المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



الكناية  
  
5582   04:32 مساءاً   التاريخ: 26-09-2015
المؤلف : إبن أبي الإصبع
الكتاب أو المصدر : تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر
الجزء والصفحة : ص15-16
القسم : الأدب الــعربــي / البلاغة / البيان /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-1-2022 2161
التاريخ: 4-2-2020 48966
التاريخ: 5-2-2020 37400
التاريخ: 26-09-2015 2501

وهي أن يعبر المتكلم عن المعنى القبيح باللفظ الحسن، وعن الفاحش بالطاهر، كقوله سبحانه: كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ كناية عن الحدث. وكقوله تعالى: أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ كناية عن قضاء الحاجة، وكقوله عز وجل: وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا كناية عن الجماع، قال امرؤ القيس [طويل]:
ألا زعمت بسباسة الحي أنني ... كبرت وألا يحسن السر أمثالي
ذهب كل من فسر شعره من العلماء أنه أراد بالسر الوقاع، وكقوله سبحانه: وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ يريد به ما يكون بين الزوجين من المباضعة، وكقول الله تعالى: الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ ، وهو سبحانه يريد الزنا وعلى الجملة لا تجد معنى من هذه المعاني في الكتاب العزيز يأتي إلا بلفظ الكناية، لأن المعنى الفاحش متى عبر عنه بلفظه الموضوع له كان الكلام معيباً من جهة فحش المعنى، ولذلك عاب قدامة على امرئ القيس قوله [طويل]:
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع ... فألهيتها عن ذي تمائم محول
إذا ما بكى من خلفها انصرفت له ... بشقٍّ وتحتي شقها لم يحول
وقال أعني قدامة: وعيب هذا الشعر من جهة فحش المعنى، يريد أنه عبر عنه بلفظه، فجاء الكلام فاحشاً، وهو عيب، ولذلك تنزه القرآن عنه، ولو استعار امرؤ القيس لمعناه لفظ الكناية كما فعل في البيت الذي تقدم هذين البيتين لم يكن إلى عيبه سبيل.
وفي السنة النبوية من الكناية ما لا يكاد يحصى، كقوله صلى الله عليه[وآله] وسلم: لا يضع العصا عن كتفه كناية عن كثرة الضرب أو كثرة السفر.
وحكى ابن المعتز أن العرب كانت تقول: فلان يخبأ العصا لمن به أبنة ، وأنشد [رجز مجزوء]:
زوجك زوج صالح ... لكنه يخبا العصا
ومن أناشيد ابن المعتز لبشار في اثنين كانا يتفاعلان [خفيف]:
وإذا ما التقى مثنى وبكر ... زاد في ذا شبر وفي ذاك شبر
وأنشد لأبي نواس في الكناية عن جلد عميرة ما لا يدرك شأوه وهو [طويل]:
إذا أنت أنكحت الكريمة كفؤها ... فأنكح حبيشاً راحة ابنة ساعد
وقل بالرفا ما نلت من وصل حرة ... لها ساحة حفت بخمس ولائد
ومن أحسن الكنايات في الهجاء قول بعض الشعراء يهجو إنساناً به داء الأسد، فكنى عن ذلك ورمى أمه بالفجور بطريق الكناية أيضاً حيث قال: [وافر]
أراد أبوك أمك حين زفت ... فلم توجد لأمك بنت سعد
يريد به عذرة، ثم قال [وافر]:
أخو لخم أعارك منه ثوباً ... هنيئاً بالقميص المستجد
يريد: جذاماً فإنه أخو لخم.
وأنشد ابن المعتز في الكناية عن حجام لبعض الشعراء: [طويل]
إذا عوج الكتاب يوماً سطورهم ... فليس بمعوج له أبداً سطر
ومن نخوة العرب وغيرتهم كنايتهم عن حرائر النساء بالبيض، وقد جاء القرآن العزيز بذلك، فقال سبحانه: كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ وقال امرؤ القيس [طويل]:
وبيضة خدر لا يرام خباؤها ... تمتعت من لهو بها غير معجل
ومن مليح الكناية قول بعض العرب [وافر]:
ألا يا نخلة من ذات عرق ... عليك ورحمة الله السلام
سألت الناس عنك فخبروني ... هنا من ذاك يكرهه الكرام
وليس بما أحل الله بأس ... إذا هو لم يخالطه الحرام
فإن هذا الشاعر كنى بالنخلة عن المرأة، وبالهناء عن الرفث، فأما الهناءة فمن عادة العرب الكناية بها عن مثل ذلك، وأما الكناية بالنخلة عن المرأة فمن طريف الكناية وغريبها.
 




دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.