المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

الأمر بالأمر
10-9-2016
محمد محسن بن مرتضى بن محمود
31-8-2020
ما يجب عليك كصحفي أن تفعله ؟
30-11-2020
مزارع المحاليل المغذية (مزارع البينات الصلبة)
19-4-2017
رقيقة معدنية foil
24-5-2019
أنواع تغيرات المادة
18-10-2019


حاجة الطفل الى عزة النفس  
  
1842   08:55 صباحاً   التاريخ: 30-1-2023
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : الأسرة ومتطلبات الطفل
الجزء والصفحة : ص319 ــ 330
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 15/10/2022 1137
التاريخ: 20-4-2016 2015
التاريخ: 18-5-2022 2568
التاريخ: 17/12/2022 1418

المراد بعرة النفس ان يرى الانسان نفسه عزيزاً وان له مرتبة وقدراً. ويرى لنفسه أهمية وقيمة ولا يبيع نفسه بثمن بخس . وهذه مسألة تحظى بالاهتمام من وجهه النظر الاخلاقية والتربوية.

ولتوضيح المسألة بخصوص هذه القضية؛ ان بعض الافراد يلجأون خلال مسيرة حياتهم الى ارتكاب الذنب، والذلة والدناءة، ويشترون لانفسهم الألم والمعاناة بشكل نقدي أو نسيئة، ومستعدون لتقتل اي نوع من الرذيلة على انفسهم، وكل ذلك ناجم عن عدم اعتباره لأي قيمة لشخصيته ويثبت بانه يتصور نفسه كائناً حقيراً لا قيمة له. بينما لو ان الافراد يرون لأنفسهم عزة معينة سيبذلون ما بوسعهم ليكونوا أعزاء ولا يبيعون انفسهم بثمن تافه. ولا يتقبلون الذلة والرذيلة ويطردون ذلك عن انفسهم، وهذا هو الأمر الذي نطالب به ونريده من الناحية التربوية بالذات.

حاجة الطفل الى عزه النفس:

الطفل بحاجة الى عزة النفس، ويتجلى هذا الأمر فيه بصورة الغرور، وطلب الشهرة، والجاه، والتظاهر، وحب التجليل، وحب المقام. كما ان المطالبة بالاحترام، والملاطفة، والمحبة والحنان تشير الى ان الطفل بحاجة الى عزة النفس.

انه يريد ان يكون موجوداً عزيزاً، ويحظى لدى والديه والآخرين بالمكانة والقربى، ويكون لدى نفسه أيضاً عزيزاً ومحترماً ويرى لنفسه قدراً ومكانة. ولهذا السبب فانه ليس مستعداً ليصغر نفسه أو ان يتقبل الاستصغار الذي يثيره حوله الآخرون. ان المضايقات التي يتعرض لها يعتبرها نوعاً من الاهانة لشخصيته ويبعد ذلك عن نفسه.

ان الطفل يشعر بالسرور عندما يرى مراعاة الآخرين لحرمته، ويملأ الفرح والسرور باطنه، وعملياً ينجذب أكثر نحو الذين يتعاملون معه بالحد الاقصى من الاحترام، حتى انه شوهد أحياناً في هذا المجال بان الطفل وبدلاً من ان يلجأ الى ابيه ويجلس في حضنه يتوجه الى غيره.

جذوره ومنشأه :

لابد من القول بأن الآراء مختلفة حول جذوره وعلله وعوامله ؛ إذ أن بعض علماء النفس يقولون بانه ناجم عن سعي الانسان لنيل السعادة وهو امر فطري في الانسان ويشمل جميع الافراد.

مجموعة أخرى من العلماء ترى أن مسألة المطالبة بالحرية والاستقلال من قبل الطفل هي وسيلة لتحقيق هذا الأمر.

وفريق ثالث يطرح بهذا الشأن مسألة حب الذات، والابتعاد عن المخاطر والعوامل الخطرة، ويقولون بأن هذا الامر يبعث على ان يرى لنفسه وزناً وقدراً وبالتالي يطرح مسألة عزته.

