أقرأ أيضاً
التاريخ: 26/11/2022
1575
التاريخ: 2024-09-15
325
التاريخ: 19/11/2022
4084
التاريخ: 31-8-2019
2188
|
عند دراستنا لمشكلات الأطفال والناشئين والبالغين يهمنا عادة معرفة كمية النوم ونظامه؛ إذ ان كثيرا من المشكلات قد ينتج مباشرة من الاجهاد الجسمي والعصبي الذي لا سبيل إلى التغلب عليه إلا عن طريق النوم.
وكثير من حالات الانقباض ونوبات الغضب، والكسل، وضعف القدرة على التركيز، وانعدام الاستقرار، وكثرة الوقوع في الخطأ، وفقدان التوازن الحركي، وما إلى ذلك، قد يرجع عند الصغار والكبار إلى قلة أو سوء نظامه أو اليهما معا - ويلاحظ ان حالات الأطفال العصبية من تهتهة، ومص اصابع وقرض أظافر، وما إلى ذلك تزداد في الأيام التي لا ينامون فيها جيدا بشكل كاف.
ويدعي بعض الناس احيانا أنهم لا ينامون إطلاقا، ولكن هذا غير ممكن.
فهؤلاء للناس ينامون نوما خفيفا متقطعا لا يكادون يشعرون به. وقد دلت التجارب على ان الإنسان لا يمكن ان يواصل حياة عادية إذا ترك النوم مدة تزيد على ثلاثة أيام او اربعة؛ حيث تبدأ حالات انقباض و(هلوسة)، وفقد للتوازن، وفقد شديد للقدرة على التذكر وما إلى ذلك. وقد اجريت تجارب على الحيوان فثبت ان الكلاب تموت إذا لم تنم بضعة ايام.
ونظرا لأهمية النوم الحيوية. ولشدة غرابته كظاهرة؛ اتجه لبحثه كثير من العلماء، واجروا حوله التجارب، ووضعوا النظريات. ولا يمكننا في هذا المجال أن نتعرض لهذه البحوث الفسيولوجية والكيميائية والهستولوجية والسيكلوجية، وإنما نكتفي بالإشارة إلى نظرية (كلاباريد)، الذي يرى أن النوم ليس نتيجة لحلول التعب، وإنما هو وظيفة حيوية يقوم بها للكائن الحي ليقي نفسه من حلول التعب. فالنوم في رأي (كلاباريد) هو صمام الأمان. هذه هي النظرية البيولوجية المقبولة، وهي تفرض كذلك أن النوم من خصائص الكائنات الحية الراقية، ذات المجموع العصبي المركزي.
تدل هذه المقدمة على القيمة الحيوية للنوم، وعلى ان النوم تهمنا دراسته من النواحي الوقائية والعلاجية، ويهمنا بنوع خاص ان يكون الناشئ فيه عادات صالحة.
الحاجة إلى النوم عند الأطفال:
يلاحظ أن الطفل الصغير ينام كثيرا، إذ لا يستيقظ بعض صغار الأطفال إلا للتغذية؛ ولكن مدة النوم عند الأطفال تقل تدريجيا إلى ان تصل حدها الأدنى وهو ثماني ساعات تقريبا عند البالغين، ولا يتجاوز عادة هذا الحد الأدنى إلا في مرحلة الكهولة. وحاجة الطفل إلى النوم الكثير حاجة طبيعية، فعملية النمو السريع التي تبطئ تدريجيا بتقدم الطفل في عمره، تستنفد منه مجهودا كبيرا يستغل في عملية الهدم والبناء اللازمين لأنسجه الجسم، ولا بد له من تعويض هذا المجهود في اثناء النوم؛ بإراحة نفسه راحه تكاد تكون تامة. ويخطى من يعتقد ان الطفل لا يبذل مجهودا في أثناء ساعات يقظته، فملاحظة الطفل تدلنا على أنه دائب الحركة، لا ينقطع نشاطه، فهو يجري ويمشي، ويتأمل، ويفكر، ويمرن عضلات يديه ورجليه وأعضاء نطقه، وهذا كله مما يساعده
على فهم العالم المحيط به، ويؤدي إلى كسب مهارة عقليه وحركية تمكنه من حسن التعامل معه والملاءمة له، وبذلك يصير أكثر شعورا بالأمن فيه، وأجرا على تناوله، وتكييفه لرغباته وحاجاته. هذا كله يستفيد منه مجهودا كبيرا، لا يشعر به في أثناء بذله له؛ اذا أنه يصرف غالب هذا الجهد في صورة لعب لذيذ. وهذا المجهود وحيث أن النمو يقل تدريجيا بتقدم العمر، وكذلك النشاط التلقائي الذي أشرنا إليه يقل أيضا مع تقدم السن، فيحل محله عمل جدي محدود، فان الحاجة إلى النوم نفسها تقل كلما كبر الطفل، ولكنها لا يمكن أن تنعدم.
