أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-12-2021
2212
التاريخ: 2-6-2016
18741
التاريخ: 2023-03-30
977
التاريخ: 2-6-2016
8022
|
نشأة جغرافية السكان وتطورها :
عند الاطلاع على تاريخ أي من العلوم نجد أنه ينشأ من فكرة خاصة تطرح في حقل المعرفة العام، ثم تجدد وتعرف ويوضع لها منهج خاص، يبدأ بجمع المعلومات، وترتيبها ووضع الفرضيات ثم النظريات ومحاولة إثباتها، وأخيراً وضع القوانين لها لتحديد شخصيتها كعلم مميز.
والواقع أن هذه النقلة ورغم أنها تبدو بديهية عند هذا المستوى من التعامل العلمي، إلا أن التنويه بها غاية في الأهمية لكي يحدد بدقة مجال علم جغرافية السكان من مجال علم الجغرافية. ففي أطار فهم التباينات الإقليمية للغطاء السكاني للأرض، ظهرت جغرافية السكان كفرع من فروع الجغرافية البشرية الذي يهتم بالظواهر السكانية وارتباطاتها المكانية. وهذا معناه أنها وليد حديث النشأة للفكر الجغرافي الذي قطع شوطاً طويلاً استغرقته مراحل متعددة ومتوالية. ويكفي أن نشير في هذا المجال أنها لم تنشأ ولم يكن مقدراً لها أن تكون إلا بعد أن توصل الفكر الجغرافي إلى مرحلة حاسمة اقتضت التفريق القسري والتعسفي الذي أدى إلى استقطاب الموضوعات الجغرافية في مجالين متضادين هما ما أطلق عليه الجغرافية الطبيعية والجغرافية البشرية.
يهمنا في مجال الحديث عن جغرافية السكان أن نؤكد التأخير في مجال نشأتها وظهورها، وهذا معناه أن اللقاء بين السكان والجغرافية، ثم تكون الشخصية الجغرافية للأمكنة وانعكاساتها على مجموعة الظاهرات السكانية التي تتباين في الزمان والمكان والتي أتاح الجغرافية السكان أن تكون كحقل من حقول الجغرافية البشرية، قد تم في وقت متأخر بالنسبة لكل لقاء آخر أعطى البداية والوجود للحقول الأخرى المتعددة. وهذا لا يعني انعدام القواعد المتعلقة بمجال دراسة جغرافية السكان عمقاً وفهماً، بل أنها كانت أبعد مما قد يتصوره البعض، وهذا يمنحها، رصيداً عالياً لا بأس به وكان من الطبيعي أن تكون البداية قد استلزمت جملة من التوقفات عند بعض الظواهر التي فرضتها ضرورة حاجة الإنسان لأن يتعرف عليها أكثر من غيرها.
ويدرك من يطالع تاريخ الحضارات القديمة - العراقية والمصرية والهندية والصينية واليابانية والرومانية والإغريقية - تميزها بسلوك ديموغرافي يقود إلى ظاهرات سكانية مختلفة منها من يدعو إلى الزيادة والتكاثر والحجم السكاني الكبير وكذلك الزواج المبكر وتعدد الزوجات وحجم الأسرة الكبير، لذلك جاءت أديانه ومعتقداته وشرائعه تؤكد على هذا الاتجاه، في حين ظهرت أخرى نقيض ذلك الأمر الذي يعكس الواقع الجغرافي لتلك الأمم.
وهناك بعض الآراء تفيد بأن العصور القديمة والوسطى قد اهتمت بالسكان وذلك من خلال اهتمامها بعددهم وتوزيعهم بين الذكور والإناث ومعرفة بعض خواصهم العمرية وتحديد عدد المواليد والوفيات بالإضافة إلى خصائص أخرى كما هو الحال عند الرومان التي تعتبر من أوائل الأمم التي مارست أساليب العد ومعرفة خواصهم، فضلاً عما لدى المصريين القدماء والبابليين وحضارات الصين القديمة ولكن في حدود ضيقة ولأغراض معينة.