وحسب رأي علماء الاديان فان القضية كالتالي انه توجد في باطن الانسان نفخةً من الروح الالهية، كلها عظمة لا نهاية لها وهذا الامر هو الذي يسوق الانسان نحو عزة النفس، بحيث ان الانسان لا يتمكن فطرياً ان يضع نفسه في حالة يضطر معها الى ان يبيع نفسه رخيصاً أو ان لا يرى لنفسه قيمة وقدراً.

أهميته وضرورته :

ان هذه الحاجة في الطفل مهمة وتأمينها يحظى بأهمية خاصة. ومن جهة نظرنا لا توجد ثروة أفضل من ثروة عزة النفس للإنسان، ذلك ان راحة النفس والسعادة والروح السامية والافكار الراقية انما تتولد في ظلها.

ان الطفل الذي يمتلك عزة النفس يرى لنفسه قيمة وأهمية وعظمة وشرفاً أيضاً .

انه غير مستعد لان يفقد ماء وجهه، وتتحطم شخصيته ويقضى عليها. وعزة النفس هي الركن الأساس لسلامة النفس واستقلال الروح، وعامل لتمتعه بالخطوة لدى الجمع وسبب لبذل الجهد والمساعي الجديدة، ولتأمين الامنيات وبلوغ الغرور والشعور بالأباء.

اننا بحاجة لان نهتم بغرور الطفل وآرائه ونسعى من اجل عزة نفسه، وبغير هذه الحالة فان التمسك بالأصول الاخلاقية، والرجوع الى الاصول وضوابط الحياة الاجتماعية، ومراعاة  الحقوق، والابتعاد الانحرافات بالنسبة للطفل يعد امرا في غاية الصعوبة.

المخاطر الناجحة عن فقدان عزة النفس :

انما يمكن الوقوف على قيمة عزة النفس وادراك فوائدها عندما يفتقد اليها الطفل أو يعود صفر اليدين عما كان يتوقع منها. فالذي لا يمتلك عزة النفس يلجأ بكل سهولة الى التلوث والانحراف ويخسر نفسه امام الفقر، ولا يأبه ارتكاب الذنب، ولا يتأثر من الفضيحة بين المجتمع وتعريض ماء وجهه للخطر.

واحدى أسباب ميل الافراد الى الفحشاء والرذيلة تكمن في أنه لا يرى لشخصيته وانسانية أي ثمن أو قيمة، واحدى دوافع تكرار الانحراف والجريمة أنه لا يشعر بالخجل والحياء أمام الآخرين من علمه. انه يرى نفسه صغيرة وتافهة.

ان فقدان العزة بالنفس يفسح المجال امام فقدان الامن، والشعور بالوضاعة وحتى انه يصبح سبباً لهجوم الامراض العصبية عليه. وينكفيء غروره، ويبدأ بالتشكيل بشأن جدارته واعتباره، وتظهر فيه العقد وبالنتيجة يتوقف عن النمو. ولكم ان تنظروا الى المجرمين المحترفين ستجدون ان اساس ودافع الدناءة والرذيلة فيهم يمكن في انهم يرون ان كيانهم حقير وتافه.

على طريق تربية عزة النفس :

من الضروري في تربية عزة النفس ان يصدر نوع من التحرك والاقدام من قبل الآباء والمربين، ويسعون الى ان يتسم الطفل بعزة النفس والشعور بالفخر والاعتزاز. وأما سعيهم في ذا المجال يشمل الموارد التالية :

١- القبول والاحترام:

إذ يعد بحد ذاته ركناً في التربية. وقد قلنا آنفاً ان الطفل يجب ان يُقبل. سواء أكان جميلاً قبيحاً، ولداً أم بنتاً ، سالماً أم ناقصاً ، ذلك انه أمانة الله بيد والديه. ومن الضروري أيضاً ان ننظر له بعين الاحترام لكي يشعر بالأهمية ويدرك انه موجود عزيز ويشعر الابوين بالاعتزاز من امتلاكهم اياه.