ففي الشهر الأول ينام الطفل عشرين ساعة تقريبا، ثم ينخفض ما يحتاجه من ساعات النوم، إلى لن يصل إلى اثنتي عشرة ساعة في سن الرابعة، وإلى ما يقرب من تسع ساعات أو عشر في دور المراهقة، ثم إلى ما يقرب من ثماني ساعات عند اكتمال النمو.
وهناك بين الأطفال كما بين الكبار فروق فردية، فلا يجوز تقنين ساعات النوم أو مواقيتها أو ظروفها تقنينا محدودا جامدا، كما لا يجوز ترك الأمور بغير تنظيم. فنوع من النظام يقتصد مجهودا كبيرا بالنسبة للأمهات، وله أثره الحسن في صحة الأولاد. وبعض الأشخاص بطبيعتهم يحتاجون لساعات نوم اقل او اكثر مما يحتاج إليه الشخص المتوسط الذي من نفس العمر؛ ولو أن عدد ساعات النوم يتوقف أيضا على حالة الشخص الجسمية من حيث الصحة العامة والتغذية، وعلى الحالة النفسية من حيث الهدوء أو الاضطراب.
ويتوقف كذلك على الظروف التي ينام فيها الشخص من تهوية، ورطوبة، وحرارة وسكون. وما إلى ذلك.
نظام النوم:
يتناول نظام النوم مسائل عديدة بعضها خاص بمواعيده، وبعضها خاص بأمكنته، وبعضها خاص بحالة الشخص الجسمية والعقلية. ويمكن أن نقول: أن الشخص إذا كان في حالة شبع دون امتلاء، وإذا كان خاليا من الأوجاع والهموم، وكان في حاله عقلية هادئة غير متوترة، وكذلك إذا كانت الظروف المحيطة عاديه من حيث الهدوء والتهوية والراحة. وما إلى ذلك فانه يمكنه أن يحصل على نوم مفيد إذا كانت مدته كافية(1).
ويحتاج كل شخص كما قلنا، إلى عدد معين من ساعات النوم في كل أربع وعشرين ساعة. ويجب ان يكون قسط غير قليل من هذه المدة في أول الليل. كذلك يجب أن يحصل كل فرد على فترة راحة كاملة في اثناء النهار.
وهذه الفترة يحسن أن تكون قبل تناول الغداء. ويرى البعض أن تكون هناك مرة أخرى قبل تناول طعام العشاء.
