الإرهاب الإلكتروني وحرب المعلومات

أصبح الإرهاب هذه الأيام هو الهاجس الذي تعيشه جميع الدول ويتخوف منه الأفراد. حتـى أصبح جزءاً من الحياة اليومية، ولا يكاد يمر يوم دون أن تقع عملية إرهابية في مكان ما من العالم وأصبحت أنباء وأخبار الإرهاب تحتل الصدارة في وسائل الإعلام وتحظى بجذب انتباه النـاس عـلـى اختلاف مستوياتهم الثقافية وميولهم السياسية ومواقع وجودهم أينما كانوا على سطح الكرة الأرضية.

ورغم أن الإرهاب قديم قدم التاريخ إلا أنه في الوقت الحاضر اتخذ بعداً جديداً مثيراً للقلق خصوصاً بعد انتشار التقنية الحديثة بصورة مذهلة بشكل مكّن الإرهابيين من تنفيذ عمليات دموية مدمرة بأقل مجهود ودون تمكن الجهات الأمنية من منعهم ابتداءً أو ضبطهم بعد ذلك وبدون أية صدامات عسكرية. أصبح ارهاباً اليكترونياً يمارس من خلال الإنترنت وشاشات الكمبيوتر.

كانت بداية استخدام مصطلح الإرهاب الإلكتروني Cyberterrorism في فترة الثمانيات على يد باري كولين Barry Collin حيث قال بأنه "هجمة الكترونية غرضها تهديد الحكومات أو العدوان عليها، سعياً لتحقيق أهداف سياسية أو دينية أو أيديولوجية، وأن الهجمة يجب أن تكون ذات أثر مدمر وتخريبي مكافئ للأفعال المادية للإرهاب".

ويعرفه جيمس لويس James Lewiss على أنه "استخدام أدوات شبكات الحاسوب في تدمير أو تعطيل البنى التحتية الوطنية المهمة مثل: الطاقة والنقل والعمليات الحكومية، أو بهدف ترهيب حكومة ما أو مدنيين".

أما دورثي دينينغ Dorothy deningg فترى أن الإرهاب الإلكتروني هو "الهجوم القائم على مهاجمة الحاسوب، وأن التهديد به يهدف إلى الترويع أو إجبار الحكومات أو المجتمعات لتحقيق أهداف سياسية أو دينية أو عقائدية وينبغي أن يكون الهجوم مدمراً وتخريبياً ، لتوليد الخوف بحيث يكون مشابه للأفعال المادية للإرهاب."

وقد عرفه الدكتور عادل عبد الصادق بأنه " نشاط أو هجوم متعمد ذو دوافع سياسية بغرض التأثير على القرارات الحكومية أو الرأي العام باستخدام الفضاء الإلكتروني كعامل مساعد ووسيط في عملية التنفيذ للعمل الإرهابي أو الحرب من خلال هجمات مباشرة بالقوة المسلحة على مقدرات البنية التحتية للمعلومات أو من خلال ما يعد تأثيراً معنوياً ونفسياً من خلال التحريض على بث الكراهية الدينية وحرب الأفكار أو يتم في صورة رقمية من خلال استخدام آليات الأسلحة الإلكترونية الجديدة في معارك تدور رحاها في الفضاء الإلكتروني والتي قد يقتصر تأثيرها على بعدها الرقمي أو قد تتعدى أهدافاً مادية تتعلق بالبنية التحتية الحيوية.

يتألف مصطلح الإرهاب الإلكتروني Cyber Terrorism من كلمتين، كلمة مألوفةCyber ومتداولة وتعني الإنترنت والكلمة الأخرى Terrorism وتعني الإرهاب.

ينطلق تعريف الإرهاب الإلكتروني من تعريف الإرهاب نفسه والذي عرفته الاتفاقية الدولية لمكافحة الإرهاب في جنيف عام 1937 بأنه الأفعال الإجرامية الموجهة ضد إحدى الدول والتي يكون هدفها أو من شأنها إثارة الفزع أو الرعب لدى شخصيات معينة أو جماعات من الناس أو لدى العامة.، ولا يختلف الإرهاب الإلكتروني عن الإرهاب العام إلا في نوعية الأداة المستخدمة لتحقيق الغرض الإرهابي.

القاعدة الأساسية للإرهاب الإلكتروني هي: التقاؤه مع عالم الحاسوب، واستخدامه غير المشروع للقوة والتهديدات بضرب أجهزة الحاسوب نفسها والشبكات والمعلومات المختزنة فيها من أجل ترويع وإكراه الحكومات وشعوبها لتحقيق أهداف سياسية واجتماعية ولكي يعتبر ذلك إرهابا لا بد أن يؤدى إلى ترويع وإكراه الحكومات والأشخاص والممتلكات أو على الأقل التسبب في الضرر والخوف، وكذلك إحداث ضحايا وإيذاء بدني وانفجار وأضرار اقتصادية جسيمة والهجوم على البنية الأساسية واعاقة عمل الخدمات الأساسية.

وإذا كان الإرهاب يُعرف بأنه اعتداء على شخص ما وإصابته بأذى فعلي أو ذعر أو تهديد، فاليوم بدخول الحاسب الآلي والإنترنت في كل مجالات حياتنا، تلاشت الحدود بين الإرهاب بمفهومه القديم والإرهاب الإلكتروني، الذي أضحى تهديدا كبيرا في كل مكان. فمن الممكن مثلا اقتحام صفحة المستشفى ما وتهديد حياة المرضى عن طريق تغيير برنامج العلاج، ومن الممكن تهديد الاقتصاد باقتحام مواقع البورصة العالمية، كما يمكن أيضا التدخل في نظام الاتصالات، الكهرباء أو المياه بـل والسيطرة على نظام المواصلات والطيران، وبذلك يمكن تهديد بلد بأكملها، وإن وصل الأمر إلى التحكم في الشبكات الحكومية وشبكات الأمن وإغلاقها فستتم السيطرة التامة من جانب الإرهابيين.