٢- تأمين حاجاته:

لابد من تأمين احتياجات الاطفال بشكل معتدل ومتعارف عليه وان لم يكن بالإمكان تأمين متطلباته أحياناً من الضروري ان نبين ذلك للطفل بحدود فهمه وادراكه أو على الأقل لا ندع الطفل في معرض تلك الحاجة. أو اذا كان يعاني من الحرمان في ذلك الصدد يجب ان نقوم بتهدئته عن طريق الملاطفة والمواساة.

٣- التمهيد للفخر والاعتزاز:

بإمكانكم عن طريق الايحاءات والتلقين ان تفهموه بأنه مثلاً اكبر من ان يبكي بسبب الغذاء أو ان يشتكي امام الآخرين من فقره. ان ذكر القصص الاخلاقية بهذا الشأن مثمرة جداً ولا خير مطلقاً في ان نصوغ بعض القصص في هذا المجال ونذكرها له بشرط ان تكون من الناحية العقلية ممكنة الوقوع .

٤- ايكال مسؤولية معينة إليه :

الطفل يعيش في البيت ويجب ان يشعر بامتلاكه العضوية في البيت، ويجب ان يكون فرداً مسؤولاً ومكلفاً. اسندوا له عملاً ما لكي يشعر بشخصيته بأدائه لذلك العمل. حركوا غروره ليصب في طريق اداء المسؤولية ويعمل بشكل يتناسب مع جسمه وقدرته في تلك المسؤولية.

5- الاهتمام بأعماله ومنجزاته :

قلنا ان الطفل يتسم بالتظاهر، فهل هو سالم أم مريض، وهل هو مقبول أم لا، عندما يطالب بحاجة ما؛ إذ من المهم تربوياً ان نهتم بالطفل، ونحسب له حساباً. وان كان له طلب ما يجب ان نوفره له ونفهمه بأننا نرى له قيمة واعتباراً. ويجب ان نهيئ له الفرصة اللازمة لكي يعبر عن حالته ويقول كلمته.

ممارسة عزة النفس :

يجب ان نضطر الطفل ومنذ مراحل الطفولة الأولى بان يمارس مسألة عزة النفس ويتمرن عليها، لكي يتمكن في مرحلة الحداثة والشباب ان يدير نفسه بكل شرف وشهامة. وأما الموارد التي يمكن ان تذكر في هذه الممارسات كما يلي :

١- التحمل:

ما من شك في ان الافراد يتعرضون أحياناً خلال ايام عمره للمرض والألم، ويطلقون الدموع والآهات والأنين، وهذا الامر يتسم بشدة اكثر لدى الافراد والضعفاء والجبناء. ويمكن تفهيم الطفل منذ المراحل الاولى للطفولة بأن فائدة الآه والأنين تنفع في حدود اخبار الابوين واطلاعهما على ما يعانيه من الألم ليأخذوه الى الطبيب. وعندما يتم تأمين الدواء والعلاج يجب ان يقلل من اللجوء الى الآه والأنين، وخاصة عند الذي لا يملك القدرة على نجاته.

كما ان بعض الافراد يتعرضون في مسيرة الحياة الى الفقر والعوز، ان اظهار حالة الفقر امام الآخرين، الاستجداء من الآخرين، والشكوى من سوء الحظ ليس فقط لا يوجد حلا للفقر بل انه في أحيان كثيرة يصبح سببا للمزيد من الألم والمعاناة؛ إذ لابد من تحمل الفقر والعوز ولا نستجدي من الآخرين ومد ايدينا إليهم، كما يجب ان لا نتوقع ان يتحرق قلب احد علينا.

٢- ابعاد العزة الكاذبة:

يجب ان نضطر الطفل الى عدم تقبل العزة الكاذبة وعديمة الجذور، وان لا يحشر نفسه في الوادي الذي يظهر الآخرون فيه من خلال التملق والثناء، والرياء انهم يرون له قيمة واعتباراً. ان الاحترامات الغير مبررة والاستسلام لأمر لا اساس ولا جذر له لا يضيف شيئاً على مكانة الفرد بل على العكس سيصبح سبباً لمشاكل وصعوبات أخرى.

