقة ثقة عين).

وكلا الموردين ــ كما يلاحظ ــ يتعلق بالتوثيق لا التضعيف.

وكذلك العلامة (قدس سره) حكى عن ابن عقدة في موارد كثيرة من الخلاصة (60)، ويبدو أنه كان لديه بعض كتبه الرجالية (61)، أو أنه وجد النقل عنه في تلك الموارد في كتاب أستاذه (حلّ الإشكال) فاعتمده فيها.

والملاحظ أن تلك الموارد تشتمل أيضاً في جميعها على المدح والتوثيق وليس فيها ما يتضمن القدح إلا مورد واحد (62) حكى فيه الطعن في داود بن عطاء المدني عن بعضهم ولم يطعن هو فيه.

نعم حكى في مورد آخر (63) عن ابن الغضائري عن ابن عقدة أنه قال في

الحضين بن المخارق إنه كان يضع الحديث، ولكن يبدو أن هذا الرجل كان من الزيدية (64)، فلم يكن طعن ابن عقدة فيمن يخالفه في المذهب.

العَلَم الرابع: الكشي. فقد عدَّ محمد بن سنان من الغلاة في كلام له (65) بشأن رجال بعض الأسانيد. وورد اتهامه بالغلو في كلام المفيد (66) وابن الغضائري (67) أيضاً، وهو الذي يظهر من الشيخ في الفهرست (68) حيث استثنى من رواية كتبه ورواياته ما كان فيها من (تخليط أو غلو)، فإنه يشير إلى أنه كان صاحب غلو تمثل في كتبه ورواياته.

ولكن ربما يظهر مما عقب به النجاشي على خبر بنان الآتي عدم كونه غالياً، فليلاحظ.

وكيف كان فقد نوقش في القدح في محمد بن سنان بالغلو من وجهين..

الوجه الأول: أن أصل كونه من الغلاة غير ثابت، إذ لم يرد ذلك إلا في كلام الكشي وابن الغضائري بصورة جزمية. وأما المفيد فقد قال إنه متهم بالغلو، وكم من متهم بأمر وهو منه بريء. والشيخ إنما ذكر اشتمال بعض كتبه ورواياته على الغلو، وهو لا يدل على كونه معتقداً بها.

وبالجملة: من حَكَم بكون ابن سنان غالياً اثنان الكشي وابن الغضائري، ولكن الثاني ممن لا يعتدّ بجرحه ــ كما ذكره غير واحد ــ لأنه متسرع في القدح والطعن في الرواة.

وأما الكشي فحكمه على ابن سنان بكونه غالياً منافٍ لما مرَّ من الأخبار التي رواها بنفسه في مدح الرجل وبراءته مما اتّهم به. وقد أشار في ترجمة الفضل بن شاذان (69) إلى مضمون بعضها وهو ما دلَّ على أن الإمام (عليه السلام) رضي عن محمد بن سنان بعد أن قال فيه ما قال، بحيث يظهر منه اعترافه بصحة هذا المضمون، فكيف يقول بعد ذلك أن الرجل غالٍ؟!

ومما يدل على عدم غلوه ما حكاه الكشي (70) قائلاً: (وجدت بخط أبي عبد الله الشاذاني أني سمعت العاصمي يقول: إن عبد الله بن محمد بن عيسى الأسدي الملقب ببنان قال: كنت مع صفوان بن يحيى بالكوفة في منزل، إذ دخل علينا محمد بن سنان، فقال صفوان: هذا ابن سنان لقد همَّ أن يطير غير مرة فقصصناه حتى ثبت معنا)، فإن المقصود بالطيران هو الغلو، ولذلك كانوا يسمون الغلاة بالطيارة. وقد علق النجاشي (71) على هذه الحكاية بأنه يدل على اضطراب كان وزال.

ومما يشير أيضاً إلى براءته من الغلو ما رواه السيد ابن طاووس (72) بإسناده عن الحسين بن أحمد المالكي قال: (قلت لأحمد بن هليل (73) الكرخي: أخبرني عما يقال في محمد بن سنان من أمر الغلو. فقال: معاذ الله، هو والله علمني الطهور، وحبس العيال، وكان متقشفاً متعبداً).

وهذه الرواية كما تدل على نفي الغلو عن محمد بن سنان تدل أيضاً على ما كان يستلزمه الغلو عندهم من ترك الصلاة وعدم الاهتمام بحفظ العِرض والشرف.

ونحوها في الدلالة على هذا المعنى ما ذكره الكشي (74) من أنه سأل محمد بن مسعود العياشي عن أحوال عدد من الرجال، فقال في ضمن جوابه: (وأما علي بن عبد الله بن مروان فإن القوم ــ يعني الغلاة ــ يمتحنون في أوقات الصلاة، ولم أحضره في وقت صلاة). ومثله ما ذكره النجاشي وابن الغضائري (75) في ترجمة محمد بن أورمة من أن القميين رموه بالغلو حتى دُسَّ عليه من يفتك به، فوجده يصلي من أول الليل إلى آخره فتوقفوا عنه.

فهذه النصوص تشير إلى أنه كان معنى الغلو عندهم هو الاعتقاد بكفاية معرفة الأئمة (عليهم السلام) في النجاة يوم القيامة، ولا حاجة إلى الإتيان بالصلاة والصيام ولا غيرهما من الفرائض، كما لا ضير في ممارسة المحرمات حتى ما يمسّ العِرض والشرف!

وأما ما يوجد في كلمات بعضهم من تفسير الغلو برواية الأحاديث المتضمنة لمقامات الأئمة (عليهم السلام) فهو تفسير غير مطابق لما يستفاد من الروايات وكلمات الأصحاب كما نبه على ذلك غير واحد منهم المحقق التستري (طاب ثراه) (76).

الوجه الثاني: أنه لو سُلِّم كون محمد بن سنان غالياً بالمعنى المذكور فهو لا ينافي وثاقته في خبره، وهي المهم عندنا. ويظهر من الكشي الذي اتهمه بالغلو أنه يرى الاعتماد على روايته، فإنه قال في ترجمته (77): (وقد روى عنه ــ أي عن محمد بن سنان ــ الفضل وأبوه ويونس ومحمد بن عيسى العبيدي.. وغيرهم من العدول والثقات من أهل العلم) وهذا الكلام قد ذكره في سياق مدح الرجل وقبول خبره، فهو يدل على أن غلوه لا يمنع من الاعتماد على رواياته وهو المطلوب.

أقول: يمكن المناقشة في كلا الوجهين المذكورين:

أما الوجه الأخير فبأن الغلو لا ينفك عادة عن الكذب، أولاً من جهة أن الغالي بالمعنى المتقدم يبيح المحرمات، ومن أهونها عنده الكذب. وثانياً من جهة

أن الغالي لا يمكنه الاستغناء عن الكذب في تثبيت مذهبه وترويجه، كما هو واضح لمن تتبع أحوال كبار الغلاة في كتب الرجال، حيث يلاحظ أنهم يكذبون على الأئمة (عليهم السلام) وينسبون إليهم الغرائب والأعاجيب دعماً لعقائدهم الفاسدة، وعلى ذلك يكاد يكون الجمع بين كون الرجل غالياً وكونه ثقة جمعاً بين متنافيين.

وأما ما ذكر من أنه يظهر من الكشي إمكان الاعتماد على روايات محمد بن سنان بالرغم من كونه غالياً فهو غير صحيح، فإنه ذكر الكلام المتقدم تعقيباً على ما نقله عن بعض كتب الفضل بن شاذان من أن ابن سنان من الكذابين المشهورين، وما نقله عن القتيبي من أن الفضل قال: (لا أحل لكم أن ترووا أحاديث محمد بن سنان). فأراد بما ذكر المناقشة في كون محمد بن سنان من الكذابين المشهورين من جهة أنه لو كان كذلك لما نقل عنه جمع كبير من الثقات والعدول، وكذلك المناقشة فيما حكاه القتيبي عن الفضل من جهة أنه لا ينسجم مع ما ثبت من رواية الفضل عن محمد بن سنان، فهو كان بصدد المناقشة في الأمرين المذكورين، وغاية ما يظهر منه هو عدم الإقرار بكون محمد بن سنان من الكذابين المشهورين وأما وثاقته وقبول رواياته فلا دلالة فيما ذكره على ذلك بوجه. هذا فيما يتعلق بالوجه الثاني.

