أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-10-2016
5918
التاريخ: 18-1-2023
2151
التاريخ: 29-5-2022
7041
التاريخ: 23-1-2023
1596
|
المبحث الثاني
مبررات اللجوء إلى التمويل الدولي
يعد اختلال هيكل الموارد عاملاً أساساً في اللجوء إلى التمويل الخارجي لكونه يعكس اختلال هيكل الإنتاج والتراكم، وهذا يظهر بصورة انخفاض في مستوى عرض السلع والخدمات في الاقتصاد عن مستوى الطلب المحلي ومن ثم يساهم في ارتفاع المستوى العام للأسعار.
ويتطلب المسار السليم لعملية التنمية الاقتصادية وجود نوع من المواءمة النسبية بين الموارد واستخداماتها، حتى لا تكون ندرة الموارد سبباً في حدوث اختناقات متعددة في الاقتصاد كانخفاض معدل نمو الناتج المحلي نتيجة لانخفاض مستوى الاستثمار او زيادة الاعتماد على التمويل الخارجي نتيجة لندرة الموارد الأجنبية.. الخ. ومن المعلوم ان البلدان النامية تتسم باختلال هيكل الموارد الاقتصادية يتمحور بصورة رئيسة حول ثلاث فجوات هي: فجوة الموارد الداخلية المتمثلة بالفجوة بين الادخار والاستثمار وفجوة الموارد الخارجية المتمثلة بالفجوة بين الصادرات والاستيرادات وفجوة الموازنة العامة المتمثلة بالفجوة بين الإيرادات والنفقات، وهذه الفجوات المذكورة هي التي مدعاة للاستعانة إلى التمويل الدولي.
1- الفجوة بين الاستثمار والادخار( فجوة الموارد الداخلية)
تعبر الفجوة بين الاستثمار والادخار عن فجوة الموارد الداخلية التي تعكس مظهر الاختلال الداخلي، اذ ان هذه الفجوة تشير إلى قصور الادخارات الوطنية عن تغطية الاستثمارات الوطنية المطلوبة، فحجم الادخارات واسلوب توظيفها هو الذي سيحدد تكوين راس المال لان الامكانات المتاحة لتكوين الادخارات الوطنية تتفاوت من بلد إلى آخر تبعاً لما يمتلكه كل بلد من موارد طبيعية، فضلاً عمن طبيعة السلوك الادخاري الذي يتباين هو الآخر بين البلدان، وعليه اذا لم يستطع GDP عن توفير دخل كافي لتمويل الاستهلاك وتكوين مدخرات كافية للاستثمار المطلوب تظهر هذه الفجوة والتي تنعكس على شكل عجز، وعموماً فان البلدان التي استعانت بالتمويل الخارجي تعاني من قصور شديد في قدراتها الادخارية وبما يعيق استثماراتها.
2- الفجوة بين الصادرات والاستيرادات (فجوة الموارد الخارجية)
النمط الآخر الذي يعبر عن الخلل الهيكلي ينعكس من خلال فجوة الموارد الخارجية التي تمثل بدورها الفجوة بين الصادرات والاستيرادات الناجمة عن قصور في حصيلة الصادرات من السلع والخدمات عن تغطية قيمة الاستيرادات فيها، ان فجوة الموارد الخارجية هي انعكاس لفجوة الموارد الداخلية وهي تعبير عن مستوى التباين بين الطلب الكلي والعرض الكلي، ومن الناحية النظرية هناك علاقة قائمة بين الفجوتين الداخلية والخارجية على افتراض وجود تداخل احلالي كامل بين موارد كل منهما ، الا ان هناك ثمة اختلافات بين الفجوتين من حيث طبيعة العوامل المؤثرة في كل منهما، ذلك أن المدخولات المحلية عملياً لا تتمتع بدرجة احلال كاملة لتعويض الحاجة إلى الموارد الخارجية التي تتميز بدرجة احلال عالية للتعويض عن نقص المدخرات المحلية (4).
ويطلق على التحليل الذي يربط بين فجوة الموارد المحلية وبين فجوة الموارد الخارجية بنموذج الفجوتين Two Gaps Model وذلك لوجود تناظر بينهما ، فعندما تكون قيمة الاستيرادات في الاقتصاد القومي خلال مدة محددة تزيد عما يمكن الحصول عليه من النقد الأجنبي المتأتي من الصادرات خلال المدة ذاتها ، فان الفرق هنا لابد وان يُموّل من الخارج، وهذا التمويل الخارجي الآخر يعكس فجوة الموارد الخارجية او ما يطلق عليها احياناً (فجوة التجارة الخارجية) الذي لابد ان يناظر مقدار العجز في الادخار المحلي خلال المدد السابقة (5). ويمكن اثبات ذلك من خلال العلاقات الآتية :
Y=C+I+ (X-M)
اذ ان Y = الناتج المحلي لإجمالي
C = اجمالي الاستهلاك
I = اجمالي الاستثمار
X= الصادرات
M= الواردات
والمعادلة السابقة تشير إلى أن العرض الكلي يساوي الطلب الكلي ومنها نستنتج(6):
وبما ان الناتج المحلي يولّد دخلاً مساوياً له، وهذا الدخل يتوزع بين الاستهلاك والادخار فان:
Y= C+S
C+S=C+I+(X-M)
C+S+M=C+I+X
M-X=I-S
ومما سبق ظهر هناك تطابق بين الفجوتين. ففي حالة زيادة الاستيرادات على الصادرات تظهر فجوة الموارد الخارجية معبرة عن العجز في الحساب التجاري لميزان المدفوعات، وان ذلك العجز يُموَل عن طريق تدفقات رأسمالية خارجية (FC) فان:
I-S= M-X=FC
والمعادلة الأخيرة تعني ببساطة ان اجمالي استثمارات الاقتصاد القومي التي تفوق اجمالي مدخراته لابد وان تُموّل عن طريق تدفقات اضافية من رأس المال الأجنبي تعمل على تمويل الاستيرادات اللازمة لدعم عملية التنمية الاقتصادية.