وهناك عدد من المبادئ يتعلق بعضها بالظروف التي ينام فيها الطفل. فهل يحسن ان تهيأ ظروف الراحة التامة والهدوء التام للنوم، أو يخشى أن يتعود عليها الطفل، بحيث إذا جدت عليه ظروف أخرى فقدرته على النوم. للإجابة عن هذا نذكر ان الإنسان في حالة الضوء أو ارتفاع درجة الحرارة أو عدم ملاءمة الظروف باي صورة أخرى قد ينام، وفي أثناء نومه يحدث ما يسمى تكيفا سلبيا (Negative Adaptation) وبه يبذل الانسان مجهودا اضافيا لمنع اثر هذه المؤثرات الخارجية، ولذا نجد أن من ينام بحالة جسمية وعقلية طيبة في ظروف طيبة يحتاج لساعات نوم اقل ممن ينام في ظروف غير مريحة. ولكنا نذكر هناك أيضا أن القدرة على بذل هذا المجهود الإضافي يجب أن تكون موجودة إلى حد ما عند كل شخص، حتى يستعملها إن جدت ظروف لا تكون في الحسبان.
ولا يمكننا التعرض هنا لكل قواعد نظام النوم، ولكن يهمنا: معرفة اتجاهات الآباء نحوه. أول هذه الاتجاهات ان نظام النوم لا يجوز ان يفرض على الطفل بروح الارغام، لأن إرغام الطفل وتحديه فيما يتعلق بالنوم، يترتب عليه انحسار الطفل وقد يترتب عليه تعويده المعاندة، وربما ينتج عنه كراهية الوالدين. ثم ان الارغام نفسه يخلق في الطفل مقاومة. ولو غير ظاهرة، وبذلك ينعدم التراخي اللازم قبل النوم. بالإضافة إلى ذلك لا يجوز أن يستعمل النوم أداة من أدوات التهديد. لأن اقل ما في هذا. أنه يوحي للطفل بفكرة أن النوم أمر يجب تفاديه وتجنبه. ويجب أن يكون موقف الآباء نحو النوم موقفا طبيعيا هادئا، ولا يجوز ان يكون النوم موضوعاً يكثر ما يحوز حوله من النقاش، خصوصا على مسمع من الأطفال.
ويحسن ان ينام الطفل في سرير مستقل من اول الأمر. وينبغي ألا ينام في غرفة والديه بعد سن السنة والنصف، فكثير من حالات الاضطراب النفسي تنشأ من مشاهدة العلاقة الحميمية بين الوالدين في سن مبكرة. من العمر فيحسن ان يذهب للنوم صغارهم اولا، ولا يرسلون جميعا في وقت واحد حتى لا يحدث احتكاك بينهم.
ويحسن ان تراعى حالة الطفل قبل نومه، فيكون هادئا مسرورا، وليس من الحكمة مفاجأة الطفل بمنعه من اللعب ثم إرساله للنوم. بل يحسن إنذار الطفل، وإعطاؤه مهلة كافية، كأن يقال له أنه بعد عشر دقائق مثلا سينام، فليدبر أمر نفسه لإيقاف لعبته فترة، والبدء بالاستعداد للنوم.
ويلاحظ ان كثيرا من الأطفال يخافون الانتقال من حاله اليقظة إلى حاله النوم، لأن النوم والظلام كثيرا ما يرتبطان في ذهن الطفل بأمور مخفيه، ولأن كثيرا من الآباء يتركون المنزل بعد نوم الأطفال دون علم الأطفال انفسهم بذلك، ولأن الانتقال من حالة اليقظة المعروفة الواضحة إلى حاله النوم الغامضة غير المفهومة يخيف، بحسب ما لاحظنا على بعض الأطفال في سن تقع تقريبا بين الثانية والرابعة(2). لهذا كله يحسن قدر الإمكان تفادي كل ما يجعل النوم مخفيا أو مكروها حتى يتمتع به الطفل كما يجب.
ويحسن ان ينام الطفل مجرد ذهابه إلى فراشه أو بعد ذهابه إليه بمدة قصيرة، فإن لم يحدث هذا فليؤجل ميعاد نومه نصن ساعة مثلا، على ان يعوض له ذلك النقص في وقت آخر. وتعديل بسيط مثل هذا - اذا احتاج الأمر إليه - تكون له في هذه العادة نتائج طيبة.