وأدلى المسلمون بدلوهم في الفكر الجغرافي السكاني، وقد حفزهم الإسلام - من غير شك - إلى عمل المسؤولية في مجال تنمية حضارة الإنسان وتنقيتها، كما حفزهم – بالضرورة – إلى الأخذ بأسباب التفوق من خلال ارتياد مجالات كل العلوم طلباً للمعرفة. وكان توسع رقعة دولة الإسلام مجالاً مفيداً وخصباً لزيادة حجم المعرفة بأرضها وسكانها.
ومن الجدير بالذكر أن اهتمام المسلمين بمسألة أعداد السكان وتوزيعهم قد بدأ منذ زمن الرسول (صلى الله عليه وعلى اله وسلم) حيث طلب المسلمين عندما حصر هاجر إلى المدينة حيث قال أحصوا لي من تلفظ بالإسلام،
كما أن تدوين الدواوين في عهد الخليفة عمر بن الخطاب عنه لا تخلو من تسجيلات لأعداد المسلمين في المناطق المختلفة، وكذا فعل الخليفة الراشد الإمام علي بن أبي طالب (ع) عندما اتخذ الصحابي عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) على بيت المال. وجاء أيضاً أن معاوية بن أبي سفيان جعل على كل قبيلة من قبائل العرب بمصر رجلاً ينادي كل يوم فيدور على المجالس فيقول: هل ولد الليلة فيكم ،مولود، وهل نزل بكم نازل فيقال ولد لفلان غلام ولفلان جارية (بنت) فيكتب أسمائهم. ويقال نزل بهم رجل من أهل كذا بعياله فيسميه، فإذا فرغ من القبيلة أتى إلى الديوان ليثبت ذلك.
كذلك عندما ولي عبد الملك بن مروان الخلافة في الدولة الأموية عمل إحصاءاً جديداً فبعث الضحاك بن عبد الرحمن الأشعري، فاستقل ما يؤخذ منهم، وأحصى الجماجم أي (الأفراد)، وحسب ما يكسب العامل في سنته. وحملت الشام على مثل ذلك، وحملت الموصل على مثل ذلك وقد قام العرب بعمليات عد للسكان متعاقبة ودونوها لكل ولاية. فعلى سبيل المثال: تم أول تدوين في مصر على يد عمرو بن العاص، ثم أعقبه آخر قام به عبد العزيز بن مروان الذي تولى إمارة مصر في المدة 65 - 86 هجرية، ثم دون قرة بن شريك (90 – 96 هجرية)، ثم بشر بن صفوان سنة 101 هجرية.
كما أن المتتبع للتشريعات الإسلامية يرى فيها تنظيم للزواج والتناسل والتبني والطلاق وتعدد الزوجات والترمل، وكان من نتائج تلك أن برزت النظم والقيم والأخلاقيات في التعامل الاقتصادي والاجتماعي وبرزت السلوكيات الديموغرافية محصلة لذلك.
وقد نبغ من بين علماء المسلمين عدد كبير ممن كتبوا في الجغرافية على مدى أكثر من سبعة أو ثمانية قرون وهم يتطلعون إلى تسجيل الإضافات عن المعرفة الجغرافية بالمكان والإنسان وعن التفاعل بين الإنسان والأرض في المكان لحساب الواقع الحياتي وأنماطه المتنوعة من مكان إلى مكان آخر في أنماء المعروف والمعمور من الأرض. وهذا يعني بأن الجغرافيين المسلمين قد انتبهوا إلى بعض الظاهرات السكانية في كتاباتهم ومنها العوامل المؤثرة في نمو السكان وتنقلهم ووفياتهم إلا أن
هذه الإشارات جاءت ضمن اعتبارات فكرية مختلفة فلسفية كما عند أخوان الصفا أو دينية أو حربية أو غيرها.