يجب ان نعلم الطفل ومنذ المراحل الاولى للطفولة انه لو تم التطرق الى تمجيد امر لا وجود له فيه لا ينبغي له ان يفرح. ولو مدحوه ببعض الظروف والاحوال الغير موجودة فيه يجب ان لا يفرح ويقول بكل صراحة ان هذه الخصائص غير موجودة لدي. وقال رسول صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الصدد: «احثوا التراب في وجه المداحين»، وبعبارة أخرى لا تدعو الآخرين ان يتناولونكم بالمدح الكاذب.

٣- السرور في قمة الألم:

وفي المراحل الاعلى يمكن ان نعلّم الطفل انه في قمة المعاناة والألم يجب ان لا يفقد طراوته وسروره ولا يخسر روحيته. وعندما يصاب بوعكة صحية معينة ليس المطلوب منه ان لا يشرع بالتأوه والأنين فحسب؛ بل يجب ان لا يفقد معاشرته للناس وسروره وضحكاته وسعادته أيضاً.

ونحن نعلم انه ليس من المناسب ان نتوقع من الطفل الصغير مثل هذا الأمر، ولكن نريد ان نقول ان التمهيد لذلك في الطفل امر متيسر لكي يمارس ذلك على الأقل، وعلى سبيل المثال عندما يريد أن يشرع بالبكاء ويئن من الألم، يجب ان نبادر الى الايحاء له لكي يضحك ويخرج من حالة البكاء حتى نوفق في الكبر الى مراحل أفضل وأعلى. وينبغي للطفل أن يحسب للألم حساباً آخر منفصل عن غيره من الحسابات. وبعبارة أخرى يجب أن لا تصبح المعاناة والمشاكل سبباً يؤدي إلى حرمانه من تقدير الآخرين له، وهذا الأمر يحتاج الى الامكانية والكمال الروحي.

٤ - تأمين احتياجاته الشخصية :

ومن احدى ممارسات عزة النفس أيضاً هو ان يبادر الى تأمين احتياجاته شخصياً، وان لا ينتظر قيام الآخرين بإنجاز عمل ما له. أن بعض الاطفال تربوا بشكل أدى بهم الى انهم لو حضروا الى المائدة مثلاً ولم يجدوا ملعقة أمامهم ينتظرون ان يقوم غيرهم ليجلب لهم الملعقة. ويعانون المضايقة من العطش والغصة بالطعام ويريدون من آبائهم أو أمهاتهم أو من الاخ أو الاخت ان يحضروا لهم الماء وينقذهم.

انه يجب أن يتربى بشكل يدفعه الى النهوض من مكانه، ويقدم على ما يحتاج لحياته وانقاذ نفسه ويعتبر ذلك ركناً اساسياً في الحياة الانسانية. طبعاً ان هذا الامر لا يحمل تبايناً مع الاسلوب القائل بأنه لو ظهرت في حياته المشاكل والصعوبات ولم يفلح في حلها بنفسه ان يطلب العون والمساعدة من الآخرين. إذن عليه ان يتحرك بنفسه أولا ومن ثم يطلب العون من الآخرين.

٥- عدم العجز والمسكنة :

وأخيراً من الممكن أحياناً ان يشعر الانسان بالعجز والتوقف من السعي وهو في قمة مساعيه وبذله الجهود . والواجب في هذه الحالة أيضاً هو عدم الاستسلام ، إذ ان التأوه والثبور امام احد الاعداء يسرهم ذلك، او امام أحد الاصدقاء الذي لا يملكون القدرة على ابداء المساعدة ويتألم لألمنا يقود نوعاً من ضعف الشخصية. إذ يجب ان نشتكي همومنا لدى من يملك القدرة على انجازها وبوسعه ان يسندنا ويأخذ بأيدينا.