وأما الوجه الأول فيمكن المناقشة فيه بأن الخدش في اعتبار كلام ابن الغضائري بدعوى أنه متسرع في الجرح والقدح في غير محله، فإن الرجل آية في الدقة ــ كما نبه على ذلك المحقق التستري (طاب ثراه) (78) ــ وقد برأ أناساً قدح فيهم الآخرون، منهم محمد بن أورمة الذي اتهمه القميون بالغلو فبرأه من هذه التهمة (79)، ومنهم أحمد بن الحسين بن سعيد الذي قال القميون إنه كان غالياً فردّ عليهم بأن حديثه فيما رأيته سالم (80). ومنهم أحمد بن محمد بن خالد البرقي حيث طعن فيه القميون، وقال هو (81): إن الطعن ليس فيه بل فيمن يروي عنه.

وبالجملة: إن كلمات ابن الغضائري في أحوال الرجال معتبرة، كما أن كتابه معتبر على التحقيق، وقد أوضحت ذلك في موضع آخر (82)، فليراجع.

وأما الخدش في اعتبار كلام الكشي فهو أيضاً في غير محله، فإنه نصّ ــ من غير تردد ــ على أن محمد بن سنان غالٍ، ومجرد إيراد بعض الروايات الدالة على عدم غلوه لا يقتضي التزامه بمضمونها.

وأما الكلام الذي ذكره في ترجمة الفضل بن شاذان فهو مشوش في النسخ الموجودة بأيدينا من الكتاب، ولم يتأكد هل أنه كان بنحو ظاهر في مجرد أنه قد ورد في الفضل مثل ما ورد في محمد بن سنان، أو أنه كان بنحو ظاهر في تصديق ذلك، أي أن الإمام (عليه السلام) قد رضي عن الفضل بعد ما قدح فيه كما رضي عن ابن سنان بعد أن قدح فيه. فلا يمكن أن يجعل كلامه المذكور شاهداً على خلاف ما نصّ عليه في موضع آخر من الطعن في ابن سنان بالغلو.

وأما الخبر الذي حكاه عن خط الشاذاني فليس معتبراً والأشبه بالاعتبار ما رواه (83) عن محمد بن مسعود قال حدثني علي بن محمد القمي عن أحمد بن محمد بن عيسى قال: (كنا عند صفوان بن يحيى فذكر محمد بن سنان، فقال: إن محمد بن سنان كان من الطيارة فقصصناه).

وهذا الخبر يدل على أن محمد بن سنان كان من الغلاة مدة من الزمن، ثم تمكن صفوان من تغيير عقيدته وهدايته إلى الصواب.

ولكن يظهر من السيد ابن طاووس (84) أنه بنى على أن رجوع ابن سنان عن الغلو لم يكن واقعياً بل إنما كان يظهر ذلك لصفوان تقية ومداراة، ولعل هذا هو أيضاً مبنى ما نص عليه الكشي من أنه كان غالياً مع روايته للخبر المذكور، فليتدبر. هذا وأما خبر الحسين بن أحمد المالكي الذي رواه السيد ابن طاووس (قدس سره) فهو ــ بالإضافة إلى ضعفه سنداً ــ مروي عمن هو متهم بالغلو، وهو أحمد بن هلال، فكيف ينفى الغلو عن محمد بن سنان بشهادة متهم بالغلو؟!

والحاصل أن نفي الغلو عن محمد بن سنان بعد ما ذكره الكشي وابن الغضائري مؤيداً بما أفاده المفيد والشيخ صعب جداً.

العَلَم الخامس: ابن داود القمي. وقد تنبه إلى كونه ممن طعن في محمد بن سنان ونبّه على ذلك في بعض محاضراته الفقهية سيدي الأستاذ الوالد (دامت بركاته).

وابن داود هذا هو محمد بن أحمد بن داود بن علي القمي، قال النجاشي (85): (شيخ هذه الطائفة وعالمها وشيخ القميين في وقته وفقيههم. حكى أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله ــ الغضائري ــ أنه لم يرَ أحداً أحفظ منه ولا أفقه ولا أعرف بالحديث). وهو من مشايخ شيخنا المفيد، وقد روى عنه حين التقى به في بغداد، فإنه ــ أي ابن داود ــ ورد بغداد وأقام بها وحدّث، ومات سنة ثمان وستين وثلاثمائة. ودفن بمقابر قريش كما قال النجاشي.

وقد ألف جملة من الكتب، منها (كتاب الرد على ابن قولويه في الصيام) كما ذكره النجاشي (86) وموضوعه هو هل أن شهر رمضان كامل لا يصيبه النقصان أبداً ــ كما ذهب إليه بعض الفقهاء المتقدمين ــ أم أنه كسائر الشهور يصيبه النقصان؟ وقد ذهب ابن قولويه إلى القول الأول، وصنف رسالة في ذلك. فردَّ عليه معاصره ابن داود القمي برسالة ينتصر فيها للقول الثاني.

وألف شيخنا المفيد أولاً رسالة في الرد على ابن داود القمي انتصاراً لأستاذه الآخر جعفر بن محمد بن قولويه، وكان ذلك في سنة ثلاثمائة وثلاث وستين ــ أي عندما كان في السابعة والعشرين من عمره الشريف ــ فإنه من مواليد سنة ثلاثمائة وست وثلاثين ــ واسم هذه الرسالة هو (لمح البرهان في كمال شهر رمضان) (87).

ثم لما تقدم في العلم وتنبه إلى خطأ القول بكمال شهر رمضان دائماً ومجافاته لثوابت علم الفلك ألفّ رسالة أخرى سماها بمصباح النور في علامات أوائل الشهور في الردّ على القول المذكور انتصر فيها لأستاذه ابن داود القمي.

وقد حكى السيد ابن طاووس في أوائل كتاب فلاح السائل كلاماً للمفيد بشأن محمد بن سنان أورده في رسالة (لمح البرهان) يظهر منه أن ابن داود القمي كان قد طعن في كتابه في الرد على ابن قولويه في الصيام في وثاقة محمد بن سنان والاعتماد على رواياته.

قال (قدس سره) (88): (سمعت من يذكر طعناً على محمد بن سنان لعله لم يقف على تزكيته والثناء عليه، وكذلك يحتمل أكثر الطعون. فقال شيخنا المعظم المأمون المفيد محمد بن محمد بن النعمان في كتاب كمال شهر رمضان ما هذا لفظه: على أن المشهور عن السادة (عليهم السلام) من الوصف لهذا الرجل ــ أي محمد بن سنان ــ خلاف ما به شيخنا ــ أي ابن داود ــ أتاه ووصفه، والظاهر من القول ضد ما له به ذكر، كقول أبي جعفر (عليه السلام) كما رواه القمي قال دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) في آخر عمره فسمعته يقول: جزى الله محمد بن سنان عني خيراً فقد وفّى لي، وكقوله (عليه السلام) في ما رواه علي بن الحسين بن داود قال: سمعنا أبا جعفر (عليه السلام) يذكر محمد بن سنان بخير ويقول: رضي الله عنه برضائي عنه فما خالفني ولا خالف أبي قط. هذا مع جلالته في الشيعة وعلو شأنه ورياسته وعظم قدره، ولقائه من الأئمة (عليهم السلام) ثلاثة وروايته عنهم، وكونه بالمحل الرفيع منهم أبو إبراهيم موسى بن جعفر وأبو الحسن علي بن موسى وأبو جعفر محمد بن علي (عليهم أفضل السلام)، ومع معجزة أبي جعفر (عليه السلام) الذي أظهرها الله تعالى وآيته التي أكرمه بها فيما رواه محمد بن الحسين بن أبي الخطاب أن محمد بن سنان كان ضرير البصر فتمسح بأبي جعفر الثاني (عليه السلام) فعاد إليه بصره بعد ما كان افتقد).

فيظهر من هذا المقطع الذي حكاه ابن طاووس عن كتاب لمح البرهان في كمال شهر رمضان للمفيد (قدس سره) أن محمد بن أحمد بن داود القمي كان من القادحين في محمد بن سنان، وهو ما بنى عليه المفيد (قدس سره) لاحقاً في كتابه مصابيح النور الذي اختصره في جواب أهل الموصل كما سيأتي.