إلا أن الأمر تغير حين جاء أبن خلدون فعالج في مقدمته مختلف القضايا التاريخية والاجتماعية والإدارية والاقتصادية والعمرانية والسياسية وأولى الشؤون السكانية عناية فائقة. فقد أعتقد بحركية السكان حيث يمرون في مراحل النمو والازدهار ومراحل التناقص والسكون وترتبط هذه التغيرات بظروف اقتصادية واجتماعية وسايكولوجية، وأن ازدهار الدولة وقوتها عسكرياً وسياسياً واقتصادياً يتأثر بدرجة أساسية بالكثرة السكانية وفي إشارته إلى تباين التوزيع فقد بين أبن خلدون بأن الربع الشمالي من الأرض أكثر عمراناً من الربع الجنوبي، وأن المعمور بالربع الشمالي ينتهي ارتفاعه إلى أربع وستين درجة حيث ينقطع العمران وهو آخر الإقليم السابع إلى التسعين درجة حيث يفرط البرد في شدته لقلة الضوء ولكون الأشعة منفرجة الزوايا فينقص التكوين ويفسد وكذلك فإن خط الاستواء والذي وراءه في الجنوب وإن كان فيه عمران فهو قليل جداً حيث أن العنصر المائي غمر وجه الأرض.
ويعتقد أبن خلدون بأن هناك علاقة بين الخصوبة والترف والجوع فالمنغمسون في الخصب تضعف لديهم المقاومة إذا نزلت بهم السنون وأخذتهم المجاعات فيسرع إليهم الهلاك بخلاف غيرهم من المتعودين على التقشف. وهذه النظرية البيولوجية في الخصوبة والحضارة يؤكدها أبن خلدون مراراً بل أنه يربط الخصوبة بعلم نفس الشعوب إذا غلبت الأمة وصارت في ملك غيرها أسرع إليها الفناء، وذلك لما يحصل في النفوس من التكاسل والتراخي إذا ملك أمرها عليها فيقصر الأمل وتضعف القوى الحيوانية ويضعف التناسل بضعفها.
أما المسعودي في كتابه مروج الذهب ومعادن الجوهر فقد قسم سكان المعمورة إلى سبعة مجموعات هي الفرس ويليهم الكلدانيون ويضم إليهم العرب ثم سكان أوربا اليونان والبيزنطينيون والصقالبة والفرنجة) ثم الليبيون والأفارقة عامة، والترك، فسكان الهند والسند وأخيراً الصينيون والكوريون. ويشرح المسعودي كيف أن العوامل الطبيعية مثل طبيعة الأراضي المجاورة والمرتفعات والمنخفضات، والقرب من الجبال والبحار وطبيعة التربة تحد مواضع الاستقرار السكني، أي التوزيع الجغرافي للسكان. وهذا يدل على أن المناطق الأقل اعماراً تتطابق على مستوى المعمورة مع الأوساط الطبيعية القاسية والأكثر طرداً للسكان. وتناول اليعقوبي في كتابه (البلدان الأجناس التي استوطنت المدن وكونت حياتها الاجتماعية ويحدد ياقوت الحموي مساحة المعمور في القسم المسكون بما يعادل (33.2) مليون ميل مربع (حوالي 86 مليون م2). وربط (المقريزي) بين الوضع المناخي وعدد المدن الكبيرة في كل إقليم من أقاليم العالم المعمورة، حيث تتزايد تلك المدن بحسب درجة اعتدال الإقليم، فأكثر المدن عدداً هي التي تقع في الاقليمين الرابع والخامس حيث يمثلان الاعتدال ثم يقل العدد بعدهما أو قبلهما نتيجة لارتفاع درجات الحرارة أو انخفاضها.
وقد لفتت الزيادة الكبيرة لسكان العالم والنمو السريع للمدن على حساب الريف أنظار بعض مفكري العصور الوسطى فكان أول من قدم ملاحظات عن السكان (جون جرونت) الانكليزي في النصف الثاني من القرن السابع عشر حيث استطاع أن يحسب نسبة الوفيات والمواليد وحاول أن يضع جداول حياه، تصل إلى (106) ملاحظة منها أن الوفيات لا تحدث بطريقة عشوائية وإنما وفق نظام معين يخضع للظروف الاجتماعية والاقتصادية السائدة، وأن الولادة والرغبة في الإنجاب مرتبطتان بعوامل بيولوجية كما تخضع لدوافع شخصية واعتبارات اجتماعية وأخلاقية.