ولغرض الوصول الى تحقيق هذا الهدف يلزمنا ان نكون مسيطرون ومراقبون جيدون للطفل في الحالات المختلفة التي تعرض له. وان نسدي له التوجيهات اللازمة عندما يقتضي الامر ذلك، وان نطلب منه ان يكون عزيزاً وأبياً ولا يغفل عن شخصيته وعزته.

العوامل المضرة بعزة النفس :

ما اكثر العوامل والظروف التي تلحق الضرر بغزة نفس الطفل، وتسبب على الأقل في عدم نمو هذه الحالة لديه. لابد للآباء والمربين ان يتسموا بالحذر في هذا المجال، ويحافظوا على الطفل ويبعدوه عن هذه العوامل. وبوسعنا في هذا الصدد ان نتطرق الى موارد كثيرة في هذا المجال، إذ ان بعضها كما هو مبين ادناه:

١- الاكثار من التدخل في شؤون الطفل حتى ولو كان بقصد مساعدته. إذ من الخطأ ان يلجأ الأبوان الى التدخل في جميع أمور ومسائل الطفل ويتسببوا في ازعاجه أو يقضون على ابداعاته. ولا بد من السماح للطفل ان يصوغ لعبته بنفسه، ويلبس ملابسه بنفسه، ويأكل بنفسه، بالرغم من ان هذا الأمر يتسب احياناً بخلق المزيد من المتاعب للأمهات.

٢- اهانة وتوبيخ الطفل من قبل الوالدين، وخاصة في حالة تكرار هذه الاهانات، وسلبها القدرة على الحركة وبذل الجهد من الطفل. ان مطالبتنا بأن لا يخطأ الطفل طلقاً عمل لا مبرر له. اذ من الواضح عادة ان الحركة والاقدام وبذل الجهد والعمل دائماً ما تكون مقرونة بالتعثر والسقوط والخطأ.

ألم تخطئوا وانتم في هذه المرحلة من العمر؟ ألم يسقط صحن من يدكم وينكسر؟ يا ترى هل حدث وان تسوغتم ذلك للوم لأنفسكم يوماً ما ؟ ان كان الجواب لا، إذن لماذا تسوغون ذلك بشأن الطفل؟ ان حالات اللوم والاهانة تؤدي الى جرح روح الطفل وعواطفه وتقضي على عزة نفسه.

٣- عدم اخذ الطفل بعين الاعتبار من قبل الابوين يعد طعنة للطفل. إذ انكم احياناً ترحبون بالضيوف بحرارة كبيرة بحيث تغفلون عن طفلكم، أو تضعون امام كل شخص من ضيوفكم صحناً وملعقة وطعاماً، ولكن نصيب الطفل من ذلك النسيان باعتبار انه طفل وسيأكل طعامه إما من صحن والده أو والدته. ان هذا العمل يجرح عزة الطفل، وانكم توحون له عملياً بأنه ليس من فصيلة الآدميين، لذا عليكم ان لا توافقوا على هذه الاهانة للطفل.

٤- حالات المقارنة واطلاق النعوت السيئة تعتبر من العوامل الأخرى، خاصة إذا كانت تلك المقارنة مع شخص يختلف معه الطفل ولا يجانسه. وآنذاك يقع الطفل في الاحراج والحياء ويزج في السباق ويفشل ويجد شخصيته قد تحطمت.

أي عمل هذا الذي يقوم به بعض الآباء والأمهات لغرض اثبات شخصيتهم وعظمتهم ويدفعون الاطفال إلى الاشتباك فيما بينهم من أجل التعبير عن أهميتهم.

٥- التخجيل وسط الحضور يعتبر من العوامل الأخرى ويمهد الارضية اللازمة لتخويف الطفل وكسر شوكته ويلحق ضرراً فادحاً بعزة نفسه. لا تعمدوا مطلقاً الى اسقاط ماء وجه الطفل وسط الجماعة لأنكم فيتلك الحالة ستفقدوه تماماً ولم تعودوا تملكوه، الشخص المحقر والمهان لا يمكنه ان يكون صاحب عزة نفس، ولا يمكن التعويل على الفرد الذي تعرضت شخصيته للتنكيل والتحقير. ولو كانت هناك ضرورة لألفات النظر واسداء النصيحة فمن الافضل ان يتم ذلك في الخفاء وعلى انفراد.