ومن الغريب أن المحدث النوري (قدس سره) (89) فهم أن المقطع المذكور الذي أورده السيد ابن طاووس إنما هو من كلام نفسه، مع أنه للمفيد بحسب ظاهر العبارة، ويؤكده أن السيد ابن طاووس قال في كتاب الإقبال (90): إن المفيد (قدس سره) قد ذكر في كتاب كمال شهر رمضان محمد بن سنان وبالغ في الثناء عليه وروى في ذلك حديثاً يعتمد عليه.

ولعلّ المحدث النوري لمّا كان ذهنه مسبوقاً بأن المفيد (قدس سره) قد طعن في محمد بن سنان في رسالته التي ألفها في عدد أيام شهر رمضان توهم أن المقطع المتقدم الذي ورد في فلاح السائل إنما هو من السيد ابن طاووس في الرد على المفيد، مع أنه من المفيد في الرد على محمد بن أحمد بن داود القمي.

وكيف كان فإنا وإن لم نطلع على نص ما طعن به ابن داود القمي في ابن سنان، ولكن يكفينا إجماله وهو عدم الاعتماد على رواية الرجل، ولموقف ابن داود هذا أهمية خاصة لأنه كان من كبار نقاد الأحاديث كما نصّ على ذلك المحققون.

العَلَم السادس: الشيخ المفيد، حيث قال في رسالته في جواب أهل الموصل (91): محمد بن سنان مطعون فيه، لا تختلف العصابة في تهمته وضعفه، وما كان هذا سبيله لم يعمل عليه في الدين.

وقال في رسالة المسائل السرويّة (92): (إن الأخبار بذكر الأشباح تختلف ألفاظها وتتباين معانيها وقد بنت الغلاة عليها أباطيل كثيرة، وصنفوا كتباً لغوا فيها ــ إلى أن قال: ــ من جملتها كتاب سموه كتاب الأشباح والأظلة، ونسبوا

تأليفه إلى محمد بن سنان. ولسنا نعلم صحة ما ذكروه في هذا الباب عنه، فإن كان صحيحاً فإن ابن سنان قد طعن عليه، وهو متهم بالغلو، فإن صدقوا في إضافة هذا الكتاب إليه فهو ضال بضلاله عن الحق، وإن كذبوا فقد تحملوا أوزار ذلك).

والملاحظ أن الشيخ المفيد (قدس سره) وإن شكك هنا في نسبة كتاب الأظلة إلى محمد بن سنان، إلا أن النجاشي (93) ذكره في عداد كتبه ورواه عنه بطريق صحيح، فليلاحظ. هذا ولا إشكال في أن ما ذكره المفيد (قدس سره) في جواب أهل الموصل والمسائل السروية متأخر عما ذكره في مدح ابن سنان في كتابه لمح البرهان. ولكن الملاحظ أنه قد وثقه في كتاب الإرشاد حيث عدَّه مع آخرين من خاصة الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) وثقاته، وأهل الورع والعلم والفقه من شيعته. ولذلك قيل إن كلمات المفيد مضطربة فلا يمكن الأخذ بها.

ولكن يلاحظ على هذا أمران:

الأمر الأول: أن من المعلوم أن الشيخ المفيد (قدس سره) كان يرى وثاقة محمد بن سنان حين تأليفه رسالة لمح البرهان، ومن المعلوم عدوله عن هذا الرأي عند تأليفه رسالة مصباح النور وتحرير أجوبة مسائل أهل الموصل والمسائل السروية اللتين أرجع فيهما إلى مصباح النور.

وأما تأليفه لكتاب الإرشاد فإن كان متقدماً على تأليف رسالة مصباح النور والرسالتين الأخريين فالتوثيق المذكور فيه معدول عنه ولا عبرة به. وأما إن كان متأخراً عن تأليفها فلا محالة تكون العبرة بما ورد فيه ــ أي في كتاب الإرشاد ــ من التوثيق. ولكن هذا الاحتمال الثاني ضعيف، إذ لا يناسب شأن ومكانة شيخنا المفيد (قدس سره) أن يعدل إلى القول بوثاقة محمد بن سنان بعد أن كان قد عدل عن القول بها إلى القول بضعفه، فإنه يقتضي أن يكون عدوله إلى القول بضعفه مبنياً على عدم استقصاء أدلة وثاقته وترجحها على أدلة ضعفه، وهو بعيد. مع أن كلاً من التضعيف والتوثيق قد ورد في كلامه (قدس سره) مقروناً بالتأكيد عليه والتعبير عنه بأبلغ العبارات مما يبعّد احتمال العدول بعد العدول، فليتأمل.

إن قيل: ولكن قد ذكر في بداية بعض النسخ المخطوطة للإرشاد أنه (قدس سره) أجاز رواية هذا الكتاب لبعض تلامذته في سنة أربعمائة وإحدى عشرة، أي قبل وفاته بسنتين. ومن المطمأن به أن تأليف رسالة مصباح النور والرسالتين الأخريين وعدوله عن القول بالعدد كان متقدماً على هذا التاريخ بكثير. وعليه يكون الرأي الأخير له هو الالتزام بوثاقة محمد بن سنان.

كان الجواب عنه أن إجازته رواية كتاب الإرشاد في ذلك التاريخ لا تقتضي بقاؤه على رأيه في كل ما ذكره فيه كما هو عادة المؤلفين من عدم إعادة النظر غالباً في مؤلفاتهم السابقة عند إجازة روايتها للآخرين.

بقي هنا أمر، وهو أنه لو شك في أن تأليف كتاب الإرشاد هل كان متقدماً على تأليف رسالة مصباح النور أو متأخراً عنه، فلا إشكال في أنه لا يؤخذ عندئذٍ بالتوثيق الوارد في كتاب الإرشاد، إذ لا محرز لبقائه عليه. ولكن هل يؤخذ بالتضعيف الوارد في رسالة مصباح النور أو لا؟

في هذا بحث، وإجمال الكلام فيه هو أنهم اختلفوا في تعاقب الحالتين، أي فيما إذا علم حدوث أمرين وارتفاع الأول منهما بالثاني ــ كالحدث والوضوء ــ وشك في المتقدم والمتأخر منهما هل يكون ذلك مجرى للاستصحاب أو لا؟ وفيه قولان مشهوران..

أحدهما: جريان الاستصحاب في الجانبين، سواء كان أحدهما مجهول التاريخ والآخر معلوم التاريخ، أو كانا مجهولي التاريخ. إلا أنه حيث يتعارض الاستصحابان فإنهما يتساقطان ويصل الأمر إلى الأصول الأخرى.

ثانيهما: جريان الاستصحاب في معلوم التاريخ، وعدم جريانه في مجهول التاريخ مطلقاً، فلو كان كلا الجانبين مجهول التاريخ لم يجرِ الاستصحاب في أي منهما بل يرجع إلى الأصول الأخرى.

وفي مقابل هذين القولين قول ثالث ذهب إليه المحقق الحلي (قدس سره) ــ وقد تبعه عليه في الجملة بعض الأعلام (طاب ثراه) (94) في رسالته في الاستصحاب ــ وهو أنه لا مانع من استصحاب الحالة المضادة للحالة السابقة على الحالتين إذا كانت معلومة.

وتوضيح ذلك: أنه إذا كان الشخص قد خرج منه البول وأتى بالوضوء وشك في المتقدم والمتأخر منهما، ولكن علم أنه كان نائماً قبل ذلك، فالحالة السابقة على الحالتين معلومة وهي حالة حدث النوم، ففي مثل ذلك ذكر المحقق الحلي (قدس سره) (95) أنه يجرى استصحاب بقاء الطهارة، لأنها الحالة المضادة للحالة السابقة المعلومة، وهي حالة الحدث الناشئ من النوم.