كذلك يحسن ان يقوم الطفل مباشرة بعد استيقاظه لأن بقاءه مدة طويلة في فراشه بعد استيقاظه يعطيه فرصة للجلبة او لأحلام اليقظة، وفي مثل هذه الأوقات التي تقضى في الفراش في حالة اليقظة تبدأ عادة ممارسة العادة السرية.
ومن حالات العيادة حالة ولد في الخامسة والنصف له مشكلات عدة منها التبول، والعناد، وحك عضو التناسل إلى درجة الادماء، وغير ذلك من المشكلات! ولكن من مشكلاته أيضا أنه يصحو مبكرا جدا ويصبح توجيه اهله إلى ارساله مبكرا إلى فراشه، وكان ذلك من اسباب سهولة التغلب على هذه العادة وامكن كذلك توجيه اهله إلى ما يجب أن يتبع معه من تنظيم النشاط، وتحسين المعاملة، وتوضيح بعض ما كان غامضا بالنسبة للطفل من حيث العلاقات المختلفة الموجودة بين افراد المنزل. ونلك لأن انفصال ام الولد عن أبيه قبل أن يولد مشكلة عنده.
وكتمان ذلك عنه، وتعويده مناداة جده على أنه أبوه، ومناداة امه لجده في نفس الوقت على أنه أبوها، أوقع الولد في ارتباك شديد. ويغلب ان يكون هذا - بالإضافة إلى الأثر الناشئ من حالة أمه - بعض ما يفسر جزءا من مشكلاته.
بعض المشكلات العادية:
ومن المشكلات الهامة نقص قدرة الطفل على الانتقال من حالة اليقظة الى حالة النوم الا بمساعدة خارجية، كأن تحمله أمه على كتفها، أو في حجرها، أو تهزه، أو تنام إلى جانبه، أو ان يضع أصابعه في فمه. واعرف أن طفلا كان إلى سن الخامسة لا ينام الا اذا جلس في حجر أمه ووضع إصبعه في فمها وخير طريقة ازاء هذه المشكلات هي منع ظهورها بتاتاً من أول الأمر، لأن تثبيتها يجعل من العسير التغلب عليها او على مشتقاتها المتنوعة العديدة بتقدم السن. وصعوبة التغلب عليها ناشئة من ارتباطها بالنوم، فنظرا لأهميتها للانتقال من حالة اليقظة إلى حالة النوم يصعب جداً ضبطها والتحكم بها.
ومن أخطاء الأمهات حمل الطفل وهزه لأقل صوت يخرج من فيه. مع أن صراخ الطفل ليس كله ألماً. فبعضه مجرد تمرين لعضلات الصوت، وبعضه صراخ احتجاج وبعضه صراخ ألماً. فمواجهة الصراخ تكون بإزالة أسبابه لا بمحاولة ايقافه إيقافا مؤقتا. وبعض الأمهات يحملن الطفل لا لسبب الا بقصد التسلي به. ولا يجوز ان تنظر الأم للطفل كدمية جيء بها لتسليتها الخاصة، وإنما يجب أن تنظر إليه كفرد له كيانه الخاص به والأمهات اللواتي يكثرن من حمل ابنائهن والالتصاق الجسماني بهم هن في العادة الأمهات اللواتي يملكن ميولا أو هوايات او لا يشعرن بحب ازواجهن أو من حولهن، فلا يجدن اللذة لأنفسهن الا في ابنائهن. وهؤلاء، يصعب عليهن جداً تربية أبناء يعتمدون على أنفسهم. وفي كثير من الأحوال ينال الطفل ما يناله من حمل وهز واكثار من الضم.. إلى غير ذلك، وعندما تصل سنه إلى الرابعة او الخامسة، وتجد الأم أن الطفل قد كبر، ولم يعد كالدمية كما كان من قبل، أو تجد الأم انها أنجبت طفلا آخر به مجال أصلح ممن قبله للتعبير عن انفعالاتها المكبوتة، تحدث صعوبات كثيرة من الطفل الكبير، ويقال عنه علناً: انه صار ثقيلا غير مقبول بعد أن كان خفيف الروح. وقد يبدأ عندئذ يخرب، أو يثور، أو يقلق في نومه، أو يظهر بغير ذلك من المشكلات العديدة الناشئة من أنه لا يرغب في التنازل عن امتياز معين بعد أن ناله وتمتع به زمنا، وصار بطريقة ضمنية حقاً مكتسباً في نظره.
