مراحل تطور جغرافية النقل:

تعد جغرافية النقل فرعا من فروع الجغرافية الاقتصادية، وهي تركز على دراسة التوزيع الجغرافي لشبكات النقل المختلفة وخصائصها وأنماطها إلى جانب دراسة حركة السلع والأفراد والأفكار والمخترعات ورؤوس الأموال من مكان إلى آخر، لقد اهتم الجغرافيون منذ زمن بعيد بالتشابهات والاختلافات المكانية، بينما ازداد اهتمامهم في السنوات الأخيرة بالتفاعل ما بين الأقاليم وهذا التفاعل المكاني وصوره المختلفة بلوره الفرنسيون بمصطلح lacirculatio وقد أيد هذا المفهوم بعض الجغرافيين الأمريكيين من أمثال إدوارد ألمان و أكراو للتعمق في معنى التباين المكاني الذي يعد معيارا لقياس التشابهات والاختلافات ما بين الأقاليم، وقد أكد كل منهما على أن الحركة هي "مؤشر لقياس الارتباط بين الأقاليم وأساس لجميع أنماط التفاعل وامتدت دراسة هذا المفهوم حتى السنوات القليلة الماضية متجسدة في المفاهيم المكانية والهندسية المطلقة في دراسات " بنج ويبري بتحليل العوامل التي تربط بين البينة المكانية وتدفق السلع، وكذلك حددها " هاجيتي " في محاولاته بناء نظام إقليمي متكامل ويمكن تقسيم تطور جغرافية النقل إلى ثلاث مراحل رئيسة هي كالاتي :

- مرحلة ماقبل عام 1950: وقد تميزت هذه المرحلة بسيادة الجانب النظري الذي يعالج أسلوب حتمي صريح كما ان مجالها كان محدودا ولم يتجاوز التجارة التي تتناول حركة السلع، وقد كانت هنالك محاولات لتفسير حدود الظاهرة وعلاقتها البيئية على أساس طبيعي واعتمادا على السلوك الاقتصادي البسيط، في حين كان الاهتمام قليلا بالتغيير الذي يطرأ على النسيج الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع وهو ما يجعلنا نسمي هذه المرحلة بالمرحلة الوصفية لجغرافية النقل لكونها ركزت على التشابهات والاختلافات ، بين وسائط النقل المختلفة والبضائع المنقولة على تلك الوسائط وظهر ذلك بوضوح في المدرسة الأوربية وكان على راسها كابوتراي او تريمبا، ومورجان. واتفقت المدرسة الامريكية مع المدرسة الأوربية بطابع الوصف في تلك المرحلة ولكنها اختلفت معها في المنهجية او طريقة البحث وازدهرت جغرافية النقل في اميركا على يد اولمان وجيفرسون واهتم هؤلاء بتصنيف الطرق ورسم خرائط لمواقع الطرق وحركة النقل عليها ، أي ان المدرسة الأوربية ركزت على دراسة وسائط النقل بينما ركزت المدرسة الامريكية على دراسة شبكات النقل، مما يعني ان جغرافية النقل لم تكن متوازنة في الكتابات الامريكية مع نظيرتها في اوربا وهو ما اكره توماس، في قوله " الا يمكن اعتبار كل من الفول السوداني والحجاج ضمن النقل" وتاثرت جغرافية النقل في القرن التاسع عشر في الحتمية، فظهرت جغرافية النقل وكأنها تدرس اثر البيئة الطبيعية على النقل ثم ظهرت بعد ذلك دعوات تنادي بالمعالجة الشاملة للنقل عن طريق تحليل العلاقات البيئية للنقل مع الظروف الطبيعية والاجتماعية.