ثم تلا ذلك ظهور دراسات عديدة مع نهاية القرن التاسع عشر في عدة دول أوربية ولكن تحت عناوين تتصل باسم التنمية على أيدي الكثير من الجغرافيين الألمان أو الفرنسيين مثل راتزل وهيتنر وفيدال دي لابلاش وديمانجون وماكس سور كذلك قام بعض الجغرافيين البريطانيين بدراسات عن حركات السكان في المناطق الريفية إلى المدن وما ينتج عنها من تناقص في الأيدي العاملة في الأراضي وأثر ذلك على التركيب السكاني ثم أثر تلك الهجرات على تزايد النسبة العددية لكبار السن وما يترتب عليها من ارتفاع معدل الوفيات وتناقص معدل المواليد.
وتوالت بعد ذلك دراسات عن السكان منها دراسة (توماس روبرت مالثوس) الذي تناول ظاهرة الزيادة السكانية وعلاقتها بإنتاج الغذاء، حيث رأى بأن قدرة السكان على التزايد أعظم بكثير من قدرة الأرض على إنتاج وسائل العيش للإنسان، أو حسب الصيغة الحسابية فإن تزايد السكان يتم حسب متوالية هندسية، بينما تزداد الموارد - ولاسيما إنتاج الغذاء - حسب متوالية عددية. وهذا سيكون العائق النهائي لنمو السكان. لذلك يرى بأن الطريقة الوحيدة التي تستطيع بها الدولة أن تتخلص من الفقر الدائم نتيجة ضغط سكانها على مواردها هي الحد من نمو سكانها بممارسة المنع الحريص.
وواصلت الجغرافية في اهتمامها بالسكان وتناول خصائصهم الاقتصادية والاجتماعية، ولكن ضمن الدراسات التي توصف بالجغرافية البشرية. ومن الطبيعي أن ظاهرة الانفجار السكاني التي ظهرت في العالم منذ الحرب العالمية الثانية قد استقطبت اهتمامات العلم بكافة فروعه لمعرفة أسباب الظاهرة ونتائج استمرارها الاقتصادية والاجتماعية. فكان من بين هذه الفروع أن اهتمت الجغرافية بهذه الظاهرة على أنها واحدة من الخصائص المكونة للمكان ككل أو كأجزاء وذلك تحت فرع حديث من فروع الجغرافية البشرية يعرف بجغرافية السكان الذي أماط اللثام عن مغزاها الجغرافي الأمريكي (تريوارثا) وذلك في خطابه الذي ألقاه أمام اتحاد الجغرافيين الأمريكيين عام 1953 حيث أوضح في تعريفه الجغرافية السكان بأن مضمونها يتركز في فهم التباينات الإقليمية في الغطاء السكاني للأرض، ودراسة العوامل المؤثرة في هذا الغطاء.
وتواصلت كتابات الباحثين بعد تريوارثا بشكل أدت إلى اتساع دائرة مضمونها، كما هو الحال في مؤلفات كل من بيجو جارينير - وهي باحثة جغرافية فرنسية، والتي حددت مفهوم جغرافية السكان بأنها تهتم ببحث الحقائق الديموغرافية في بيئتها الحالية ودراسة الأسباب وخصائصها الأصلية ونتائجها المترتبة عليها، وتبين هي الأخرى ثلاثة مستويات من المشكلات تتضمن توزيع السكان على سطح الأرض، وتطور المجتمعات البشرية ثم درجة النجاح والتقدم الذي حققته.
ويأتي (جون كلارك) أحد الجغرافيين الانكليز ليحدد مفهوم جغرافية السكان بأنها تهتم بتحليل الاختلافات المكانية في التوزيع والتركيب والهجرات والنمو السكاني وعلاقتها بتباين الخصائص البيئية. ويميز كلارك بذلك بين جغرافية السكان والديموغرافية Demography في أن الأولى تهتم بفهم التباين في المتغيرات الديموغرافية وعلاقتها بباقي المتغيرات المرتبطة بها، أما الديموغرافي فإنه يكرس جهده للأرقام ويعتمد بالدرجة الأولى على الأساليب الإحصائية بينما الجغرافي السكاني يربط الأرقام بالأماكن ويعتمد على الخرائط.