والوجه في جريانه هو العلم بزوال حدث النوم بالطهارة اللاحقة فلا محل لاستصحابه، وأما خروج البول فحيث لا يحرز وقوعه قبل الوضوء أو بعده فلا علم بكونه موجباً للحدث حتى يمكن استصحاب بقائه، وأما الوضوء فكونه موجباً للطهارة متيقن وإنما الشك في زوالها للشك في صدور حدث البول بعده فلا مانع من استصحاب بقائها في مثل ذلك. وفصَّل بعض الأعلام (طاب ثراه) فالتزم بعدم جريان الاستصحاب في مجهول التاريخ إذا كان موافقاً للحالة السابقة المعلومة وجريانه في الجانب الآخر المخالف للحالة السابقة.

وعلى هذا القول الثالث ــ بوجهيه ــ يمكن في المقام استصحاب بقاء الشيخ المفيد على تضعيفه لمحمد بن سنان في رسالة مصباح النور.

والوجه فيه: أنه قد وثق ابن سنان في رسالة لمح البرهان، ولكن من المعلوم عدوله عنه لاحقاً، وأما توثيقه في كتاب الإرشاد فلا يعلم هل أنه كان قبل تأليفه لمصباح النور الذي ضعّف فيه ابن سنان أو بعده، فعلى الأول لا أثر له، إذ لا يحمل معنى جديداً بل يكون تكراراً للتوثيق الصادر منه في رسالة لمح البرهان، وعلى الثاني يكون عدولاً عن تضعيفه إياه في رسالة مصباح النور، وحيث لا يعلم كونه متقدماً على التضعيف أو متأخراً عنه فلا علم بكونه مؤثراً حتى يستصحب بقاؤه عليه، بخلاف التضعيف في رسالة مصباح النور، فإنه يعلم بكونه عدولاً عما سبقه من التوثيق، وحيث إنه يشك في بقائه عليه فلا مانع من استصحاب ذلك.

ولكن هذا البيان ضعيف، فإنه مضافاً إلى الخدش في أصل القول المذكور ــ كما ذكر في محله من علم الأصول ــ من جهة أنه لا حاجة في جريان استصحاب الحدث حال خروج البول ــ في المثال المتقدم ــ إلى إحراز كون خروجه موجباً للحدث، بل يكفي إحراز وجود الحدث آنذاك سواء بسبب خروج البول أو بسبب آخر وهو النوم السابق عليه.

يمكن أن يقال: إنه لو تم البيان المذكور فإنما يتم في مثال الحدث والطهارة ونحوه حيث لا يكون لخروج البول بعد النوم من دون تخلل الطهارة أي أثر في ما يتعلق بالطهارة عن الحدث، وأما في المقام فإن التوثيق المذكور في الإرشاد حتى لو فرض كونه بعد التوثيق الوارد في رسالة لمح البرهان من دون تخلل التضعيف بينهما في رسالة مصباح النور فهو مما يترتب عليه الأثر من حيث إنه يعبّر عن التزام المفيد آنذاك بوثاقة محمد بن سنان فلا مانع من استصحاب بقائه عليه عند الشك في عدوله عنه، ولا محل لقياس المقام بمثال الحدث، فإن النوم ــ مثلاً ــ يوجب الحدث ولا يرتفع الحدث الحاصل بسببه إلا بالطهارة اللاحقة وإلا فهو باقٍ على حاله، ولا أثر لتجدد النوم أو خروج البول ونحو ذلك لاحقاً قبل تحصيل الطهارة. وأما توثيق محمد بن سنان الصادر من المفيد (قدس سره) في رسالة لمح البرهان فهو يعبر عن رأيه في وثاقة الرجل في حين صدوره منه، وبقاؤه على هذا الرأي منوط ببقاء مقدماته في أفق نفسه فلو اختلَّ شيء منها زال رأيه فلا أثر للتوثيق المذكور. وعلى ذلك فإن التوثيق المذكور في الإرشاد يكون معبراً عن رأيه في وثاقة محمد بن سنان في حين صدوره منه سواء أتخلل بينهما التضعيف المذكور في رسالة مصباح النور أم لا.

والحاصل: أنه لو شك في كون التوثيق الوارد في الإرشاد متقدماً على التضعيف المذكور في رسالة مصباح النور أو متأخراً عنه فلا سبيل إلى التمسك بشيء منهما، فليتدبر.

الأمر الثاني: أنه لو ثبت أن توثيق الإرشاد متأخر عن التضعيف المذكور في رسالة مصباح النور، إلا أن في اعتبار التوثيق المذكور في حدِّ ذاته إشكالاً كسائر التوثيقات الواردة في كتاب الإرشاد، كما نبّه على ذلك المحقق الشيخ محمد (96) حفيد شيخنا الشهيد الثاني (قُدِّس سرُّهما) وقد أوضحته في موضع آخر، فليراجع.

العَلَم السابع: أحمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائري، فإنه قال في ترجمة محمد بن سنان (97) ــ كما حكاه السيد ابن طاووس في حل الإشكال (98) على ما انتزعه منه المولى عبد الله التستري (قدس سره) ــ: (ضعيف، غالٍ، يضع الحديث، لا يلتفت إليه).

ونقل المولى عبد الله التستري عن حلِّ الإشكال أنه حكي عن ابن الغضائري في ترجمة ذريح المحاربي كلاماً آخر تضمن تضعيف ابن سنان أيضاً، وهو قوله (99): (روى أبو سعيد سهل بن زياد الآدمي ــ وهو ضعيف ــ حديثاً ضعيفاً، وأنه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن أخبار جابر فقال: إِله عن أخبار جابر، فإنها إذا وقعت إلى السفلة أذاعوها. وليس هذا من المدح أو الذم في طائل مع أن طريقه ضعيف، لأن صاحب الكتاب قال: وروى محمد بن سنان عن عبد الله بن جبَلة الكناني عن ذريح المحاربي عن أبي عبد الله (عليه السلام) ).

واستناداً إلى هذا النقل نسب السيد الأستاذ (قدس سره) (100) إلى ابن الغضائري تضعيف محمد بن سنان في ترجمة ذريح المحاربي.

ولكن الصحيح أن الكلام المتقدم إنما هو للسيد ابن طاووس صاحب (حلّ الإشكال)، وقد ذكره في التعليق على بعض ما أورده الكشي من الأحاديث في ترجمة ذريح.

والدليل على ذلك هو أن المحقق الشيخ حسن صاحب المعالم (قدس سره) قد أورده في كتابه (التحرير الطاووسي)، الذي انتزع فيه ما ذكره السيد ابن طاووس في كتاب حل الإشكال بشأن الروايات الواردة في كتاب الكشي، ونص عبارته هكذا (101): (ذريح المحاربي لم أجد ما يوصف فيه من مدح له طائل، أو ذم في هذا الكتاب ــ أي في كتاب الرجال للكشي ــ.

أما في المدح فالذي رأيت فيه أن داود الرقي حكى لأبي الحسن الرضا (عليه السلام) عنه حديثاً فقال: صدق. وليس هذا مدحاً في الصدق عاماً. وصورة السند خلف بن حماد عن أبي سعيد عن الحسن بن محمد بن أبي طلحة عن داود الرقي. وتردد ابن الغضائري في خلف بن حماد، وذكر أن أمره مختلط، وأبو سعيد إن يكن سهل بن زياد الآدمي فهو ضعيف.

وحديثاً آخر في معناه أنه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن أخبار جابر فقال: إِله عن أخبار جابر فإنها إذا ألقيت إلى السفلة أذاعوها. وليس هذا من المدح أو الذم في طائل، مع أن طريقه ضعيف، لأن صاحب الكتاب قال: وروى محمد بن سنان عن عبد الله بن جبَلة الكناني عن ذريح المحاربي عن أبي عبد الله (عليه السلام) ).

