أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-05-2015
6346
التاريخ: 15-10-2015
3724
التاريخ: 2023-03-29
1711
التاريخ: 21-05-2015
6051
|
لقد كانت الحياة السياسية في عصر الإمام أبي جعفر ( عليه السّلام ) سيئة وكانت الظروف حرجة للغاية لا للإمام فحسب وإنّما كانت كذلك لعموم المسلمين وذلك لما وقع فيها من الأحداث الجسام ، فقد منيت الامّة بموجات عارمة من الفتن والاضطرابات ، وقبل أن نتحدّث عنها نرى من اللازم أن نعرض لمنهج الحكم في العصر العباسي وغيره ممّا يتصل بالموضوع وفيما يلي ذلك :
منهج الحكم : فقد كان على غرار الحكم الأموي ، في الأهداف والأساليب وقد وصفه ( نكلسون ) بأنّه نظام استبدادي ، وانّ العباسيين حكموا البلد حكما مطلقا على النحو الذي كان يحكم به ملوك آل ساسان قبلهم[1].
لقد كان الحكم خاضعا لرغبات ملوك العباسيين وأمرائهم ، ولم يكن له أي التقاء مع معايير الدين الإسلامي ، فقد شذّت تصرّفاتهم الإدارية والاقتصادية والسياسية عمّا قنّنه الإسلام في هذه المجالات .
واستبدّ ملوك بني العباس بشؤون المسلمين وأقاموا فيهم حكما ارهابيا لا يعرف الرحمة والرأفة ، وهو بعيد كلّ البعد عمّا شرّعه الإسلام من الأنظمة والقوانين الهادفة إلى بسط العدل ، ونشر المساواة والحق بين الناس .
الخلافة والوراثة : لم تخضع الخلافة الاسلامية حسب قيمها الأصلية لقانون الوراثة ولا لأي لون من ألوان المحاباة أو الاندفاع وراء الأهواء والعصبيات ، فقد حارب الإسلام جميع هذه المظاهر واعتبرها من عوامل الانحطاط والتأخر الفكري والاجتماعي ، وأناط الخلافة بالقيم الكريمة ، والمثل العليا ، والقدرة على إدارة شؤون الامّة ، فمن يتصف بها فهو المرشّح لهذا المنصب الخطير الذي تدور عليه سلامة الامّة وسعادتها .
وأمّا الشيعة فقد خصّصت الخلافة بالأئمّة الطاهرين من أهل البيت ( عليهم السّلام ) لا لقرابتهم من الرسول الأعظم ( صلّى اللّه عليه وآله ) وكونهم ألصق الناس به وأقربهم إليه ، وإنّما لمواهبهم الربّانية ، وما اتصفوا به من الفضائل التي لم يتصف بها أحد غيرهم فضلا عن النصّ عليهم ، بما لا يدع مجالا للاختيار .
وأمّا الذين تمسكوا بعنصر الوراثة فهم العباسيّون ، على غرار الأمويين فاعتبروها القاعدة الصلبة لاستحقاقهم للخلافة بحجة أنّهم أبناء عم الرسول ( صلّى اللّه عليه وآله ) وقد بذلوا الأموال الطائلة لأجهزة الاعلام لنشر ذلك واذاعته بين الناس .
وقد هبّت إلى تأييد ودعم الوسط العباسي الأوساط المرتزقة من خلال انتقاص العلويين فتتقرب إليهم بذلك وتشهد بأنّ ذئاب بني العباس أولى بالنبي ( صلّى اللّه عليه وآله ) من السادة الأطهار من آل الرسول ( صلّى اللّه عليه وآله )[2].
تصرّفات شاذّة : ولمّا التزم العباسيّون بقانون الوراثة ، قاموا بتصرفات شاذّة تسيء إلى مصلحة الامّة وكان من بينها :
1 - اسناد الخلافة إلى من لم يبلغ الرشد ، فقد عهد الرشيد بالخلافة إلى ابنه الأمين ، وكان له من العمر خمس سنين ، وإلى ابنه المأمون وكان عمره ثلاث عشرة سنة ، من دون أن يكونا قد حازا العلم والحكمة والحنكة الإدارية والسياسية ، حتى كان يسيّرهما من سواهما من أصحاب البلاط .
