أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-12-2021
2370
التاريخ: 2023-03-31
1236
التاريخ: 15/12/2022
1468
التاريخ: 27-4-2021
6044
|
إن اتجاها ساد في فرنسا وانكلترا في عدم إلزام القاضي في اثبات القانون الأجنبي واجب التطبيق وينبغي على من يريد التمسك بتطبيق القانون الأجنبي البحث عنه واثباته فالقاضي الوطني لا يلزم ابتداءا بتطبيق القانون الأجنبي بل بتطبيق قانونه (1) ، وأول الفقهاء الفرنسيين ممن ذهب إلى أن القاضي ملزم بتطبيق قانونه الوطني وغير ملزم بالبحث في القوانين الأجنبية هو الفقيه مونتيسيكيو في كتابه روح القوانين، فالقاضي حسب هذا الفقيه ينطق بما يقضي به القانون ولا يستطيع تعديله أو تفسيره (2) رغم أن قواعد الإسناد التي تشير إلى القانون واجب التطبيق وهو قانون أجنبي هي قواعد في قانون القاضي فلم يلتزم بتطبيقها ولا يلتزم بما تشير اليه ، فما هو معنى تطبيق قواعد الإسناد إذن (3) وهذا الحال ادى ببعض الفقه إلى البحث في أسـاس تطبيق القانون الأجنبي بتناول نظرية المجاملة الهولندية أو التفويض الفرنسية والالمانية وغيرها في محل تحديد طبيعة الوقائية للقانون الأجنبي. (4) بل أن البعض الآخر من الفقه يعلق طبيعة قواعد الإسناد في قانون القاضـي بكونها من النظام العام فيه أم لا على ما تشير الية تلك القواعد من قانون واجب التطبيق، فان كان ماتشـير لتطبيقه من قانون واجب التطبيق هو قانوناً اجنبياً فلا تعتبر قواعد الإسناد في دولة القاضي تلك من النظام العام والعكس يدخلها في ذلك النظام اي اعتبارها من الأخير بحدود إشارتها بتطبيق قانون القاضي(5) وعليه فأن تطبيق القانون الأجنبي يتوقف على ذوي المصلحة كما أن القاضـي لا يلزم بتطبيق القانون الأجنبي متى ما اشــــــارت قواعد اســـــــاد قانونه الوطني إلى ذلك طالما لم يرتبط ذلك بطلب الأطراف ذوي المصلحة . (6) وطبعاً إذا سمح قاضي الموضوع لرغبة ذوي المصلحة الخضوع لقانونه فإن ذلك سيفتح الباب واسعاً للتحايل على قانون القاضي(7). ورغم ذلك الإرباك فإن اعتبار القانون الأجنبي من مســائل الواقع لايزال يتردد ومن ذلك اتجاه لا يستهان به للقضـاء والفقه في دول متعددة ، ففي فرنسا مثلاً حكم القضـاء الفرنسي في عام (1959) في طلاق بين زوجين إسبانيين منفصلين جسدياً ثم طعن في هذا الحكم باعتباره يخالف قواعد التنازع الفرنسية التي تحدد القانون واجب التطبيق بقانون الجنسية وهو هنا القانون الاسباني باعتباره المختص في قضايا الطلاق، إلا أن محكمة النقض صادقت على الحكم معتبرة أن قواعد الإسناد الفرنسية تخضع الطلاق لقانون الجنسية إذا كان الأخير قانوناً فرنسيا, آما كان ذلك قانوناً اجنبياً فان تطبيقه يتوقف على طلب الخصـوم وهو الامر الذي لم يطلبه الخصوم ويمتنع على المحكمة تطبيقه من تلقاء نفسها(8).