فيلاحظ أن ما نسبه المولى عبد الله التستري إلى ابن الغضائري نقلاً عن حل الإشكال هو في الحقيقة من كلام السيد ابن طاووس نفسه. والسبب في هذا الاشتباه هو أن نسخة حل الإشكال التي كانت بخط ابن طاووس كانت موجودة في مكتبة الشهيد الثاني (قدس سره) في جبل عامل، وقد انتزع منها ولده المحقق الشيخ حسن كتابه التحرير الطاووسي، وأشار (102) إلى أنه قد أصابها تلف في أكثر المواضع. والمولى عبد الله التستري الذي قضى شطراً من عمره في جبل عامل رأى تلك النسخة وانتزع منها كتاب ابن الغضائري، وكان قد أصابها تلف أكثر بحيث أصبحت قريبة من الاندراس ــ كما صرح بذلك بنفسه (103) ــ فاشتبه الأمر عليه في جملة من الموارد، فخلط بين ما هو من كلام ابن الغضائري وبين ما هو من كلام غيره. وما نحن فيه من تلك الموارد حيث يبدو أنه وجد كلمة (الغضائري) في قول السيد ابن طاووس (وتردد ابن الغضائري..)، وكان ما قبلها تالفاً وكذلك بضع كلمات مما بعدها فتوهم كون الكلام المذكور صادراً من ابن الغضائري، فأعاد صياغته بالنحو المتقدم ونسبه إليه.

ويبدو أنه (طاب ثراه) لم يكن ملتفتاً إلى أسلوب كل من ابن الغضائري والسيد ابن طاووس في كتابيهما، فإن المتنبه إلى أسلوبهما يعرف أن الكلام المذكور إنما هو للثاني دون الأول. هذا وقد أشرت إلى جملة أخرى من الموارد التي وقع فيها المولى التستري في اشتباهات مماثلة لما تقدم في بحثي حول رجال ابن الغضائري، فمن شاء فليراجع (104).

ثم إنّ هناك كلاماً آخر لابن الغضائري بشأن محمد بن سنان ذكره في ترجمة زياد بن المنذر أبي الجارود قائلاً (105): (إن أصحابنا يكرهون ما رواه محمد بن سنان عنه، ويعتمدون ما رواه محمد بن بكر الأرجني).

وربما يقال: إن هذا الكلام يدل على عدم كون محمد بن سنان معتمداً عند الأصحاب. ولكن يحتمل أن يكون الوجه في ذلك أمراً آخر، وهو أن أبا الجارود كان قد تغيَّر لما خرج زيد (رضوان الله عليه) ــ كما نصَّ على ذلك النجاشي ــ ومحمد بن بكر الأرجني كان قد تلقى منه الحديث قبل تغيره بخلاف محمد بن سنان، فإنه تلقاه منه بعد تغيّره، ولذلك اعتمد الأصحاب على ما رواه عنه الأرجني دون ما رواه محمد بن سنان، لا لخدشة في وثاقة محمد بن سنان نفسه، فليتدبر.

والمتحصل مما تقدم أن المستند في كون محمد بن سنان ضعيفاً عند ابن الغضائري هو ما تقدم في النص الأول عن كتابه.

وقد مرَّ قريباً أن الطعن في نسبة الكتاب إليه في غير محله، كما أن الخدش في اعتبار تضعيفاته من جهة أنه متسرع فيها غير تام.

العَلَم الثامن: الشيخ الطوسي (قدس سره)، حيث قال عند عدّه في أصحاب الرضا (عليه السلام) (106): (ضعيف)، وقال في التهذيبين (107): (محمد بن سنان مطعون عليه، ضعيف جداً، وما يستبد بروايته ولا يشركه فيه غيره لا يعمل عليه).

وبذلك يعرف أن قوله في الفهرست (108): (قد طُعن عليه، وضعّف) ــ بصيغة الماضي المبني للمفعول ــ لا يدل على عدم تبنيه للطعن والتضعيف.

ثم إنه قد يقال: إن ما ذكره (قدس سره) في كتبه المذكورة من القدح في محمد بن سنان معارض لعدِّه إياه من الوكلاء المحمودين في كتاب الغيبة (109)، لوضوح أن من يكون مطعوناً عليه ضعيفاً جداً ــ كما قال في التهذيبين ــ لا يمكن أن يكون من الوكلاء المحمودين.

وعلى ذلك فلا يمكن الاستناد في تضعيف ابن سنان إلى ما ذكره (قدس سره) لمعارضته بما ذكره بنفسه.

بل يمكن أن يقال: إن ما ذكره في كتاب الغيبة مقدّم على ما ذكره في غيره، وذلك لأنه ألَّفه في عهد متأخر، حيث ورد في موضعين منه (110) أنه ألَّفه سنة أربعمائة وسبع وأربعين، أي بعد أربع وثلاثين سنة من وفاة أستاذه الشيخ المفيد. ومن المؤكد أنه كان قد فرغ في ذلك التاريخ من تأليف التهذيب، بل وكذلك الاستبصار والفهرست والرجال، فيكون مدحه لابن سنان متأخراً عن تضعيفه إياه فيؤخذ بالمدح ولا عبرة بالتضعيف المتقدم عليه.

أقول: قد ذكر الشيخ في كتاب الغيبة (111) بعض المختصين بكل إمام من المحمودين والمذمومين، فقال: (إن من المحمودين حمران بن أعين.. ومنهم المفضل بن عمر.. ومنهم المعلى بن خنيس.. ومنهم نصر بن قابوس.. ومنهم عبد الله بن جندب.. ومنهم على ما رواه أبو طالب القمي قال: دخلت على أبي جعفر الثاني في آخر عمره فسمعته يقول: جزى الله صفوان بن يحيى ومحمد بن سنان عني خيراً فقد وفوا لي.. وأما محمد بن سنان فإنه روي عن علي بن الحسين بن داود القمي قال: سمعت أبا جعفر الثاني يذكر محمد بن سنان بخير).

فالملاحظ أنه (قدس سره) عدَّ محمد بن سنان من المحمودين معلقاً على ورود الرواية بذلك ولم يجزم به. على خلاف ما صنعه في كل من عدَّهم من الوكلاء المحمودين. فهذا يشير إلى عدم اقتناعه بكون محمد بن سنان محموداً مثل الآخرين.

وتجدر الإشارة إلى أن لفظة (على) في قوله: (على ما رواه أبو طالب

القمي) موجودة فيما حكاه العلامة المجلسي (112) والسيد بحر العلوم (113) والمحدث النوري (114). ولكنها غير موجودة في الطبعتين النجفية (115) والإيرانية (116) من كتاب الغيبة. ومن الواضح أنه لا يمكن الاعتماد عليهما في مقابل ما سبق.

فإن قلت: إذا لم يكن الشيخ جازماً بأن محمد بن سنان من المحمودين، فلماذا ذكره أصلاً؟ قلت: لعل ذلك من جهة ورود اسمه في بعض ما اعتمده من الكتب المؤلفة في موضوع الغيبة مصدراً لكتابه، فآثر عدم إسقاط اسمه بل ذكره معلقاً على ما ورد من الرواية بشأنه.

العَلَم التاسع: النجاشي، حيث تقدم أنه ورد في ترجمة محمد بن سنان من كتاب رجاله قوله (117): (رجل ضعيف جداً، لا يعول عليه، ولا يلتفت إلى ما تفرد به)، ورجحنا أنه من كلام النجاشي نفسه لا من كلام ابن عقدة.

وقال النجاشي أيضاً في ترجمة ميَّاح المدائني (118): (ضعيف جداً، له كتاب يعرف برسالة ميَّاح، وطريقها أضعف منها، وهو محمد بن سنان).

وبالرغم من ذلك فقد نوقش في كون النجاشي ممن جزم بضعف ابن سنان، وذلك لأنه أورد قول صفوان بشأنه: (لقد همَّ أن يطير غير مرة فقصصناه حتى ثبت معنا)، ثم عقَّبه بقوله (119): (وهذا يدل على اضطراب كان ثم زال). وهذا الكلام يدل على عدم جزم النجاشي بضعف الرجل.

أقول: إن أقصى ما يدل عليه الكلام المذكور هو التردد في غلو ابن سنان، وعدم الجزم بذلك، ولا يدل على نفي كونه ضعيفاً لغير ذلك.

ثم إنه ربما يناقش في اعتبار تضعيف النجاشي لابن سنان من جهة أن المظنون كونه في الأصل من ابن عقدة الذي لا يمكن الاعتماد على تضعيفه للإمامي المخالف لمذهبه، أو كونه مستنداً إلى الكلام المحكي عن الفضل بن شاذان، وهو مما لم يثبت.

ولكن هذه المناقشة في غير محلها، فإنه لا شاهد على استناد النجاشي إلى كلام أيٍّ من العَلَمين في تضعيف ابن سنان، مع أنه لو كان مستنداً إلى أيٍّ منهما فإنه لا يمنع من اعتباره كما ظهر مما مرَّ بيانه.