ومن الجدير بالذكر ان التناظر بين الفجوتين الداخلية والخارجية قد لا يتحقق خلال المدد القادمة وذلك بسبب اختلاف الافراد والهيئات المسؤولة عن اتخاذ القرارات المتعلقة (بالادخار ـ الاستثمار)،(الصادرات ـ الواردات) وانعدام التنسيق بينهما، أو للتغيرات الاقتصادية الدولية المتعلقة بظروف السوق الدولية فضلاً عن الظواهر الاقتصادية كالتضخم او الكساد في السوق المحلية أو السوق الخارجية، أو تغيرات أسعار الفائدة. كل ذلك يؤدي إلى اختلال العلاقة بين المتغيرات المحددة للفجوتين ومن ثم لا تؤدي إلى تناظر الفجوتين في المستقبل، لكن من المحتم ان نظم الحسابات القومية تجعل من هذا التناظر ممكناً وبذلك تساوي الفجوتين في المدد السابقة (7).
وسبق ان بينا أن فجوة الموارد المحلية تنعكس في فجوة الموارد الخارجية وان الفجوتين تميلان إلى التناظر في المدد الماضية، لكن ذلك لا يعني ان تقدير احدى الفجوتين يعوض عن تقدير الفجوة الأخرى، ذلك ان كل فجوة من الفجوتين تشير الى عوامل ومتغيرات لا تشير اليها الفجوة الأخرى، لذا يُعدُّ تقدير كل فجوة على انفراد وتحديد العوامل المؤثرة فيها ومقارنتها بالفجوة الاخرى ذا أهمية كبيرة، اذ يمكن من خلال ذلك تخطيط السياسات الاقتصادية المناسبة وتنفيذها تلك التي من شأنها تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتعجيل عملية التنمية الاقتصادية.
3- الفجوة بين الإيرادات والنفقات (فجوة الموازنة العامة)
تعبر الفجوة بين الإيرادات والنفقات عن العجز في الموازنة العامة للدولة، وتعد جزء من فجوة الموارد الداخلية يكون مسؤولاً عنها القطاع العام(8)، ويطلق على التحليل الذي يربط بين الاختلال الداخلي المعبر عنه بفجوة الادخار - الاستثمار للقطاع الخاص وفجوة الإيرادات ـ النفقات للقطاع العام وبين الاختلال الخارجي المعبر عنه بفجوة الصادرات ـ الاستيرادات بتحليل نموذج الفجوات الثلاث.
وكما اثبتنا وجود تناظر بين فجوة الموارد المحلية و فجوة الموارد الخارجية ، يمكن أن نثبت أن فجوة الموازنة العامة هي جزء من فجوة الموارد المحلية من خلال العلاقات الآتية :
I-S=M-X
وبما أن اجمالي الاستثمار يتكون من الاستثمار في القطاع الخاص والاستثمار في القطاع الحكومي، وان الادخار يتكون من الادخار في القطاع الخاص والادخار في القطاع الحكومي فتكون العلاقة السابقة كالاتي(9):
(IP-SP)+ (IG- SG)=M-X
اذ ان IP= الاستثمار في القطاع الخاص
SP = الادخار في القطاع الخاص
IG = الاستثمار في القطاع الحكومي
SG = الادخار في القطاع الحكومي
ان الفرق بين استثمارات القطاع الحكومي وادخاراته يعكس لنا حالة الفائض او العجز في الموازنة العامة للدولة او الفجوة بين الإيرادات والنفقات والعجز في الموازنة العامة يعكس في التحليل النهائي فائض طلب Excess Demad في الاقتصاد القومي، ولما كان الإنفاق العام بشقيه الجاري والاستثماري، يمثل نسبة كبيرة من الطلب الكلي، لذا فان زيادة الطلب الكلي على العرض الكلي يعبر عن فجوة تضخمية (Inflationary Gap).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(4) د. سعد محمد عثمان، التحليل الكلي للاختلالات الهيكلية في الاقتصادات العربية وامكانات التصحيح، مؤتمر 13 لاتحاد الاقتصاديين العرب في المغرب، اذار، 2000.
(5) رمزي زكي ازمة الديون الخارجية - رؤيه من العالم الثالث الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1978، ص44- 45 .
(6) انظر:
- المصدر السابق ص 44-45
(7) د. محسن خلیل، تصدع الهيكل الثالث، دار الشؤون الثقافية، بغداد، 1989 ص 51.
(8) د. عبد الرزاق الفارس "الحكومة والفقراء والانفاق العام : دراسة لظاهرة عجز الموازنة واثارها الاقتصادية والاجتماعية في البلدان العربية " ، الطبعة الأولى مركز دراسات الوحدة العربية بيروت، 1997، ص 119 .
(9) انظر:
IMF Institute, "Work Shop on Medium- Term Saving and Investment Projections in Egypt", section 2-B-8W, 1993, P3.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|