علما بأن الإمامة والخلافة للرسول ( صلّى اللّه عليه وآله ) منصب ربّاني وعهد إلهي لا يرتقي إليه إلّا من اعتدلت فطرته وسلمت سيرته من الخطل والخطأ والانحراف في كل مجالات حياته ، ليكون قادرا على قيادة الأمة إلى طرق الرشاد .
وهكذا انحرف العبّاسيون بذلك عمّا قرّره الإسلام من انّ منصب الخلافة إنّما يسند إلى من يتمتع بالحكمة والصيانة والمعرفة بالشؤون الاجتماعية والدراية التامة بما تحتاج إليه الامّة في جميع شؤونها .
2 - اسناد ولاية العهد إلى أكثر من واحد فانّ في ذلك تمزيقا لشمل الامّة وتصديعا لوحدتها وقد شذّ الرشيد عن ذلك فقد أسند الخلافة من بعده إلى الأمين والمأمون ، وقد ألقى الصراع بينهما ، وعرّض الامّة إلى الأزمات الحادّة ، والفتن الخطيرة ، وسنعرض لها في البحوث الآتية .
الوزارة : من الأجهزة الحساسة في الدولة العباسية هي الوزارة ، فكانت - على الأكثر - وزارة تفويض ، فكان الخليفة يعهد إلى الوزير بالتصرف في جميع شؤون دولته ويتفرغ هو للّهو والعبث والمجون ، فقد استوزر المهدي العباسي يعقوب بن داود ، وفوّض إليه جميع شؤون رعيّته وانصرف إلى ملذّاته .
واستوزر الرشيد يحيى بن خالد البرمكي ومنحه جميع الصلاحيات واتجه نحو ملاذّه وشهواته فكانت لياليه الحمراء في بغداد شاهدة على ذلك .
وتصرّف يحيى في شؤون الدولة الواسعة الأطراف حسب رغباته ، فقد أنفق الأموال الطائلة على الشعراء المادحين له ، واتخذ من العمارات والضياع التي كانت تدرّ عليه بالملايين ، الكثير الكثير وهي التي سببت قيام هارون الرشيد باعتقاله ، وقتل ابنه جعفر ومصادرة جميع أموالهم .
وفي عهد المأمون أطلق يد وزيره الفضل بن سهل في أمور الدولة فتصرّف فيها كيفما شاء ، وكان الوزير يكتسب الثراء الفاحش بما يقترفه من النهب والرشوات ، وقد عانت الامّة من ضروب المحن والبلاء في عهدهم مما لا يوصف فكانوا الأداة الضاربة للشعب ، فقد استخدمتهم الملوك لنهب ثروات الناس واذلالهم وارغامهم على ما يكرهون .
وكان الوزراء معرّضين للسخط والانتقام وذلك لما يقترفونه من الظلم والجور ، وقد نصح دعبل الخزاعي الفضل بن مروان أحد وزراء العباسيين فأوصاه باسداء المعروف والاحسان إلى الناس ، وقد ضرب له مثلا بثلاثة وزراء ممّن شاركوه في الاسم وسبقوه إلى كرسي الحكم ، وهم الفضل بن يحيى ، والفضل بن الربيع ، والفضل بن سهل ، فانّهم لمّا جاروا في الحكم تعرّضوا إلى النقمة والسخط .
ومن غرائب ما اقترفه الوزراء من الخيانة انّ الخاقاني وزير المقتدر باللّه العباسي ولّى في يوم واحد تسعة عشر ناظرا للكوفة وأخذ من كلّ واحد رشوة[3] إلى غير ذلك من هذه الفضائح والمنكرات الكثيرة عند بعض وزراء العباسيين .[4]
اضطهاد العلويّين : اضطهدت أكثر الحكومات العبّاسيّة رسميا العلويّين ، وقابلتهم بمنتهى القسوة والشدّة ، وقد رأوا من العذاب ما لم يروه في العهد الأموي وأوّل من فتح باب الشر والتنكيل بهم الطاغية فرعون هذه الامّة المنصور الدوانيقي[5] وهو القائل : « قتلت من ذريّة فاطمة ألفا أو يزيدون وتركت سيّدهم ومولاهم جعفر بن محمّد »[6] وهو صاحب خزانة رؤوس العلويّين التي تركها لابنه المهدي تثبيتا لملكه وسلطانه وقد ضمّت تلك الخزانة رؤوس الأطفال والشباب والشيوخ من العلويّين[7]! !