هذا وقد ظهر من جميع ما تقدم أن معظم ما ذكر من كلمات الأعلام المتقدمين تام الدلالة على ضعف ابن سنان، على خلاف ما ورد في كلمات الكثيرين كالمحقق التستري (قدس سره) (120) وغيره.

ثم إنه قد يستدل على وثاقة محمد بن سنان بورود رواية صفوان ومحمد بن أبي عمير عنه في جملة من الأسانيد بناءً على ما هو المختار ــ وفاقاً لجمع من المحققين ــ من وثاقة مشايخهما، والأسانيد التي ورد فيها ذلك هي:

1 ــ ما رواه الحرّ العاملي (121) عن الصدوق في العلل بإسناده عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن أبي عمير عن محمد بن سنان.

2 ــ ما رواه الشيخ (122) بإسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة عن صفوان عن محمد بن سنان عن حذيفة بن منصور. وقد أورده الحرّ العاملي (123) مثله.

3 ــ روى البرقي (124) عن أبيه عن حماد بن عيسى عن يعقوب بن شعيب عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) وساق الحديث، ثم قال: وعن أبيه عن صفوان بن يحيى وعبد الله بن المغيرة عن محمد بن سنان مثله، وعن الوشاء عن محمد بن سنان مثله، وأورده عنه الحرّ العاملي (125) كذلك.

ولكن لا يثبت شيء من الأسانيد المذكورة:

أما السند الأول فلأن ما هو المذكور في الوسائل لا يطابق ما في المطبوعة القمية من كتاب العلل، فإن فيها (126) هكذا: (محمد بن أبي عمير ومحمد بن سنان) أي بالعطف بـ(الواو) دون (عن). وهذا هو الصحيح، فإن يعقوب بن يزيد يروي عن محمد بن سنان كما يروي عن محمد بن أبي عمير، بل قد روى يعقوب بن يزيد هذه الرواية بعينها عن محمد بن سنان بلا واسطة كما أوردها ابن قولويه (127)، ورواها الصدوق (128) أيضاً كذلك مع اختلاف في اللفظ.

وأما السند الثاني فقد شكك السيد البروجردي (قدس سره) في صحته قائلاً (129): (رواية صفوان عن محمد بن سنان لا تخلو عن بعد، ويحتمل أن يكون صوابه صفوان ومحمد بن سنان).

أقول: تحريف (واو) بـ(عن) وعكسه شائع في التهذيب، كما نبه عليه المحقق صاحب المعالم في كتابه (منتقى الجمان)، فلا اطمئنان برواية صفوان عن محمد بن سنان في هذا المورد.

وأما السند الثالث فمن المؤكد وقوع التحريف فيه بنظير ما تقدم، وأن الصحيح هكذا: (وعن أبيه عن صفوان وعبد الله بن المغيرة ومحمد بن سنان مثله) أي يعقوب بن شعيب عن أبي بصير، وقد ثبتت رواية البرقي عن كل من الثلاثة ــ أي صفوان ومحمد بن سنان وعبد الله بن المغيرة ــ كما ثبتت رواية هؤلاء الثلاثة عن يعقوب بن شعيب، ولم تثبت رواية عبد الله بن المغيرة ولا صفوان عن محمد بن سنان. فالقاعدة تقتضي ما ذكر من التصحيف.

فالنتيجة: أنه لا يمكن إثبات رواية صفوان أو محمد بن أبي عمير عن محمد بن سنان (130).

تتميم:

تقدم أن النجاشي (131) حكى عن ابن عقدة أن لمحمد بن سنان مسائل عن الرضا (عليه السلام) معروفة، وهذه المسائل موجودة بأيدينا، فقد أوردها الشيخ الصدوق في كتابه عيون أخبار الرضا في الباب الثالث والثلاثين قائلاً (132) في عنوان الباب: (في ذكر ما كتب به الرضا (عليه السلام) إلى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل). وقد أورد مقاطع متفرقة منه في بعض كتبه الأخرى كعلل الشرائع والفقيه (133) وغيرهما.

وذكر في العيون عدة أسانيد إلى محمد بن سنان في رواية تلك المسائل:

الأول: عن محمد بن ماجيلويه عن عمه محمد بن أبي القاسم عن محمد بن علي الكوفي عن محمد بن سنان.

الثاني: عن علي بن أحمد بن محمد بن عمران ومحمد بن أحمد السناني وعلي بن عبد الله الوراق والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن محمد بن إسماعيل عن علي بن العباس عن القاسم بن الربيع الصحاف عن محمد بن سنان.

الثالث: عن علي بن أحمد بن عبد الله البرقي وعلي بن عيسى المجاور في مسجد الكوفة وأبي جعفر محمد بن موسى البرقي بالري عن محمد بن علي ماجيلويه عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن محمد بن سنان قال: إن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) كتب إليه في جواب مسائله.

وتقع الأجوبة المنسوبة إلى الإمام (عليه السلام) ــ وكلها بعنوان علة كذا وعلة كذا ــ في عشر صفحات من عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، وتبدأ من علة غسل الجنابة وتنتهي بعلة المرأة لا ترث من العقار شيئاً إلا قيمة الطوب والنقض.

وتعدد الأسانيد إلى محمد بن سنان يورث الوثوق بصحة الانتساب إليه، وإن كان جميعها لا يخلو عن ضعف.

ولكن من يلاحظ مضامين العلل التي أوردها يجدها مناسبة للصدور من عالم استخرجها بعقله، وليس من إمام معصوم كلامه كلام أبيه وكلام أبيه كلام جده، وهو عن جبرئيل عن الله سبحانه وتعالى. وهذا يثير مزيداً من الاستفهام حول وثاقة الرجل، ولعله من أسباب اتهامه بالوضع كما صدر عن ابن الغضائري.

وأيضاً تقدم أن كتاب الأظلة الذي شهد المفيد (قدس سره) باحتوائه على الأباطيل قد ثبت عن محمد بن سنان بطريق معتبر أورده النجاشي في ترجمته، وهذا أيضاً يوجب مزيداً من الريب في وثاقة الرجل.

فتحصل من جميع ما تقدم: أنه لا سبيل لنا إلى الالتزام بوثاقة محمد بن سنان، خلافاً لما التزم به جمع من المتأخرين.

هذا ثم إنه قد يقال: إنه وإن لم تثبت وثاقة محمد بن سنان فإن ذلك لا يمنع من الاعتماد على رواياته. لأن الشيخ (قدس سره) قد ذكر في كتاب الفهرست عند روايته لكتبه وأحاديثه أنه يرويها إلا ما كان فيها من غلو أو تخليط، مما يدل على خلو ما رواه في التهذيبين عن الغلو والتخليط. ومن المعلوم أن الاتهام الرئيس لمحمد بن سنان هو كونه غالياً مخلطاً، فإذا أحرز خلو رواياته الواصلة إلينا عن الغلو والتخليط كفى ذلك في الاعتماد عليها.

ولكن هذا الكلام ضعيف جداً:

أما أولاً: فلأن ما ذكره الشيخ (قدس سره) إنما هو صيغة متعارفة تذكر بالنسبة إلى كتب كل المتهمين بالغلو والتخليط، فإن كبار المحدثين ونقادهم كانوا لا يرغبون في رواية ما يشتمل على الغلو والتخليط، فكانوا يستثنون في إجازاتهم لكتب المتهمين بذلك ما يكون من هذا القبيل، وذلك بعنوان كلي يختلفون في تشخيص مصاديقه بحسب اختلاف مسالكهم ومشاربهم.

هذا مع أن أياً من كتب محمد بن سنان لم يكن من مصادر الشيخ في تأليف التهذيبين ليقال إنه لم يورد فيهما ما كان فيه من تخليط ونحوه.

وثانياً: إن خلو الحديث من الغلو والتخليط لا يكفي في البناء على صدوره من الإمام (عليه السلام)، ولم يثبت أن منشأ تضعيف محمد بن سنان هو مجرد كونه غالياً مخلطاً.