٦- حمله على المطالبة والاعتذار عن ذنبه يعتبر سبباً آخر لتحقير النفس وقتل عزتها. اعملوا على تلبية احتياجات الاطفال وخاصة الاحداث منهم لكي لا يضطر الى مطالبتكم بها بعجز واظهار الفقر والانكسار. ولو ارتكب خطأ أو انحرف وادركتم بانه نادم على فعلته تلك لا تطالبوه بالاعتذار منكم وسط الجماعة ويسقط ماء وجهه. فإذا اعترف بذنبه في الخفاء إصفحوا عنه. إذ ان هذا السلوك انسب للمحافظة على عزة نفسه .

دور أسوة الابوين:

ينبغي للآباء والأمهات ان يجعلوا انفسهم أسوة حسنة لأطفالهم، ويعطوهم درساً في عزة النفس بشكل عملي. وينبغي للأب ان لا يتحدث مطلقاً عن فقره وعوزه امام اطفاله، وإذا لم يكن يملك شيئاً عليه ان يقول ذلك بوجه منبسط لأبنائه، وليس بألم وحرقة ووجه مقطب. وعلى الأم أيضاً ان لا تتفوه مطلقاً عن سوء حظها وضعفها، وان لا تشتكي من متاعب الحياة المعيشية، وان كانت صعبة عليها ان تفصح عن ذلك بوجه منبسط لأبنائها.

ما أقبح الأب والأم الذين يحملان ابنائهما بوجهٍ باكٍ ويتجهان للاستجداء ويأخذان شيئاً من أيدي الناس عن طريق اظهار عجزهم وضعفهم في الوقت الذي يطلع فيه الطفل على هذه الحالة وما اكثره قبحاً حالة ووضع الأب والأم اللذان يعمدان الى طرح الطفل على قارعة الطريق ليستجدوا بهذا الاسلوب ويحصلوا على قوتهم. وما قيمة هذه الحياة التي يصار فيها إلى توفير قوت الطفل بهذه الطريقة، لكي يبقى على قيد الحياة ليس إلا. وما فائدة البقاء على قيد الحياة بدون عزة نفس. فان كانت هناك حاجة لمد اليد فيجب ان يحصل ذلك بعيداً عن انظار الابناء على الأقل، وان لا يتحول الابناء الى وسيلة لاستجداء الأبوين. وقد اظهرت الابحاث والتحقيقات العلمية ان زوال وتدمير عزة النفس بسيط جداً، وأما تأمينه واعادة بنائه فان لم يكن محالاً، فعلى الأقل يكون صعب جداً.

امارات عزة النفس لدى الطفل :

الاطفال الذين يتمتعون بعزة النفس لهم علائم كثيرة منها :

* الشعور بالسعادة والحيوية تجاه الحياة .

* الشعور بالفخر والاعتزاز من الانتساب والتعلق بأسرتهم وأبويهم وان كانوا فقراء.

* عدم اظهار العجز واليأس في حالة العسر والضيق.

* عدم اللجوء الى الشكوى والآهات والدموع عند المعاناة وفي حالة الضعف.

* الإباء والاعتزاز وعدم التملق امام الاطفال الاغنياء، والامتناع عن قبول مساعدتهم وحمايتهم في أحلك حالات الحاجة.

* امتلاك الجرأة والجسارة في اظهار الحقائق دون خوف أو وجل.

* الامتناع عن مدح النفس والاطراء والتضخيم في ذلك.

* اظهار نفسه كفرد غير محتاج وهو في قمة الاحتياج.

* الصمود امام الشدائد والمشاكل.

* عدم التغافل عن الهدف حتى في أشد حالات الاضطراب النفسي.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.