وكذلك في قرار آخر للقضاء الفرنسي قال أن التمسك في تطبيق القانون الأجنبي يعتبر من مسائل الواقع وأن على الاطراف تقديم شهادة أو اي دليل يحدد مضمون هذا القانون(9). في حين قرارات قضــائية متأخرة ذهبت إلى أن على القاضـي أن يبحث عن القانون الأجنبي وإثباته ، ففي حكم لمحكمة النقض الفرنسية ذهبت فيه إلى أن على القاضي الفرنسي الذي يطبق القانون الأجنبي البحث عن الحل الملائم للنزاع في القانون الأجنبي واجب التطبيق كما هو في دولته(10)، و حكم آخر ألزمت القاضـي الفرنسي على أن يذكر في مناسبة تطبيق احكام القانون الأجنبي واجب التطبيق الأسباب التي دعته لذلك(11) ، بل أن حكما آخر لها توجهت فيه إلى أن على قاضي الموضوع تطبيق القانون الأجنبي أيا كانت طبيعته سواء أكان مشرعاً أم غير مشرع كالعرف(12) . والملاحظ أن محكمة النقض الفرنسية لم تخضـع الأحكام الصادرة من القاضـي الفرنسي في البحث في مضــــــمون القانون الأجنبي وتطبيقه على النزاع باعتباره قانوناً ملائماً للنزاع فضـلاً عن كونه القانون واجب التطبيق مهما كانت طبيعة الأخير لرقابة محكمة النقض الا إذا كانت هذه الرقابة تغير من طبيعة القرار (13).
والملاحظ التشابه مع القضاء في انكلترا حيث أن القضاء الانكليزي يطبق القانون الانكليزي عوض عن القانون الذي تحدده قواعد الإسناد في قانونه فعلى الرغم من تحديد هذه القواعد القانون الأجنبي وتعتبره واجب التطبيق الا أن القانون الانكليزي يطبق هنا من خلال فكرة الافتراض القانوني والقائمة على أن القانون الانكليزي يتشـابه مع القانون الأجنبي واجب التطبيق ، إلا إذا بادر الخصـوم إلى طلب تطبيق القانون الأجنبي وافلحوا في اثباته (14) . إما في مصر فإن موقف القضاء المصري من طبيعة القانون الأجنبي قد تحول من مرحلة اولى جرى فيها العمل صـراحة باعتبار القانون الأجنبي واقعة مقتدياً بالقضـاء الفرنسي ومثال ذلك الاتجاه حينها إلى أن التمسك بتطبيق القانون الأجنبي يلزم إثباته وتقديم صـوره عنه (15) في محكمة النقض عام1977 (16)، إلى مرحلة ثانية لوحظ على القضاء المصري عدم الوضوح والضبابية ففي حكم له صـدر عام 1984 بشـان تطبيق القانون الانكليزي بخصوص سندات الشحن البحري اشار إلى أن الاصل في القانون الأجنبي بالنسبة للقاضـي الوطني اعتباره مجرد واقعة يجب اقامة الدليل عليه وقد برر اعتبار القانون الأجنبي مجرد واقعة بعدم معرفة القاضي الوطني بهذا القانون ولكنه غلب اعتباره قانونأ وليس من مسائل الواقع في حال توفر علم القاضي المصري بالقانون الأجنبي فيجب اعتباره قانون ويخرج عن طبيعته الواقعية من حيث الأصل (17).
أما في العراقي فلم يتجه إلى اعتبار القانون الأجنبي واجب التطبيق انه يحمل صفة الواقع فما توصلت له نصوص القانون المدني العراقي تؤيد كونه قانونأ لا واقعة فهي في المواد 1/18و 1/19 و30 قد ورد فيها ( تسري، ويرجع، يتبع) وهي عبارات تقطع بان القانون الأجنبي واجب التطبيق والذي تعينه تلك القواعد ليس من قبيل الواقع أو أن اثباته أو تطبيقه يتوقف على طلب الخصوم(18) ، فضلا عن أن قانون الأحوال الشخصية للأجانب رقم 78 لسنة 1931 اشار إشارة صريحة الى ان القانون الأجنبي يعتبر قانونا حيث نصت المادة الثالثة على أن المحاكم في التحقيق عن قانون بلد أجنبي أن تقبل ...) و بالاتجاه نفسه حملت المواد القانونية من القانون المدني المصري من (13 و 15 و16 و17 و18) وغيرها صفة اعتبار القانون الأجنبي واجب التطبيق قانون ولا يعتبر من قبيل الواقع.