هذا ما وسعه الوقت في هذه العجالة في بيان حال محمد بن سنان، وبه يظهر النظر والإشكال في كثير مما ذكره بشأنه الأعلام المتأخرون كالوحيد البهبهاني (134)، وأبي المعالي الكلباسي (135)، والسيد محمد باقر الشفتي (136)، والمحدث النوري (137)، والشيخ عبد الله المامقاني (138)، والمحقق التستري (139)، وبعض الأعلام في هامش مصباح المنهاج (140)، وغيرهم. ولا يتسع المجال لبيان مواقع النظر والإشكال في كل ما أفادوه تفصيلاً، ولا حاجة إلى ذلك بعد ما تقدم. والله العالم بحقائق الأمور.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1.  اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:796.
  2.  اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:823.
  3. اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:796ــ797.
  4. مستدرك الوسائل (الخاتمة) ج:8 ص:153.
  5. وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة ج:30 ص:408.
  6. اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:796.
  7. اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:796.
  8. لاحظ رجال الكشي ص:428 ط: النجف الأشرف، وروضة المتقين عن رجال الكشي ج:14 ص:30.
  9.  بل يوجد الاختلاف في لفظه أيضاً، ففي بعض النسخ (رجال الكشي ط: النجف الأشرف ص:428): (لا أحب لكم) بدل (لا أحل لكم)، ولكن على هذه النسخة يكون المقطع المذكور أبعد عن الدلالة على القدح في وثاقة محمد بن سنان كما لا يخفى.
  10. رجال النجاشي ص:328.
  11.  لاحظ رجال النجاشي ص:214، ورجال الطوسي ص:283.
  12. طب الأئمة (عليهم السلامص:15ــ16.
  13. لاحظ ج:2 ص:195.
  14. قاموس الرجال ج:7 ص:571.
  15.  اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:844.
  16.  علل الشرائع ج:1 ص:249.
  17. اختيار معرفة الرجال ج:1 ص:61.
  18. رجال الطوسي ص:400.
  19. رجال السيد بحر العلوم ج:3 ص:274.
  20. اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:805.
  21.  اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:806.
  22. اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:807.
  23.  لاحظ رجال ابن داود، ط: طهران، بتحقيق السيد كاظم المياموي ص:507، (ولكن أوردها عنه في القرص الكمبيوتري (جامع الفقه/2)!!). ولاحظ رجال ابن داود ط النجف الأشرف بتحقيق السيد محمد صادق بحر العلوم ص:274.
  24.  لاحظ رجال السيد بحر العلوم ج:3 ص:274.
  25.  وهي من مخطوطات مكتبة السيد الحكيم (قدس سرهفي النجف الأشرف.
  26. التحرير الطاووسي ص:512.
  27. الرسائل الرجالية ج:3 ص:606.
  28.  اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:822.
  29.  اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:814.
  30. معجم رجال الحديث ج:17 ص:170.
  31.  فهرست كتب الشيعة وأصولهم ص:51 ــ52.
  32. رجال النجاشي ص:335.
  33. رجال ابن الغضائري ص:93.
  34. رجال النجاشي ص:353.
  35. الكافي ج:5 ص:318.
  36.  معجم رجال الحديث ج:16 ص:338.
  37.  اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:812.
  38. رجال النجاشي ص:341.
  39. رجال ابن الغضائري ص:96ــ97.
  40.  اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:796.
  41. وأما محمد بن سنان الذي روى عنه الحسن بن علي الوشاء في علل الشرائع (ج:2 ص:520) فالظاهر أنه غير المبحوث عنه بقرينة روايته عن الصادق (عليه السلام).
  42. ولعل من ذلك رواية عبد الرحمن بن أبي نجران ومحمد بن إسماعيل بن بزيع وعمرو بن عثمان عن محمد بن سنان.
  43. الكافي ج:7 ص:198، 280، 282، 312، 351. نعم ورد في التهذيب (ج:9 ص:135) رواية يونس عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن الفضيل، والظاهر أن الصحيح هو (إسماعيل بن الفضل)، وهو الهاشمي الذي معظم من رووا عنه من الطبقة الخامسة، ولعله أدركه محمد بن سنان ولم يدركه يونس فروى عنه بواسطته، فتأمل.
  44. لاحظ تهذيب الأحكام ج:4 ص:164، والكافي ج:2 ص:45، ج:3 ص:195، ج:8 ص:384، والغيبة للنعماني ص:186، وتهذيب الأحكام ج:6 ص:72، والمحاسن ج:1 ص:104، وأمالي المفيد ص:185.
  45. رجال النجاشي ص:122.
  46. رجال الطوسي ص:418.
  47. اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:687.
  48.  اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:795.
  49. هكذا في المصدر ويحتمل أن تكون لفظة (رواية) مصحفة عن (قراءة).
  50.  الكافي ج:5 ص:343. الخصال ج:1 ص:26. كمال الدين وتمام النعمة ج:2 ص:333. تهذيب الأحكام ج:1 ص:313.
  51. اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:489ــ490.
  52.  اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:491.
  53. في رجال ابن داود (ص:505) أنه روي عنه أنه قال عند موته: (لا ترووا عني مما حدثت شيئاً فإنما هي كتب اشتريتها من السوق)!
  54. اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:796.
  55.  رجال النجاشي ص:328.
  56.  فهرست كتب الشيعة وأصولهم ص:73.
  57. الغيبة للنعماني ص:32.
  58.  رجال النجاشي ص:160.
  59. لاحظ رجال النجاشي ص:331.
  60.  لاحظ خلاصة الأقوال ص:54، 93، 94، 95، 108، 109، وعشرات الموارد الأخرى.
  61. يظهر من السيد علي بن طاووس أخي السيد أحمد بن طاووس صاحب (حلّ الإشكال) ــ وكلاهما من أساتذة العلامة (قدس سره) ــ أنه كان عنده عدد من كتب ابن عقدة في الرجال، فقد نقل في كتاب جمال الأسبوع (ص:288) عنه في كتابه الذي صنفه في مشايخ الشيعة. ونقل عن الجزء السادس من هذا الكتاب أيضاً في كتابه الآخر فتح الأبواب (ص:159)، ونقل في كتاب الإقبال (ج:3 ص:86) عن كتاب الرجال ولكن في المطبوع غلط هكذا: (أحمد بن نصر بن سعد)، والصحيح: (أحمد بن محمد بن سعيد). وبالجملة: لا ريب أن بعض كتب ابن عقدة في الرجال كان عند السادة آل طاووس، والظاهر أن بعضها بقي إلى زمن الشهيد الأول (قدس سره) حيث نجد أنه أرجع في ذكرى الشيعة (ج:1 ص:59) إلى (كتاب الحافظ ابن عقدة) في سياق إرجاعه إلى فهرست النجاشي ورجال الطوسي وفهرسته ورجال أبي عمرو الكشي. ويا أسفي على ضياع هذا التراث المهم في العصور اللاحقة.
  62. خلاصة الأقوال ص:345.
  63. خلاصة الأقوال ص:342.
  64. حكى العلامة في الخلاصة ص:342.
  65.  اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:613.
  66. المسائل السروية ص:38.
  67. رجال ابن الغضائري ص:92.
  68. فهرست كتب الشيعة وأصولهم ص:143.
  69. اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:822.
  70. اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:796.
  71. رجال النجاشي ص:328.
  72. فلاح السائل ص:13.
  73.  هو أحمد بن هلال العبرتائي، بقرينة ما ورد في ذيل الرواية من أن ابن همام قال: ولد أحمد بن هليل سنة ثمانين ومائة ومات سنة سبع وستين ومائتين. وهذا هو تاريخ ولادة ووفاة أحمد بن هلال العبرتائي كما نصَّ عليه في رجال النجاشي (ص:83) نقلاً عن أبي علي ابن همام. وبذلك يظهر أن ما ورد في بحار الأنوار (ج:49 ص:277) من (مليك) بدل (هليل) تصحيف.