وقاعدة عامة حكيمة هي ان يسأل الآباء أنفسهم إن كانوا يريدون استمرار أسلوب المعاملة الذي ينتهجونه مع طفلهم إلى أن يصل الطفل إلى مرحلة اكتمال للنمو ام لا. فإذا لم يريدوا استمرارها إلى اكتمال النمو، فلا يجوز الالتجاء إليها في أي عمر مهما كان صغيرا. بدعوى أنه يمكن الاستغناء عنها مع تقدم السن. ولا يجوز تجريبها، الا إذا كانت ضرورية لهذه المرحلة، ويسهل تحرير الطفل منها بالتدريج مع النمو.
ويلاحظ ان في تعويد الأطفال ألا يناموا الا إذا كان الكبار قريبين منهم مجالا طيباً لإثبات ذاتيه الأطفال بصورة لا مبرر لها، ولإخضاع الكبار لإرادتهم، مما يؤدي حتما - ان عاجلا أم آجلا - إلى احتكاك إرادة الطفل مع ارادة الكبار. ويمكن بسهولة لن نستنتج ما قد يؤدي إليه هذا الاحتكاك عند نفاد صبر الآباء.
ومن اخطاء الوالدين اقلاق راحة لطفل في أثناء نومه لأسباب تافهة فلا يجوز في حاله حضور الضيوف متأخرين في أثناء الليل ان يوقظ الطفل من نومه، ليراه الضيوف. وقد يكون الدافع أنانياً من جانب الأم، أي جانب الضيوف، او كليهما، كسحب سماع كلمة ثناء، او حب المفاخرة، وغير ذلك. ومثل هذا يحدث من بعض الآباء إذا لم يروا ابناءهم طول النهار لانشغالهم، فيوقظوهم ليتسلوا بهم، وقد يحضرون لهم معهم بعض أدوات الإغراء كاللعب والحلوى وغير ذلك. وهذا يستثير الأطفال ويهيجهم، ويجعل النوم عليهم بعد ذلك صعبا, ولا يجوز إقلاق الطفل ليلا بعد أن ينام؛ إلا إذا كان قد استوفى مدته عند النوم.
وفي حالات كثيرة نجد الطفل تكثر طلباته عند النوم؛ فهو يريد أن يتبول، او يشرب، أو يقول لأمه كلاما او غير ذلك، وهذا في العادة معناه أن الطفل يعتمد اعتماداً كبيرا على شخص معين، ويساوره شعور بالقلق خوفا من ان يتخلى عنه هذا الشخص مما يترتب عليه فقد امتياز معين.
وعلى وجه العموم يكون معناه ان الطفل غير شاعر بالأمن الكافي، فيتلمس الطرق التي قد تشعره به. وفي هذه الحالة علينا ان ندرس ظروفه، لنرى ما يكون قد أدى إلى هذه الحالة. فربما كان السبب أن خادمة تركت المنزل، بعد أن تعلق بها الطفل تعلقا شديدا لا يقدره الكبار في الغالب، ويجب قدر الامكان ألا تهيا الظروف بحيث يلتصق الطفل بأناس يحتمل جدا ان يختفوا من بيئته. وربما كان السبب ان في ذهن الطفل احتمالا غامضا بان والديه سيتركان المنزل بعد نومه دون أن يصارحاه بذلك، ودون ان يروضاه على الا يخاف النوم بمفرده احيانا. وربما كان السبب أن والدته عودته أن ينام في حضنها ثم تتركه بعد إعفائه فيقرم ولا يجدها إلى جانبه.. إلى غير ذلك من مئات الأساليب التي تقلل من شعور الطفل بالأمن او بالثقة فيمن حوله، والتي يرتبط كثير منها في ذهن الطفل بالنوم.