أما الجغرافي الأمريكي زيلنسكي Zelinsky فيعرف جغرافية السكان بأنها العلم الذي يدرس أساليب تكون الشخصية الجغرافية للأمكنة وانعكاسها على مجموعة الظاهرات السكانية التي تتباين في الزمان والمكان كما أنها تتبع قوانينها السلوكية متفاعلة الواحدة مع الأخرى ومع الظاهرات الديموغرافية المتعددة.
وبذلك فإن (زيلنسكي) يحدد ثلاثة اهتمامات رئيسة الجغرافية السكان تتمثل بالآتي:
1- وصف مبسط لتوزيع أعداد السكان وتباين خصائصهم مكانيا، أي أين توجد ؟
2- تفسير التباين المكاني لهذه الأعداد والخصائص، أي بالتحديد: لماذا توجد
بالشكل أو النمط الذي هو عليه؟
3- تحليل العلاقات المتبادلة بين المتغيرات السكانية من جهة، وبين المتغيرات الجغرافية المتمثلة في خصائص المناطق أو الوحدات المكانية وسماتها من جهة أخرى.
وتحدد الجغرافية الفرنسية بيجو جارينير Beaujeu Garnier مهمة الجغرافي السكاني في بحث الحقائق الديموغرافية في بيئتها الحالية ودراسة الأسباب وخصائصها الأصلية ونتائجها المترتبة عليها. وبذلك فإن "جارينير" تحدد ثلاثة مستويات من المشكلات تعالجها جغرافية السكان هي توزيع السكان على سطح الأرض، وتطور المجتمعات البشرية ثم درجة النجاح والتقدم الذي حققته.
وكان للمدرسة الجغرافية العربية رأيها في مفهوم جغرافية السكان رغم تأثرها بالمدرسة الغربية. فهذا أبو عيانة يعرفها بأنها " ذلك الفرع من الجغرافية البشرية الذي يعالج الاختلافات المكانية للخصائص الديموغرافية للمجتمعات السكانية ويدرس النتائج الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن التفاعل المرتبط بينها وبين الظروف الجغرافية القائمة في وحدة مساحة معينة . ويعرفها " العيسوي " بأنها " ذلك الفرع من الجغرافية البشرية الذي يتناول بالبحث الاختلافات المكانية والأنماط والعوامل المختلفة المتعلقة بتوزيع السكان وخصائصهم وحركتهم وحجمهم في إقليم ما، وأثر ظروف المكان الطبيعية والاقتصادية والاجتماعية في تفاوت سماتهم. بينما يعرفها الخريف بأنها فرع من فروع الجغرافية البشرية تهتم بوصف التباين المكاني في توزيع السكان ونموهم وتركيبهم وهجرتهم، وتفسير ذلك من خلال ربط هذه الاختلافات المكانية بخصائص الأماكن سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو طبيعية أو بيئية بينما يعرفها آخرون بأنها ذلك الفرع من الجغرافية البشرية الذي يعالج الاختلافات المكانية للخصائص الديموغرافية للمجتمعات البشرية. ويدرس النتائج الاقتصادية الاجتماعية الناجمة عن التفاعل المرتبط بينها وبين الظروف الجغرافية القائمة في مكان معين.
وبناءً على ذلك، يمكن تعريف جغرافية السكان بأنها: ذلك الفرع من الجغرافية البشرية الذي يهتم بتحليل الاختلافات المكانية والزمانية لخصائص سكان المجتمعات بتقسيماتها الإقليمية المختلفة وعلاقاتها مع غيرها من المتغيرات الطبيعية والبشرية وانعكاس ذلك على تكون الشخصية الجغرافية السكانية للأمكنة.
وفي ضوء ما تقدم فإن الخطوط المشتركة في دراسة جغرافية السكان يمكن تصنيفها إلى الأسس الآتية:
1- عدد السكان وتوزيعهم.