  74.  اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:812.
  75. رجال النجاشي ص:329. رجال ابن الغضائري ص:94.
  76. قاموس الرجال ج:1 ص:66.
  77.  اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:796.
  78.  قاموس الرجال ج:1 ص:443.
  79. رجال ابن الغضائري ص:94.
  80. رجال ابن الغضائري ص:41.
  81.  رجال ابن الغضائري ص:39.
  82.  لاحظ ج:2 ص 67.
  83. اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:795ــ796.
  84.  التحرير الطاووسي ص:511.
  85.  رجال النجاشي ص:384.
  86. رجال النجاشي ص:384.
  87. إن هذه الرسالة كانت موجودة عند السيد ابن طاووس، ونقل عنها في كتاب الإقبال قائلاً في (ج:1 ص:34) في ضمن كلام له: (وجدت كتاباً للشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان سماه لمح البرهان الذي قدمنا ذكره، قد انتصر فيه لأستاذه وشيخه جعفر بن قولويه، ويرد على محمد بن أحمد بن داود القمي، وذكر فيه أن شهر رمضان لا ينقص عن ثلاثين، وتأول أخباراً ذكرها تتضمن أنه يجوز أن يكون تسعاً وعشرين) إلى أن قال: (ووجدت شيخنا المفيد قد رجع عن كتاب لمح البرهان، وذكر أنه قد صنف كتاباً سماه مصابيح النور، وأنه قد ذهب إلى قول محمد بن أحمد بن داود في أن شهر رمضان له أسوة بالشهور في الزيادة والنقصان). وتجدر الإشارة إلى أن السيد ابن طاووس حكى في كتاب الإقبال عن المفيد في رسالة لمح البرهان أنه قال عقيب الطعن على من ادعى حدوث القول بأن شهر رمضان كامل لا ينقص أبداً وقلة القائلين به ما هذا لفظه: (إن فقهاء عصرنا هذا ــ وهو سنة ثلاث وستين وثلاثمائة ــ ورواته وفضلاءه وإن كانوا أقل عدداً منهم في كل عصر، مجمعون عليه ــ أي على القول بالعدد ــ ويتدينون به ويفتون بصحته وداعون إلى صوابه، كسيدنا وشيخنا الشريف الزكي أبي محمد الحسيني أدام الله عزه، وشيخنا الثقة الفقيه أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه أيده الله تعالى، وشيخنا الفقيه أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه الصدوق، وشيخنا أبي عبد الله الحسين بن علي بن الحسين أيدهما الله، وشيخنا أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري أيده الله). وكيف كان فإن رسالة لمح البرهان لم تصل إلى أيدينا إلا ما أورده عنها السيد ابن طاووس في بعض كتبه. وأما الرسالة الثانية التي ألفها المفيد لاحقاً في الردّ على القول بكمال شهر رمضان المسماة بمصباح النور كما ورد في كلامه أو مصابيح النور كما ورد في موضعين من رجال النجاشي (ص:399، 447) وفي كتاب الإقبال للسيد ابن طاووس (ج:1 ص:35) فهي أيضاً مما لم تصل إلينا وإنما وصل مختصرها الذي عمله الشيخ المفيد نفسه في جوابات أهل الموصل (ص:15) حيث قال ما لفظه: (اعلم أيدك الله إن الكلام في هذا الباب على استقصائه يطول، وقد عملت فيه كتاباً سميته بمصباح النور يكون في أرباع المنصوري بخط متوسط في نحو الخمسين ومائة ورقة، فإن ظفرت به أغناك عما سواه في معناه إن شاء الله. غير إني أثبت لك نكتاً منه تعتمد عليها مما تحتاج إليه إلى أن يسهل الله تعالى ظفرك بالكتاب المذكور إن شاء الله..).
  88.  فلاح السائل ص:12ــ13.
  89.  مستدرك الوسائل (الخاتمة) ج:4 ص:68.
  90.  إقبال الأعمال ج:1 ص:53.
  91.  جوابات أهل الموصل في العدد والرؤية ص: 20.
  92. المسائل السروية ص:37ــ38.
  93.  رجال النجاشي ص:328.
  94.  الرسائل ج:1 ص:203.
  95. المعتبر في شرح المختصر ج:1 ص:171.
  96.  استقصاء الاعتبار في شرح الاستبصار ج:3 ص:295، 450.
  97. رجال ابن الغضائري ص:92.
  98. قد تضمن كتاب (حلّ الإشكال) كتاب الضعفاء لابن الغضائري مع مصادر رجالية أخرى، وقد انتزع منه المولى عبد الله التستري خصوص ما ورد فيه من كتاب ابن الغضائري. وقام تلميذه المولى عناية الله القهبائي بإدراجه في كتاب (مجمع الرجال). وقد طبع أخيراً بعنوان (الرجال) لابن الغضائري، ونسخه المخطوطة متوفرة، ومنها نسخة في مكتبة المرحوم السيد حسن الصدر (طاب ثراه) بالكاظمية وصورتها موجودة لديَّ.
  99. رجال ابن الغضائري ص:59.
  100. معجم رجال الحديث ج:16 ص:177.
  101. التحرير الطاووسي ص:198.
  102.  التحرير الطاووسي ص:3.
  103. مجمع الرجال ج:1 ص:11 (التعليقة).
  104. لاحظ ج:2 ص:82 وما بعدها.
  105.  رجال ابن الغضائري ص:61.
  106. رجال الطوسي ص:346.
  107.  لاحظ تهذيب الأحكام ج:7 ص:361، والاستبصار فيما اختلف من الأخبار ج:3 ص:224.
  108. فهرست كتب الشيعة وأصولهم ص:143.
  109.  الغيبة للطوسي ص:211.
  110.  الغيبة للطوسي ص:78، 218 ط:النجف الأشرف.
  111. الغيبة للطوسي ص:211.
  112. بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ج:49 ص:274.
  113.  رجال السيد بحر العلوم ج:3 ص:355.
  114. مستدرك الوسائل (الخاتمة) ج:4 ص:67.
  115. الغيبة للطوسي ص:211.
  116. الغيبة للطوسي ص:348.
  117. رجال النجاشي ص:328.
  118. رجال النجاشي ص:424.
  119.  لاحظ رجال النجاشي ص:328.
  120.  قاموس الرجال ج:9 ص:314.
  121. وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة ج:2 ص:909 ط: الإسلامية.
  122. تهذيب الأحكام ج:7 ص:129.
  123. وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة ج:13 ص:279 ط: الإسلامية.
  124.  المحاسن ص:427.
  125.  وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة ج:16 ص:493 ط: الإسلامية.
  126. علل الشرائع ج:1 ص:73.
  127. كامل الزيارات ص:65.
  128. علل الشرائع ج:1 ص:73.
  129.  ترتيب أسانيد التهذيب ج:2 ص:103.
  130. تجدر الإشارة إلى أنه قد يستدل على جلالة محمد بن سنان بأن ابن شهر آشوب ذكر في مناقب آل أبي طالب (ج:3 ص:400) أن محمد بن سنان هو باب الإمام الصادق (عليه السلام). ولكن هذا اشتباه، فإن الرجل لم يدرك الصادق (عليه السلام) حتى يكون باباً له. ولم يظهر لي وجه هذا الاشتباه، ولعله اختلط عليه محمد بن سنان بعبد الله بن سنان، أو أن مراده بمحمد بن سنان غير المبحوث عنه، فليتدبر.
  131.  رجال النجاشي ص:328.
  132. عيون أخبار الرضا (عليه السلامج:2 ص:88.
  133. لاحظ علل الشرائع ج:1 ص:285، ومن لا يحضره الفقيه ج:1 ص:35.
  134. تعليقة على منهج المقال ص:309.
  135. الرسائل الرجالية ج:3 ص:589.
  136.  الرسائل الرجالية ص:609.
  137. مستدرك الوسائل (الخاتمة) ج:4 ص:67.
  138.  تنقيح المقال ج:3 ص:124 ط: حجر.
  139. قاموس الرجال ج:9 ص:306.
  140. مصباح المنهاج (كتاب الطهارة) ج:1 ص:294.

 

 




علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)




العتبة العباسية تقيم مجلس عزاءٍ بذكرى شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
لتعزيز الوعي البيئي.. قسم التربية والتعليم يقيم معرضًا للنباتات
جامعة الكفيل تبحث آفاق التعاون الأكاديمي مع وفد جامعة جابر بن حيان
قسم شؤون المعارف يصدر العدد الثاني من نشرة (الموجز) الإلكترونية