ويشبه كثرة طلبات عند النوم أرقه، من حيث الأسباب التي تؤدي إليه، ولهذين النوعين من المظاهر اسباب اخرى، كالتخويف بالقصص المزعجة وبأساليب التخويف والتهديد المختلفة، وما إلى ذلك.
ولعل اهم اسباب الأرق في اجزاء الليل المختلفة هي الرغبات المكبوتة، ومعروف ان الذات العليا او الضمير اللاشعوري عنصر كابت يتع عادة في نزاع مع الـ(هي)، لذا ينسب الأرق احيانا إلى يقظة الضمير (خوفا من طغيان النزعات)، أو إلى الإحساس بالذنب، أو إلى الخوف من الوقوع في الخطأ؛ ومن أسباب الأرق الهموم والرغبات المعلقة غير المشبعة؛ ومن حالات هذا النوع حالة طالب في سن الثامنة عشرة يشكو من أنه يتبلد ذهنه آخر النهار، ويصير غير قادر على الفهم أو المناقشة، ويشعر بحاجته إلى النوم، فإذا ما ذهب إلى سريره تبدأ أفكار كثيرة في الظهور، ويصبح غير قادر على النوم ساعات طويلة، بل يستمر غالبا طول الليل، لا هو بالنائم ولا هو باليقظ، إلى أن تدوخ رأسه من كثرة الأفكار، وتتخلص حالته في ان لديه شعوراً بالنقص ظهر بوضوح بعد وفاة اخيه الأكبر الذي مات بعد وفاة والده، وسبب شعوره بالنقص انه يشعر بعدم قدرته على سد الفراغ الذي حدث بوفاة اخيه، وهناك أسباب أخرى لشعوره بالنقص منها شدة صغر جسمه، وعدم نجاحه في مغامرات صغار الشبان، سواء في تكوين الأصدقاء، أو في شهرته بينهم بما يناسب مقدرته، ومن مصادر مشكلاته أيضا مبالغة أمه في العطف عليه مبالغة أفقدته ثقته في نفسه، فهي تقضي له كل طلباته ولا ترغب في بعده عنها، وإذا خلفها أصابها المرض، واشعرته أنه السبب في مرضها، فأمه تسيطر عليه سيطرة شديدة بنوع من الضعف الذي تظهره، حتى أصبح الولد ضعيفا جدا أمام ضعفها. ولكنه ممزق بين خضوعه لضعفها، ورغبته في التخلص من هذا الخضوع.
ووصلت به الحال إلى انه يتمنى الموت بسبب ما هو فيه، ويشفق على أمه ان يؤدي بها ذلك إلى الحزن والمرض. والذي يقض مضجع الولد هو الافكار، واحلام اليقظة، وخيالات ترتبط بما عنده من رغبات مكبوتة، وصراعات نفسية عنيفة معقدة. وترجع كل هذه المظاهر في هذه الحالة إلى أسباب اخرى اعمق من هذه بكثير يرجع تاريخها إلى سني الطفولة الأولى، ولا تمكن الافاضة في بسطها في هذا المقام.
__________________________________________
(1) تكشف دراسة الأحداث المجرمين والمشردين عن بيوت لا يمكن بحال من الأحوال ان ينام فيما الطفل نوما مفيداً.
(2) شغلت مشكلة الدخول في حالة النوم والخروج منها إلى حلة اليقظة أذهان الفلاسفة والعلماء قديما وحديثا ولم يصلوا الى اجوبة شافية.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|