2 خصائص السكان وتتضمن:
أ- خصائص السكان الطبيعية كالنوع والعمر.
ب- خصائص السكان الاجتماعية مثل الحالة الزواجية والحالة التعليمية وحجم العائلة وحالة السكن والثقافة واللغة والدين والمجموعة الاثنوغرافية.
ج- خصائص السكان الاقتصادية والمهنية والدخل وغيرها.
3- حركة السكان مثل الخصوبة والوفاة والهجرة والانتقال.
وبناءً على ما تقدم فإن دراسة السكان تبدأ بثلاثة أسئلة رئيسة تكون في الواقع مجال الدراسة وإطارها العام، وهي:
1- كم عدد السكان الذين يعيشون في منطقة محددة يكونون مجتمعاً ذا صفات مميزة؟ وما هي التغيرات التي تطرأ على هذا الحجم السكاني وتؤثر فيه بالزيادة أو النقصان؟ ويقصد بها المواليد والوفيات والهجرة، ومحاولة فهم احتمالات التزايد أو التناقص في المستقبل وبالتالي الوصول إلى حجم تقريبي للسكان في سنوات مقبلة، أي تقدير السكان.
2- ما نوع السكان الذين تضمهم المجموعة السكانية، وما هي مظاهر اختلافهم عن غيرهم من المجموعات الأخرى وبالتالي ما هي خصائصهم السكانية الكمية – ويقصد بذلك تركيب السكان وتقسيمهم حسب فئات طبيعية أو مكتسبة (التركيب العمري النوعي الاقتصادي العرقي الزواجي، التعليمي، اللغوي، الديني، البيئي).
3- كيف يتوزع السكان في المنطقة التي يعيشون بها؟ وما هي العوامل والمتغيرات المرتبطة بهذا التوزيع.
وعلى امتداد المدى الزمني، شهدت الدراسات الجغرافية السكانية تنوعاً في أهدافها ومضمونها ومنهجها بشكل يساير ويتوافق مع حاجات المجتمعات وما تعانيه من ظاهرات سكانية تؤثر فيها وتتأثر بها، خاصة في ظل الاتجاه التطبيقي للدراسات الجغرافية التي ركزت اهتمامها على معالجة المسائل الآنية والمشاكل الجارية بغية المساعدة في تحليلها ودراستها وإيجاد الحلول المناسبة لها، ولعل الإمكانيات المتوفرة لدى الجغرافية المعاصرة، كنتيجة للتقدم العام في كافة العلوم
الأساسية والأساليب الفنية الجديدة وتكنولوجيا المعلومات قد عملت على توسيع المناحي الحالية وتطوير أخرى بشكل زادت من كافة المساعي البحثية وقد شوهد ذلك جلياً في جعل أغلب المشروعات الخاصة بجغرافية السكان والقابلة للتطبيق.
وبذلك يمكن القول إن البحث في جغرافية السكان يجب أن يكون موجهاً بحيث يكون استجابة للحاجات الاجتماعية، بمعنى أن البحث يستجيب للمطالب والتوقعات، وتستطيع جغرافية السكان بذلك تقديم خدماتها إلى القطاعات المهنية مثل الخدمات المجتمعية التعليمية الصحية ،البلدية الدينية، الترفيهية والسياحية السكنية.. والعائلية والتنبؤ السكاني، والقطاع الطبي والهندسي والمجالات والمشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والمؤسسات الوطنية المختلفة، كما تساهم بشكل فعال في التخطيط الاقتصادي والاجتماعي، ورسم السياسات والتشريعات في ظل توفير قاعدة من البيانات والمعلومات الخاصة بالسكان وخصائصهم المختلفة وتغيراتهم الديموغرافية التي تشكل الركائز الأساسية للتخطيط الناجح ، وبذلك يصبح جغرافي السكان بمثابة مشاركين في عملية التنمية والتنمية المستدامة لشمولية منهجهم الذي يتناول كل جوانب السكان وما يتعلق بحياتهم المختلفة.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|