وقد أورد الفقه (الذي اعتبر القانون الأجنبي واقع لا قانون في فرنسا وانكلترا وامريكا) عدد من الحجج، منها أن القاضي ملزم بتطبيق قانونه وغير ملزم بتطبيق القانون الأجنبي الذي تعينه قواعد اسناد دولته لان القواعد الأخيرة ليست من النظام العام ، كما أن سلطة القاضي مجالها القانون اما الخصوم فمجال سلطتهم الوقائع وبما أن القانون الأجنبي يعامل معاملة الواقع فيقع عليهم اثباته، وهذا يسهل على القاضي مهمة الفصل في الدعوى فمن الصعوبة القاء عبء البحث عن القانون الأجنبي فضلا عن القانون الوطني على عاتق القاضي الوطني خاصة وأن قاعدة افتراض العلم بالقانون مجالها قانون القاضي بقرينة النشر بالجريدة الرسمية وليس القانون الأجنبي (19) ومهما يكن من الامر في أتجاه البلدان المذكورة آنفا الا اننا نعتقد أن ذلك لا يغلب قانون القاضي على القانون الأجنبي واجب التطبيق لضرورات عملية إذ كيف لنا أن نتصور مثلا اعتبار اهلية شخص ما قابلة لان تخضع لقانون يختاره هو لا لشيء بل لامتناعه عن الاثبات فقط فكل ما عليه أن يتخذ موقفا س لبا من إثبات قانونه وهو القانون الأجنبي واجب التطبيق تبعا لجنسيته ومن ثم يطبق عليه قانون أخر فالحال هنا وكأنه اختار ولو بطريق الامتناع قانون أخر لحكم اهليته طالما كان قانونه واقعة يتم إثباتها والمطالبة بتطبيقه من قبله.
__________
1- د. مصطفی کمال ياسين ، كيف يطبق القانون الأجنبي ، مطبعة العاني ، مجلة القضاء ، العدد الثاني ، بغداد، 1957 ، ص 5 و.د. عكاشة عبد العال تنازع القوانين دراسة مقارنة ، منشورات الحلبي الحقوقية ، لبنان ، 2004 ، ص .368 ود. علي علي سليمان ، مذكرات في القانون الدولي الخاص الجزائري ، ط3، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر ، 2005 ، ص 134 ود. احمد عبدالكريم سلامة ، الاصول في تنازع القوانين ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2008 ، ص 503
2- (Les juges de la nation ne sont que la bouche qui prononce les paroles de la loi, des êtres inanimés, qui n'en peuvent modérer ni la force ni la rigueur)
. الموقع الالكتروني التالي وتمت زيارته بتاريخ 2016/10/21 الساعة الخامسة مساءا ينظر
3- ومما يؤكد ذلك اتجاه محكمة العدل الدولية في حكم لها عام 1929بقولها ((أما وقد انتهت المحكمة إلى القول بتطبيق القانون الداخلي لدولة معينة فأن مما لاشك فيه يجب تطبيق هذا القانون كما يطبق في دولته ولا يعتبر تطبيق القانون هذه الدولة إذا كان على نحو يختلف عن تطبيقه في دولته)) نقلا عن د. احمد عبد الكريم سلامة مصدر سابق ص 503.
4- د. علي علي سليمان ، مصدر سابق ، ص134.
5- د مصطفى كمال ياسين ، مصدر سابق ،ص5
6- المصدر السابق نفسه ، ص5 .
7- د. علي علي سليمان ، مصدر سابق ص 136.
8- د. علي علي سليمان ، مصدر سابق ، ص ، ص138.
9- للاستزادة والاطلاع على وقائع الدعوى ينظر المصدر والموضع السابقين نفسهما.