وهو الذي وضع أعلام العلويّين وأعيانهم في سجونه الرهيبة حتى قتلتهم الروائح الكريهة وردم على بعضهم السجون حتى توفّوا دفنا تحت أطنان الأتربة والأحجار ! !
لقد اقترف هذا الطاغية السفّاك جميع ألوان التصفية الجسدية مع العلويّين ، وعانوا في ظلال حكمه من صنوف الارهاب والتنكيل ما لا يوصف لفضاعته وقسوته .
أمّا موسى الهادي فقد زاد على سلفه المنصور ، وهو صاحب واقعة فخ التي لا تقل في مشاهدها الحزينة عن واقعة كربلاء ، وقد ارتكب فيها هذا السفاك من الجرائم ما لم يشاهد مثله ، فقد أوعز بقتل الأطفال واعدام الأسرى ، وظلّ يطارد العلويّين ، ويلحّ في طلبهم فمن ظفر به قتله ، ولكن لم تطل أيام هذا الجلّاد حتى قصم اللّه ظهره .
أمّا هارون الرشيد فهو لم يقلّ عن أسلافه في عدائه لأهل البيت ( عليهم السّلام ) والتنكيل بهم وهو القائل : « حتام اصبر على آل بني أبي طالب ، واللّه لأقتلنّهم ولأقتلنّ شيعتهم ، ولأفعلنّ وأفعلنّ »[8] وهو الذي سجن الإمام الأعظم موسى بن جعفر ( عليه السّلام ) عدة سنين ، ودسّ إليه السمّ حتى توفّي في سجنه ، لقد جهد الرشيد في ظلم العلويّين وإرهاقهم ، فعانوا في عهده من الارهاب ما لا يقلّ فضاعة عمّا عانوه في أيام المنصور .
ولما آلت الخلافة إلى المأمون رفع عنهم المراقبة ، وأجرى لهم الأرزاق وشملهم برعايته وعنايته ، ولكن لم يدم ذلك طويلا إذ انّه بعد ما اغتال الإمام الرضا ( عليه السّلام ) بالسمّ ، أخذ في مطاردة العلويّين والتنكيل بهم كما فعل معهم أسلافه .
وعلى أيّة حال فإنّ من أعظم المشاكل السياسية التي امتحن بها المسلمون امتحانا عسيرا هي التنكيل بعترة النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) وذرّيته وقتلهم بيد الزمرة العبّاسية الغاشمة والتي فاقت في قسوتها وشرورها أعمال بني اميّة ، حتى انتهى الأمر بأبناء النبيّ العظيم ( صلّى اللّه عليه وآله ) أنّهم كانوا يتضورون جوعا وسغبا ، سوى المآسي الأخرى التي حلّت بهم ، وكان من الطبيعي أن تؤلم هذه الحالة قلب الإمام أبي جعفر الجواد ( عليه السّلام ) ، وتصيبه بالأسى والحزن[9] .
مشكلة خلق القرآن : لعلّ من أعقد المشاكل السياسية التي ابتلي بها المسلمون في ذلك العصر هي محنة خلق القرآن التي أوجدت الفتن والخطوب في البلاد .
فقد أظهر المأمون هذه المسألة في سنة ( 212 ه ) . وامتحن بها العلماء امتحانا شديدا ، وارهقوا إلى حدّ بعيد فمن لا يقول بمقالة المأمون سجنه أو نفاه أو قتله وقد حمل الناس على ما يذهب إليه بالقوّة والقهر .
إنّ هذه المسألة تعتبر من أهمّ الأحداث الخطيرة التي حدثت في ذلك العصر ، وقد تعرّض الفلاسفة والمتكلّمون إلى بسطها وإيضاح غوامضها[10].
[1] اتّجاهات الشعر العربي : 49 .
[2] راجع حياة الإمام محمّد الجواد : 190 بتصرف بسيط .
[3] تاريخ التمدّن الإسلامي : 4 / 182 .
[4] راجع حياة الإمام محمد الجواد ( عليه السّلام ) : 188 - 192 .
[5] تاريخ الخلفاء للسيوطي : 261 .
[6] الأدب في ظلّ التشيّع : 68 .
[7] تاريخ الطبري : 10 / 446 .
[8] حياة الإمام موسى بن جعفر : 2 / 47 .
[9] الحدائق الوردية : 2 / 220 .
[10] راجع : حياة الإمام محمد الجواد ( عليه السّلام ) : 203 - 205 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|