10- للاستزادة في ذلك ينظر القانون المدني الفرنسي باللغة العربية, داللوز ، القرارات القضائية في ص (15) الفقرة (4).
11- نقض مدنية ، 466 أ خ 2006 ، 40 ،رقم 1 ، النشرة المدنية 2006 كانون الثاني /يناير 13 ،1(4) ص(15) آخر الفقرة (2).
12- ينظر للاستزادة الموقع الالكتروني التالي وتمت زيارته بتاريخ 2016/10/23 الساعة والاطلاع على وقائع الدعوى التاسعة صباحاً
Cour de Cassation, Chambre civile 1, du 18 septembre 2002, 00-14.785, Publié au bulletin | Legifrance
13- ينظر للاستزادة والاطلاع على الموقع الالكتروني التالي وتمت زيارته بتاريخ 2016/10/23 الساعة وقائع الدعوى العاشرة صباحاً
Cour de Cassation, Chambre civile 1, du 3 juin 2003, 01-00.859, Publié au bulletin | Legifrancea
14- مصطفى كمال ياسين ، مصدر سابق، ص6. ود. علي علي سليمان ، مصدر سابق, ص137. ود. هشام علي صادق ، مركز القانون الأجنبي امام القاضي الوطني دراسة مقارنة ، منشأة المعارف ، الاسكندرية ، 1968 , ص 172، ويشير في هذا الموضع إلى حكم قضائي يعود لعام 1961 حيث ايدت فيه محكمة النقض الفرنسية حكم محكمة الموضوع والقاضي بتطبيق حكم القانون الفرنسي بطلاق ايطاليين ورفضها تطبيق احكام القانون الايطالي والذي تحدده قاعدة الإسناد الوطنية (الفرنسية) باعتباره القانون الشخصي واجب التطبيق ذلك لأن الخصوم لم يدفعوا بجنسيتهم الايطالية أمام محكمة الموضوع كما ولم يطلبوا تطبيق القانون الايطالي.
15- د. احمد عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني ، الاثبات واثار الالتزام ، ج2، دار النشر لجامعات المصرية ، القاهرة ، 1956 ، ص54.
16- جاء فيه إذا كانت الطاعنة لم تقدم السند الذي يبيح لها طلب ابطال الوصية من نصوص القانون الاسباني عملا بالمادة17 من القانون المدني منه وأن ما جرى علية القضاء بان القانون الأجنبي مجرد واقعة مادية فيجب على الخصوم اثباته-طعن رقم 7 لسنة45،المجموعة السابقة، 1977 لسنة28،جزء اول ،ص276 وما بعدها ، نقلاً عن د. احمد عبدالكريم سلامة ، مصدر سابق ، ص508.
17- حكم بالطعن رقم 983 لسنة 49 قضائية نقلا عن د. هشام علي صادق ، التعليق على أحكام محكمة النقض المصرية في مسائل القانون البحري، الدار الجامعية للطباعة والنشر ،1985، ص 13 وينظر في ذلك ايضة د. أحمد عبد الكريم سلامة، الاصول ، المصدر السابق ، ص 509.
18- د. وعبد الرسول عبد الرضا الاسدي ، القانون الدولي الخاص ، ط1 ، مكتبة السنهوري ، بغداد ، 2013 ، ص 326.
19- بنفس السياق يقول الفقيه الفرنسي (يجو نسير) (من المستحيل على القاضي أن يحكم بكل قوانين العالم) نقلا عن د. علي علي سليمان، مصدر سابق ص 137. د. عبد الباسط جيمي، نظام الاثبات في القانون المدني المصري ، ط1، 1953،ص 76 ، د. فتحي والي , الوسيط في القانون القضائي المدني، ط3، 1982، هامش ص 4، ص 847. د. احمد عبد الكريم سلامة ، مصدر سابق ، ص 506 و د. عكاشة محمد عبد العال ، تنازع القوانين ، مصدر سابق ، ص 378 وما بعدها،
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|